إقتصادمصارف

قالت الصحف:قرار مصرف لبنان استباق للكابيتال كونترول وخطوة تخديرية في ظل الجمود الحكومي

الحوار نيوز – خاص

ركزت الصحف الصادرة هذا الصباح على قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان حول السحب بالدولار من المصارف ،ورأت فيه استباقا لقانون الكابيتال كونترول وخطوة تخديرية في ظل الجمود الحكومي.

  • في هذا السياق كتبت “النهار” تقول: في ظل الجمود المسيطر على الواقع الحكومي، اتخذ المجلس المركزي لمصرف لبنان في جلسة استثنائية برئاسة الحاكم رياض سلامة بالإجماع قراراً يلزم المصارف بتسديد 400 دولار شهريا بالاضافة إلى ما يوازيها بالليرة اللبنانية للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الأول من سنة 2019 وكما أصبحت هذه الحسابات في آذار 2021 على ان يصدر مصرف لبنان تعميماً موجهاً للمصارف يفصل فيه الالية التنفيذية الخاصة بعملية التسديد.

    وسيستفيد جميع المودعين من هذه الالية بغض النظر عن حجم وديعتهم، على ان يستطيعوا سحب هذا المبلغ دون تمييز بين حجم حساب وأخر. وسيرتب هذا الاجراء على كل مودع توقيع مستندات يرفع بموجبها السرية المصرفية عن حساباته لأمر لجنة الرقابة على المصارف، لكون كل عميل يستطيع الاستفادة من هذه الالية والحصول على هذه المبالغ عن مجمل حساباته، ويمكن الاختيار بين سحبها من حساب واحد لدى مصرف واحد او توزيع سحبها من حسابات عدة على ان يكون مجموع السحوبات الشهرية على كل حسابات المودع المصرفية في كل المصارف في لبنان 400 دولار شهريا بالدولار الاميركي النقدي بالاضافة الى ما يوازيها بالليرة اللبنانية على ان يتم إحتساب الـ 400 دولار الاضافي على اساس سعر صرف المنصة اي 12000 ليرة تقريبا، ليكون إجمالي السحوبات لكل مودع عن مجموع حساباته عند 25 الف دولار بالحد الأقصى خلال مدة ثلاث سنوات بعد دخول التعميم المرتقب حيز التنفيذ مطلع شهر تموز.

    وبعدما كانت جمعية المصارف تحفظت عن الاجراء وطالبت مصرف لبنان بالتريث في اتخاذه عادت مساء وأعلنت انها “تثمن العمل الذي يقوم به المجلس المركزي لمصرف لبنان برئاسة الحاكم رياض سلامة في هذه المرحلة الحساسة جداً للحفاظ على الإستقرار النقدي والعمل على تسديد الجزء الأكبر من الودائع بالعملات الأجنبية للمودعين الصغار ” وأكدت تاليا إنها “تبدي إستعدادها الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامة لما فيه المصلحة العامة”.

    في سياق متصل، علمت “النهار” ان ما صدر عن المجلس المركزي لمصرف لبنان، والتعميم المرتقب لناحية الآلية التنفيذية سيتم إعتباره جزءاً اساسياً ضمن مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي إقتربت لجنة المال والموازنة من إقراره في الأسبوع المقبل ، على ان تتم إحالته على الهيئة العامة لمجلس النواب للإقرار في نهاية المطاف.

    وفي الموازاة، أعلن سلامه في بيان، ان البنك المركزي سيقوم بعمليات بيع للدولار الاميركي للمصارف المشاركة على منصة “Sayrafa” بسعر 12,000 ليرة للدولار الواحد. على أن تبيعها المصارف بسعر 12,120 ليرة للدولار الواحد.

  • وكتبت “الأخبار” تقول: دفع 400 دولار نقداً للحسابات بالدولار، يُعدّ آخر “مُختبر رياض سلامة”. قرارٌ تخديري للمودعين، سوّق له سلامة كما لو أنّه الخلاص المُنتظر، فيُحاول إخفاء ما يتضمّن من “خوازيق”. فخلف هذه الستارة، أتمّ سلامة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي مقايضة تطيير مشروع القيود على رأس المال (كابيتال كونترول)، وخضع للمصارف عبر تحرير أكثر من مليار دولار لها عبر تخفيض نسبة التوظيفات الإلزامية (ما يسمّيه “الاحتياطي الإلزامي”) بالدولار، وأعطى لنفسه مُبرّراً لوقف دعم الاستيراد نهائياً على اعتبار أنّه أعاد الدولارات لأصحابها… من أصل أكثر من 104 مليارات دولار، تمخّض جبل مصرف لبنان فولد أقل من مليارين ونصف مليار دولار، بالتقسيط. قرار سلامة مؤشّر جديد إلى أنّ المنظومة التي سقطت مُستعدة لجرّ كلّ السكان معها نحو الهاوية، حتى لا تتخذ قراراً واحداً يمسّ بامتيازاتها

    تطيير قانون القيود على رأس المال الـ(كابيتال كونترول) في مقابل إعطاء 400 دولار أميركي نقداً لأصحاب الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية. هذا هو لُبّ المقايضة التي عُقدت بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وحاكم البنك المركزي رياض سلامة. وبناءً على هذا الاتفاق، اجتمع المجلس المركزي لمصرف لبنان “مُبشّراً” بدفع 400 دولار أميركي نقداً، و400 دولار أخرى تُسدّد بالليرة اللبنانية على أساس سعر منصّة “صيرفة”، المُحدّدة حالياً بـ 12 ألف ليرة لكلّ دولار.

    اقتراح قانون الـ”كابيتال كونترول”، الذي تبحثه لجنة المال والموازنة ــــ التي حوّلها رئيسها النائب إبراهيم كنعان، بالتعاون مع جزء من أعضائها، إلى حامية مصالح رأس المال منذ أن أسقطت خطة حكومة حسان دياب للتعافي المالي ــــ كان يخضع لعملية تفريغ من مضمونه. حتى لو ارتفعت أصواتٌ مصرفية تعترض على بنود مُعينة فيه، تبقى هذه مسألة تُحلّ بمُجرّد تعديل البنود الخلافية. ولكنّ ما يُبحث ينسف أصل الغاية من وجود قيود على رأس المال، ويتضمن الكثير من الاستثناءات، كما لو أنّ الغاية سنّ قانونٍ لـ”تشريع التحويلات” لا لوضع قيود عليها. على الرغم من ذلك، أراد سلامة تعطيل إقرار القانون، لأنّه يُقوّض صلاحياته الواسعة ويحدّ من استنسابيته في التعامل مع المودعين. انطلاقاً من هنا، عُقد الاتفاق بينه وبين برّي، ليلتفّ على اقتراح الـ”كابيتال كونترول” النيابي، ويصبّ في غير مصلحة المودعين، وعامة الناس التي لا تملك حسابات مصرفية. مع الإشارة إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي يُعطّل فيها برّي إقرار الـ”كابيتال كونترول”.

    عدم إقرار قانون القيود على رأس المال “جريمة” اجتماعية ومالية واقتصادية، يعلم مرتكبوها أنّ مُعالجة أي أزمة مالية ونقدية واقتصادية، وخاصة كالتي يمرّ بها لبنان، مفتاحها الرئيسي هو إقرار الـ”كابيتال كونترول”، وهذا ما كان يجب أن يتمّ مع إقفال المصارف في تشرين الأول 2019، عوض السماح بتحويل الثروات المالية إلى الخارج وتعميق حدّة الأزمة. مرّة جديدة، تخضع السلطات الرسمية لـ”الصانع الحصري للسياسات” (على حدّ وصف البنك الدولي)، رياض سلامة، الخاضع بدوره لقوة رأس المال المالي.

    مع ترك القرارات المصيرية بيد سلامة، لم تتمّ التضحية بقانون الـ”كابيتال كونترول” حصراً، بل سُمِح له بإطلاق الخطوات التنفيذية لوقف “دعم” استيراد المواد الرئيسية، والتي تتم حالياً وفق سعر الصرف الرسمي لليرة (1515 ليرة للدولار الواحد). فسلامة خطّط لأن تحلّ رشوة الـ 400 دولار أميركي، مكان البطاقات والمساعدات المُفترض توزيعها للمُتضررين من رفع الدعم. لكنه يعتبر أنّه بعد توزيع هذا المبلغ على جزء قليل من السكان، يُمكنه التوقّف نهائياً عن فتح الاعتمادات لاستيراد البنزين والمازوت والدواء والقمح… يتجاهل أن الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع لا تملك حسابات بالدولار لتسحب منها على مدى عام 400 دولار شهرياً، وأن غالبية العمال والأجراء والمستخدمين يتقاضون رواتبهم بالليرة التي تتدهور قيمتها يوماً بعد آخر. لكن سلامة تصرّف كما لو أنه يختصر المُجتمع بـ 800 ألف حساب مصرفي يُريد أن “يُصفّيها”.

    غياب سلطة الدولة يسمح بتمادي “المُشتبه فيه بتبييض واختلاس أموال والاستغلال الوظيفي”، وإصداره بيانات وتعاميم، كما لو أنّنا بتنا نعيش في “مُختبر سلامة المالي”. في هذا الإطار، أتى بيان مصرف لبنان أمس ليُبلغ عن اتخاذ قرار “يُلزم المصارف بتسديد 400 دولار فريش، إضافةً إلى ما يوازيها بالليرة اللبنانية للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في آذار 2021”. مجموعة ملاحظات تُسجّل على البيان، كمدّة صلاحية القرار التي تنتهي بعد عام واحدٍ، يكون خلالها مصرف لبنان قد تخلّص من أرصدة حسابات 800 ألف عميل “أي ما يُقارب 70% من حسابات المودعين، تُسدّد كامل أرصدتهم”. قبل سنوات، أطلق مصرف “لبنان والمهجر” حملة دعائية مُموّلة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (“USAID”)، لتشجيع سكان الأرياف على فتح حسابات مصرفية. ودارت كلّ النظرية المالية حول “الشمول المالي”، أي أن تتم كلّ عمليات الناس عبر المصارف. لذلك، من اللافت أن تعتبر السلطة النقدية حالياً أنّ إقفال الحسابات هو “إنجاز”، وتتباهى بزيادة الكتلة النقدية بالليرة “ما بين 26 و27 تريليون ليرة لبنانية وذلك على سنة”، فيما هي تتخذ إجراءات منذ أشهر بهدف امتصاص الكتلة النقدية من بين أيدي السكان لأجل خفض قدرتهم على الاستهلاك، وبالتالي، خفض الاستيراد. السلطة الناظمة للقطاع المصرفي تتباهى بإعلان إقفال 800 ألف حساب، في ما يعني التوجّه لإخراج من يملكون ودائع بقيمة 9600 دولار وما دون من السوق، يُضافون إلى قرابة مليون حساب أُقفلت نتيجة سحبهم أموالهم وفق التعميمين 148 و151، فلا يبقى إلا حسابات قليلة داخل المصارف. هذه تصرفات لا يقوم بها إلا من اتّخذ قراراً بالتصفية والخروج من السوق، لا من يريد إعادة إطلاق القطاع المصرفي المفلس.

    قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان (الذي ينفّذ حصراً ما يقرره سلامة من دون أي نقاش ذي تأثير) لم يمرّ من دون تنازل الحاكم لجمعية مصارف لبنان، التي كانت قد وجّهت له كتاباً في 3 حزيران تشرح فيه أنّها “غير قادرة على توفير أي مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية مهما تدنّت قيمتها، فسيولة المصارف لدى المراسلين ما زالت سلبية بما يفوق المليار دولار”، مُعتبرةً أنّ أي تمويل لأي سحوبات “لا يُمكن توفيره إلا من خلال تخفيض معدّل الاحتياطي الإلزامي”. أولاً، تقول المصارف لرياض سلامة إنّه كذّاب حين أعلن نجاح التعميم 154 وإتمام المصارف عملية تكوين سيولة خارجية لدى المصارف المراسلة بـ 3%. ثانياً، تُعلن تمرّدها على قرارات السلطة النقدية التي تحكم عملها بموجب قانون النقد والتسليف. رغم ذلك، قرّر مسايرتها عبر إلغاء مشروعه لردّ الودائع بالدولار بما يصل إلى 50 ألف دولار (مُقسّمة بالتساوي بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية) بعدما رفضت تنفيذه، واستبداله بـ”بونبونة” الـ 800 دولار شهرياً (مقسمة بالتساوي بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية، على أن يكون المبلغ الذي سيحصل عليه المودع بالليرة مناصفة بين النقدي وبطاقات الشراء المصرفية)، شرط أن لا يتخطى المبلغ السنوي الـ 4800 دولار لكلّ عميل.

    حين طُلب من مصرف لبنان الاستمرار بدعم الاستيراد، طلب تغطية قانونية تُجيز له “المسّ” بما يسمّيه “الاحتياطي الإلزامي”، لكنّه أمس تخطّى هذا الشرط، خاضعاً للمصارف بتخفيض الاحتياطي، حتّى تقبل أن تُشارك في دفع نصف قيمة الـ 400 دولار، على أن يتحمّل مصرف لبنان النصف الآخر. فقد قرر “المركزي” خفض نسبة الاحتياطي نقطة واحدة، من 15 في المئة إلى 14 في المئة، ليُحرّر (استناداً إلى أرقام مصرف لبنان) أكثر من مليار دولار للبنوك، من دون أن يوضح البيان إذا كانت ستُعطى للمصارف بقصد تمويل نصف الـ 400 دولار، أو يُقرضها إيّاها مصرف لبنان فتستخدمها كما يحلو لها، مثلاً لإطفاء “التزامات أخرى بالعملة الأجنبية ومنها تلك المدرجة خارج ميزانيات المصارف”، كما جاء في كتاب جمعية المصارف. وبناءً على طلب الأخيرة، التزم البنك المركزي بأن يكون الدفع لمدّة سنة فقط، مع احتمال بأن يتوقّف العمل بهذا القرار أيضاً بعد أسابيع من إطلاقه في حال عدم استجابة المصارف. وقد أطلقت أمس شرارة تمرّد إضافية، مع إعلانها “استعدادها لبحث مندرجات التعميم بإيجابية”، موحيةً بأنّها لم تحسم بعد موافقتها عليه.

    أخّر رياض سلامة إطلاق منصّة “صيرفة” أسابيع عديدة، لاعتباره أنّ نجاحها مُرتبط بضخّ الدولارات بين الناس. حضّر مشروع ردّ 25 ألف دولار كحدّ أقصى لحسابات العملات الأجنبية، حتى يكون دعامته في إطلاق “صيرفة”، قبل أن تُحبطه المصارف، ويُستبدل بالـ 400 دولار. وقد سُوّق لـ”صيرفة” على أنّها ستُساهم في لجم انهيار الليرة، مع تعهّد سلامة بخفض سعر الدولار إلى ما دون الـ 10 آلاف. ولكن، صدر أمس أيضاً عن “المركزي” بيان أنّ المصارف ستبيع الدولار على “صيرفة” بـ 12120 ليرة للدولار، وأنّ مُجمل عمليات “هذا الأسبوع هو 10 ملايين دولار أميركي بمعدّل 12.200 ليرة للدولار”. في الوقت الذي كان فيه سعر الدولار في السوق الحرّة يتجاوز الـ 13 ألف ليرة! مجدداً، أهلاً بكم في “مختبر رياض سلامة”، الذي تعامل مع عموم سكّان لبنان كفئران تجارب.

  • وكتبت الجمهورية:إستبق مصرف لبنان قانون الكابيتال كونترول الذي يجري إعداده في المجلس النيابي، وتأخّر صدوره لأسباب معروفة ولكنها غير مُبرّرة، وأصدر قانونه الخاص لضبط وتنظيم السحوبات من المصارف. ورغم انّ المركزي شاء أن يسمّي ما قام به بأنه مبادرة لإعادة قسم من الودائع، إلا انّ هذه التسمية تبدو اكبر من الحجم الحقيقي للمبادرة التي لا تعدو كونها كابيتال كونترول رديف ومصغّر عبر وضع سقف للسحوبات النقدية بالدولار لحوالى 800 ألف مودع، والسماح لهم بسحب 400 دولار شهرياً وصولاً الى سقف الـ25 الف دولار خلال مدّة 5 سنوات، ليتم بعد ذلك الاستغناء عنهم وإقفال حساباتهم المصرفية، علماً انّ 70 في المئة من الحسابات سيتم إقفالها في العام الاول كون قيمتها الفردية لا تتعدى 5 الى 10 آلاف دولار.

    هذا القرار الذي يبدو للوهلة الاولى مُنصفاً للمودعين الصغار والمتوسطين يطرح علامات استفهام كثيرة، من ضمنها ما يلي:

    أولاً – هل ستتمكّن المصارف من الالتزام بمندرجات هذا القرار؟

    ثانياً – ماذا سيكون مصير المصارف العاجزة عن تلبية متطلبات المبادرة؟ وهل من مصلحة المودع ان يتم إعلان إفلاس عدد من المصارف في هذا الظرف، بعدما أعلن مصرف لبنان انه غير قادر على وضع يده على المصارف غير القادرة على الالتزام بالقرار؟

    ثالثاً – ماذا سيكون مصير قانون الكابيتال كونترول في المجلس؟ وهل من يستفيد من قرار المركزي لا يستطيع ان يستفيد في الموازاة من الاجراءات التي سيقررها القانون؟

    رابعاً – هل الوقت مناسب اليوم لفتح مواجهة بين مصرف لبنان والمصارف بدأت مؤشراتها تتضِح، ولو انّ المصارف حاولت إخفاء الجفاء من خلال بيان استلحاقي أعلنت فيه انها “تُبدي استعدادها الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامّة لِما فيه المصلحة العامة”.

    خامساً – كيف سيكون تأثير القرار على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، خصوصاً انّ التقديرات تشير الى اضافة حوالى 26 تريليون ليرة على الكتلة النقدية في السنة الاولى لتنفيذ التعميم. وما مصير الفئات التي لا تمتلك دولارات للسحب، وقد تتحمّل تبعات ارتفاع الدولار الى مستويات قياسية في الاشهر القليلة المقبلة اذا بدأ تنفيذ القرار؟

    سادساً – هل من رابط خفي بين القرار اليوم وبين دخول البلاد عام الانتخابات النيابية وحاجة الطبقة السياسية الى تخفيف الاحتقان الناتج عن حجب الدولارات عن المودعين؟

    كل هذه الاسئلة تنغّص فرحة حصول المودعين على حفنة من الدولارات الحقيقية، خصوصاً انه من غير المضمون ان تأتي النتائج الاقتصادية والحياتية إيجابية جرّاء هذه الخطوة التي تأتي في زمن لا يسمح بالقول انّ الظروف مؤاتية لبدء إعادة الودائع الى أصحابها.

  • وكتبت “نداء الوطن” تقول: وكأنّ جمعية المصارف كانت تنتظر بيان مصرف لبنان “على الكوع”… إذ بعيد صدور قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان بعد ظهر أمس والذي قضى بإلزام المصارف تسديد 400 دولار نقداً شهرياً الى المودعين، حتى تمّ تناقل بيان بتاريخ أمس الأول أعلنت فيه المصارف أنها “غير قادرة على توفير اية مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية مهما تدنّت قيمتها”، متذرّعة بأن “سيولة المصارف بالعملة الأجنبية لدى المراسلين ما زالت سلبية بما يفوق المليار دولار”.

    هي عملية تقاذف المسؤوليات نفسها التي درجت مافيا المال والسلطة على امتهانها للتغطية على “سرقة العصر” وتبييض أموالها عبر فرض ما يشبه “كابيتال كونترول” مقنّعاً على المودعين لتبرئة ذمة من نهب الأموال “بالجملة” ويعتزم سدادها اليوم “بالمفرّق”. لكن حتى السداد بالتقسيط المريح تريد المصارف تمويله من جيوب المودعين أنفسهم عبر مطالبتها “بخفض معدّل الإحتياطي الإلزامي المتوجّب على ودائع المصارفا لدى “المركزي”، باعتبار أن الإحتياطي يشكّل “ضمانة للمودعين ويتمّ اللجوء اليه في الأزمات والحالات الطارئة كتلك القائمة حالياً”، ومن هذا المنطلق، رفضت جمعية المصارف في البيان نفسه تسديد “جزء من الأموال في أول سنة من حساباتها لدى المصارف المراسلة في الخارج والتي تتراوح بين مليار ومليار ومئتي مليون دولار اميركي”، كما ورد في بيان “المركزي” الذي أجاز لها أيضاً “سحب المبالغ نفسها من مصرف لبنان مقابل توظيفاتها الالزامية”.

    إلا ان حالة التخبط التي عسكها تراشق البيانات بين المصرف المركزي وجمعية المصارف لم تنته عند هذا الحدّ، إنما خلصت إلى إصدار الجمعية بياناً آخر عند السابعة والنصف من مساء أمس “بعد اجتماعات ومشاورات ماراتونية بعد الظهر بين أعضاء جمعيتها ومصرف لبنان لاستدراك الأمر وردود الفعل التي نشأت عن بيانها الأول”، كما علمت “نداء الوطن”، فانتهى النقاش إلى نقض المصارف بيانها الأول والعودة إلى الإعراب عن “استعدادها الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامة لما فيه المصلحة العامة”، على أساس أنها تثمّن “العمل الذي يقوم به المجلس المركزي لمصرف لبنان برئاسة الحاكم في هذه المرحلة الحساسة جداً للحفاظ على الإستقرار النقدي والعمل على تسديد الجزء الأكبر من الودائع بالعملات الأجنبية للمودعين الصغار”، مؤكّدة أن “الكتاب الأول الذي صدر عنها والموجّه للحاكم، سبق بيان مصرف لبنان”. فكانت خاتمة المناوشات مسكاً.

    وفي السياق ، اوضح الخبير الإقتصادي والمالي نسيب غبريل لـ”نداء الوطن” أن “المصارف ترحب بأية مبادرة تسمح للمودع باستخدام ودائعه، ولكن التزامات المصارف التجارية الخارجية أعلى بمليار و100 مليون دولار من موجوداتها الخارجية. لذلك تمنت جمعية المصارف على مصرف لبنان في البيان الأول خفض الإحتياطي الإلزامي كي يغطي المبلغ الذي سيصرف الى المودعين والذي حدده بمليار و200 مليون دولار في سنة واحدة”. لافتاً الى أن “الموجودات الصافية بالعملات الأجنبية سلبية ولديها التزامات أعلى من موجوداتها بالعملات الأجنبية حسب بيانات البنك المركزي”.

    واعتبر أن الحلّ الأكبر والذي يجب التركيز عليه، هو تعهد الدولة بدفع ديونها والتزاماتها فيحلّ الجزء الأكبر من المشكلة، ومنها دفع سلفات الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان، والتفاوض مع الدائنين حول كيفية تسديد الديون، لافتاً الى أن “المشكلة تكمن في عدم وجود إرادة سياسية من قبل القيمين على الدولة لتسديد التزاماتهم للمودعين، سواءً من خلال مصرف لبنان أو من المصارف التجارية”.

    فالبيان الذي اعلنه حاكم مصرف لبنان أمس وغير الملزم باعتباره ليس تعميماً، جاء، كما علمت “نداء الوطن”، بعد ضغوط كبيرة مورست عليه لتنفيس القنبلة الإجتماعية وتأجيل انفجارها، فأتى ليضاف الى جملة “التخبيصات” التي تحصل يومياً وآخرها أمس الأول ما حصل إزاء قضية إيقاف مجلس شورى الدولة دفع المصارف أموال الناس على سعر 3900 ليرة قبل أن يتم إيجاد “تخريجة” رئاسية في قصر بعبدا للتراجع عن القرار.

    تجدر الإشارة إلى أنّ بيان مصرف لبنان أورد أنه “في السنة الأولى من تطبيق هذا التعميم تسدّد أرصدة ما يقارب 70% من عدد حسابات المودعين، ويمكن للمصارف استعمال الـ 3% باستثناء حسابات الـ Fresh dollars للمودعين لهذه الغاية. كما قرر المجلس المركزي تخفيض التوظيفات الالزامية بالعملات الاجنبية من نسبة 15% الى 14%، على أن يعمل بهذا القرار بدءاً من 2021/7/1.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى