سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف : الكورونا والأزمة المالية .. وتخوف من تحول البلد الى تصريف الأعمال

 

تراوحت افتتاحيات الصحف الصادرة اليوم الكترونيا بين حالة الاحتواء لوباء كورونا والأزمة المالية ،في حين توقعت صحيفة الشرق الأوسط تحول لبنان الى تصريف الأعمال في ظل تفكك الموالاة والمعارضة على السواء.

• وكتبت صحيفة النهار تقول: عكست المعطيات المتجمعة في عطلة نهاية الأسبوع الحالي وتحت وطأة فترة الإقفال والحجز الإضافية ضمن حال التعبئة العامة والتي امتدت من مساء الخميس إلى فجر غد الاثنين ملامح اشتداد المعادلة الصعبة بل الشاقة التي تظلل لبنان بين إجراءات وقائية قسرية واضطرارية تمعن في زيادة الشلل الإنتاجي والتجاري وتداعيات تصاعدية اقتصادياً واجتماعياً للأزمات المتراكمة.
ويبدو واضحاً أن الساعات المقبلة وعشية الأسبوع المقبل سترسم لوحة اشتداد التجاذبات والتداعيات لهذا الواقع الصعب من خلال الوجهة الذي ستوضع على سكتها الإجراءات والتدابير الحكومية الجديدة في شأن تقويم فترة الأقفال والحجز التي نفذت في حين تصاعدت أصوات القطاعات المتضررة بشدة من الشلل الحاصل. وفيما كان مرجحاً في ظل النتائج التي تجمعت وتراكمت عبر حملات الفحوصات التي قامت بها فرق وزارة الصحة في العديد من المناطق بالإضافة إلى نتائج الفحوصات التي تجرى في المختبرات المعتمدة أن تكون نتيجة الاجتماع التقويمي الذي ستعقده اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة إجراءات مواجهة ازمة الانتشار الوبائي مساء اليوم الأحد في السرايا برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب التمديد لفترة الإقفال والحجز المنزلي لفترة إضافية ستحدد في ظل المسح الوبائي وإجمالي الإصابات المسجلة برزت معطيات مرنة إلى حدود معينة مساء أمس مع إعلان وزير الصحة حمد حسن أن مجموع الفحوصات التي أجرتها فرق الوزارة في المناطق بلغت نحو ثلاثة آلاف فحص واصفاً الأوضاع بأنها جيدة وأن الوباء لا يزال في إطار الاحتواء ولم نصل بعد إلى مرحلة التفشي المجتمعي ملمحاً إلى إمكان العودة إلى إجراءات التخفيف التدريجي لحال التعبئة وفق البرنامج الذي كان بدأ تنفيذه قبل إعادة فرض الإقفال العام.
وكانت حصيلة الإصابات بفيروس كورونا تجاوزت أمس في لبنان سقف الـ900 إصابة فبلغ العدد التراكمي 902 بعدما سجلت 11 إصابة في الساعات الـ24 السابقة منها 5 لمقيمين و6 لوافدين من الخارج. وتوزعت الإصابات على 4 في صور و3 في الشوف وحالة واحدة في كل من بيروت والبقاع الغربي (علماً أنها الإصابة الأولى في هذا القضاء) وزغرتا وبعبدا. ولاحقاً أعلنت وزارة الصحة ليلاً نتائج الفحوصات التي أجريت على متن رحلات وصلت ضمن المرحلة الثالثة من إعادة المغتربين وشملت 760 عائدا وبلغ عدد الحالات تسع حالات. كما أن مستشفى رفيق الحريري الحكومي أعلن أنه من 512 أجراها أمس جاءت نتائج 6 منها إيجابية .
أما الجانب المتصل بتصاعد الانعكاسات للشلل الحاصل في الحركة العامة فبرز من خلال ارتفاع أصوات القطاعات التجارية والاقتصادية بالتحذير من الانهيارات التي تتهدد هذه القطاعات. وقد برزت خطورة الواقع الذي تعانيه هذه القطاعات الحيوية والأساسية في البلاد من خلال صدور بيان مشترك أمس لجميع الجمعيات التجارية في كل المحافظات اللبنانية دقت فيه جرس الإنذار حيال القطاع التجاري النازف وأعلنت أن موقفاً موحداً سيبلغ إلى رئيس الحكومة بضرورة إنقاذ القطاع التجاري فوراً وفتح المحال والأسواق التجارية بدءاً من صباح الاثنين 18 الجاري مع تطبيق كل الإجراءات الوقائية والتدابير الصحية. كما أصدر رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير بياناً دعا فيه السلطات المختصة إلى اتخاذ القرار المناسب بالسماح للمؤسسات التجارية بفتح أبوابها اعتباراً من الاثنين إفساحاً في المجال للاستفادة ولو بالحد الأدنى من موسم عيد الفطر الواقع نهاية الأسبوع المقبل .
أما على الجبهة المالية فإن الأنظار ستتجه غداً إلى جولة المفاوضات المهمة التي ستجرى بين الفريق اللبناني المفاوض وفريق صندوق النقد الدولي عبر الانترنت وهي الجولة التي ستتميز بمشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فيها من حيث المبدأ. ويبدو أن أهمية الجولة تتصل بأنها ستتناول الأرقام والوقائع المتعلقة بواقع مصرف لبنان من ضمن المحاور الرئيسية التي تجري حولها المفاوضات. ويكتسب هذا المحور أهميته إن لجهة الأرقام المالية التي ستطرح خلال الجولة وإن لجهة بلورة الدور المحوري لمصرف لبنان في رسم اتجاهات المفاوضات بعيداً من التوظيف السياسي بعدما ذهب بعض الأفرقاء في العهد والحكومة بعيداً في استهداف حاكم مصرف لبنان. وكان آخر ما سجل في هذا السياق محاولة الزج باسم فرنسا في استهداف سلامة من خلال الزعم بوجود موقف فرنسي سلبي من الحاكم. لكن مصدراً في الخارجية الفرنسية ابلغ وكالة الأنباء المركزية أمس نفيه لما نشر حول هذا الأمر متمنياً عدم استخدام اسم باريس والمسؤول عن ملف سيدر بيار دوكان في إطار تصفية حسابات خاصة تؤدي حتما إلى مزيد من تدهور الوضع المالي والاقتصادي في لبنان.


• وكتبت صحيفة الديار تقول: سيهبط سعر الدولار الاميركي في لبنان لان كمية الاموال بين ايدي اللبنانيين باتت 85% بالليرة اللبنانية و15 بالمئة بالدولار، منها 10% محتجز موجود في مصرف لبنان والمصارف. وبالتالي، باتت كمية الليرة اللبناينة بحجم كبير ولم يعد بإمكان الحاضنة الاحتفاط بها، ولأنهم اشتروا الليرة على 2200 و3300 ووصل سعر الدولار الى 5000 ثم 4000 قام الذين اشتروا الدولار سابقا على سعر 2200 ببدء البيع. والبيع سيستمر والدولار سيهبط في الايام المقبلة مع ترك حرية صرف الدولار كما يطلب الشارع والاسواق. ويبدو ان هنالك اقبالاً على بيع الدولار والحصول على كمية كبيرة من الليرة اللبنانية لان الاسواق اللبنانية ستستعيد حركتها بالليرة اللبناينة وليس بالدولار. كما ان الدولار لن يبقى على سعر 4400 ليرة بل سينخفض لان عملية الصرف ستكون حرة. وإذّاك سيقوم هناك كثيرون ممن يملكون الدولار ببيع وتحقيق ثروة من خلال بيع الدولار والحصول على كميات كبيرة من الليرة اللبناينة . كما ان تحويلات داخل المصارف جاءتها طلبات كثيرة من زبائن لتحويل الدولارات التي اشتروها الى الليرة لبنانية. ووفق معلومات الديار، فان الدولار ستهبط قيمته في حين ان الليرة اللبنانية ستستعيد سعر 3000 ليرة للدولار الواحد. واذا تم تحويل اموال ضخمة من المصارف الخليجية والسعودية وقطر وابو ظبي والكويت وغيرها وتم تحويلها الى بيروت لتكون بالليرة اللبنانية بدل الدرهم والريال، فإن ذلك سيؤدي الى هبوط الدولار هبوطا هاما وكبيراً ويكون سعر الدولار بين 2500 الى 3000 ليرة.
الاختناق الكامل
ادى قرار منع التجول لمدة اربعة ايام الى حالة اختناق كاملة للبنانيين، ولم يمنع انتشار الكورونا وظهور حالات كثيرة رغم منع التجول لان فرنسا وبريطانيا وايطاليا التي بدأت تنتهي من عملية انتشار الكورونا لم تمنع حرية الانتقال والحركة، بل منعت التجمعات، وقرار منع التجول وبقاء اللبنانيين في منازلهم جعلهم يشعرون بالاختناق الكامل، واغلقت المحلات التجارية والاماكن الزراعية والصناعية والتجارية في لبنان، وبقيت فقط الافران والصيدليات، وهذا ما ادى الى خسائر كبيرة في الاقتصاد اللبناني وشلل كبير على مستوى التواصل مع الخارج من خلال توقف الصرافين عن بيع عملاتهم، في ظل الاغلاق التام وعدم خروج اي شخص من منزله. ان قرار الاختناق الكامل الذي تم اعلانه وهو خنق اللبنانيين مدة اربعة ايام في منازلهم ادى الى خسائر بأكثر من 200 الى 300 مليون دولار في اليوم على مستوى الناتج القومي العام، لان البضائع حتى في المحلات التجارية التي تقدر في لبنان بما نسبته 75 % تجارية لم يمكن ان تحقق ارباحاًَ في الاقفال التام، وعاش اللبنانيون كأنهم في حالة حرب تجارية جدا عليهم وانهم في سجن كبير او صغير داخل منازلهم. واذا كان البعض يطرح تمديد مدة الاختناق الكامل فإن الاقتصاد اللبناني سينهار بسرعة ويكون قراراً خطراً والديار تناشد معالي وزير الداخلية محمد فهمي، وهو اكثر من يعرف الناس، ان عملية الاختناق الشعبي ومنع الناس من الخروج من منازلهم تؤدي الى ضرب المعنويات لدى اللبنانيين ولا تمنع انتشار الكورونا، الا ان كورونا تعالج بالفحوصات الطبية وبتعزيز الادوية في المسشتفيات وعدم حصول تجمعات. اما منع التحرك والسير على الطرقات لكل العالم مدة اربعة ايام، فهو كارثة كبرى لا يمكن لمعالي وزير الداخلية محمد فهمي ان يقوم بها مرة ثانية لانها ستؤدي الى افلاس الاقتصاد اللبناني بسرعة كبيرة جدا.
فاذا كانت علاقات لبنان الدولية لا تتضمن تصديراً الى الخارج، فإن هنالك تصدير داخل لبنان تمت تصفيتها وضربها خلال الاختناق الكامل خلال اربعة ايام.
لبنان لا يمكن ان يعيش في هذه الحالة النفسية، وعلى الدولة ان تسعى لمعالجة الكورونا بهدوء وعدم انفعال وعدم الخوف وان لا تجعل اللبنانيين يعيشون الخوف بهذا الشكل من انتشار الكورونا لانه بالوقاية العادية يمكن عدم انتشار الكورونا. وقيام حملة اعلامية على التلفزيون ووسائل الاعلام وشرح كيفية الوقاية هو افضل من خنق اللبنانيين في منازلهم وابقائهم مع اولادهم بشكل كأنهم في سجن لا يمكنهم الخروج مترا واحدا الى الطريق العام.


