قالت الصحف: كيف سقط مصطفى أديب على وحي الكتل النيابية.. والعبرة في شكل الحكومة ومضمونها؟
الحوارنيوز – خاص
قرأت الصحف الإلكترونية في المشهد السياسي انطلاقا من حسم مبدئي لإسم سفير لبنان في المانيا مصطفى أديب كمرشح شبه وحيد لترؤس الحكومة المقبلة.
• صحيفة النهار في نسختها الإلكترونية عنونت:" الفيتوات سقطت: مصطفى أديب لرئاسة الحكومة" وكتبت تقول:" فككت العقد من امام التكليف دفعة واحدة، وزالت التحفظات، وسقطت الفيتوات، وازيلت المحرمات، وانبرت الكتل النيابية الى تأييد خيار رؤساء الحكومات السابقين الذين قرروا في لحظة معينة تسمية السفير لدى المانيا الدكتور مصطفى اديب، مرشحا شبه وحيد لدخول السرايا. واذا كانت اسماء عدة سربت في اليومين الماضيين، فقد علمت "النهار" ان بعضها كان دعائيا، والبعض الاخر لغايات شخصية، والبعض الثالث كان بالون اختبار قبل ان ترسو بورصة المرشحين على اسماء قليلة معدودة تم تناقلها بوساطة شبه رسمية قبل ظهر السبت بين الاطراف المؤثرة في القرار، من دون الاعلان عنها، او تسريبها، الذي تم امس قبل ساعة من اجتماع رؤساء الحكومات السابقين للإعلان عن الاسم، في اشارة ضمنية الى ان القرار ليس ملكهم وحدهم، وان الاسم بات متفقا عليه، وهو موجود لدى المعنيين. وهذه الاشارة ليست الا وليدة مصادر القرار لدى الثنائي الشيعي الذي يعتبر نفسه الشريك الاساسي في القرار، والذي اراد ان يبعث برسائل ايضا الى حلفائه، بضرورة المضي في هذا الخيار.
ويعتبر اديب مرشحا تسوويا لدى معظم المكونات لأنه ليس مستفزا لاحد على الصعيد الشخصي، ولا يملك زعامة مستقلة يمكن ان تشكل خطرا على احد، وليس بيروتيا، وهو يملك شبكة علاقات داخلية وخارجية مقبولة من خبرته في ادارة مكتب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ، كما من عمله الديبلوماسي.
لكن الواقع ان خيار اديب وقع مفاجئا على معظم القوى السياسية، وقال مصدر سياسي موالي لـ"النهار" انه يتجه الى وضع ورقة بيضاء اي تسمية لا احد، لأنه لا يرى الى اديب "رجل المرحلة". ويضيف "اللبنانيون كانوا ينتظرون اسما يوحي بالثقة لأنهم دخلوا مرحلة من اللاثقة بالدولة ومؤسساتها، كما يطمحون الى صاحب خبرة وعلاقات دولية يمكن ان يرفع الويلات عن البلد الغارق في ازماته. لكن اسم اديب لا يمكن ان يوفر المطلوب. وان البلاد معه يمكن ان تكرر تجربة حسان دياب".
واللافت في مسار العملية حتى مساء امس، كيف توالت اجتماعات الكتل، وسقطت المحرمات، لمجرد انها لمست ارادة خارجية، بإخراج فرنسي، لتكليف يتبعه تأليف سريع، ربطا باي مساعدة خارجية، ما يظهر بوضوح ان لبنان في مئويته، لا يزال اسير الارادات الخارجية، وكأنه لم يخرج من زمن الوصايات على انواعها.
ومن المتوقع ان تلي التكليف، حركة استشارات سريعة للتأليف، من ضمن برنامج اصلاحي تعتمده الحكومة، خصوصا بعدما تعثرت مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، والتي يراد اعادة اطلاقها مع الحكومة الجديدة.
وعشية وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان عصر اليوم للمشاركة في احتفال المئوية الاولى للبنان الكبير الذي ولد بإعلان فرنسي من قصر الصنوبر في بيروت، اطل رئيس الجمهورية ميشال عون قائلا ان "اللبنانيين هم مَن سيُحدّدون الصيغة الجديدة ومَن يرفع شعار "كلن يعني كلن" هو جزء من هذا الكل وهناك مَن يمتلك القوّة والصبر وقادر على الخروج من الأزمة.
• صحيفة "الديار" رأت من جهتها أن الرئيس الفرنسي نجح في فرض أجندة الإستشارات النيابية المُلزمة على الطبقة السياسية اللبنانية، إذ أن هذه الإستشارات تأتي قبل ساعات قبل زيارته الثانية الى لبنان في أقلّ من شهر. وإذا كان بعض الغموض ما يزال يلفّ مواقف بعض القوى السياسية، إلا أنه وبغياب ايّ مُفاجأت، فإن لقب دولة الرئيس سيذهب هذه المرّة الى السفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب.
الغموض الذي عمّ موقف "نادي رؤساء الحكومة السابقين"، مدعوما من دار الفتوى، في اليومين الأخيرين انجلى مع إعلان تبنّى ترشيح السفير مصطفى أديب البارحة. هذا الأخير، كان قد وصل أوّل من أمس الى بيروت قادماً من المانيا بعد أن تمّ إبلاغه بالتوجّه لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.
المُعلومات المتوافرة تُشير إلى أن تكليف مصطفى أديب أصبح شبه محسوم، خصوصًا أن المكوّن السنّي تبنّاه، ولكن أيضًا تجمع أديب علاقة قوية مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ومع الوزير جبران باسيل حيث شارك مصطفى أديب في مهرجان للتيار الوطني الحرّ في حضور باسيل.
هذه الأمر، يدفع الى القول، أن مصطفى أديب سيحصد اليوم أصوات كل من "المستقبل"، "حركة أمل"، "التيار الوطني الحرّ"، "حزب الله" والمردة. أمّا موقف "القوات" و"الإشتراكي" فلم يصدر عنهما ايّ موقف، ويبقى رهينة السيناريو المطروح.
سيناريو الحكومة
تقول المصادر، أن السيناريو المطروح أن لا يتخطّى عمر الحكومة في حال تمّ تشكيلها بضعة أشهر، وذلك بهدف القيام بثلاث مهام أساسية:
-أوّلا : القيام ببعض الإجراءات الإصلاحية السريعة، بهدف إكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإنقاذ لبنان.
- ثانيا : تحضير مشروع قانون إنتخابي جديد سيكون محوره لبنان دائرة واحدة.
- ثالثا : الإشراف على الإنتخابات النيابية المُبكرة.
هذا الإتفاق هو نتاج التواصل الفرنسي مع كل من السعودية وإيران والذي أفضى الى إعطاء لبنان الفرصة الأخيرة، بعد أن كانت الأفق مسدودة بالكامل خصوصا أن المواقف الضبابية لبعض القوى السياسية وعلى رأسها "القوات اللبنانية" التي التقى رئيسها سمير جعجع السفير السعودي منذ يومين، والتي كان نوابها يتّجهون نحو مُقاطعة الإستشارات المُلزمة ومعهم "الحزب الإشتراكي" نتيجة عدم قدرتهم على حصد العدد الكافي من الأصوات لتكليف مُرشحهم نواف سلام على أن تكون الحكومة خالية من أي تمثيل حزبي خصوصا من حزب الله.
إلا أن مصدراً مُطّلعاً قال للديار، ان الضغط الفرنسي هو الذي أدّى الى ترشيح مصطفى أديب على أن يكون التأليف لاحقاً، خصوصا أن هذا التأليف محفوف بنفس التحدّيات التي واجهت حكومة دياب من ناحية التمثيل الحزبي. ويُضيف المصدر أن حزب الله يُصرّ على تمثيله وإن بشخصيات غير حزبية، كذلك الأمر بالنسبة الى التيار الوطني الحرّ الذي لن يتأخر في كشف أوراقه سريعاً مع مُطالبته بوزارات "الطاقة" و"الخارجية" و"العدل". هذا الواقع سيُعيد سيناريو تأليف حكومة دياب الى الواجهة، وبالتالي يرى المصدر أن التأليف سيمّتدّ الى بعد الإنتخابات الأميركية.
لخطة انقادية
وتؤكد مصادر اقتصادية مطلعة على مسار المفاوضات السابقة مع صندوق النقد الدولي، أن الأخير لا يزال ينتظر اقرار السلطتين التنفيذية والتشريعية للإصلاحات المطلوبة دولياً من لبنان، كما تؤكد هذه المصادر، ان لا مفرّ من اعتراف المؤسسات المالية والمصرفية بارقام الخسائر المقدرة من قبل الصندوق والتي تضمنتها الخطة الحكومية للتعافي الإقتصادي. لذا، المطلوب خطة انقاذية مالية واقتصادية مع صندوق النقد وانهاء المفاوضات بسرعة لتصل المبالغ الموعودة الى لبنان.
هذا، واكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الحكومة الجديدة ينتظرها برنامج كامل للإصلاح ضمن خطة انقاذية للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
تقول مصادر مُطلعة متُشائمة على هذا الصعيد، أن لا شيء سيتغيّر عمليا مع تسمية مصطفى أديب. لذا، هناك سيناريو ينصّ على إسقاط العهد من البوابة الإقتصادية من خلال ضغوطات خارجية.
وينصّ السيناريو على زيادة الخناق على لبنان، من خلال وقف مجيء الدولارات بشكل شبه كلّي وهو ما سيضرب احتياط مصرف لبنان بشكل سريع مع الإبقاء على إمداد الشعب بمساعدات إنسانية تسمح له بالعيش بالحدّ الأدنى. هذا الواقع سيكون له تبعيات على صعيد الغضب الشعبي الذي سيتحوّل تلقائيًا ضدّ الرئيس عون وعهده.
• صحيفة "الأنباء" الناطقة باسم الحزب التقدمي الاشتراكي عنونت لإفتتاحيتها:" الاستشارات محسومة: مصطفى أديب رئيسا مكلفا والعبرة في التأليف شكلا ومضمونا" وكتبت تقول:" يوم الاستشارات النيابية الملزمة حسم نتيجته مسبقاً إعلان رؤساء الحكومات السابقين وقد أيّدتهم غالبية الكتل النيابية في ترشيح السفير مصطفى أديب لتكليفه تشكيل الحكومة، وذلك قبيل ساعات من وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت القادم لإحياء ذكرى ولادة لبنان الكبير على يد بلاده منذ مئة عام. وإذا كانت فرنسا لعبت عام 1920 دور القابلة القانونية التي استولدت كيان لبنان، فإنها اليوم في 2020 تعيد لعب دورٍ مشابه علّ الاستيلاد الجديد ينتج أفضل. أما الثابت أن التكليف لن يكون كافياً إذا لم يتبعه تأليف حكومة فاعلة منتجة تقود الإصلاح، وتتصدى للأزمات المتراكمة، وتخرج من جلابياب المصالح السياسية والمحاصصات، وتقدم برنامج عمل مقنع. وإلا عبثاً كل ما يجري.
اللافت أنه وقبل ليلة من مئوية لبنان، توالت الدعوات إلى عقد سياسي جديد، حيث دعا رئيس الجمهورية ميشال عون الى "إعلان لبنان دولة مدنية"، متعهدا "الدعوة الى حوار يضم السلطات الروحية والقيادات السياسية توصلا الى صيغة مقبولة من الجميع تترجم بالتعديلات الدستورية المناسبة"، وسبقه إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تأييد دعوة ماكرون الى عقد سياسي جديد، لكنه اشترط ان يكون برضى "كل أطراف الشعب".
وقبل الرجلين كان البطريرك الماروني بشارة الراعي يؤكد أن "البطريركية المارونية ناضلت وبلغت إلى ولادة دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920، وناضلت حتى تحقيق استقلاله الناجز العام 1943، مع ميثاقه الوطني المتجدد في اتفاق الطائف، واليوم تسعى جاهدة إلى تأمين استقراره بإقرار نظام الحياد الناشط".
وهذه التصريحات انما تؤشّر الى حراك موجود وجدّي، محلي وخارجي، يبحث عن فتح نقاش في صياغة دستورية جديدة، وهو الامر الذي يبعث على الحذر من أن يؤدي ذلك الى اطلاق شهية بعض الجهات الى تكريس وقائع وتحقيق مكتسبات بفعل التوازنات المختلة التي كانت قائمة. وعليه فإن الحل الأمثل يبقى في التفكير بكيفية اجراء تغيير مؤسساتي سيكون مفتاحه الأول والأخير قانون إنتخاب عصري يعتمد التمثيل الوطني.
حكومياً، قالت مصادر مواكبة للإتصالات التي حفل بها يوم أمس لـ "الأنباء" إن المعيار سيكون في تسهيل مهمة الرئيس المكلف "كحرية إختيار الوزراء دون تدخلات لا من هذا الفريق ولا من ذاك"، وشددت على أن "هذا الأمر سيكون بمثابة إختبار نوايا، فإذا تمكن أديب من تشكيل الحكومة بالإعتماد على وزراء محايدين وأكفاء ومشهود لهم بالاستقامة ونظافة الكف واستنباط الحلول للأزمات نكون قد خطونا باتجاه الإصلاح المنشود. أما إذا تعثر التأليف ودخل الرئيس المكلف في الزواريب السياسية، فمعنى ذلك ان لا شيء سيتغير ولا قيمة لكل المواقف التي أطلقت أمس".
القيادي في "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش وصف السفير أديب "بالكفوء الذي يحظى باحترام كل عارفيه"، مشيرا لـ "الأنباء" الى انه "مقرّب من الرئيسين الحريري وميقاتي لكنه غير طامح ليكون زعيما". ورأى علوش أن "قدرة أديب على معالجة كل الأزمات والملفات تتوقف على الحكومة التي ستتشكل ونوعية الوزراء الذين سيتم اختيارهم، لكن من المؤكد أن اديب لن يكون مطية عند جبران باسيل كما كان حسان دياب"، على حد قول علوش الذي شدد على "أهمية إعطاء اديب فرصة لأن البلد في حال هريان كامل"، وتوقع ان "يكون للحراك المدني حصة وازنة في هذه الحكومة".
وفي غضون ذلك عادت الى الواجهة مسألة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وذلك بالتوازي مع تحذير مصرف لبنان من نفاد قدرته على دعم المواد الأساسية. وفي هذا السياق رأى الخبير المالي أنطوان فرح أن هذا الموضوع "متعلق بطبيعة الخطة الانقاذية، ففي الفترة الأخيرة كان ثمة انطباع لدى مفاوضي الصندوق ان الخطة الانقاذية تحتاج الى تغيير، واعتبروا ان هكذا خطة غير موّحدة الأرقام لن تمر"، لافتا الى انه "بعد الاستقالات التي حصلت من الوفد اللبناني سيتم تغيير كل الأعضاء، كما يمكن ان يحصل تغييرا في وفد الصندوق"، لافتا الى ان تغيير الموقف يحتاج الى تغيير في الأشخاص.
وشدد فرح على "وجوب التفاوض برأي واحد وليس بمجموعة، ويجب ان يكون لدينا خطة نتفق عليها ونسمع صندوق النقد بلغة واحدة وواضحة". وعن التوقعات حول سعر صرف الدولار بعد التكليف والتأليف، رأى الخبير فرح انه "متوقف على حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، فإذا حصلنا على الدعم الخارجي من الآن حتى شهرين سنرى كيف سيكون حجم الكتلة النقدية التي ستستخدم، وفي مطلق الأحوال الأمور مرتبطة بالعامل النفسي، فإذا شعر المواطن ان هناك حكومة جديدة وأن البلد مقبل على انفراجات واسعة في مجالات متعددة سيكون لهذا الامر مردود إيجابي قد يساعد على عدم ارتفاع الدولار".
وأضاف فرح: "علينا ان لا ننسى ان هناك ودائع تفوق 160 مليار دولار، فهل ستبقى مجمدة أم لا؟ وهل ستخضع لـ "هيركات" جديدة أو "كابيتال كونترول" ؟ فسعر الدولار مرتبط بهذا العامل".
وعن رفع الدعم، رأى فرح انه "يشكل خطوة كبيرة جدا حتى ولو كان هناك قرار من مصرف لبنان بأنه لا يستطيع ان يتجاوز مبلغ 17 مليار"، مبديا اعتقاده انه "سيكون ثمة ضغط سياسي على المركزي ليستمر بالدعم".