رأيسياسةغير مصنفمحليات لبنانية

في ذكرى الاستقلال:حكاية تروى عن رئيس الوزراء اللبناني الأمير خالد شهاب(د.وجيه فانوس)

 

الدكتور وجيه فانوس* – الحوارنيوز خاص

يُقال، يا سادة يا كرام، والعهدة على كثرة رواة هذا الكلام، والعبرة بالحقّ الذي لا يموت ولن ينام؛
أنّه مع بداية سبعينيات القرن العشرين، تقدّم نائب عاليه الأستاذ “منير أبو فاضل”، بإقتراح قانون يرمي إلى إعطاء رؤساء الجمهوريّة والمجالس النّيابيّة والحكومات والنّواب السّابقين تعويضات ماليّة تقاعديّة.

ويقال، أيها الاعزّة من حكّام الوطن وناسه، إنّ هذا الأقتراح جرت الموافقة عليه في مجلس النّوّاب؛ وأحيل، من ثَمَّ، إلى رئيس الجمهورية “سليمان فرنجيّة”، لتوقيعه.

ويقال، يا أهل الإدارةِ، كذلك، إنّ رئيس الجمهوريّة تمهّل، حينذاك، في التّوقيع.

ويقال، يا شعب لبنان، إنّه حصل، في مثل اليوم، مع احتفالات “عيد الإستقلال”، أن صادف وقوف الرئّيس فرنجية مع بعض المدعوين على شرفة الطّابق الأوّل من “القصر الجمهوري”، قبل مباشرة استقبال المهنّئين. ويُقال، يا أصحاب المعالي كافّة، إنّه لفت نظر الرّئيس، سيّارة إجرة متواضعة، تتوقّف في باحة القصر، وينزل منها رجل عجوز يتّكئ على عكّاز.

ويُقال، كذلك، إنّ الرّئيس “فرنجيّة” انتبه إلى أنّ هذا العجوز، لم يكن سوى رئيس الحكومة الأسبق، الأمير “خالد شهاب”.

ويُقال، يا أهل الرَّأي والشَّور، في هذا المجال، إنّ الرّئيس “فرنجيّة”، طلب من أحد مرافقيه معرفة إن كانت سيّارة الأمير “خالد شهاب”، قد تعطّلت فجأة، حتى اضطرّ دولة الرئيس الأمير، إلى الوصول إلى الاحتفال في سيّارة أجرة.

ويقال، يا أهل السّلطة، إنّه اتّضح، عند سؤال دولة الرّئيس الأمير خالد شهاب عن الأمر، أنّه ما كان يملك سيّارة، بل لا قدرة لديه على الإنفاق عليها.

ويُقال، يا أصحاب القدرة وسادة القرار، إنّه بعد أن عرف رئيس الجمهوريّة حقيقة الوضع؛ فإنّه أشار ، إلى أحد مرافقيه، بدفع إجرة السيّارة العموميّة، التي أقلّت دولة الرئيس الأمير “خالد شهاب”؛ والطّلب من سائقها عدم انتظار دولة الرّئيس الأمير، للعودة به إلى منزله في منطقة “النّاصرة” من مدينة “بيروت”.

ويُقال، أيضاً وأيضاً، إنّ رئيس الجمهوريّة، طلب من أحد مرافقيه الآخرين، تحضير إحدى سيّارات المراسم، في القصر الجمهوريّ، للعودة، بدولة الرّئيس الأمير إلى منزله، عند مغادرته القصر .

ويُقال، يا معالي المسؤولين عن القرار الماليّ في لبنان، إنّه بعد انتهاء مراسم إستقبال المهنّئين، دخل الرّئيس “سليمان فرنجية” إلى مكتبه، في القصر الجمهوريّ، ووضع توقيع رئيس الجموريّة على قانون التّعويضات هذا.

يَقف كلّ هذا الذي يُقال،أيّها اللبنانيون، أمام واقع أنّ الأمير “خالد شهاب” ترأّس المجلس النّيابيّ اللّبنانيّ سنة 1935؛ كما ترأّس ثلاث حكومات في سنوات 1936 و1938 و1952؛ وأنتخب، أيضاً، نائباً عن محافظة الجنوب، كما عيّن وزيرًا عدّة مرّات لوزارات المال والخارجية والمغتربين والعدل والتّربية الوطنيّة والفنون الجميلة والتّجارة والصّناعة والبرق والبريد والهاتف والزّراعة والداخليّة والدّفاع الوطنّي والأشغال العامّة والنّقل.

ومع كلّ هذا، أيّها المسؤولون الرّسميّون، فقد عُرف عن دولة الرئيس ومعالي الوزير، سمو الأمير خالد شهاب، أنّه طالما كان يحبّذ التوجّه إلى مكتبه، بوسيلة النّقل العامّة (التّرامواي)؛ توفيراً منه على خزينة الدّولة نفقات انتقاله؛ سواء في رئاسة مجلس النّوّاب أو رئاسة الحكومة.

لقد كان الأمير “خالد شهاب”، يا سامعين الصّوت، إضافة إلى كلّ هذا، يملك أراضٍ في “فلسطين”؛ رفض بيعها لليهود؛ رغم حاجته الماسّة إلى المال، ورغم واقع عدم تمكّنه من الوصول إلى هذه الأراضي أو استغلالها؛ وبقي يحتفظ بصكوكها حتّى وفاته.

ثمّة مقولة مشهورة عن الأمير “خالد شهاب”؛ لا بدّ، لمناسبة احتفال لبنان الرّسمي بعيد الاستقلال الوطنيّ، من العمل على نقشها في سجل تاريخ لبنان، الوطنيّ والرّسمي، تقول: {المير “خالد” جاع وما باع}.

رحم الله معالي الوزير ودولة الرّئيس سُمو الأمير خالد شهاب؛ الذي وُلد في حاصبيّا، سنة ١٨٩٢ وتوفي سنة ١٩٧٨.
*باحث واكاديمي – رئيس ندوة العمل الوطني – لبنان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى