قالت الصحف: سباق بين الإنفجار والإصلاح
الحوارنيوز – خاص
تباينت افتتاحيات صحف اليوم بين من اعتمد سياسة "النق" والنكأ بجراح اللبنانيين تحريضا لهم على حكومة الرئيس حسان دياب، وبين من يحاول تسليط الضوء على أبواب فرج تسهم في استقرار الحال في ظل تعطل فرص الإصلاح مع نظام المحاصصة القائم.
– صحيفة "النهار" عنونت:" 550 ألف عاطل عن العمل" وكتبت تقول:" لعل الخبر الثقيل الذي وقع على اللبنانيين أمس، هو قرار قيادة الجيش الاستغناء عن اللحوم في طعام العسكريين اثناء الخدمة، وذلك بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة، بعدما تجاوز سعر كيلو اللحم الخمسين الف ليرة في عدد من المناطق، من غير ان يستقر على هذا الثمن بالتأكيد. والاجراء في ذاته يشكل نذيراً شديد القساوة بما يمكن ان تذهب اليه الاحوال المعيشية في ظل تفشي البطالة، وتراجع حركة الاسواق، وضعف قدرة الدولة على توفير الدعم للمواد الضرورية، وصولا ربما الى السلع الاولية، وأول النذر رفع سعر ربطة الخبز الى 2000 ليرة منذ اليوم.
وفي موضوع متصل، ابلغت ادارات مصرفية المودعين من حاملي البطاقات (credit card) انها توقفت عن تسديد ثمن مشترياتهم في الخارج، وان البطاقات الصادرة عن شركات عالمية صارت محلية الاستعمال فقط، من دون امكان سحب المال بالدولار عبرها بالطبع. وبرزت مشكلة سداد الاشتراكات التي يدفعها اللبنانيون مقابل خدمات تطبيقات الهواتف ومحطات تلفزيون فضائية والعاب. وتجري اتصالات لايجاد مخرج لتلك النفقات البسيطة.
من جهة أخرى، يرتفع عدد العاطلين عن العمل يوما بعد يوم، وقد وصل معدل البطالة إلى 30 في المئة، وفقًا لاستطلاعات وتقديرات أجرتها شركة InfoPro للأبحاث، كما ان خُمس الشركات توقف عن العمل منذ مطلع عام 2019، نصفها في 2020.
مطلع 2019، قدَّرت ادارة الاحصاء المركزي عدد العاطلين عن العمل بـ 200 ألف شخص، أو 11 في المئة من مجمل القوة العاملة المقدرة بـ 1.8 مليون شخص. ومنذ ذلك التاريخ، أظهرت استطلاعات InfoPro أن ما يقدر بنحو 350 ألف شخص من أصل 1.15 مليون يعملون في القطاع الخاص فقدوا وظائفهم بسبب الركود الاقتصادي والاحتجاجات ووباء كورونا. ويشمل هذا الرقم 130.000 وظيفة فقدت منذ بداية السنة الجارية 2020.
وتمثل الخسائر الإجمالية للوظائف حتى الآن ثلث مجمل وظائف القطاع الخاص التي كانت موجودة قبل عام 2019، إذ وصل العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل إلى 550.000 أو 30 في المئة من مجمل القوى العاملة في القطاعين العام والخاص.
بدأت هشاشة القطاع الخاص تتجسد على نحو ملحوظ منذ مطلع عام 2019، عندما خفضت الشركات النفقات العامة وعدد الموظفين والرواتب. وبحلول 17 تشرين الأول 2019، كانت معظم الشركات قد استنفدت بالفعل مواردها، وفقد الكثير منها القدرة على مقاومة الأزمة، على عكس الوضع في حالات الطوارئ الأمنية أو الاقتصادية السابقة طوال السنوات الـ25 الاخيرة.
– صحيفة "الاخبار" عنونت بالمقابل:" ايران خذوا النفط بالليرة" وكتبت تقول:" لم يعد بالإمكان غضّ الطرف عن العرض الإيراني لتزويد لبنان بالمحروقات، من النفط الخام إلى المازوت والفيول من دون شرط الدفع بالدولار. فخيار الرّضوخ للقرارات الأميركية، فيما النفط مفقود والكهرباء مقطوعة والجوع في البيوت والفوضى في الشارع، يعني انتحاراً بانتظار رضىً أميركي لن يأتي، إلا بشروط مستحيلة، تحيل البلد ركاماً.
الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، لم يأت من فراغ، إنّما من وعدٍ واضح من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، بمساعدة لبنان لتخطّي الأزمة والصمود في وجه الحصار الأميركي، وتحديداً في ما يخصّ الدعم بالمحروقات، الذي يقبل الإيرانيون أن يتمّ تسديد ثمنه إمّا بسلعٍ لبنانية، أو بالليرة اللبنانية، وبمعدّلات أقلّ ممّا يمكن أن يدفعه لبنان في أي عملية شراء من السوق.
ليس هذا فحسب، تقول المعلومات إن السفن الإيرانية التي من الممكن أن تتوجّه إلى لبنان، موجودة في البحار، ومستعدة للتوجّه إلى أي نقطة، من دون أي عائق جغرافي أو سياسي، بعد أن استطاعت أن تصل غيرها على مقربة من الشواطئ الأميركية وكسر الحصار على فنزويلا.
وعلى رغم أن الموقف المصري من احتمال تحرّك السفن الإيرانية باتجاه الشواطئ اللبنانية أو السورية لتزويدها بالمشتقات النفطية، إيجابيّ، لناحية التأكيد للأميركيين بأن قناة السويس ممّر دولي ولا يمكن إغلاقه بوجه أحد، وأن مصر لا توافق على حصار سوريا ولبنان، يصل الإيرانيون حدّ التلويح بأن أي محاولة لعرقلة السفن الإيرانية في قناة السويس، سيقابلها تحرّك إيراني لتعطيل الملاحة في مضيق هرمز.
وعلى ما علمت "الأخبار"، فإن حزب الله أبلغ جميع المعنيين في الدولة اللبنانية، بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسّان دياب، استعداد إيران لهذه الخطوات، وأن الحزب ينتظر موقف الدولة للتحرك باتجاه إيران، في حال الموافقة على قبول العرض.
لكن ماذا لو لم يجرؤ أحد في الدولة على اتخاذ هذه الخطوة التي ستسبّب حتماً غضباً أميركياً وإجراءات إضافية من ضمن سياسة التجويع والتركيع المتبّعة مع سوريا ولبنان؟ تقول مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ"الأخبار": "سيتم تنزيل الحمولات النفطية في سوريا ونقلها إلى لبنان ولن نترك البلد رهينة الحصار الأميركي والخوف من اتخاذ القرارات المصيرية".
في غضون ذلك، ليست واضحة بعد آلية الدفع المتوقّع اعتمادها في حال وافقت الدولة. إذ أن الدفع بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي، يعني خسارة إيران ملايين الدولارات في كلّ شحنة تبيعها للبنان. وهذا الأمر، في حال استمر لأشهر، يعني مساعدة إيران للبنان بمئات ملايين الدولارات، في مقابل الحصار الأميركي الخانق، رغم كل الضغوط الموضوعة على طهران على أبواب الانتخابات الأميركية.
وإلى جانب العرض الإيراني، ليس مفهوماً إصرار الحكومة على إهمال الحاجة إلى سوريا لتبادل المساعدة ومواجهة الحصار. فبينما يستعد لبنان للغرق في العتمة الكليّة في غضون أيام بسبب النقص الحاد في الفيول، "تعاني" سوريا من حيازتها لكميّة فائضة من مادة الفيول، معاييرها أقل من المعايير اللبنانية، لكنّها تصلح لتشغيل المعامل ومنع سيطرة الظلام على البلاد. فهل تجرؤ الحكومة ورئيس الجمهورية على اتخاذ قرار الاتصال بسوريا وطلب شراء الفيول منها بصفقة عادلة للطرفين، أم أن ما هو مسموح لعدد من الدول الاوروبية والآسيوية التي تتزوّد من إيران بالنفط بسبب ظروفها الاقتصادية وحاجتها، ممنوع على لبنان مع سوريا وإيران؟ وهل يفضّل المعنيون انحلال لبنان الكلّي على ألّا تغضب أميركا؟
– صحيفة "اللواء" عنونت:" سلطة العجز الوطني: تجويع الشعب والجيش" وكتبت تقول:" حكومة مواجهة التحديات! ما هكذا تورد الإبل!
جئتم إلى السلطة، بعد أزمة أو أزمات لستم مسؤولين عنها.. ولكن المواطن، في الشارع، الذي يقطع الطرقات، ويصرخ في الشوارع والساحات: لا يسألكم عن الماضي، إنما عن القرارات، التي تتخذونها، والتداعيات المترتبة عليها..
تتشكل غرفة عمليات لملاحقة العابثين بالسوق السوداء، فيرتفع سعر صرف الدولار، 500 ليرة أو 1000 ليرة.. تتشكل منصة الكترونية في المصرف المركزي، فيقترب سعر الدولار من العشرة آلاف ليرة..
تتخذ قرارات، تصدر مراسيم، يتحدث المسؤولون، تكاد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تتوقف، أو لا تسير بالاتجاه المطلوب..
ماذا يحدث على مستوى "سلطة العجز الوطني"؟.. هل جاءت "حكومة التكنوقراط" للاشراف على انهيار البلد، وافلاسه؟ ماذا عن الكهرباء، إذ لجأ أصحاب المولدات إلى التقنين، اما بسبب عبء إمكانية التوليد على مدى ساعات طويلة أو بسبب نقص المازوت..
كل شيء يتعثر.. استقالات موظفين ومستشارين في الفريق المفاوض مع الصندوق تكشف المستور.. فحسب آلان بيفاني، مدير عام المالية المستقيل، والذي لم يقبل مجلس الوزراء استقالته أمس، فإن الأسعار ترتفع بسبب طبع كمية هائلة من العملة اللبنانية، ولا علاقة لعملية التدقيق المحاسبي في مصرف لبنان بالخطة الإصلاحية، ويمكن لشركة KROLL ان تعمل في لبنان، إذ سبق لها وان تعاونت مع مصارف لبنانية.
التداعيات الدراماتيكية، بصرف النظر عن إضاعة الوقت، بتمديد التعبئة العامة أم لا, حملت صحيفة التلغراف إلى كتابة مقال عن لبنان، بالغ التشاؤم لجهة ان "الناس يموتون في غضون اشهر"..
ونسب كاتب المقال الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأميركية في بيروت مارتن كولرتس قوله: "من المساعدة التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، كان بإمكان اللاجئين شراء بعض الطعام في الماضي".
وأضاف: "كانوا قادرين على استهلاك بعض العدس، وبعض اللبنة وما إلى ذلك، ولكن نادراً ما كان شراء الخضار والفاكهة صعب وكان شراء اللحم غير وارد. إن ما يثير القلق الآن هو أن غالبية اللبنانيين يسيرون على مسار مشابه".
هل يمكن للبنان أن يتجه إلى تكرار مجاعة 1915-1918 التي خسر فيها البلد نصف السكان؟ قال دكتور كيولرتس "بالتأكيد".
"فبحلول نهاية العام، سنشهد 75 في المئة من السكان يحصلون على معونات غذائية، ولكن السؤال هو ما إذا كان سيكون هناك طعام يتم توزيعه".
"من المؤكد أننا سنشهد في الأشهر القليلة القادمة سيناريو خطيرًا للغاية يتضور فيه الناس جوعًا ويموتون من الجوع وآثار الجوع".
وأوضح كيولرتس أن احتمال انتشار الجوع على نطاق واسع في لبنان يثير مخاوف متزايدة بشأن الموجة الثانية من فيروس كورونا، حيث من المرجح أن يموت الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
ومثل الانهيار الاقتصادي، كان لبنان ينزلق نحو انعدام الأمن الغذائي منذ عقود.
في وقائع الجوع: على صعيد الجيش اللبناني، قررت قيادة الجيش اللبناني التوقف عن استخدام اللحوم في وجبات الطعام التي تقدّم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة، جراء ارتفاع غير مسبوق في ثمنها.