قالت الصحف: أسبوع حاسم قبل الجلسة الانتخابية
الحوار نيوز – صحافة
أسبوع واحد يفصل لبنان عن الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية ،حيث ينتظر أن تتصاعد التحركات والاتصالات لأخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة على الرغم من الآمال الضعيفة بانتخاب الرئيس في ظل الأجواء السائدة.
النهار عنونت: عون عند الأسد… سيناريو إقحام النظام!
وكتبت صحيفة “النهار” :مع ان أي نتائج ملموسة او مؤثرة بقوة في مجريات العد العكسي لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 14 حزيران الجاري بدت مستبعدة لزيارة الرئيس السابق ميشال عون للرئيس السوري بشار الأسد للمرة الأولى منذ “تقاعد” الأول وبعد نهاية عهده الذي لم يزر خلاله دمشق، فان عامل الاهتمام الوحيد الذي اثار التفات المراقبين الى هذه الزيارة تمثل في شبهة “استدراج” النظام السوري او سعيه بنفسه الى استعادة دور غابر في الازمة الرئاسية في لبنان. اذ بدا غريبا ان توقيت الزيارة جاء غداة الانفصال الكبير الحتمي بين “حزب الله ” و”التيار الوطني الحر” الذي رتبه خيار رئيس “التيار” النائب جبران باسيل بالتفاهم مع قوى المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، تحدثت معطيات عن ان عون ذهب الى الأسد لتوضيح وتبرير كل الظروف والدوافع التي املت على تياره ورئيسه اتخاذ هذا الخيار وعدم القبول بدعم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الأقرب وثوقا وعلاقة مع الأسد. ومع ذلك فان ثمة مصادر سياسية مطلعة لفتت عبر “النهار” الى ان الدلالة الغامضة في حصول الزيارة تتمثل في معرفة من طلبها فعلا أولا هل هو عون كما تردد إعلاميا ام هو النظام الذي أراد ضمنا تسجيل “حضور” في الازمة من خلال التدخل في الثغرة المسيحية التي يواجهها فرنجية من جهة وعبر علاقته مع عون و”حزب الله” من جهة أخرى . ولم يكن خافيا اتساع التساؤلات عما اذا كان ثمة سيناريو لاقحام النظام في الازمة الامر الذي يوجب انتظار ورصد بعض المؤشرات في الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية المقبلة في 14 حزيران . وكشفت المصادر ان باسيل كان يعتزم الزيارة لكن الجانب السوري ابلغه ان الأسد لا يمكنه استقباله فكان ان اتفق على ان يقوم عون بالزيارة. وأفادت المصادر ان عون طلب وساطة الأسد بين تياره و”حزب الله” ولكن الأسد طلب منه التواصل المباشر مع السيد حسن نصرالله.
وثمة من لفت الى جانب اخر من استقبال الأسد لعون اذ اعتبره رسالة قاسية من الأسد الى الرئيس بري الذي يتردد انه رفض استقباله رغم وساطة السيد حسن نصرالله في حين استقبل عون في عز الاشتباك بين الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر”.
اما في المعلومات الرسمية العلنية التي وزعها اعلام النظام السوري عن زيارة عون فلم تحضر الازمة الرئاسية الا من باب العموميات اذ نقل عن الأسد قوله أن “قوة لبنان في استقراره السياسي والاقتصادي، وأن اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق، والأهم بالتمسك بالمبادئ وليس الرهان على التغيرات”، وأشار إلى أن “استقرار لبنان هو لصالح سوريا والمنطقة عموما”. وقال: “إنه كان للعماد عون دور في صون العلاقة الأخوية بين سوريا ولبنان لما فيه خير البلدين”. وعبر عن ثقته ب”قدرة اللبنانيين على تجاوز كل المشاكل والتحديات، وتكريس دور مؤسساتهم الوطنية والدستورية”.واعتبر أنه “لا يمكن لسوريا ولبنان النظر لتحدياتهما بشكل منفصل عن بعضهما”، منوها بأن “التقارب العربي – العربي الذي حصل مؤخراً وظهر في قمة جدة العربية سيترك أثره الإيجابي على سوريا ولبنان”.
من جهته قال عون: “إن اللبنانيين متمسكون بوحدتهم الوطنية على الرغم من كل شيء”، واشار الى “أن سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة والخطيرة بفضل وعي شعبها وإيمانه ببلده وجيشه وقيادته”، مؤكدا أن “نهوض سوريا وازدهارها سينعكس خيراً على لبنان واللبنانيين”.
تمسك “التيار” بازعور
ولعل الامر اللافت انه بعد فترة قصيرة من توزيع خبر اللقاء، وزع بيان المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” الذي عقد اجتماعه الدوري الشهري برئاسة النائب جبران باسيل وفي حضور الرئيس عون وفيه “إن المجلس السياسي بموجب دوره وصلاحيّاته في النظام الداخلي، يعلن تأييده الكامل للقرار الذي اتخذه رئيسه النائب جبران باسيل والهيئة السياسية في التيار، بالموافقة على الدكتور جهاد أزعور كمرشح تم التقاطع عليه مع مجموعة من الكتل النيابية تمثل الغالبية الساحقة بين المسيحيين وتحظى كذلك بحيثية وطنية كبيرة، ويؤكّد وجوب ان يصوت نواب التيار له في الجلسة الانتخابية المدعو اليها في المجلس النيابي”. وشدد على “ان خيار التصويت للدكتور جهاد ازعور هو حتمي وبديهي لتأكيد رفض وصول المرشّح المفروض الذي لا يؤمل منه اصلاح او تغيير المنظومة المتحكّمة بالبلاد؛ وفي ظل قرار التيار منذ فترة بعدم اللجوء الى الورقة البيضاء كونها اصبحت تعبيراً عن عجز باتخاذ القرار المناسب، لا بل يتم تصويرها كعملٍ تعطيلي يؤدّي الى اطالة أمد الفراغ مع كل مساوئه”. وفي انتقاد متجدد للثنائي الشيعي من دون ان يسميه اعتبر “ان اخطر ما يشهده لبنان هو ممارسة متجدّدة كان قد تم الاقلاع عن ممارستها باقصاء شريحة من اللبنانيين وكسر الشراكة وضرب الميثاق. فالتعنت في فرض مرشح معيّن ورفض أي حوار حول أي مرشح آخر، يناقض قواعد الشراكة الوطنية، وللأسف يترافق هذا الموقف مع وجود حكومة تصريف أعمال منقوصة الميثاقية والشرعية، تتجاوز حدّها في إنقلاب واضح على الدستور وتصدر بشكل غير دستوري ولا شرعي، قرارات عادية واستثنائية ومراسيم متلاعب بها. ولذلك فإن عرقلة حصول انتخاب رئيس الجمهورية كمدخل لإعادة تكوين السلطة التنفيذية ووقف الفراغ، تشكّل محاولة لكسر إرادة مكوّن لبناني والضغط عليه للقبول بهذا المرشّح كمرشح وحيد للرئاسة، وإلّا التهديد بأن الحكومة المنقوصة الشرعية، ستستمر متفرّدة بحكم البلاد مرتكبة جميع المخالفات؛ وهذه معادلة لا يمكن التسليم بها وهي نهاية للكيان ولسبب وجود لبنان”.
الاستعدادات للجلسة
وسط هذه الأجواء تصاعدت حمى الاستعدادات للجلسة الانتخابية الثانية عشرة في غمرة استنفار سياسي ونيابي لا يمكن الجزم مسبقا ما اذا كان سيؤدي الى توضيح مواقف جميع الكتل والنواب الذين لا يزالون قيد درس الخيار الأخير الذي سيتخذونه قبل موعد الجلسة. وافيد ان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية سيلقي كلمة ربما تتسم بأهمية في 11 حزيران خلال احياء ذكرى مجزرة اهدن في قصر الرئيس سليمان فرنجية في اهدن .
وفي اطار مقاربة المواقف الخارجية من تطورات الازمة الرئاسية علمت “النهار” ان ثمة احتمالا لاستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا على هامش مؤتمر التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش الذي يعقد اليوم في الرياض وفي حال انعقاد هذا اللقاء يرجح ان يطرح خلاله الملف اللبناني .
وفي هذا السياق نقل امس عن مصدر مقرب من السفارة السعودية في بيروت ان السعودية لم ولن تتدخل في اسماء المرشحين للرئاسة او تزكية احد على الاخر لأن هذا شأن لبناني داخلي، وحرص المملكة العربية السعودية هو ان يتم انتخاب رئيس لانتظام العمل السياسي والمؤسسات في البلد.
اما على جبهة داعمي ترشيح فرنجية فقد علم مساء امس انه جرى التوافق بين “الثنائي الشيعي” وحلفائه على التصويت لفرنجية والتخلي عن خيار الأوراق البيضاء الذي كان سيترك انطباعا ثابتا عن خشية محور دعم فرنجية من تسجيل محور داعمي جهاد ازعور رقما اكبر في التصويت لمصلحة ازعور بحيث يكرسه المرشح الأقوى والاقرب الى ان يغدو رئيس الجمهورية العتيد . وبذلك مضى عضو “كتلة الوفاء للمقاومة “حسن فضل الله في التهويل بمنع وصول ازعور وقال :”لدينا مروحة من الخيارات الدستورية، ونحن نناقش هذه الخيارات مع حلفائنا وأصدقائنا لإتخاذ الموقف المناسب في الجلسة المقبلة، وهذه الخيارات من داخل النصوص الدستورية وهي متنوعة، وأي خيار سنلجأ إليه في الجلسة المقبلة أو غيرها من الجلسات، متوفر له العدد النيابي الكافي، وهو الخيار الذي بالتأكيد ومن داخل الدستور لن يوفر لإولئك الذين يريدون فرض رئيس مواجهة وتحد أن يحصلوا على ما يريدون”. وأضاف “نحن الآن في مرحلة نقاش، ولدينا الوقت حتى موعد الجلسة، وسنأخذ الموقف المشترك ونذهب في الموعد المحدد لتطبيقه، وهذا الموقف المشترك يستند إلى نصوص الدستور التي تعطينا مجموعة من الصلاحيات، وهو قادر على عدم القبول وعدم تسلل أو تمرير أي رئيس يحمل عنوان مواجهة وتحد مهما كان اسمه”.
الأخبار عنونت: وقائع الاتصالات في لبنان وباريس وروما وصدمة تحديد موعد الجلسة: أزعور مرشح إقصاء لا مرشح توافق
وكتبت صحيفة “الأخبار”: قد يكون جبران باسيل نجح في خطة إيجاد مرشح لتقديمه عنواناً لمعركة إسقاط سليمان فرنجية. لباسيل رأيه في فرنجية وترشيحه وكل ما يخصّه. وهو رأي أراد أن يقنع به حزب الله على وجه التحديد، لكن تعذّر هذه المهمة، دفعه إلى حسابات تنطلق من قاعدة جديدة، أساسها إعادة التموضع في الاصطفافات الداخلية. لا توجد إشارات حاسمة تدلّ على أن باسيل انتقل إلى موقع سياسي «استراتيجي» آخر. وفي المقابل، ليست هناك إشارات حاسمة بأنّ الطرف الآخر ينتظره عند الضفة الثانية من النهر، بما في ذلك المحاولات المستمرة لقطر التي تتولّى منذ عام 2011 «المهام القذرة» للفريق الذي ترعاه الولايات المتحدة.
انتهت مناورة باسيل إلى وضع جهاد أزعور في مواجهة سليمان فرنجية. ثمّة نقاش لا يفيد الآن في كيفية حصول الأمر. بمعنى، هل كان أزعور نفسه يريد الوصول إلى هذه النقطة، أم كان عليه إرساء ضوابط تمنع استخدامه في معركة تبدو أكبر منه؟ هذه نقطة للبحث الدائم مع أزعور نفسه ومع داعميه، وحتى مع خصومه الذين سبق أن حاوروه على مدى شهور عدة. النتيجة التي وصلنا إليها اليوم أن المُحرَجين الذين قبلوا بأزعور مرغمين – على ما قال سمير جعجع نفسه – تصرّفوا بعد إعلان الترشيح على أن الأمور باتت مختلفة، وعادوا إلى لغة المواجهة المفتوحة مع حزب الله، معتقدين أن رفع السقف من شأنه تعزيز مواقعهم الشعبية الداخلية ويغطي على «فضيحة» رضوخهم لطلبات خصمهم الأول، باسيل، ويفترضون في الوقت نفسه أن الخارج يصبح معنياً أكثر عندما يُرفع الصوت في وجه حزب الله، ويراهنون على تبدّلات جوهرية في الموقفين الأميركي والسعودي.
إذا عدنا قليلاً إلى الوراء، كانت فكرة الراعي – باسيل، تقوم على إنجاز توافق مع الآخرين على اسمين على الأقل. لكن تبادل الفيتوات ترك اسم أزعور وحده. اعتقد الراعي وباسيل بأنه يمكن العمل، بناءً على هذه النتيجة، على إطلاق حوار مع الثنائي أمل وحزب الله داخلياً، ومع فرنسا والسعودية خارجياً. وبناءً عليه، سافر الراعي إلى روما وباريس، وفي لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يسحب من جيبه لائحة المرشحين الخمسة أو الستة، بل قال إن هناك مرشحاً واحداً هو جهاد أزعور، وإن كتلاً نيابية كبيرة ولا سيما في الوسط المسيحي توافق عليه، وإن على فرنسا إدارة النقاش بطريقة مختلفة. واتّكل الراعي على كلام وصل إلى الفرنسيين من مسؤولين في الفاتيكان، بأن هناك شعوراً لدى الحلفاء التاريخيين لفرنسا في لبنان بأن باريس تخذلهم وتتركهم من جديد، وأنها بعدما فضّلت عليهم الشريك السني رفيق الحريري، تفضّل اليوم الشريك الشيعي حزب الله، مع نصيحة بأن «تقوم فرنسا بخطوات لئلا تخسر من هم أكثر ثباتاً في العلاقة معها».
وأكّد الراعي لماكرون ما اتفق عليه مع المسؤولين في الفاتيكان، لجهة أن إنجاز المهمة يتطلب وقف أي سجال يقود إلى خلافات طائفية حادّة، وعدم السير بخطوات تنفيذية ترفع منسوب التوتر، وإعداد جولة جديدة من الاتصالات الداخلية والخارجية. وفي هذه النقطة، كان باسيل وحده – من الفريق الداعم لأزعور – من لاقى الراعي في خطابه في جبيل السبت الماضي. لكنّ الأمر لم يكن على هذا النحو لدى جعجع ولا لدى «الثوار» من المنقلبين على سعد الحريري! وفي هذه الأثناء، كان الجدل حول الدعوة إلى جلسة جديدة لمجلس النواب يأخذ طابع التحدي مع بري. وجرى تسريب أخبار ومعلومات وبيانات عن تهديدات خارجية بعقوبات وخلافه من الهلوسات التي تنفّر أصحاب القرار في واشنطن قبل غيرهم.
اعتقد الراعي وباسيل – ولمرة جديدة ينظران بطريقة خاطئة إلى طريقة تفكير حزب الله – بأن الاتفاق مع الحزب أو الحوار معه يكفي، بعد تثبيت ترشيح أزعور، لإطلاق المرحلة الثانية عبر حوار لجعله مرشحاً توافقياً. فكثّفا الحملات على الرئيس نبيه بري والضغط عليه، بتحميله مسؤولية فشل العهد السابق ومسؤولية عدم انعقاد جلسة المجلس النيابي. والأخطر، أن الراعي وباسيل أهملا أن أزعور نفسه، كان يتّكل كثيراً على موقف بري، وهو أصلاً كان زاره مرات عدة لمناقشته في الأمر ولو بصورة غير رسمية. كما نسيا أن أزعور يأتي من تركيبة تهتم كثيراً بموقف الطرف الآخر. وكانت النتيجة ارتفاع منسوب التوتر بين بري والراعي معطوفاً على توتر قائم أصلاً مع باسيل، ولا يمكن الحديث عن عدم وجوده لمجرّد وجود اتصالات جانبية.
عند هذه النقطة، دعا بري إلى جلسة في 14 حزيران، ولم يعط مبادرة الراعي الحوارية أي مساحة زمنية جادة. بل تصرّف ببرودة إزاء دعوة البطريرك له للحوار، وتحدّث عن صفات المرشح الجدّي وغير الجدّي، وبقي ممسكاً بمفاتيح المجلس النيابي. وبمجرد الدعوة إلى الجلسة، أسقط عن أزعور فكرة المرشح التوافقي لأنه سيكون مرشح مواجهة مع الطرف الذي يمثله بري. واستبق بري خطوته بإبلاغ كل من يهمهم الأمر، الراعي وأزعور وآخرين، بتمسكه بترشيح فرنجية.
عملياً، تلقّى الراعي تحديد بري موعداً للجلسة كخبر سيّئ، كضغط مضاعف على أزعور بعدما تحول إلى مرشح تحدّ ومواجهة وإلى خصم سياسي في حال قبل المهمة. علماً أن الراعي تلقّى بإيجابية نتائج زيارة موفده المطران بولس عبد الساتر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إذ إن الأخير أكّد للموفد أن للحزب مرشحه وهو متمسك به، وأن أزعور ليس مرشحاً توافقياً، لكنه شدّد على أن الحزب، والشيعة في لبنان وكل المسلمين، لا يريدون الذهاب إلى مستوى جديد من التوتر على خلفية طائفية أو حتى سياسية، وأن الحزب يريد التعامل بهدوء مع الأمر.
عملياً، يتصرف الفريق الداعم لفرنجية مع أزعور على قاعدة أنه يقبل، حتى اللحظة، بأن يكون واجهة لمعركة إقصاء وليس عنواناً لتفاهم أو توافق. وبالتالي، قرّر هذا الفريق عدم التعامل معه كمرشح يمكن حصول توافقات حوله، بل كمرشح يرضى بأن يخوض معركة قرّرها غيره، هدفها إطاحة فرنجية لا إيصاله إلى بعبدا. وهو موقف تم إبلاغه أيضاً للأطراف الخارجية المعنية بالملف الرئاسي.
وفي هذه النقطة بالتحديد، يبدو واضحاً أن البطريرك الراعي أولاً، وجهاد أزعور ثانياً، فهما بأن الحشد النيابي والسياسي الداخلي والخارجي لإيصال أزعور إلى الرئاسة لا يمنحه عنصر تفوّق في المعركة نفسها، ولا في حال وصل إلى بعبدا، إذ إن رغبته بالعمل ضمن سياق يحقق فيه نتائج واضحة لم تعد مطابقة لطبيعة المعركة، والتوافق الذي ينشده مع الرئيس بري، بوصفه رئيساً للمجلس النيابي، أو مع حزب الله بوصفه قوة كبيرة ومؤثّرة محلياً وإقليمياً، لم يعد موجوداً، ما يعني أنه سيكون في مواجهة أزمة كبيرة، وسينطلق عهده – إذا وصل إلى بعبدا – من حيث انتهى إليه عهد الرئيس ميشال عون: دائرة مغلقة أمام أي تفاهمات تسمح بإطلاق عملية الإصلاح.
جنبلاط يمسك بالمفتاح: مواجهة شاملة أم هدوء؟
معركة جمع الأصوات الجارية مجرّد قشرة تخفي تحتها معركة توضيح المواقف. القوات اللبنانية، ومعها الكتائب وبقية القوى المؤيدة للمرشح جهاد أزعور، تستعجل الصدام انطلاقاً من حسابات تطيح سليمان فرنجية وأزعور معاً، والعودة إلى ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يبدو أنه، أيضاً، دخل في مرحلة «الهوس الرئاسي»، باعتبار ما يجري مناسباً لمعركته. وهناك كثير من الكلام عمّا يفعله قائد الجيش، وللحديث حوله صلة.
لكنّ الأنظار تتجه فعلياً نحو موقف وليد جنبلاط. صحيح أن كتلته المؤلفة من ثمانية نواب غير وازنة بالمعنى العددي، لكن لموقف جنبلاط أثره المتعدد الأوجه:
ففي حال قرّر السير بأزعور، وهو مرشحه الأول، فهذا يعني الدخول في معركة مع الفريق الداعم لفرنجية، وهي خطوة تخالف كل توجهاته في المرحلة الأخيرة، والتي يردد فيها كلمة الحوار أكثر من أي شيء آخر. كما أنها معركة لا تنتهي يوم الاقتراع، بل ستكون لها تداعياتها، خصوصاً على العلاقة التاريخية التي تربطه بالرئيس نبيه بري، والأخير يعيش لحظات «حيرة» هي الأولى من نوعها، حتى بات يقول: «هذا ليس وليد الذي أعرفه»!
وإلى جانب المناخ غير المناسب لمعركة مع حزب الله، فإن جنبلاط يعرف أن المزاج السني (بعيداً عن هلوسات أشرف ريفي ووضاح الصادق وفؤاد مخزومي) ليس قريباً من تطلعات جبران باسيل وسمير جعجع. بل يعرف جيداً أن المتأثرين بموقف آل الحريري سمعوا من الرئيس سعد الحريري، قبل انتقاله إلى منفاه، أن عليهم عدم الوثوق بشخصين هما باسيل وجعجع. ولدى الحريري مطالعة حول الأسباب.
رغم ذلك، فإن جنبلاط اعتاد مغامرات اللحظة غير المناسبة. بعد ما فعله في عام 2005، وقاله وعمل عليه خلال عدوان 2006، وما عاد واعترف به حول ما جرى في 5 أيار 2008… ما من شيء يضمن ألّا يسير بقدميه نحو هاوية جديدة، ظناً منه بأنها معمودية النار لنجله تيمور. علماً أنه كان عليه الانصياع لرأي نجله يوم اختيار النواب وليس في هذه اللحظة بالذات.
ولذلك، فإن مسار المواجهة محكوم إلى درجة بعيدة بالموقف الذي سيخرج به جنبلاط. فهو، فقط، من يمكنه أن يناقش البطريرك بشارة الراعي في الأمر، أكثر من بري أو أي مسؤول آخر. وفي حال قرّر إدارة ظهره للمعطيات الخطيرة التي تحيط بالملف الرئاسي، يكون كمن ينفخ في نار معركة قاسية على الجميع. كما له، في المقابل، تأثيره العملاني، وليس المعنوي، على أزعور نفسه، إذ يمكنه أن يحمل السلم الذي يحتاج إليه أزعور للنزول عن الشجرة!
ربما ليس مبالغاً فيه القول إن مصير أمور كثيرة يتوقف على ما سيعلنه جنبلاط في الساعات المقبلة… بيده الذهاب نحو مواجهة لا تبقي ولا تذر، أو وقف المسار الصدامي الحالي.
الجمهورية عنونت: الأربعاء الكبير بين التعطيل والتطيير.. وترشيح أزعور في مهبّ مُعضلتين
وكتبت صحيفة “الجمهورية”: خرقت زيارة الرئيس السابق ميشال عون لدمشق أمس الدينامية السياسية والرئاسية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري بتحديد الاربعاء المقبل موعداً لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، وفيما ربط المراقبون بين هذه الزيارة وبين الاستحقاق الرئاسي والخيارات التي يتخذها “التيار الوطني الحر”، بعد تقاطعه مع المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، يحقق ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي يدعمه “الثنائي الشيعي” وحلفاؤه مزيداً من التقدّم، ولكن مصير جلسة الانتخاب يبقى رهناً بما تحمله الايام الفاصلة عن موعدها.
قبل اسبوع بالتمام والكمال على انعقاد جلسة انتخاب الرئيس الاربعاء المقبل، حطّ الرئيس السابق ميشال عون في سوريا بعد 14 عاماً على زيارته السابقة… وانشغلت الأوساط السياسية والاعلامية في تحليل اجواء الزيارة والتقاط المعلومات حول ما دار بين عون والرئيس السوري بشار الاسد، إن في لقاء الـ45 دقيقة او في غداء عمل الساعتين، والتركيز بطبيعة الحال كان حول انعكاس الزيارة على الاستحقاق الرئاسي قبل أي ملف آخر.…
وتحدث قريبون من “التيار الوطني الحر” لـ “الجمهورية”، عن الحفاوة التي حظي بها عون لدى القيادة السورية، محاولين بث أجواء تشي بأنّ الاسد ابلغ اليه انّه لا يتدخّل في الملف الرئاسي، وانّه سيبقى على الحياد ولن يبحث في هذا الملف مع احد.
وفي معلومات لـ”الجمهورية”، انّ عون هو من طلب اللقاء مع الرئيس السوري، وانّه فاتح الاسد في الملف الرئاسي اكثر من مرة خلال اللقاء ليسمع منه الجواب نفسه: “لن نتدخّل”. وإّذ بادر عون إلى شرح موقفه من الاستحقاق ولماذا تقاطع “التيار الوطني الحر” مع “القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب” على مرشح، متطرّقاً اكثر من مرة الى موضوع الإجماع المسيحي، كانت استراتيجية الرئيس السوري دائماً التأكيد لعون على عدم التدخّل، وانّ لدى سوريا حلفاء في لبنان، ناصحاً بالتحدث معهم. وقد حاول عون اكثر من مرة اخذ النقاش إلى الملف الرئاسي ليسمع من الاسد الجواب نفسه، بينما كان اهتمام الرئيس السوري وحديثه ينصبّ على العلاقة مع الدول العربية والاتفاق العربي ـ العربي وعودة سوريا الى جامعة الدول العربية والملفات الاقليمية.
اما في شأن ملف النزوح السوري، فكان تأكيد على ضرورة التنسيق اللبناني ـ السوري من دولة الى دولة، وليس ترك الملف فقط في عهدة المفوضية الأممية.
وأكّدت مصادر قريبة من فريق 8 آذار لـ”الجمهورية”، انّ الاسد لم يبد امام عون اي موقف حول الملف الرئاسي سوى تأكيد عدم التدخّل فيه. ورأت المصادر في زيارة عون لدمشق، محاولة للاستنجاد، بعدما استنجد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل نفسه بعون لحماية كتلته التي اصابها التفكّك، فكانت محاولة لإيجاد مخارج والبحث عن مكان في الاتفاق السوري ـ السعودي.
وتوقفت المصادر عند الاستياء السوري السابق من عون “الذي لم يفكر في زيارة سوريا طوال ست سنوات العهد ولم يقل لها “مرحباً”، فلماذا الآن يطلب موعد الزيارة بعد عودة الـ”سين ـ سين”. وسألت: “هل ارسل باسيل رسالة مفخخة إلى دمشق؟ فهذه المهمّة معروفة النتائج مسبقاً ولا حصاد فيها”.
وكان الاسد أكّد خلال استقباله عون أنّ “قوة لبنان في استقراره السياسي والاقتصادي، وأنّ اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق، والأهم بالتمسّك بالمبادئ وليس الرهان على التغيّرات، وأشار إلى أنّ “استقرار لبنان هو لصالح سوريا والمنطقة عموماً”، بحسب الوكالة العربية السورية للانباء (“سانا”) الرسمية.
وقال الاسد: “إنّه كان للعماد عون دور في صون العلاقة الأخوية بين سوريا ولبنان لما فيه خير البلدين”. وعبّر عن ثقته بـ”قدرة اللبنانيين على تجاوز كل المشكلات والتحدّيات، وتكريس دور مؤسساتهم الوطنية والدستورية”. واعتبر أنّه “لا يمكن لسوريا ولبنان النظر لتحدّياتهما بشكل منفصل عن بعضهما”، منوّهاً بأنّ “التقارب العربي ـ العربي الذي حصل أخيراً وظهر في قمّة جدة العربية سيترك أثره الإيجابي على سوريا ولبنان”.
من جهته عون قال: “إنّ اللبنانيين متمسّكون بوحدتهم الوطنية على الرغم من كل شيء”، واشار الى أنّ سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة والخطيرة بفضل وعي شعبها وإيمانه ببلده وجيشه وقيادته”، مؤكّداً أنّ “نهوض سوريا وازدهارها سينعكس خيراً على لبنان واللبنانيين”.
إعلام عون
ومن جهته، قال المكتب الإعلامي لعون في بيان وزعه، انّه اعتبر خلال لقائه مع الرئيس السوري “أنّ عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتغييرات في الشرق الأوسط والتقارب العربي، كلها مؤشرات إيجابية تصبّ في مصلحة كل الدول العربية. كما أنّ نهوض سوريا وازدهارها سينعكسان من دون شك خيراً على لبنان، وأنّ على الدولتين مواجهة الصعوبات معاً وبناء المستقبل بالتعاون بينهما”.
وفي موضوع النازحين السوريين، أطلع الرئيس عون الرئيس الأسد على “خطورة الموقف الأوروبي الرافض لإعادتهم الى بلادهم والساعي لدمجهم بالمجتمع اللبناني، والذي يضغط بشتى الوسائل لمنع هذه العودة بادعاء حمايتهم من النظام في سوريا”.
وفي الشأن اللبناني، أكّد عون “أهمية الوحدة الوطنية، وأنّ اللبنانيين متمسكون بها، رغم كل التشويش”.
ومن جهته، أكّد الأسد “الدور الإيجابي للرئيس عون في صون العلاقة الأخوية بين لبنان وسوريا لمصلحة البلدين”.
وفي موضوع النازحين، أكّد الأسد أنّ “سوريا كانت وما زالت مستعدة لاستقبال أبنائها”، وقال: “هذه مسألة تتمّ بالتواصل والتعاون بين الدولتين”. ورأى أنّ “قوة لبنان في استقراره السياسي والاقتصادي، وأنّ اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق”، وقال: “إنّ استقرار لبنان هو لصالح سوريا والمنطقة عموماً”. وعبّر عن “ثقته بقدرة اللبنانيين على تجاوز كل المشاكل والتحدّيات، وتكريس دور مؤسساتهم الوطنية والدستورية”، وقال: “لا يمكن لسوريا ولبنان النظر إلى تحدّياتهما بشكل منفصل عن بعضهما”.
التحضير لجلسة الانتخاب
في غضون ذلك، تلاحقت اللقاءات والاتصالات على كل المستويات وفي كل الاتجاهات استعداداً للجلسة الانتخابية الاربعاء المقبل، وسط ضبابية تلف مواقف جميع الأفرقاء، وهي ضبابية ربما تقتضيها قواعد اللعبة الانتخابية على رغم انّ كل المؤشرات تدلّ إلى احتمال عدم انعقاد الجلسة إذا لم يضمن اي فريق انّ مرشحه سيفوز، في اعتبار انّ كلا الفريقين المتنافسين يملكان القدرة على تطيير النصاب قبل انعقاد الجلسة او خلال انعقادها ودوران عجلة الانتخاب.
وفيما يستمر ترشيح فرنجية على ثباته وتقدّمه ، تساءلت اوساط سياسية عبر “الجمهورية”، عن مدى التزام المرشح جهاد ازعور بنظام صندوق النقد الدولي الذي يمنع عليه الترشح لرئاسة الجمهورية قبل تقديم استقالته من الصندوق.
ولاحظت هذه المصادر أنّ ازعور الذي يتقاضى نحو مليون دولار اميركي سنوياً، لا يعقد لقاءات واسعة وانما فردية عبر تطبيقات “زووم” مخافة فصله من الصندوق، إذ انّ اللقاءات الواسعة تعني عملياً الترشح العملي للانتخابات الرئاسية حتى ولو كان الدستور في لبنان لا يفرض ذلك، وهذا ما يمكن ان يردّ على تساؤل النائب نبيل بدر بالأمس حول عدم اجتماع ازعور بنواب الكتلة التي ينتمي اليها مجتمعين.
ولاحظت المصادر، انّ أزعور يتصرف على قاعدة “انتخبوني ومن ثم أستقيل”، بمعنى انّه لن يستقيل قبل انتخابه، أي انّه سيكون موظفاً في الصندوق ابّان جلسة التصويت في البرلمان، وهذا ما يُعتبر تعارضاً مصلحياً في حدّ ذاته ترفضه المبادئ الدستورية والقانونية عموما.
بكركي أقفلت أبوابها
وعشية اقفال ابواب بكركي لافتتاح الرياضة الروحية للأساقفة الموارنة والتي ستمتد الى السابع عشر من حزيران الجاري، أقفل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي جدول مواعيده الرسمية، بلقاء عقده عصر امس مع عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ابراهيم كنعان الذي جاء مستطلعاً الجديد المطروح على الصرح البطريركي وما حققته المبادرة التي اطلقها الراعي بدءاً من اللقاء الذي عقده موفده راعي ابرشية بيروت المارونية بولس عبد الساتر مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء السبت الماضي، في بداية جولة يبدو انّها قد “كُربجت” إن لم تكن قد انتهت.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع تتابع مبادرة البطريرك الراعي لـ”الجمهورية”، انّ الاكتفاء بالزيارة التي قام بها المطران عبد الساتر الى السيد نصرالله قد تكون كافية، طالما انّ المستهدف بهذه الخطوات التي اطلقها الراعي هو “الثنائي الشيعي”، وانّ اي لقاء مع طرفيه قد يكون كافياً.
وعليه، أضافت المصادر، انّ مثل هذه المعادلة قد تكون كافية لتفسير التأخير المتعمّد في تحديد موعد للمطران عبد الساتر إلى عين التينة للقاء مع بري.
وفي المعلومات التي تسرّبت من لقاء البطريرك الراعي وكنعان، قالت مصادر مطلعة لـ “الجمهورية”، انّ البحث تركّز على ضرورة مواكبة المرحلة بكثير من الصبر والدقة. ذلك انّ ما بلغه تمسّك “الثنائي الشيعي” قد فاق كل التصورات، وهو امر لا حلول له ولا حدود في المدى المنظور ويعوق المضي في كثير من الافكار المطروحة على بساط البحث.
وعُلم انّ كنعان اقترح على الراعي تشكيل لجنة نيابية تجمعه بالنائب ملحم رياشي من اجل مساعدته في الاتصالات التي يجريها، لكن الراعي دعا الى التريث وربما صرف النظر عنها في الوقت الراهن. ذلك انّ هذه الخطوة ليس أوانها، بدليل ما لقيته مجموعة المبادرات التي قام بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وانتهت الى “لا شيء”.
وكان المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” اعلن في اجتماعه الدوري الشهري برئاسة باسيل وفي حضور عون “تأييده الكامل للقرار الذي اتخذه رئيسه النائب جبران باسيل والهيئة السياسية في التيار، بالموافقة على جهاد أزعور كمرشح تمّ التقاطع عليه مع مجموعة من الكتل النيابية تمثل الغالبية الساحقة بين المسيحيين وتحظى كذلك بحيثية وطنية كبيرة، ويؤكّد على وجوب ان يصوّت نواب التيار له في الجلسة الانتخابية المدعو اليها في المجلس النيابي”.
وأضاف: “انّ خيار التصويت لجهاد ازعور هو حتمي وبديهي لتأكيد رفض وصول المرشّح المفروض الذي لا يؤمل منه اصلاح او تغيير المنظومة المتحكّمة بالبلاد، وفي ظل قرار التيار منذ فترة بعدم اللجوء الى الورقة البيضاء، كونها اصبحت تعبيراً عن عجز باتخاذ القرار المناسب، لا بل يتمّ تصويرها كعملٍ تعطيلي يؤدّي الى إطالة أمد الفراغ مع كل مساوئه”.