قالت الصحف: العدو يرفض الآلية الأميركية لوقف النار ويعلن مواصلة الحرب.. والمقاومة على ثباتها
الحوارنيوز – خاص
ابرزت صحف اليوم الرفض الإسرائيلي للمبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار في لبنان، وأعلن رئيس مجلس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بعد لقاء المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين بأن دولة الاحتلال ستواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها!
ماذا في تفاصيل المشهدين الدبلوماسي والميداني؟
- صحيفة النهار عنونت: نتنياهو وجولة تصعيدية يبدّدان “الآمال”
لا إتفاق لوقف نار قبل “الثلاثاء الأميركي”
وكتبت تقول: لم تكن دورة التصعيد الحربي الإسرائيلي المضاعف بدءاً من صباح أمس شاملاً كل مناطق الاستهدافات الدائمة زائد توسيع الهجمات بالمسيّرات بهدف الاغتيالات سوى جواب عاجل وسريع على كل الذين ساورتهم آمال متعجلة في إمكان أن ترى تسوية لوقف النار والشروع في تنفيذ القرار 1701 النور قبل الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية النور. ومع أن التصعيد بذاته بدا الجواب السريع الأولي الذي واكب بدء محادثات موفدي الرئيس الأميركي جو بايدن، آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك مع المسؤولين الإسرائيليين في تل أبيب، فإن الموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب لقائه الموفدَين الأميركيين أحبط المراهنين على “هدية” يقدمها نتنياهو إلى الادارة الأميركية الحالية من شأنها أن تجيّر لمصلحة المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس عبر استجابته لجهود واشنطن إعلان وقف النار في لبنان قبل الثلاثاء المقبل.
بذلك يكون نتنياهو استعاد النسخة الثانية لإحباطه في اللحظة الاخيرة مشروع الحل الأميركي- الفرنسي الذي سبق للبنان الرسمي أن وافق عليه وأيدته مجموعة واسعة من الدول. وتبعاً للمناخ السلبي المقفل الذي ساد أمس عقب محادثات الموفدين الأميركيين مع نتنياهو، صار شبه مؤكد أن هوكشتاين لن يزور بيروت بعد تل أبيب ولو أنه قد يتواصل مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي لإبلاغهما نتائج محادثاته في إسرائيل، وأن الجهد الديبلوماسي الأميركي صار معلقاً إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية بما يعكس تالياً أن دورات التصعيد الحربي قد تتخذ وجهاً أشد عنفاً في قابل الأيام.
وفي تصعيد متواصل لموقفه أكد نتنياهو للموفدين “تصميم إسرائيل على إحباط أي تهديد لأمنها من لبنان وإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال”.
وقال: “القضية الأساسية ليست أوراق هذا الاتفاق أو ذاك بل قدرة إسرائيل وتصميمها على إنفاد الاتفاق”. وأضاف: “وقف إطلاق النار مع “حزب الله” يجب أن يضمن أمن إسرائيل”. وتحدث عن “ضغط لتحقيق تسوية في لبنان قبل الأوان” مضيفاً “الواقع أثبت العكس ولا أحدد موعداً لنهاية الحرب لكني أضع أهدافاً واضحة للانتصار فيها وسنعمل على معالجة أذرع الأخطبوط ونضرب في الوقت نفسه رأسه في إيران … لا أقلل من شأن أعدائنا مطلقاً والمهم في التسوية في لبنان إمكان تحقيق الأمن والعمل ضد التسلح”.
ليس قبل الثلثاء
ونقلت وسائل اعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين تشكيكهم في أن تؤدي الجهود الدبلوماسية هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف النار في غزة ولبنان، قبل انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة يوم الثلاثاء 5 تشرين الثاني. واعتبروا أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، فإن التوقعات بأن الجهود النهائية لإنهاء الحرب في غزة ولبنان سوف تتكلل بالنجاح أصبحت ضئيلة. ولفتوا إلى أن هناك شعوراً داخل إدارة الرئيس جو بايدن، أن نتنياهو ينتظر انتهاء الحملة الانتخابية الرئاسية لمعرفة من سيكون رئيس الولايات المتحدة المقبل، لكن واشنطن تظل مع ذلك متمسكة بإرسال مبعوثين كبار إلى المنطقة لمناقشة احتمالات إنهاء الحرب.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مقربين من نتنياهو قولهم إنهم لا يتوقعون التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بشأن الحرب في لبنان قبل الانتخابات الأميركية المقررة في الخامس من تشرين الثاني، على الرغم من أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدفع في هذا الاتجاه.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين لبنانيين وعرب آخرين يشاركون في مفاوضات تجري بهذا الشأن قولهم إن جماعة “حزب الله” والحكومة اللبنانية لم يقبلا الاتفاق الدبلوماسي المُقترح، وقالا إنه يتيح لإسرائيل حرية أكبر لمواصلة هجومها عبر الحدود. ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الجانب الإسرائيلي يسعى للاستفادة مما وصفه بـ”الإنجازات العملياتية الضخمة لإسرائيل وخاصة تدمير قيادة حزب الله بأكملها”. وأضاف: “كل المفاوضات ستتم تحت النار. لا أحد يوافق على وقف إطلاق النار من أجل التفاوض على اتفاق”.
والواقع أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي كان أبدى مساء الاربعاء تفاؤلاً حذراً في امكان إعلان وقف النار، قال أمس إن “التهديدات التي يطلقها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين اللبنانيين بإخلاء مدن بأكملها والنزوح عن مناطقهم ومنازلهم جريمة حرب إضافية تضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي قتلاً وتدميراً وتخريبا”. وأشار إلى أنه “أبلغ هذا الموقف الى الهيئات الدبلوماسية الفاعلة طالباً تكثيف الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها وهذا النهج المرفوض بكل المعايير الدولية والإنسانية”. وقال: “لقد تبلغنا من الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين بالأمس أنه سيسعى في إسرائيل للتوصل إلى حل يوقف اطلاق النار تمهيداً للبحث عن سبل التطبيق الكامل للقرار 1701، ونحن في إنتظار أن نتبلغ منه نتائج اتصالاته، علماً أن التصعيد الإسرائيلي المستمر والمواقف والتهديدات الإسرائيلية لا تبعث على التفاؤل، على الاقل في الفترة القصيرة المقبلة”.
- صحيفة الأخبار عنونت: المقاومة تمنع العدو من التقدّم وتكثّف استهداف العمق
وكتبت تقول: حسم رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمره بأن أوان «التسوية» في لبنان لم يحن بعد، وأنه ماضٍ في الحرب على لبنان، «حتى تحقيق الأهداف الواضحة للانتصار». وفي المقابل، كانت المقاومة تكبّد قوات العدو التي تحاول التوغّل في المنطقة الحدودية، وخصوصاً في محور الخيام، خسائر فادحة، بالتزامن مع استهداف شمال فلسطين المحتلة، من المستوطنات الحدودية إلى حيفا، بالصواريخ والمُسيّرات، دون توقّف.
وكان نتنياهو أكّد، في كلمة ألقاها، أمس، عقب لقائه مبعوثي الإدارة الأميركية، عاموس هوكشتين وبريت ماكغورك، في تل أبيب بهدف بحث جهود وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، «أنني لا أحدّد موعداً لنهاية الحرب، لكنني أضع أهدافاً واضحة للانتصار فيها»، مشيراً إلى «أننا نغيّر وجه الشرق الأوسط، لكننا ما زلنا في عين العاصفة، وأمامنا تحدّيات كبيرة، ولا أقلّل من شأن أعدائنا مطلقاً». وأشار نتنياهو إلى أن «هنالك ضغطاً لتحقيق تسوية في لبنان قبل الأوان»، لافتاً إلى أن «الواقع أثبَتَ العكس». وفي وقت أعرب عن تقديره بشدّة للدعم الأميركي، لفت إلى «أنني أقول نعم عندما يكون ذلك ممكناً، وأقول لا عند الضرورة». وكان ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية، أعلن أن «نتنياهو أكّد للمبعوثيْن الأميركيين أن المسألة ليست الاتفاق، بل القدرة على تطبيقه». ومع تراجع منسوب «التفاؤل»، نقل موقع «أكسيوس» عن مصدر مطّلع أن «هوكشتين سيعود إلى واشنطن من إسرائيل»، من دون أن يزور بيروت. لكنّ مسؤولين إسرائيليين كباراً، أشاروا أمس، إلى أن «عودة هوكشتين إلى واشنطن من دون المرور ببيروت، ليست مؤشراً سلبياً». فيما عاد واعتبر ميقاتي، أنّ «التصعيد الإسرائيلي لا يبعث على التفاؤل، على الأقلّ في الفترة القصيرة المقبلة»، مكرّراً «أننا تبلّغنا من هوكشتين أنّه سيسعى في إسرائيل للتوصّل إلى حل يوقف إطلاق النار تمهيداً للبحث عن سبل للتطبيق الكامل للقرار 1701، ونحن في انتظار أن نتبلّغ منه نتائج اتصالاته».
وقالت «القناة 13»، إن «إسرائيل اشترطت أن يتضمّن أي اتفاق بنداً يتعلّق بالحفاظ على حرية العمل العسكري في لبنان»، وأكّدت أن «واشنطن وافقت على الطلب»، أما قناة «كان» فنسبت إلى مسؤول إسرائيلي أن «هناك تقدماً في المفاوضات المتعلّقة بلبنان، لأن بعض أسئلة إسرائيل تحتاج إلى إجابة»، نافية وجود فكرة «إقامة منطقة أمنية داخل الحدود اللبنانية، على عكس ما يطالب به سكان وقادة المجالس الاستيطانية قرب الحدود مع لبنان»، بينما أشار مسؤول رفيع لـ»القناة 12» العبرية، إلى أنه «إذا لم نكن قادرين على العمل في لبنان كما نعمل في سوريا، فلن نتوصّل إلى اتفاق لإنهاء الحرب».
وفي غضون ذلك، قُتل 7 أشخاص، أمس، جرّاء قصف صاروخي من لبنان، استهدف مستوطنة المطلة وشمال مدينة حيفا، في ما تُعدّ أكبر حصيلة من القتلى غير العسكريين في الكيان، منذ بداية الحرب. وفي المطلة، قُتل 5 أشخاص، من بينهم عاملون أجانب، جراء سقوط صاروخ أُطلق من لبنان. كما قُتل رجل وامرأة، عقب سقوط صاروخ شرقي الكريوت في منطقة حيفا. وفي المقابل، تابع العدو اعتداءاته الجوية على الجنوب والبقاع، كما استهدف سيارة على طريق الكحّالة، لليوم الثاني على التوالي. وتعرّضت منطقتا صور والبقاع، لغارات عنيفة. واستهدف العدو فرق الإسعاف والدفاع المدني في صور وبلدات جنوبية أخرى، في استكمال لنهجه في استهداف الطواقم الطبية.
في هذه الأثناء، تابع المقاومون التصدي لقوات العدو في مناطق التوغل، وخصوصاً في محور الخيام، الذي شهد اشتباكات عنيفة طوال أمس. حيث قصفت المقاومة تجمّعات الجنود جنوب البلدة، كما استهدفت دبابة «ميركافا» وآلية عسكرية، في منطقة وطى الخيام بصاروخين موجّهين، ما أدى إلى اشتعالهما وإيقاع طاقميهما بين قتيل وجريح. وشهدت المنطقة الحدودية عمليات نقل لجنود مصابين باتجاه مستشفيات الشمال المحتلّ.
استهدف العدو فرق الإسعاف والدفاع المدني في صور وبلدات جنوبية أخرى
وأصدرت «غرفة عمليات المقاومة الإسلامية»، بياناً يلخّص تطورات الجبهة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث شهدت قرى الحافّة الأماميّة من جنوب لبنان في الأيام الماضية محاولات تقدّم لجيش العدوّ وقد تصدّى لها المقاومون، عبر 5 محاور متوزّعة على طول الجبهة من الناقورة إلى مزارع شبعا.
في المحور الأول، الممتدّ من الناقورة غرباً وصولاً إلى مروحين شرقاً، حاولت قوّة مشاة إسرائيليّة التسلل باتجاه الأحياء الجنوبيّة لقرى شيحين والجبين، كما حاولت قوة استطلاع أخرى التسلّل باتجاه منطقة وادي حامول شمال شرق بلدة الناقورة، فتصدى لها المقاومون، وأجبروها على الانسحاب إلى منطقة اللبونة. وكذلك استهدفت المُقاومة مسارات العدوّ داخل الضهيرة، ومواقع العدو في رأس الناقورة، وجلّ العلام.
وفي المحور الثاني، الممتدّ من راميا غرباً وعيتا الشعب ورميش شرقاً، وصولاً إلى عيترون قصفت المُقاومة تحشدات العدو وتجمعاته في هذا المحور، وسط محاولات مستمرة للعدو للتوغل داخل بلدتي عيتا الشعب وعيترون. أما في المحور الثالث، الممتدّ من بليدا جنوباً وصولاً إلى حولا شمالاً، فتُحافظ قوّات العدو على السيطرة بالنار على الأطراف الشرقيّة لقرى بليدا وميس الجبل وحولا، «وسط غياب أي مُحاولة تقدّم جديدة على هذا المحور بعد المواجهات البطوليّة التي سطّرها مجاهدو المُقاومة خلال الأسبوع الفائت في بلدة حولا، والخسائر الكبيرة التي تكبدتها القوات المُتقدّمة».
وبالنسبة إلى المحور الرابع، الذي يمتدّ من مركبا جنوباً وصولاً إلى قرية الغجر اللبنانيّة المُحتلّة في الشمال الشرقي، فقد تقدّمت قوة مشاة معادية باتجاه أطراف بلدة كفركلا الشرقيّة وصولاً إلى منطقة تل نحاس عند الأطراف الشماليّة الشرقيّة للبلدة، فتصدّى لها المُقاومون، بالتزامن مع استهداف مُكثّف لتحشدات العدو في المناطق الخلفيّة، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف قوّات العدو الذي أُجبر على إدخال المروحيّات العسكريّة لإجلاء الإصابات.
وفي المحور الأخير، الخامس، الممتدّ من قرية الغجر وحتى مزارع شبعا تعمّد العدوّ حرق الأحراج خوفاً من أي عمليّة هجوميّة للمُقاومة. بينما قصف المقاومون قوات العدو التي حاولت الدخول إلى الأحياء الجنوبيّة والجنوبيّة الشرقيّة لمدينة الخيام. فيما تابعت القوة الصاروخية ضرب المواقع والثكنات العسكريّة على طول الحدود، وصولاً إلى القواعد العسكريّة والاستراتيجيّة والأمنيّة في العمق. وقد نفّذت 63 عمليّة خلال الأيام الثلاثة الماضية فقط، وبعمق وصل إلى 105 كلم حتّى الضواحي الشمالية لتل أبيب. بدورها، تُواصل «القوّة الجويّة» استهداف قواعد العدوّ العسكريّة من الحدود إلى العمق، منفّذة 11 عمليّة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وبعمق وصل إلى 145 كلم حتّى الضواحي الجنوبيّة لتل أبيب. وعلى صعيد «الدفاع الجوي»، فقد نفّذ مجاهدوه 4 عمليات إطلاق لصواريخ أرض – جو ضدّ الطائرات الإسرائيليّة في أجواء الجنوب اللبناني، خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأعلنت المقاومة في بيانها، أن المقاومين رصدوا سقوط أكثر من 95 قتيلًا و900 جريح من ضباط وجنود جيش العدوّ منذ بدء العملية البرية، وتدمير 42 دبابة «ميركافا»، و4 جرّافات عسكريّة، وآليّتي هامر، وآليّة مُدرّعة، وناقلة جند. وكذلك، تمّ إسقاط 3 مُسيّرات من طراز «هرمز 450» ومُسيّرَتين من طراز «هرمز 900». مع الإشارة إلى أنّ هذه الحصيلة لا تتضمن خسائر العدوّ الإسرائيلي في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة والمستوطنات والمدن المُحتلّة.
- صحيفة الديار عنونت: نتانياهو يجهض المناورة الأميركية ومخاوف من تصعيد خطر
قلق اوروبي من استهداف اسرائيلي محتمل للمرافق الحيوية؟!
صواريخ «فتاكة» على حيفا والمطلة… والخيام «مقبرة» الغزاة
وكتبت تقول: لم يمنح رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو كل السذج في لبنان وفي العالم الفرصة لمزيد من تسويق الاجواء الايجابية المخادعة، وأجهض بوقاحة منقطعة النظير المناورة الانتخابية الاميركية في مهدها بعدما رمى المسودة المقترحة من قبل ادارة بايدن في وجه مبعوثيه عاموس هوكشتاين وبريت ماكغورك، مفضلا الرهان على عودة الرئيس السابق دونالد ترامب الى البيت الابيض عله يمنحه المزيد من الوقت والدعم لمواصلة العدوان على لبنان وغزة وشن هجوم جديد على طهران.
انهيار المساعي الديبلوماسية يفتح الباب على مصراعيه امام تصعيد خطر لا يمكن التكهن بحدوده، في ظل اصرار اسرائيلي على استسلام المقاومة والدولة اللبنانية دون قيد او شرط، وهو امر لا يمكن حتى النقاش فيه مع لبنان الرسمي وحزب الله. هكذا عادت الكلمة للميدان، حيث يواصل جيش الاحتلال حربه الهمجية ضد المدنيين، والبنية التحتية لبيئة المقاومة، في النبطية وصور وبعلبك، ويتفنن بجرائم الحرب ضد الانسانية، امام صمت دولي واقليمي مريب، لن تغيره او تشفع له تصريحات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي أكد بالأمس انه لم تعد مواقف الاستنكار مجدية امام ما يحصل في غزة ولبنان، دون ان يوضح ما هي الاجراءات التي ستتخذها بلاده لوقف المجزرة بعد الدعوة الى قمة اسلامية- عربية في ال11 من الجاري؟! في وقت تقف المنطقة على «فوهة بركان» مع توقعات برد ايراني قاسٍ على العدوان الاسرائيلي.
الكلمة للميدان
هذه المواقف الاعلامية المضللة، لن تغير من الوقائع شيئا، وحدهم المقاومون يرسمون معالم المشهد المقبل في ظل ملحمة اسطورية تخاض على الحدود، حيث تحولت اطراف بلدة الخيام الى «مقبرة» لجنود الاحتلال في معارك من مسافة «صفر»، حيث تعرضت القوات المتسللة الى 12 عملية استهداف ادت الى احتراق العديد من دبابات الميركافا وقتل وجرح العشرات من الضباط والجنود، فيما لا تزال وحدة الصواريخ والمسيرات فاعلة جدا، وقد تسببت بالأمس بخسائر فادحة في المطلة وحيفا، حيث تجاوز عدد القتلى ال9، وهو ما وصفته وسائل الاعلام باليوم «القاسي في الشمال» ووصفت الهجمات الصاروخية بالفتاكة.
«خديعة» نتانياهو
وعلى ذمة مصادر ديبلوماسية غربية، تعرض الاميركيون لخديعة جديدة من نتانياهو، عندما نقل الوزير المقرب منه رون ديرمر اجواء ايجابية الى واشنطن، بان رئيس الحكومة الاسرائيلية لديه استعداد للمضي قدما بمسودة الحل المقترحة، لكن لديه بعض الملاحظات غير الاساسية عليها. عندئذ تقرر ارسال الموفدين الى «اسرائيل» على ان ينتقل هوكشتاين بعدها الى بيروت لتسويق الاتفاق، وقد تواصل حينئذ مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي واوحى اليه بان الاجواء في «اسرائيل» باتت أفضل ونصحه بالتعامل بإيجابية مع المسودة، لان الاسرائيليين لا يبدو انهم مستعدون لتقديم المزيد من التنازلات، لكنهم يتعاملون بإيجابية مع المقترح. لكن الموفدين الاميركيين صدموا عندما أبلغهم نتانياهو ان بنود الاتفاق «منفصلة عن الواقع» وغير مقبولة ومن السابق لاوانه الحديث عن وقف للنار الان. عندئذ قرر هوكشتاين عدم العودة الى بيروت وغادر الى واشنطن بعدما عاد وابلغ ميقاتي ان الامور عادت الى نقطة «الصفر». وقد بات المسؤولون الأميركيون مقتنعون بعدم إمكان التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل الانتخابات الرئاسية. وأوضحت مصادر اميركية لقناة «السي ان ان «أن هناك شعورا داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بأن نتنياهو ينتظر انتهاء الحملة الانتخابية الرئاسية لمعرفة من سيكون رئيس الولايات المتحدة العتيد.
نتانياهو يجهض الحل
وفيما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية عن مسؤول إسرائيلي قوله «سنفاوض تحت القصف ولا أحد يوافق على وقف النار للتفاوض على اتفاق»، قال نتانياهو، بعد لقاء هوكشتاين وماكغورك، أن هناك ضغطا لتحقيق تسوية في لبنان قبل الأوان والواقع أثبت العكس”، متابعا «نعالج أذرع الأخطبوط ونضرب في الوقت نفسه رأسه في إيران، ولا أحدد موعدا لنهاية الحرب لكني أضع أهدافا واضحة للانتصار فيها، كما اكد للموفدين تصميم «إسرائيل» على إحباط أي تهديد لأمنها من لبنان وإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال … وقال: القضية الأساسية ليست أوراق هذا الاتفاق أو ذاك بل قدرة «إسرائيل» وتصميمها على إنفاذ الاتفاق. ولفت الى ان وقف إطلاق النار مع حزب الله يجب ان يضمن امن «اسرائيل». واشارالى انه المهم في التسوية في لبنان إمكان تحقيق الأمن والعمل ضد التسلح. وفي موقف يعكس استخفافه بادارة بايدن قال نتانياهو «أقدر بشدة الدعم الأميركي وأقول نعم عندما يكون ذلك ممكنا ولا عند الضرورة، ونحن نغير وجه الشرق الأوسط لكننا ما زلنا في عين العاصفة وأمامنا تحديات كبيرة ولا أقلل من شأن أعدائنا مطلقا.
المخاوف الاوروبية
واعربت اوساط ديبلوماسية اوروبية عن دهشتها من موقف نتانياهو الذي كان يعرف مسبقا ان المقترح لن يكون مقبولا من قبل حزب الله وبيروت، لكنه لم ينتظر ان يرفضه الطرف الآخر، وبادر الى اتخاذ موقف سلبي مثير للقلق لانه يشرع الابواب امام تصعيد ميداني قد يتخذ اشكالا اكثر دموية حيث تخشى فرنسا خصوصا من انتقال «اسرائيل، الى مرحلة استهداف البنية التحتية للدولة اللبنانية بعدما استنفدت كل اهدافه العسكرية ضد حزب الله، وتراوح المعركة البرية مكانها، ولهذا قد يلجأ الاسرائيليون الى ضرب القطاعات الحيوية اللبنانية، ظنا منهم انها يمكن ان تجبر الطرف الآخر على الاستسلام.
مسوّدة الاستسلام
ومرد الاستغراب، ان مسودة الاتفاق التي بلورتها الولايات المتحدة وتم نقلها «لإسرائيل» في إطار النقاشات حول الخطة النهائية، تشمل تفويضاً واسعاً لكيان العدو بالهجوم على طول الحدود داخل أراضي لبنان لإحباط ما يمكن ان تعتبره تهديدات حزب الله أو منظمات أخرى. وحسب المسودة، فإنه في كل حالة تشخص فيها «إسرائيل» وجود تهديدات عليها في عمق أراضي لبنان، من بينها إنتاج السلاح وتخزينه ونقل السلاح الثقيل والصواريخ الباليستية أو صواريخ للمدى المتوسط أو البعيد، سيسمح لها بالعمل عسكرياً، هذا فقط إذا فشلت الحكومة اللبنانية أو أي جسم رقابة آخر يتم تأسيسه برعاية أميركا في محاولة إحباط هذه التهديدات. إضافة إلى ذلك، جاء في المسودة أن «إسرائيل» يمكنها الاستمرار في القيام بطلعات جوية عسكرية في سماء لبنان لأهداف استخبارية وتعقب.
الفتنة الداخلية
وفي إطار الرغبة في اثارة فتنة داخلية، تنص المسودة ايضا على أن الجيش اللبناني سيكون القوة المسلحة الوحيدة، إضافة إلى قوة اليونيفيل التي سيسمح لها العمل في أراضي لبنان. وسيعطى الجيش توجيهات بمنع إدخال سلاح أو وسائل قتالية غير مرخصة في المعابر الحدودية، وسيعمل على تفكيك مصانع وبنى تحتية لإنتاج السلاح والذخيرة التي أقامتها المنظمات المختلفة في لبنان. وتتضمن الوثيقة أيضاً موافقة اميركية على منح «إسرائيل» بعد انسحاب جيشها من لبنان، الحق في الدفاع عن نفسها، حسب القانون الدولي، والحفاظ على الأمن على طول الحدود في الشمال، بما في ذلك القيام بنشاطات ضد تهديدات لأمن «إسرائيل»، وذلك في إطار «العمل للدفاع الفوري عن النفس»!
آلية ثلاثية للمراقبة
أما الاكثر خطورة فهو انشاء آلية مشتركة بين الولايات المتحدة و «إسرائيل» ولبنان، للرقابة وتنفيذ الاتفاق، التي ستتأكد من تطبيق بنود الاتفاق، ويمكن «لإسرائيل» ولبنان إبلاغ الجسم المراقب على أي خرق للاتفاق؟
المعلومات الاستخباراتية
وتنص المسودة أيضاً على أن «إسرائيل» والولايات المتحدة ستتشاركان في المعلومات الاستخبارية الحساسة في ما يتعلق بالخروقات أو الاشتباه في خرق الاتفاق من الطرف اللبناني. والإدارة الأميركية ملزمة بالعمل مع «» وشركاء آخرين ضد جهود إيران لتقويض الاستقرار في لبنان ومنع إيران ووكلائها من السعي إلى تقويض خطة وقف إطلاق النار.
الربط بين «الساحات»
ووفقا لقناة «كان» الاسرائيلية، لدى الإدارة الأميريكية قنوات ديبلوماسية موازية في غزة ولبنان، وهي لا تربط بينهما بشكل رسمي. في مسودة الاتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، لا يوجد ذكر مفصل لقطاع غزة، لكن قرار إرسال هوكشتاين لجولة محادثات أخرى مع «إسرائيل» وفي موازاة ذلك مواصلة المحادثات حول اتفاق على تحرير المخطوفين ووقف الحرب في غزة، والتي يقودها رئيس «السي اي ايه» وليام بيرنز يعكس اعترافاً غير رسمي بأن العلاقة بين ساحتي القتال لم يتم قطعها بعد.
ميقاتي «وخيبة الامل»
وقد حاول رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تبرير جرعة التفاؤل التي روج لها أمس الاول، بعد ان اصيب بخيبة امل نتيجة سوء تقدير الاميركيين للموقف، وقال انه تبلغ من الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين أنه سيسعى في «اسرائيل» للتوصل الى حل يوقف اطلاق النار تمهيدا للبحث عن سبل التطبيق الكامل للقرار 1701، لكن التصعيد الاسرائيلي المستمر والمواقف والتهديدات الاسرائيلية لا تبعث على التفاؤل، على الاقل في الفترة القصيرة المقبلة. وفد لفتت مصادر مطلعة ان الاجواء السلبية لم تكن تحليلا للوقائع من قبل ميقاتي، بل نتيجة اتصال سلبي من هوكشتاين. والانكى من ذلك ان رئيس الحكومة كان قد عقد سلسلة لقاءات ديبلوماسية واستقبل سفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون وعرض معها للمسودة المقترحة وحاول فهم الهوامش المتاحة للتعديل، قبل ان يتبلغ ان نتانياهو قد رفضها.
اوهام نتانياهو
وفي اطار فهم حقيقة رهانات نتانياهو، لفتت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية الى انه من الواضح ان نتنياهو يفكر ويضع خطط المستقبل، لوضع يكون فيه، ترامب في البيت الأبيض. واشارت الى ان سلوك نتنياهو تجاه الرئيس الأميركي بايدن، في الأشهر الأخيرة والذي تضمن إبداء الاستخفاف والاستهتار كان ولا يزال غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين الدولتين. لكن «معاريف» اكدت ان ما لا يعيه نتنياهو تماماً، ولعله لا يريد أن يعيه، هو أن ترامب اليوم وترامب الرئيس، ليسا الشخص ذاته الذي يعرفه ويتذكره نتنياهو. وإذا كان نتنياهو مقتنعاً بأن ترامب الرئيس التالي يكون هو «الصديق العظيم» ذاته، فهذا ليس وهماً وأملاً عابثاً فحسب، بل هو رهان خطر وجسيم، وستكون «إسرائيل» من الدول الأولى، بين أصدقاء الولايات المتحدة، التي ستعاني من الولاية الثانية للرجل في البيت الأبيض.
قيادة «اسرائيل» للانهيار
وفي سياق متصل، هاجم عضو الحكومة الاسرائيلية المستقيل ورئيس الاركان السابق غادي ايزنكوت بشدة نتانياهو، وقال خلال مقابلة مع اذاعة الجيش الاسرائيلي، إنّ «نتنياهو لا يستطيع مواصلة الحرب إلى الأبد»، مضيفاً أنه « يقود إسرائيل نحو الانهيار بدلاً من فهم حجم التهديد». من جهتها اكدت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أنّ «حزب الله يمكنه إطلاق النار على إسرائيل من كل مدى، ولا يمكن إيقاف ذلك، بصورة شاملة وكاملة».