قالت الصحف: الحكومة ولعبة التشاطر
الحوارنيوز – خاص
يتشاطرون على بعضهم، لعلهم يكسبون بالتكنوقراط ما فشلوا به في التكنوسياسي!
والتكتنوقراط، هي حكومة من أصحاب الإختصاص يسمونها أهل السياسة، هذا هو المعيار الذي ارتضاه الرئيس المكلف لتجاوز عقد العرقلة المتعددة. ولأن الرئيس المكلف بحاجة إلى ثقة "حرزانة" اضطر لتقديم تنازلات "في الشكل" ليكسب في المضمون وليضمن حكومة تستحوذ على ثقة المجتمعين الداخلي والخارجي، فهل نجح في ذلك؟
صحيفة "النهار" عنونت:" تعقيدات اللون الواحد "تجمد مجددا" حكومة دياب" وكتبت تقول:" مضى يوم آخر من أيام المخاض الغامض الذاتي الذي يخوضه تحالف قوى العهد و8 آذار لتجاوز تعقيدات "اللون الواحد" التي لا تزال تحول دون ولادة حكومة الرئيس المكلف حسان دياب والتي بدأت علامات الاستفهام المختلفة ترسم حول طبيعة الخلفيات التي أرجأت تأليفها وصدور مراسيمها في اللحظة الحاسمة بعدما كانت كل المعطيات تنبئ بانتهاء مسار تأليفها. واذا كانت المعطيات والمعلومات المتسربة عن العقد الاخيرة التي حالت دون انجاز الرئيس المكلف التشكيلة الحكومية حصرت هذه التعقيدات بتباينات حول المحاصصة في شأن بضعة مقاعد وزارية من دون مسها الهيكلية الاساسية للتشكيلة ذات الـ18 وزيراً، فان هذه المعطيات تبدو عرضة لاختبار لن تتجاوز مدته الساعات الـ 48 المقبلة للتأكد من طبيعة التعقيدات واستشراف المرحلة التالية.
ذلك ان جهات مطلعة على الاتصالات الجارية في مواكبة مأزق التأليف أفادت ان العقد المتصلة ببعض الحقائب الوزارية وتوزعها حزبياً وطائفياً تبدو جدية و"معتادة" في حال توزيع الحقائب الوزارية على غرار ما كان يجري لدى تأليف الحكومات السابقة وليس ثمة ما يبعث على الاعتقاد بان التشكيلة الحكومية مرشحة لان "تطير" من هذه الناحية. لكن الجهات نفسها لاحظت ان مجريات المخاض الحكومي الحالي انما تحصل بين أفرقاء الصف الواحد بما يثير تالياً التساؤلات الواسعة عن حقيقة ما يجري وماذا يعني ان يستأثر تحالف سياسي بعملية تأليف الحكومة ومن ثم يبدأ اطلاق اشارات حيال عجز هذا التحالف كما الرئيس المكلف عن الاضطلاع بدور التنسيق بين هذه القوى تجنبا لمعركة تقاسم الحصص وافتضاح هشاشة التماسك القائم داخل قوى 8 آذار؟ وقالت ان ثمة معطيات تؤكد ان معركة المحاصصة تكتسب اطاراً جدياً حول التمثيل الوزاري بين اطراف التحالف بما يعني ان التحضيرات الجارية لانجاز الحكومة تتجاوز المديين القريب والمتوسط للحكومة والاستعداد لمرحلة طويلة اذا قيض للحكومة ان تصمد في مواجهة جبهات داخلية وخارجية عدة ستفتح في وجهها وتعبر عن رفض لها كسلطة مقبولة ومطلوبة لانقاذ لبنان من اخطر كارثة مالية واقتصادية واجتماعية حلت به.
ومع ذلك فان تجاوز التعقيدات في مهلة تنتهي مطلع الاسبوع المقبل سيرتب مشهداً مختلفاً وحقائق جديدة قد يكون فيها من المعطيات الداخلية والخارجية ما لم يظهر بعد وهو أمر سيعني حينذاك اجراء حسابات سياسية جديدة لان التأخير الى هذا الموعد ينزع القناع عن التعقيدات الحقيقية وربما كشف وجود معطيات خارجية اقلقت أفرقاء التحالف الداعم لدياب أو بعضهم وجعلتهم يفرملون الاندفاع نحو ولادة الحكومة.
ووسط هذه المناخات أكدت أمس مصادر قريبة من الرئيس المكلّف حسان دياب أنه متمسّك بالإطار العام الذي حدّده لتشكيل الحكومة، والمعايير التي وضعها لاختيار الوزراء، وأنه لن يتساهل في التزام هذه الضوابط.
وتحت عنوان:" تأليف الحكومة: بقيت عقدة فرنجية .. الحريري يزج الجيش لحماية المصارف" كتبت تقول:" عاد أهل السلطة إلى أداء الدور الذي لا يتقنون غيره: تقاذف المسؤوليات في ما بينهم، غير آبهين بالأوضاع التي وصلت إليها البلاد ولا بالغضب في الشوارع. "السلمية" المعتمدة من قبل بعض المعتصمين أثبتت لاجدواها في ظل تصلّب السياسيين وتجاهلهم لما يجري في مختلف المناطق اللبنانية. وحدها أعمال "الشغب" التي حصلت منذ يومين أمام مصرف لبنان وفي شارع الحمرا، أعادت لمّ شملهم ووضعتهم أمام خيارين، إما تأليف حكومة أو فتح الباب على مزيد من "شغب المصارف"، نقطة ضعفهم الرئيسية. كان يفترض يومها أن تذلل العقبات وتوضع لمسات التشكيلة الحكومية يوم أول من أمس. لكن ثمة من "اصطنع" عقبات جديدة.
لم يعد مفهوماً ما الغاية من التلاعب بمصير البلد وتأجيج الغضب الشعبي وتعميق أزمة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية. لا يتعلق الأمر هنا بالنائب طلال أرسلان ولا بتيار المردة ولا بمشكلة كاثوليكية. ما سبق ذرّ للرماد في العيون، بينما المشكلة مشكلة قرار سياسي يبدو أنه لم يحسم بعد. وعليه، لماذا لا يملك أي من أحزاب السلطة الجرأة للإعلان عن ذلك؟ لماذا يعمد هؤلاء الى نشر الأجواء الإيجابية، ثم الانقلاب على شائعاتهم ببثّ شائعات أخرى؟ ففيما يغرق البلد في ديونه وتستشرس المصارف في إذلال صغار المودعين، يتصرف شركاء التأليف كما لو أنهم يملكون ترف إضاعة الوقت. وهو ما يطرح سؤالاً رئيسياً عما إذا كانوا مؤهلين لقيادة البلد وأزمته، وعما إذا كان هناك إصلاح اقتصادي واجتماعي يجمعهم أم أن الحكومة، إذا أبصرت النور، ستكون صورة عن خلافات ما قبل التأليف؟ فحتى يوم أمس، لم يتغير سلوك التأليف بتاتاً. مصادر تتحدث عن عقدة أرثوذكسية تتمثل في رغبة رئيس الحكومة المكلف دمج وزارتَي الدفاع والاقتصاد، حتى لا يحصل التيار الوطني الحر على الثلث الضامن، في حين تتحدث مصادر أخرى عن رفض رئيس الجمهورية دمج هاتين الوزارتين لعدم تناسبهما مع بعضهما البعض.
إذ جرى الحديث يوم أول من أمس عن 4 وزارات للتيار (الخارجية والاقتصاد والطاقة والبيئة)، و1 للطاشناق (دُمجت وزارتا الثقافة والاعلام)، و1 للمردة (الأشغال العامة) و2 لرئيس الجمهورية (الدفاع والعدل) وواحدة لرئيس الحكومة. ليعود النقاش يوم أمس حول تعيين أمل حداد في منصب نائب رئيس الحكومة إرضاء للحزب السوري القومي الاجتماعي بدلاً من تسليمها للواء ميشال منسى، الأمر الذي رفضه رئيس الجمهورية، بينما عرض التيار تعيين أيمن حداد في الاقتصاد وهو مقرّب من القوميين. بقيت عقدتان، اللقاء الديموقراطي وتيار المردة المطالب كل منهما بوزارتين عوضاً عن وزارة. وتقول المعلومات إن حزب الله حلّ "عقدة" النائب طلال أرسلان بمبادلة بين حقيبتَي الصناعة والشؤون الاجتماعية، فيما لم تذلّل بعد عقدة النائب السابق سليمان فرنجية، علماً بأن اتصالات معه أفضت إلى إفساح المجال أمام حل قريب، إذ أرجأ فرنجية مؤتمراً صحافياً كان سيعقده صباح اليوم، وكان متوقعاً أن يعلن فيه "التخلي عن التمثيل الحكومي مع إعطاء الثقة للتشكيلة". فرنجية يرجئ مؤتمره الصحافي إفساحاً في المجال أمام حل لعقدة تمثيل المردة.
وكان لافتاً أمس موقف عضو اللقاء التشاوري النائب جهاد الصمد الذي أعلن أنه لن يمنح حكومة الرئيس المكلّف حسان دياب، الثقة، واصفاً إياها بـ"حكومة المستشارين المقنّعة". ولفت إلى أن هذا القرار بـ"صفتي الشخصية"، ما يعني أنه ليس قرار "اللقاء التشاوري".
صحيفة "نداء الوطن" عنونت:" حزب الله قاضي الولاد! باسيل "حردان" وتشكيلة دياب كل حصة بغصة" وكتبت في افتتاحيتها:" هي "قصة إبريق الزيت" نفسها تتوالى فصولها على مسرح "الحكواتي" الحكومي… واللازمة ذاتها تتكرر مع كل تشكيلة جديدة: حقائب سيادية، حصص حزبية، توزيعات طائفية، والثلث الشهير المعطّل. لكن وإذا كانت عرقلة تشكيلات "الوحدة الوطنية" تجد ما يبررها ربطاً بالكباش المعهود بين الأكثريات والأقليات وتنازع "الأطباق الدسمة" على مائدة التحاصص الوزاري والطائفي، غير أنّ ما يكاد يكون عصياً على الاستيعاب هو تحوّل حكومة "الفريق الواحد" إلى تشكيلة "لا تشكيلي ببكيلك"، يتنازعها الحلفاء في قوى 8 آذار ويهبشون مغانمها، حتى إذا ما قاس أحدهم حصة حليفه فوجدها أوزن من حصته ثارت ثائرته وحرد وهدّد وتوعّد بهدّ الهيكل الحكومي فوق رأس الجميع على الطريقة "الولادية"، التي لا تقيم وزناً لا لمصلحة البلد ولا لمصلحة أبنائه… ولا حتى أقله لمصلحة "بيّ الكل" في منظومة الثامن من آذار "حزب الله"، الذي يكزّ على أسنانه غيظاً وغضباً من تلكؤ أبناء محوره عن مراعاة ظرفه الاستثنائي في هذه المرحلة الإقليمية الحرجة، وعدم تفهّمهم حاجته الاستراتيجية إلى تهدئة ساحته الداخلية وتبريد أرضيته الملتهبة في مواجهة عواصف الداخل والخارج.
لكن وبدل ذلك، تتأسف مصادر قيادية في قوى 8 آذار لاضطرار "حزب الله"، المنهمك في مواكبة تطورات المنطقة المتسارعة، إلى الوقوف محلياً بين حلفائه كـ"قاضي الولاد"، ساعةً يسترضي هذا وتارةً يطبطب لذاك، وبين هذا وذاك تكاد تعييه سبل الوقوف على خاطر كل مكونات الحكومة العتيدة، مشيرةً إلى أنّ مشكلة "الحزب" الأساس أنه يحاذر الضغط على حلفائه ويحرص على توفير أقصى ما يمكنه من مرونة وأوسع ما يستطيع تأمينه من هوامش، لتلبية رغبات جميع أبناء صفه السياسي، غير أنه إذا كان يبرع في مقارعة الكبار على مختلف الساحات الإقليمية والدولية، يجد نفسه في كثير من الأحيان مكبّل اليدين أمام حلفائه على الساحة الداخلية، تحت وطأة فائض الدلع الذي يمارسونه عليه، الأمر الذي يضطره في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار بإعادة تنظيم الصفوف وفق أولويات إستراتيجية، لكن أيضاً مع حرصه على عدم كسر حليف على حساب حليف آخر، كما حصل الأسبوع الفائت حين تدخّل لإعادة تعويم حظوظ حكومة حسان دياب وتفكيك صاعق تفجيرها، من خلال دفعه باتجاه عقد لقاء عين التينة (بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل)، والذي أفضى إلى تنفيس الاحتقان الذي كان سائداً، لكن وبينما كانت عجلة التأليف تسير بسلاسة باتجاه استصدار مراسيم قصر بعبدا، عادت الأمور لتصطدم بعقبات أقل ما يقال فيها إنها "صبيانية"، قد تضطر "حزب الله" مجدداً إلى التدخل في حال لم تجد طريقها إلى الحلحلة تلقائياً، لأنّ البلد ينهار فوق رؤوس الجميع ولم يعد بمقدور أي طرف مهما بلغ حجمه تحمّل تداعيات الاستمرار من دون حكومة.
إذاً، لا تزال تشكيلة دياب معلّقة على قاعدة "كل حصّة بغصّة"، وسط استمرار الخلاف بين مكوناتها بانتظار "كلمة سرّ" مرتقبة، من شأنها أن تضع حداً لمهزلة تناتش الحصص "التكنوقراطية"، وفي حين برز كلام عالي السقف من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس، بلغ مستوى تصنيف كل من يعرقل ولادة الحكومة في خانة "أعداء لبنان"، لافتاً إلى أنه "ما من بلد في العالم يتعمّد المسؤولون فيه خرابه كما يحصل في لبنان"، استرعت الانتباه في المقابل المواقف الاعتراضية المتتالية في صفوف قوى الثامن من آذار، احتجاجاً على ترسيم خريطة الحصص الوزارية في الحكومة العتيدة، بدءاً من رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي سيعقد مؤتمراً صحافياً اليوم لشرح موجبات اعتراضه، مروراً برئيس "الحزب الديمقراطي" النائب طلال أرسلان الذي يطالب بحقيبتين في التشكيلة الوزارية، وصولاً إلى النائب ميشال الضاهر الملوّح بحجب الثقة إعتراضاً على الحصة الكاثوليكية، وحتى عضو "اللقاء التشاوري" النائب جهاد الصمد أبدى عزمه على عدم منح الحكومة الثقة، بعدما ثبت أنه "كان واهماً بقدرة دياب على تشكيل حكومة من الكفاءات تتمتع باستقلالية القرار"، منتقداً في الوقت عينه باسيل من دون أن يسميه من خلال إشارته إلى "محاولة أحدهم استعادة الثلث المعطّل الذي عطّل عمل كل الحكومات".