• وكتبت صحيفة الأنباء تقول: الكباش القائم على جبهة الحكومة والمصارف على خلفية التلويح بتخفيض عدد المصارف إلى النصف وتحميلها مسؤولية الأزمة النقدية التي تشهدها البلاد منذ 6 أشهر، لم تنته فصوله بعد، وفيما المصارف ترفض رفضًا قاطعاً رمي كرة النار عليها، لا تزال الحكومة غير قادرة على تحقيق اختراق حقيقي في معالجة ما يتراكم امامها، وهي لذلك لا تزال تبحث عن كبش فداء، بينما ازمات المواطنين تتفاقم كل يوم.

وقد كشفت مصادر مصرفية عبر "الأنباء" أسباب هذه الأزمة المستمرة منذ أواخر العام 2010 والهدر المدقع في قطاع الكهرباء وحده الذي كلّف الدولة حتى نهاية العام 2019 نحو 46 مليار دولار، يضاف إليه الفوائد المستحقة ليصبح المجموع 56 مليارا، أي اكثر من نصف قيمة الدين العام.

كما لفتت المصادر المصرفية إلى أن العديد من السلع كان يتم استيرادها الى لبنان بحجة حاجة السوق اللبناني اليها، ويهرَّب القسم الأكبر منها الى خارج الحدود، مستغربة ان "تلجأ الحكومة في مواجهة هذا الواقع الى محاولة خفض عدد المصارف الى النصف، في سابقة لم يشهدها لبنان منذ بداية الخمسينات حين تحوّل لبنان إلى مصرف العالم العربي واستقطب كل الودائع المالية العربية، وخاصة بعد حربي 1967 و1973 التي كانت تسمى بالمرحلة الذهبية في تاريخ هذا البلد، وحتى في ظل الحرب الأهلية لم تتوقف المصارف عن دفع ما يتوجب عليها للدولة اللبنانية لتبقى صامدة، وخاصة بعد الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 مروراً بحربي الالغاء والتحرير ومرحلة ما بعد اتفاق الطائف والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة".

المصادر المصرفية إذ أعلنت معارضتها للعديد من بنود الخطة الاقتصادية "لأنها لا تستند الى دراسة علمية دقيقة وواقعية وكل ما يراد منها ليس سوى التشفي وتحميلها مسؤولية الكارثة الاقتصادية"، ذكّرت بتدخل مصرف لبنان مراراً لمنع ارتفاع سعر الدولار "يوم كان هناك عصابات مافياوية تعمل على سحب الدولارات من الصرافين وتحويله الى الخارج".

واستغربت المصادر المصرفية ان تضمّن الحكومة خطتها الاقتصادية إنشاء 5 مصارف جديدة فيما هي الآن تريد خفص عددها، متمنية لو تفصح للحكومة للرأي العام عن هذه المصارف ولمن تعود ملكيتها وكيف سيتأمن رأسمالها. وسألت المصادر: "ماذا سيكون مصير 220 ألف موظف في القطاع المصرفي في حال تم الاقدام على تنفيذ حرب الالغاء ضد المصارف عبر خفض عددها؟".

على صعيد آخر، علمت "الأنباء" من مصادر مطلعة ان اتصالات بقيت بعيدة عن الأضواء جرت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإقناعه بالمشاركة مع الوفد اللبناني في جلسة المفاوضات التالية التي ستعقد مع ممثلي صندوق النقد الدولي يوم الاثنين، وقد وافق سلامة على الحضور او ارسال من ينوب عنه شرط إخلاء سبيل رئيس العمليات المالية في المصرف المركزي مازن حمدان بعد احالته الى قاضي التحقيق من قبل المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، مقابل العدول عن الاضراب المفتوح الذي كان مقررا من قبل موظفي مصرف لبنان ابتداء من يوم الثلاثاء.

من جهتها، مصادر تيار المستقبل علّقت عبر "الأنباء" على طرح الحكومة بتخفيض عدد المصارف بالقول: "إن الأزمة المالية والاقتصادية لا يمكن حلّها بالنظريات الخنفشارية، إذ كان يُفترض بالحكومة أن تقدّم خطة إنقاذ لا لبس فيها ولا غموض، ولكن مع الأسف هذه الحكومة التي لا تستطيع مواجهة الذباب والصراصير فكيف لها أن تحل أزمة كبيرة بحجم الأزمة التي يشهدها لبنان".

مصادر "المستقبل" رفضت تحويل القطاع المصرفي الى "قطاع موجّه"، وقبل ان تسعى الحكومة الى ذلك "عليها ضبط التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية واسترجاع مليارات الدولارات المهربة الى سوريا، عدا عن المازوت والطحين"، معتبرة ان ثورة الجياع باتت على الأبواب. وطالبت المصادر بخطة جدية تحمي أموال المودعين بدل التلويح بالهايركات.

بدورها، جددت مصادر عين التينة في اتصال مع "الأنباء" تمسك رئيس المجلس نبيه بري بحماية أموال المودعين، وأكدت ان "الودائع بالنسبة اليه خط أحمر ولن يقبل المساس بها إطلاقاً".

مصادر بري ناشدت الحكومة اعتماد الحكمة في مقاربتها الملف المالي لما يشكله من حساسية بالنسبة للمواطنين، مطالبة اياها بسياسة مالية واضحة وعدم التفلت في سعر الدولار الذي ينعكس ارتفاعا جنونيا في اسعار المواد الغذائية كما يشجع على الاحتكار.

ورأت المصادر بالمفاوضات مع صندوق النقد "خطوة جدية على طريق معالجة الأزمة لأن الناس اكتوت بنار الغلاء والمطلوب حل سريع لهذه المشكلة".

وفي الشأن الصحي، وبعد تأكيد وزير الصحة حمد حسن بأن وباء كورونا لا زال في مرحلة الاحتواء ولم نصل بعد الى تفشي مجتمعي، توقعت مصادر صحية عبر "الأنباء" انه على ضوء ما قد يصدر عن اللجنة الصحية بشأن كورونا سيتقرر في الاجتماع الذي تعقده خلية الأزمة في السراي الحكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب تمديد اقفال البلد او الاتجاه الى رفع الحظر تدريجيا والسماح للمؤسسات بإعادة العمل وفق البرنامج الذي تعده الحكومة مع الإبقاء على التقيد بالمفرد والمزدوج لحركة السيارات، وإلزام المواطنين بوضع الكمامات تحت طائلة المسؤولية، وفي حال اتُفق على اتخاذ القرار بتمديد الاقفال فقد يكون حتى نهاية الأسبوع المقبل.


• وكتبت صحيفة الشرق الأوسط السعودية عن لبنان تقول: تتخوف حكومة الرئيس حسان دياب من انهيار الإنجاز الذي حقّقته في مكافحة فيروس "كورونا" بسبب التفلُّت الناجم عن تمرّد لبنانيين على الإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارة الصحة التي بادرت إلى عزل بعض البلدات والقرى لمنع تمدّد هذا الوباء إليها فيما تحاول الوصول إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي لتمويل خطة التعافي المالي.
ويبدو أن الوصول إلى هذا التفاهم لن يكون في متناول اليد في المدى المنظور ما لم يتحضّر الوفد اللبناني المفاوض لإقناع الصندوق برزمة الإصلاحات المالية والإدارية، خصوصاً أن انطلاق المفاوضات شهد تبايناً بين أعضاء الوفد.
لكن المشهد السياسي لن يتبدّل بكبسة زر في ظل وجود موالاة مفكّكة أفقدت الحكومة الحد الأدنى من الانسجام بين أعضائها، ليس بسبب الاشتباك السياسي بين زعيم تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون و"التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل من جهة أخرى، إنما لتمادي الخلاف حول التشكيلات القضائية وبناء معمل في قضاء البترون لتوليد الكهرباء، إضافة إلى التعيينات الإدارية التي ما زالت متعثّرة بسبب الخلافات على تقاسم الحصص.
كما أن وضع المعارضة ليس أفضل حالاً من الموالاة، وهي تعاني حالياً من الخلاف بين زعيم تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والذي يحول دون توحيدها.
وتعذّر توحيد المعارضة يقف عائقاً أمام تطبيع العلاقة بين الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي لقي تفهُّما من زعيم "المستقبل" للدوافع التي أملت عليه لقاء عون بدعوة منه لقطع الطريق على إحداث فتنة درزية – مسيحية في الجبل.
وتعود أسباب القطيعة بين الحريري وجعجع إلى خليط يجمع بين الشخصي والسياسي بلغ ذروته بعدم تسمية "القوات" الحريري لتولّي رئاسة الحكومة قبل أن يعلن عزوفه عن الترشُّح.
وبالنسبة إلى العلاقة بين القوى التي تتشكّل منها الموالاة ورافعتها "حزب الله" لا بد من التساؤل عما إذا كان في مقدور الرئيس عون أن يستعيد زمام المبادرة لجهة إعادة تعويم العهد مع دخوله النصف الثاني من ولايته الرئاسية أم أن البلد قد أوشك على الدخول في مرحلة تصريف الأعمال.
ويقول مصدر سياسي إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قرر اتباع سياسة "المساكنة الإيجابية" مع الرئيس عون مع حفاظه على تحالفه الاستراتيجي مع "حزب الله"، إضافة إلى أنه يقيم علاقة وطيدة مع الحريري وجنبلاط الذي لا يحبّذ الدخول في جبهة تتكون منها المعارضة ويفضّل أن يكون التنسيق بين أطرافها هو البديل.
ويلفت المصدر نفسه إلى أن تفكّك الموالاة يعود بالدرجة الأولى إلى باسيل الذي بادر منذ انتخاب عون إلى حرق المراحل لخدمة طموحاته الرئاسية وهو يصر الآن على استخدام نفوذه في معظم إدارات الدولة لتعزيز وضعه كمرشح للرئاسة من دون أن يبادر عون إلى كبح جماحه الرئاسي رغم أنه تسبب له في مشكلات مع الحلفاء والخصوم على السواء.
ويقول المصدر إن باسيل لم ينفك عن التصرّف وكأنه "الرئيس الظل"، واصطدم في أكثر من محطة مع الرئيس بري وأحياناً مع "حزب الله" الذي يطلب من عون التدخُّل لضبط إيقاعه، كما انقلب على التسوية التي أبرمها الحريري مع عون قبل انتخابه رئيساً للجمهورية رغم أن قيام زعيم "المستقبل" بهذه الخطوة لم يكن موضع ترحيب من قبل معظم النواب في كتلته النيابية ومحازبيه، لكنه رأى فيها المعبر الوحيد لإخراج البلد من التأزّم السياسي.
كما أن باسيل انقلب على "إعلان النيات" الذي وقّعه عون مع جعجع ودخل في حملات تحريض وتعبئة ضد جنبلاط وكاد يهدد المصالحة في الجبل واصطدم بحزب "الكتائب" وأخيراً بالطائفة الأرثوذكسية، إضافة إلى خلافه مع رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام.
ويتحمل باسيل أثناء تولّيه وزارة الخارجية مسؤولية تدمير علاقات لبنان بعدد من الدول العربية وأولها دول الخليج العربي لأنه كان وراء خرق سياسة النأي بالنفس وعدم إقحام لبنان في الحروب المشتعلة في المنطقة، تقيُّداً بالبيانات الوزارية للحكومة المتعاقبة.
وعليه، فإن باسيل أحرق أوراق عون. ويتردّد بأن الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية داخل "التيار" يؤيد من يقول إن باسيل تحوّل إلى عبء على الرئاسة، لكن ضيق الوقت لم يعد يسمح بإيجاد البديل لخوض معركة الرئاسة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى