سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: الاستحقاق الرئاسي على قاعدة “حركة بلا بركة”

 


الحوار نيوز – خاص

على الرغم من الحراك الناشط داخليا وخارجيا باتجاه الانتخابات الرئاسية ،لا يبدو في الأفق أي خطوات جدية نحو إنجاز هذا الاستحقاق على قاعدة “حركة من دون بركة”،وهو ما عكسته صحف اليوم في افتتاحياتها.

 

 

النهار عنونت: تصعيد سياسي مفتوح وتلويح فرنسي بعواقب

 وكتبت “النهار” تقول: مع ان مسار الاستحقاق الرئاسي لم يكن معبداً أصلاً لا بالتسهيلات ولا بالامال والرهانات الواقعية على احتمالات بلوغه قريبا الانفراج المأمول بوضع حد للفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن المشهد الداخلي بدا في اليومين الأخيرين كأنه دخل متاهة تصعيدية إضافية زادت من وطأة الاحتقانات السياسية وحتى الطائفية المتصلة بمواقف القوى السياسية من تطورات الازمة الرئاسية. ولم يكن أدل على الاتجاه نحو مرحلة جديدة من التأزم، من المعطيات التي تتخوف من اشتداد التجاذب والتصلب في الأيام المقبلة، وتوقع مواقف تؤكد ان اشتداد المنازلة السياسية حول الاستحقاق الرئاسي لا يعني في أي شكل ان هذا المناخ سيمهد لشيء ما يفتح مسلك الحوار او التسوية الرئاسية. بل ان المعطيات نفسها تلفت الى ان التحرك الديبلوماسي الذي تكثفت معالمه منذ انعقاد لقاء #باريس الخماسي التشاوري حول لبنان، وتتواصل حلقاته في تحركات سفراء الدول الخمس المعنية في لبنان ولا سيما منهم السفيرتين الأميركية والفرنسية يأتي على وقع الوقائع الداخلية السياسية والمالية والاجتماعية التي تتابعها هذه الدول بدقة والتي باتت تشكل لديها ولدى الاسرة الدولية نذير انزلاق لبنان الى مستويات خطيرة للغاية من الانهيار بما يتهدده مصيريا بكل المعايير في ظل تقارير البعثات الديبلوماسية التي ترصد تصاعد الازمات السياسية والمالية والاجتماعية بكثير من القلق وترسل التحذيرات المتعاقبة الى دولها من اقتراب لبنان من خطر انفجار اجتماعي كبير. ولذا تتسع التحركات الديبلوماسية وتسابق الانسداد الداخلي سعيا الى فكفكفة العقد التي تعترض اجراء الانتخاب الرئاسي .

 

وفي هذا السياق نقل مراسل “النهار” في باريس سمير تويني عن مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية ان البيان الذي صدر صباح الخميس الماضي عن مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان يعبر عن تحرك ايجابي اخر باتجاه التوصل الى حل لملء الشغور الرئاسي كما ولتنفيذ الاصلاحات المرجوة من الاسرة الدولية للخروج من الازمات المتفاقمة التي يعيشها لبنان منذ التحركات الاعتراضية بداية من شهر تشرين الاول 2019.

 

وعلقت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية ان – كلير لوجاندر على هذا البيان كما على نتائج الاجتماع الخماسي الذي عقد في العاصمة الفرنسية في 6 شباط الماضي وشاركت فيه الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر. فقالت “كما سبقت الاشارة اليه كان اجتماعا لموظفين، وهو جزء من مجموع العمل الذي نقوم به مع شركائنا.” وذكرت بالموقف الفرنسي الذي عبرت عنه وزيرة اوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كاترين كولونا من ان “الحل في لبنان معلوم وبسيط، ومؤلف من ثلاث مراحل اولا انتخاب رئيس يجمع جميع الاطراف ثانيا تشكيل حكومة فاعلة تباشر العمل وثالثا تنفيذ الاصلاحات التي تتيح لصندوق النقد الدولي بالتدخل لدعم الوضع الاقتصادي اللبناني.”

ولفتت الناطقة الى ” الحاجة الملحة اليوم هي لمنع المسؤولين اللبنانيين من تعطيل هذا الحل الذي هو واضح بالنسبة الى الجميع .” واضافت “ان فرنسا معبأة مع شركائها، بما في ذلك كعضو في مجموعة الدعم الدولية للبنان، في باريس وبيروت لجعل القادة اللبنانيين يتحملون اخيرا مسؤولياتهم والخروج من المأزق.” وحذرت الذين يعيقون ويعطلون الحل فقالت ” من الواضح ان جميع اولئك الذين يعيقون او يجعلون انفسهم متواطئين في انهيار الاقتصاد اللبناني يتعرضون لعواقب.”وعند سؤالها عن تفاصيل هذه العواقب رددت “عواقب” دون دخولها في تفصيل هذه العواقب .

 

في ظل هذه الاجواء، غردت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على “تويتر”، فقالت “في ظل تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان، بات توسيع شبكات الأمان الاجتماعية والتخفيف من حدة الفقر ومعالجة الأمن الغذائي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى لحماية شرائح المجتمع الأكثر ضعفًا. أجندة إصلاحية تركز على الناس هي ما يحتاجه اللبنانيون ويستحقونه”.

 

التحركات الداخلية

وفي التحركات الداخلية ترصد الأوساط السياسية ما سيطلقه رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع من مواقف حيال الازمة الرئاسية في كلمة له اليوم خصوصا لجهة الرد المحتمل على المواقف التي اتخذها رئيس مجلس النواب نبيه بري أخيرا . كما ان الرصد السياسي لهذه الجهة أيضا سيتركز على كلمة أخرى سيلقيها الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاثنين المقبل علما ان نجمل التقديرات تشير الى ان المناخ المشدود اخذ بالتصاعد في المرحلة الطالعة .

وبدا لافتا قيام السفيرة الاميركية دوروثي شيا بزيارة امس للمرشح الرئاسي النائب ميشال معوض غداة انفجار الخلاف والسجال الحاد بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري علما ان السفيرة شيا تجول منذ ايام على القيادات اللبنانية. وعلى الاثر اعلن معوض: “يدنا ممدودة،لكن لا تسوية في مطلب الرئيس الاصلاحي السيادي. ولن نقبل من الرئيس نبيه بري او من مطلوبين الى العدالة، التطاول على الكرامات، ولسنا تلاميذ في الصف”. وعن تعطيل النصاب، اكد معوض “لن نقبل برئيس يشكل امتدادا لـ8 آذار”.

 

على المسار الرئاسي ايضا اكد النائب اشرف ريفي عقب زيارته رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب “لسنا جمعية خيرية لنؤمن النصاب للفريق الآخر، لا بل سنعطّله لأننا لن نسمح بأن يسجّل التاريخ اننا كنّا سُذّجا او ألا يغفر لنا ابناؤنا. فحبّذا لو نتذكر ان هذا الفريق عطّل النصاب في الجلسات الـ11 السابقة وغادر الجلسة بعد الدورة الأولى”. واعلن “اننا سنعتمد اي طريقة ديمقراطية لمنع وصول اي مرشح محسوب على هذا المحور بعد ان جرّبناه خلال السنوات الست الماضية وأوصلنا الى جهنم. البلد لم يعد يحتمل الغرق أكثر فأكثر، على اثر انهيار مؤسساته وقطاعاته كافة وعملته الوطنية الى جانب عجز اللبنانيين عن تأمين أقل متطلبات الحياة”. وإذ نفى “امكان تأمين الفريق الآخر الـ65 صوتا كما انه لن يتمكن من ذلك، على خلاف ما يشاع، رأى انه “لو استطاع ذلك لكان دعا الى جلسة انتخابية” جدد التأكيد “اننا ثابتون على مواقفنا التي تصب في مصلحة البلد وتساهم في اخراجه من هذا الآتون من خلال رئيس انقاذي، غير فاسد وغير منبطح امام النظام الايراني”.

 

المشهد المصرفي والاقتصادي

اما في المشهد المصرفي والاقتصادي، فاعلنت مساء امس جمعية #المصارف تمديد تعليق الاضراب الذي كانت نفذته المصارف “بهدف معالجة الخلل في عمل المرفق العام القضائي” وأوضحت انها “تلقفت بإيجابية حذرة القرارين الصادرين عن النيابة العامة التمييزية بتاريخ 28 شباط 2023 آملةً استكمالهما بالتدابير العمليّة لمعالجة هذا الخلل نهائيّاً” وقررت تمديد تعليق إضرابها حتى تاريخ 10 آذار 2023 ،

 

مكررة مطالبتها الدولة اللبنانية “بإقرار قانون معجل مكرر يلغي بشكل كامل وبمفعول رجعي صريح السرية المصرفية عن جميع الحسابات المصرفية، فتضع بذلك حدّا للاتهامات المختلقة بحقها”. وشددت على “ان المصارف تحت القانون وتحت المساءلة وفقاً لأحكام القانون اللبناني بكافة نصوصه، وتكرر احترامها للقضاء المحايد والعادل”.وقالت ان تمديد تعليق إضرابها حتى تاريخ 10 آذار هو “لتسهيل عمل المؤسسات والأفراد وإعادة تقييم ما قد يستجدّ من تطورات بشأن تنفيذ مطالبها، على ان يفوض مجلس الادارة بتمديد فترة التعليق في ضوئها”.

 

بدورها عقدت الهيئات الإقتصادية إجتماعا طارئا برئاسة رئيسها الوزير السابق محمد شقير ناقشت خلاله “التطورات الدراماتيكية الحاصلة في البلاد لا سيما التدهور المخيف والخطر في ما يتعلق بالشق النقدي والإقتصادي والمالي والإجتماعي”. واعتبرت بعد نقاش مطول تم خلاله التباحث بالعمق بمختلف الأمور المطروحة، وخصوصا موضوع الرفع المفاجئ للدولار الجمركي من دون التشاور مع الهيئات الإقتصادية، وإنعكاساته على شتى المستويات أن “هذا القرار هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على القطاع الإقتصادي الشرعي الذي ينازع من أجل البقاء، وإطلاق العنان للإقتصاد “الأسود” وللتهريب والتزوير”. وطالبت “بالحاح بتعليق العمل بهذا القرار وإعطاء فرصة لدراسته من جديد بشكل معمق وعلمي كي لا تأتي مفاعيله “مدمرة” على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، خصوصا أنه حتى الآن لم يجف حبر القرار الأول برفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة”.

 

 


الأخبار عنونت: فيتو مسيحي على فرنجية مقابل فيتو شيعي على عون: انطلاق المبارزة الرئاسية داخلياً وخارجياً
عدّة شغل جديدة للإستحقاق: فرنجيه فقط إلى أن

 وكتبت “الأخبار” تقول: انطباعات اولى خلّفها الكلام الاخير للرئيس نبيه برّي ورود الفعل المحدودة عليه، ان الضراوة قد تقود المرحلة المقبلة من الاستحقاق الرئاسي. لا اوراق مخفية ولا مرشحون يعلون ويهبطون، بل لعبة مفتوحة ستخاض بحسب قاضٍ كبير من الآن فصاعداً بالسلاح الابيض

قد يكون من باب المفارقة اللافتة ان ينطفىء فجأة تشنج تلى المواقف الاخيرة لرئيس مجلس النواب نبيه برّي. اقتصر السجال على رد ثم رد على الرد وانتهى الامر عند هذا الحد. بعدذاك بدأ يوم جديد يُفترض ان يذهب بانتخابات رئاسة الجمهورية في مسار مختلف يخرجها من جمودها في احسن الاحوال. المحسوب ان تبدأ من الآن فصاعداً مقاربة الاستحقاق على نحو يتجاوز احتساب الاصوات والاوراق الملغاة والترشيحات غير الجدية ـ ما لم يقل اصحابها انهم جديون ـ وتلك الوهمية والنعوت. المحسوب كذلك ان اي موعد لجلسة انتخاب جديدة سيكون مستحيلا التئامها ان لم تكن مخصصة لانتخاب الرئيس المتفق عليه.

 

ما اعلنه برّي بدا اقرب ما يكون الى وضع زيحٍ عريض بين المرحلة المنصرمة بالجلسات الاحدى عشرة لانتخاب الرئيس وبين ما يقتضي ان تباشره مرحلة جديدة قد لا يكون قاطعاً ومؤكداً انها ستنتهي الى انهاء الشغور. قطع رئيس المجلس، بما يمثله في آن كرئيس للسلطة الاشتراعية وكالنصف الثاني في الثنائي الشيعي، بأن لا جلسة جديدة لانتخاب الرئيس تشبه سابقاتها. على الاقل من وجهة نظره ـ هو المرجع الدستوري المقصور عليه تحديد الموعد ـ وما يرمز اليه موقعه ودوره وحاجة الافرقاء جميعاً الى التفاوض معه.

 

حدد برّي عدّة الشغل الجديدة لانتخاب الرئيس:

1 ـ جزم نهائياً، وربما اخيراً، في ما كان لا يزال الثنائي الشيعي يكتمه، تاركاً الخيار للنائب السابق سليمان فرنجيه ان يفعله، وهو ان يحدد الزمان والمكان الذي يعتقد انه اصبح من الضروري اعلان ترشحه رسمياً لرئاسة الجمهورية. خلافاً لما سبق انتخاب الرئيس ميشال عون ورافقه، يظهر الموقف الشيعي اليوم متماسكاً تماماً مع فرنجيه. ما حدث عام 2016 سجّل سابقة افتراق الثنائي في استحقاق دستوري في حجم انتخابات رئاسة الجمهورية، بأن حجب برّي اصوات كتلته عن المرشح الوحيد الذي خاض حزب الله معركته طوال سنتين ونصف سنة الى ان انتخب. من ذلك تفسير ما قاله رئيس المجلس قبل ايام عندما كشف ان فرنجيه مرشح الثنائي، انه اختصر المهل الطويلة الآجال للزعيم الزغرتاوي كي يتقدم بترشحه. العلامة المباشرة بعد الآن ان لا ورقة بيضاء يضعها الثنائي في صندوقة الاقتراع على غرار الجلسات الاحدى عشرة، وذروتها الاولى في 29 ايلول بـ63 ورقة بيضاء. ذلك ما فسّر ايضاً سر تكتم فرنجيه الذي لا يترشح سوى للجلسة التي يُنتخب فيها.

 

2 ـ قطع برّي بأمرٍ واقع آخر. بعدما قال ان الاستحقاق يدور من فوق الطاولة ومن تحت من حول فرنجيه وقائد الجيش العماد جوزف عون كما لو ان لا ثالث لهما في حسبان الثنائي الذي يتصرف على ان الخيار امامه هو احدهما، اخرج عون للتو من النزال عندما افصح عن تعذر انتخابه من دون تعديل دستوري. عندما يصعب على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الاجتماع بلا موافقة مسبقة من حزب الله واطلاعه سلفاً على جدول اعمال الجلسة كي يوافق على التئامها، ويصعب عليها استعادة ثلثها المسيحي المقاطع لها والطاعن في دستورية جلساتها، يمسي من المحال اكثر وصولها الى لحظة تقرر فيها التقدم بمشروع قانون دستوري لتعديل المادة 49 من الدستور، بمبادرة منها على الاقل، في ظل انقسامها وفي غياب رئيس الجمهورية المعني باحالة مشروع القانون الدستوري بمرسوم الى البرلمان عملاً بالمادة 76، فكيف عندما يناهض الثنائي الشيعي في الاصل انتخاب قائد الجيش.

 

جزم رئيس المجلس سلفاً بما لن يُقدم عليه ثانية وهو تكرار سابقة 2008 بانتخاب الرئيس ميشال سليمان بلا تعديل دستوري. طوى موقفه هذا، الى حجته في استحالة التعديل الدستوري، تأكيداً سياسياً اكثر ثباتاً ووضوحاً هو ان قائد الجيش لن يكون في اي وقت مرشح الثنائي الذي يضع سلفاً على طاولة التفاوض مع الغرب اوراقه المعوِّل عليها فيه: ان يقول من الآن مَن لا يريده ومَن يتمسّك به.

 

3 ـ مع ان الابواب تبدو موصدة في ما قاله برّي بحصر الخيار بفرنجيه، بيد انها ليست كذلك تماماً. ترك لها شقاً يمر فيه الهواء بتحدثه عن الدافع الذي يحمله على تحديد موعد الجلسة الثانية عشرة، وهو إما التوافق على مرشح واحد او الذهاب الى تنافس مرشحيْن او اكثر. بذلك، الى ان يصير الى التوافق على اسم ثان او ثالث، ليس في حسبان الثنائي الشيعي سوى فرنجيه على انه مرشحه التوافقي الذي يرى رئيس المجلس انه «الشخصية المارونية الوحيدة غير المسكونة بهواجس الماضي القادرة على التواصل مع الافرقاء جميعاً في الداخل ومع الطوائف جميعاً والقادر على التواصل مع الخارج».

 

4 ـ بات الاستحقاق الرئاسي يواجه الآن صنفين من الفيتوات يتعذر كسر اي منهما: في مقابل الفيتو الشيعي على قائد الجيش، ثمة فيتو مسيحي على فرنجيه. كلاهما يراهن على الغائه الآخر، فيما بعض ثالث يراهن على يتبادل المرشحان المستعصيا الوصول الالغاء فيسقطان في آن.

 

 


الجمهورية عنونت: جهود لتحريك الرئاسة.. بري لترشيحات تتيح التنافس.. المعارضة: تعطيل النصاب

 وكتبت “الجمهورية” تقول: الوقائع التي توالت منذ منتصف الاسبوع الجاري، توحي وكأنّ ثمة جهوداً متجددة تُبذل في الخفاء لتحريك المياه الرئاسية الراكدة في مستنقع التعطيل، ونقل ملف انتخاب رئيس الجمهورية من مربّع الجمود والتعطيل، إلى مربّع التحريك والتسهيل. لا شيء يؤكّد أو ينفي هذا الأمر حتّى الآن، ولن يطول الوقت، وليتأكّد ما إذا كان التعطيل هو العنوان الثابت في المشهد الداخلي، أو انّ الملف الرئاسي قد رُكّز فعلاً، على قواعد اشتباك، وتعجّل في وضعه على سكة الانتخاب.

 

مقاربة جديدة

وعلى الرغم من أنّ الاحتمالين قائمان، الّا انّ التعطيل يبقى الأقوى على الاقل حتى جلاء الصورة، وتبيان خلفيات وأهداف ونتائج الحراك الديبلوماسي في الإتجاهات السياسية المختلفة، الذي بدأته أولاً، السفيرة الفرنسيّة آن غريو، وكمّلته السفيرة الأميركية دوروثي شيّا، فإنّ مصادر مطّلعة على أجواء الحراكين وتفاصيل المداولات التي جرت في غرف اللقاءات المغلقة، أكّدت لـ«الجمهورية» انّها تقرأ «ايجابية جدّية في الحراكين الفرنسي والاميركي؛ اولاً لإحاطتهما بصمت ولا تصريحات علنية، وثانياً، لأنّهما ليسا خطوتين منفردتين من قبل غريو وشيا، بل جاءا إنفاذاً لقرار الإدارتين الفرنسية والاميركية، وبالتالي، الحراكان غير منفصلين بل هما منسّقان ومكمّلان لبعضهما البعض. وثالثاً، لأنّهما يسيران كما هو واضح وفق ما تبدو انّها مقاربة جديدة للملف الرئاسي، قد يكون المُراد منها إيداع «رسالة ما» في صندوق البريد الرئاسي، للدفع بزخم أكبر في الاتجاه الذي يقرّب انتخاب رئيس الجمهورية وإعادة انتظام الواقع السياسي والمؤسساتي في لبنان».

 

ماذا يريد بري؟

وإذا كانت المصادر عينها قد افترضت أنّ لحراك السفيرتين تتمته، فإنّ الأوساط السياسية على اختلافها، منهمكة في محاولة فك شيفرة مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى مغادرة التحفظ، إلى التسمية العلنية لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، في هذا التوقيت بالذات، كمرشّح لرئاسة الجمهورية، مؤيّد من قٍبل ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» وحلفائهما من المكونات النيابية والسياسية.

 

وتؤكّد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، أنّ «مبادرة بري لم تأتِ من فراغ، كما لا تأتي في سياق ما اعتبرها البعض لعبة إخراج الأرانب من الأكمام، هكذا لمجرّد الإثارة السياسية في الوقت الضائع. فرئيس المجلس يقارب هذه المسألة بما تقتضيه من جدّية بالغة ومسؤولة، وإعلانه التأييد العلني لترشيح الوزير فرنجية، لا يعني فقط تأكيد المؤكّد ونعي زمن الاوراق البيضاء، بل وضع النقاط على الحروف الرئاسية، حيث انّ ما قاله علناً وصراحة بدعم رئيس تيار «المردة»، محصّن بما لم يقله بعد، فيما أنّ الوقت أصبح قاتلاً، وبات يفرض على جميع الاطراف تحمّل مسؤولياتهم لإخراج البلد من متاهة الفراغ التي تعمّق الأزمة وتزيد الشّروخ أكثر في الجسم اللبناني».

 

بري: إحسموا أمركم!

وأبلغ الرئيس بري إلى «الجمهورية» قوله: «البلد منكوب، ووضعه ينحدر من سيئ إلى أسوأ، وخطيئة التعطيل فاقمت الانهيار الذي باتت آثاره المدمّرة تهدّد حاضر البلد ومستقبله، وبالتالي لا يمكن ان يستمر الحال على ما هو عليه».

 

واكّد بري «انّ إتمام الملف الرئاسي بات واجباً وطنياً وانسانياً وأخلاقياً، ومن هنا كانت المبادرة إلى اعلان تأييد ترشيح الوزير فرنجية، وهي خطوة لعلّها تحفّز سائر الاطراف على تقديم مرشح او مرشحين»: وقال: «صار من الضروري ان تحصل ترشيحات، وهو أمر بديهي، حتى يحصل تنافس، ونحن جاهزون للنزول إلى المجلس النيابي، حيث أنّه في اللحظة التي تتوفر فيها فرصة التنافس، سأبادر فوراً إلى الدعوة الى جلسة انتخابية، ولتجر الانتخابات ولينجح من ينجح».

 

ولفت بري إلى «انني عقدت إحدى عشرة جلسة، وكما شهدنا جميعها، لم تكن سوى جلسات مسرحية، لا بل مهزلة، ولذلك لست مستعداً لأن أدعو إلى أي جلسة تتكرّر فيها المسرحية والمهزلة، كانت جميعها، وأقول انّه لن تُعقد أي جلسة الاّ بوجود تنافس.». وقال: «كانت حجتهم أنّ فريقنا لا يريد الإنتخاب، وهذا غير صحيح، كنا وما زلنا نؤكّد على انتخاب رئيس، وتوفير كل الظروف التي تمكننا من التوافق على مرشح او اثنين او أكثر وننزل الى المجلس وننتخب. في أي حال، انا قلت إنّ مرشحنا هو الوزير سليمان فرنجية، فليتفضلوا ويتفقوا على مرشح او أكثر، ولننزل إلى المجلس ونحتكم للعبة الديموقراطية في جو التنافس الصحي، وننتخب رئيس الجمهورية».

ورداً على سؤال عن إمكانية تأمين نصاب انعقاد جلسة الإنتخاب، وخصوصاً انّ بعض الأطراف اعلنت انّها ستطيّر النصاب، قال بري: «من لا يكمل النصاب، عليه في هذه الحالة أن يتحمّل المسؤولية».

 

من جهة ثانية، رفض بري اعتبار انّ المجلس النيابي معطّل، ودوره التشريعي مشلول، وقال: «لا احد يستطيع ان يعطّل المجلس، او ينتزع منه دوره التشريعي. فالمجلس ليس معطلاً، وما حصل في الفترة الأخيرة حول الجلسة التشريعية وامتناع بعض الاطراف عن حضورها، لا يستهدف المجلس وتعطيله، بل هو ردّ فعل على انعقاد مجلس الوزراء، أي انّ الهجوم هو على مجلس الوزراء وليس على مجلس النواب».

 

مراوحة في الفشل

على انّ الصورة في الجانب المقابل، لا تشي بإمكان توافق ما تسمّي نفسها قوى سيادية وتغييرية، على مرشح معيّن. حيث انّ الأجواء السائدة في هذا الجانب، تؤكّد أنّ مواقف هذه القوى ما زالت مشتتة، وتراوح في فشلها في الالتفاف حول مرشّح محدّد. وبحسب هذه الاجواء، فإنّ مساحة التشتت صارت اوسع مع سقوط ورقة ترشيح ميشال معوّض، ومع عدم القدرة على الإجماع على أي من الاسماء التي تمّ تداولها في اوساط المعارضة على مدى جلسات الانتخاب الفاشلة. حتى قائد الجيش العماد جوزف عون، وعلى الرغم من الغزل السياسي الذي يبديه بعض السياديين تجاه المؤسسة العسكرية وقائد الجيش ومواصفاته، فإنّه لا يحظى بإجماع اطراف المعارضة عليه.

 

واللافت في موازاة فشل القوى السيادية المعارضة في الاجتماع حول مرشح، هو تدرّج موقفها من التأكيد على عقد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، إلى التحضير لما كانت تشكو منه، أي للعبة تعطيل نصاب جلسة الانتخاب. ويندرج في هذا السياق، ما اعلنه النائب اشرف ريفي بعد لقائه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، بـ»أننا لسنا جمعية خيرية لنؤمّن النصاب للفريق الآخر لانتخاب رئيس من محور الممانعة، بل سنعطّله».

وقالت مصادر معارضة لـ»الجمهورية»، انّ الضرورة تحتّم اجتماع القوى السياديّة على مرشّح، ومن هنا نكرّر النداء إلى كل مكونات المعارضة بالتوحّد حول سيادي، وخصوصاً انّ الفرصة كبيرة جداً في أن يكمّل توحّد المعارضة الانتصار الذي تحقق في الإنتخابات النيابية، ويفرض إيصال شخصية سياديّة وتغييرية إلى سدّة رئاسة الجمهورية.

 

ورداً على سؤال اعتبرت «انّ مبادرة الفريق الآخر إلى اعلان تأييد فرنجية لا تنطوي على اي جدّية، ولا تعكس الرغبة في تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية، وخصوصاً انّ هذا الامر ليس جديداً، حيث انّ مرشّحهم معروف منذ الجلسة الاولى لانتخاب الرئيس، ومع ذلك طيّروا نصاب الجلسة».

ولفتت المصادر إلى انّ «التوافق الذي يدعون اليه، هو توافق يفضي إلى انتخاب مرشحهم، فهذا الامر مرفوض، وموقفنا واضح لهذه الناحية، بأنّه لا يمكن القبول بانتخاب رئيس خاضع لفريق الممانعة، ويُدار وفق مشيئة ومصالح «حزب الله». وقالت: «عدم انتخاب رئيس يبقى افضل بكثير من انتخاب رئيس من محور الممانعة، وسنستخدم كلّ الوسائل الديموقراطية لمنع حصول ذلك، بما في ذلك عدم توفير نصاب انعقاد جلسة الانتخاب».

 

التيار على لاءاته

من جهة ثانية، اكّدت مصادر في «تكتل لبنان القوي» لـ«الجمهورية»، انّ اولويّة «التيار الوطني الحر» هي إجراء اوسع حوار للتوافق على رئيس للجمهورية من خارج الأسماء المتداولة التي تُطرح من باب التحّدي. يحمل برنامج اصلاحات، ويتمتع بالحيثية الشعبية والسياسية الوازنة.

 

وإذ لفتت المصادر إلى لاءات «التيار الوطني الحر»، «لا لرئيس يواصل مسار الفساد، ولا لرئيس يشكّل تحدّياً للمسيحيين، ولا لرئيس يشكّل استمراراً لنهج إسقاط البلد، ولا لرئيس تفرضه إرادات خارجية»، اعتبرت انّ ما يُطرح من ترشيحات، الغاية منه إعادة عقارب الزمن إلى الوراء ومراحل تحكّم منظومة الفساد، وهذا ما سنواجهه».

وتبعاً لذلك، لم تستبعد المصادر احتمال ان يبادر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى ترشيح نفسه. واعتبرت في الوقت ذاته، «انّ أفق ايّ تسوية لفرض رئيس للجمهورية مسدود، وأي محاولة في هذا الاتجاه سواء أكانت من الخارج، او من خلال تكتلات داخلية، سنكون في موقع المواجه لها بكمل ما اوتينا من قوة وصلابة».

 

«التقدمي» يُربك المعارضة

واللافت في هذا السياق، انّ الموقف الأخير لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي»، الذي انحاز بشكل واضح إلى الرئيس بري، امام الهجوم الذي استهدفه في الساعات الأخيرة، وتبنّى دعوته إلى الحوار سعياً للتوافق على رئيس للجمهورية، ودعا إلى وقف ما سمّاها البيانات والمواقف الهمايونية، في اشارة مباشرة إلى البيان الهجومي على بري الصادر عن النائب ميشال معوض، أربك الجبهات المعارضة، وأثار تساؤلات في اوساطها حول ما دفع بالتقدمي إلى هذا الدخول المفاجئ على الخط والانتصار لموقف بري.

 

لا للغة السوقية

واكّدت مصادر «اشتراكية» لـ«الجمهورية»، انّ «موقفنا يعكس بالدرجة الاولى انسجامنا مع انفسنا، وقناعتنا بأنّ الحوار والتوافق يشكّلان السبيل الوحيد لانتخاب رئيس للجمهورية. واما من جهة ثانية، من غير المقبول ان ينحدر الخطاب السياسي إلى المستوى من الصبيانية والكلام السوقي الذي سمعناه، ومن المعيب ان يُوجّه مثل هذا الكلام إلى شخصية كالرئيس نبيه بري. وانطلاقاً من حرصنا على ما يحرص عليه الرئيس بري وسعيه لإنقاذ البلد وفتح مجالات الحوار للتوافق، كان لا بدّ من أن نؤكّد على ما نحن مقتنعون به».

 

وإذ لفتت مصادر سياسية إلى عمق العلاقة التاريخية التي تجمع بين بري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وصفت البيان الاخير للحزب التقدمي بـ«البيان المفصلي» الذي يؤكّد في ثناياه انّه ليس عفوياً، بل انّه بيان مدروس يؤكّد بما لا يقبل أدنى شك انّ خلف الأكمة الاشتراكية ما خلفها، وخصوصاً في ما يتعلق بالملف الرئاسي».

 

حراك شيا

في هذه الاجواء، واصلت السفيرة الاميركية دوروثي شيا تحركها بين المستويات اللبنانية، حيث زارت امس النائب ميشال معوض، الذي قال انّ يدنا ممدودة، ولكن لا تسوية في مطلب الرئيس الاصلاحي السيادي. ولن نقبل برئيس يشكّل امتداداً لـ«8 آذار».

على انّ اللافت في التحرّك الخارجي، هو ما بدت انّها مواظبة يومية للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، على التغريد لدقّ ناقوس الخطر تجاه الوضع اللبناني، وجديدها قولها في تغريدة امس: «في ظلّ تفاقم التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان، بات توسيع شبكات الأمان الاجتماعية والتخفيف من حدّة الفقر ومعالجة الأمن الغذائي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى لحماية شرائح المجتمع الأكثر ضعفًا. أجندة إصلاحية تركّز على الناس هي ما يحتاجه اللبنانيون ويستحقونه».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى