رأي

غزة “اليوم التالي”:إسرائيل خسرت الحرب من بدايتها (زياد علوش)

 

د. زياد علوش* – الحوار نيوز

 

في خطوة استباقية كنوع من الهروب الى الامام،طرحت كل من واشنطن وتل ابيب،بداية العدوان الوحشي على “غزة” مقولة “اليوم التالي” للتداول السياسي والاعلامي في الساحتين الاقليمية والدولية، ومفاده ماذا بعد الانتصار الخاطف والساحق وقد حررت اسرائيل اسراها بالضغط العسكري والامني و”المجازر”، وقضت على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها”حماس” ،وسلخت فروة رؤوس “يحي السنوار ومحمد الضيف وابو عبيدة…” وعلقتهم على اسوار غلاف غزة،،قبل أن تتكشف الحقائق المعاكسة المذهلة،بفعل صمود غزة شعباً ومقاومة، رغم الخذلان المتعدد الاوجه والاطراف، بإستثناء جبهات مساندة لا تتعدى اصابع اليد الواحدة تعمل تحت سقف المساندة.

 

بعد خمسة اشهر من العدوان تبدو مؤشرات اليوم التالي واضحة للعيان على الرغم من المأساة الانسانية الفلسطينية،وهي ان اسرائيل ستبدأ بإحصاء خسائرها الاستراتيجية اللامتناهية والتي ستضعها على طريق الزوال الذي تنبأ بها الكثيرون في بضع سنين مقبلة، والتي اشار اليها الناطق العسكري باسم حماس “ابو عبيدة”، أن غزة تعيد صياغة المعادلات الدولية،عندما يبدأ الشعب الفلسطيني ومعه منطقة الشرق الاوسط بجني محاصيل الارباح التي ستنتهي بدولة فلسطينية من النهر الى البحر، تكون نموذجا حضاريا حقيقيا للمنطقة والعالم.

 

ارادت امريكا من طرح مقولة اليوم التالي الذي قابلته اسرائيل بنوع من التجاهل كتبادل للأدوار متفق عليه،أن تحقق بالخدعة ما عجزت عنه في الميدان،في اعادة الامور الى نقطة “الصفر”، وهي تجاوز الحق الفلسطيني،بتسريع عملية التطبيع والعبث بالداخل عبر تعيين “كرزاي” جديد(نسبة إلى أفغانستان)، تستكمل من خلاله إبادة غزة وتهجير الضفة وتغيير معالم القدس توطئة للتهويد الكلي لفلسطين التاريخية.

 

بعد التأمل في موقف “بوشنل”،الجندي في سلاح الجو، كتحول هائل في عقلية الشعب الامريكي الذي أضرم النار في نفسه امام السفارة الإسرائيلية في واشنطن،احتجاجا على ما يعيشه الفلسطينيون على أيدي محتليهم”،من المفيد ان نبدأ بحساب الخسائر الاسرائيلية من مقالة “يوسي كوهين” رئيس الموساد السابق في “هآرتس” تحت عنوان “الخطر الكبير” قائلاً: ان التهور المسعور لبيبي وغانتس قد حولنا في نظر العالم إلى مجرمي حرب وقتلة الأطفال،وتجد دولة إسرائيل لأول مرة منذ ال 1948 في صراع الوجود واللاوجود،إذا استمر هذا الفريق في قيادتنا فنحن عائدون إلى بولندا و روسيا و بريطانيا و امريكا،لا احد في قيادة الجيش والأجهزة الامنية لديه البأس الكافي ليطلعكم على مدى هشاشة موقفنا على الجبهات،سوف يتحمل جميع بني اسرائيل الثمن و لن يبقى من حلم الدولة اليهودية إلا احاديث الذكريات”.

 

“إسرائيل” تخسر على 3 جبهات:

 

اولاً تخسر سرديتها العالمية بأنها تخوض “حرباً عادلة”،وثانياً ليس لديها خطة للخروج من رمال غزة،الخسارة الثالثة إقليمية أمام محور يضغط على “إسرائيل” من الشمال والجنوب والشرق.

 

ومع مؤشرات نهاية عهد بايدن ونتنياهو السياسية،فإن مكانة أميركا العالمية تراجعت تماماً مع مكانة إسرائيل”.

 

يمكن النظر الى وهم التطبيع وحل الدولتين على انه تكرار للخدعة القديمة، وتدارك لمسار حتمي قادم يعني زوال الاحتلال.اسرائيل خسرت الحرب منذ بدايتها في السابع من أكتوبر 2023 تاريخ بدء سريان “طوفان الأقصى”. وعليه من العبث ترتيب نصر وهمي على خسارة مؤكدة.

 

*كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى