سياسةمحليات لبنانية

عين الحلوة يُثبّت البؤرة ويدخل مرحلة التصدير(علي يوسف)

اشتباكات بهدفين يستوجبان جرحا نازفا

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

وقف اطلاق النار وسحب المسلحين والتحقيق المديد  الذي يُضاف الى غيره من التحقيقات ..

هوذا مضمون الاتفاق الذي يُعمل عليه في مخيم  عين الحلوة ،وهو كغيره من الاتفاقات السخيفة في انتظار جولة اشتباكات اخرى تستدعيها رسائل سياسية او اشتباكات سياسية او امنية محلية او اقليمية او دولية …

كل البنية التحتية للاشتباكات جاهزة وغب الطلب تنتظر دائما اشعال فتيل ،بوجود كل القادرين على اشعاله ،الذين تم استقبالهم بنجاح دائم داخل المخيم  على اعتباره ملجأً لكل  الجماعات التي تبحث عن ملجأ تمارس فيه قضيتها او دورها او وظيفتها ،بغض النظر عن المُشغّل و اهدافه على اختلاف  العقائد  والقضايا والجنسيات …..

 ولعل المشكلة الاساسية هي في عدم  تحمل المنظمات الفلسطينية مسؤولياتها في تحصين الساحة الفلسطينية، ارتكازا الى الاولوية الاساسية ، أولوية التحرير رغم كل التجارب المريرة التي مرت بها، من ايلول الاسود الى تجربة الوجود في لبنان التي خلصت الى التهجير العام  ١٩٨٢ ،الى تجربة الوجود في تونس ،الى  تجربة السلطة تحت الاحتلال والانقسامات وخصوصا بين غزة والضفة مجازا الخ ……

 

وقبل الخوض في الاسباب الحقيقية لما يجري في مخيم عين الحلوة ، لا بد من  التأكيد على ان ما يحصل هو نتاج التراخي في السماح لمجموعات ما يُسمى “الجماعات الاسلامية المتشددة ” ،بالتسلل الى المخيم واستقطاب مجموعات من المطلوبين والمجرمين والشاذين من جنسيات مختلفة،  وتشكيل منظمات  لها مراكزها وتعمل في  كل المجالات الموبوءة  من خدمة المخابرات على انواعها ،الى تجارة المخدرات ،الى السرقات والخوات  والتزوير  وتجارة البشر الخ..وكل ذلك تحت عباءة دينية  مزورة ومشبوهة كما هي اعمالهم وممارساتهم وادوارهم ….ووصل الامر الى ان  باتت تسيطر  على مناطق واحياء في المخيم  تحت نظر كل المنظمات الفلسطينية  التي باتت الآن ضحيتها،هي والمخيم بكل من فيه من فلسطينيين.

وقد استفادت هذه المنظمات المشبوهة من الخلافات بين المنظمات الفلسطينية وحاولت تأكيد وجودها تحت عباءة وجود المنظمات الفلسطينية الاسلامية ،والتي للاسف تقع احيانا  ضحية   اعطاء الاولوية  للشعارات الاسلامية  والايديولوجية، على الموقف الوطني والسياسي ،وهي  مشكلة بدأت في سوريا   مع “حماس” حين اخطأت بوصلتها  فذهبت باتجاه الجماعات الارهابية الاميركية الاسرائيلية ،كونها تحمل شعارات اسلامية في مواجهة الدولة السورية التي تشكل حصنا للمقاومة ولتحرير فلسطين   .. وهو الامر عينه الذي تستفيد منه  هذه المجموعات العصابات  في لبنان ، في المخيمات وخارجها للاسف … فتتحول ايجابية الدافع الايديولوجي  من  ايجابية  صلابة بوصلة التحرير الى سلبية استخدام الايديولوجيا لتغطية موبقات العمالة والتزوير وتجارة البشر والمخدرات.

 

ويبقى السؤال  لماذا اندلعت الاشتباكات وما هو السبب الحقيقي ..؟

 

اسباب الاشتباكات وتفاصيلها  باتت معروفة بالافعال والاسماء ،بغض النظر عن تبادل الاتهامات  في شأن مؤامرة  تدبيرها وفقا لرغبات الانتماء السياسي او التحالفات ..الا ان المهم  التركيز على نقاط اساسية يجب ان تشكل مدخلا لرؤية المستقبل :

١-ان هذه المؤامرة  المتكررة والقابلة للتكرار ما كان يمكن ان تمر بهذه السهولة  لولا  استهتار المنظمات الفلسطينية  في موضوع تحصين المخيم سياسيا وامنيا ووجودا وسكنا  ..

٢-ان هذه المؤمرات تؤدي الى خسارة قيادات فلسطينية من المشين خسارتها  تحت عناوين الاختلافات والاتفاقات السخيفة والمشينة ايضا والتي تتكرر..

٣-ان ما كان يحدث سابقا كان في معظمه لمحاولات تأكيد الوجود وتوسيع الصلاحيات والقدرات والمواقع .. الا ان ما يحدث اليوم وامتداداته اللاحقة  يدخل في اطار هدفين محتملين  يصبان في سياق استراتيجي واحد :

-الهدف الاول هو احتمال ان تكون  الاشتباكات الحالية تهدف الى تنفيذ مشروع  يجري بحثه في  لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بطلب غربي، وتمهيدا للتوطين المحتمل مستقبلا ،والذي يقوم على “تطهير  “المناطق اللبنانية الملحقة بالمخيم  ودخول الجيش اللبناني اليها وتقليص الوجود المسلح في المخيم وجعله تحت اشراف الجيش اللبناني في مقابل السماح للفلسطينيين بالعمل الحر وكذلك السماح لهم بالتملك !!!

-الهدف الثاني هو احتمال ان  تكون الاشتباكات من ضمن سياق ما يجري   في الصراع الدولي والاقليمي والعربي،  وما يجري ويمكن ان يتطور على الحدود الجنوبية بين المقاومة وبين  جيش الكيان الغاصب  .. وهو بالتالي تهديد  امني توتيري خلفي للمقاومة  يترافق مع احداث امنية يمكن توقعها في اكثر من مكان ،وبحيث تشكل هذه الاشتباكات بؤرة تصدير لتوترات امنية مختلفة … ولا يمكن فهم هذا الامر بشكل مستقل عن الغارات الاسرائيلية على سوريا وعن تعزيز القوات الاميركية المحتلة في سوريا ،وعن نقل  “قوات  سورية درّبها الجيش الاميركي “الى منطقة التنف تمهيدا لدور ما هناك ، وعن اعادة تنشيط الخلايا الارهابية في سوريا والعراق ،وكان آخر نشاطاتها متفجرة  منطقة “السيدة زينب ”  ،هذا اضافة الى اشتداد عمليات الحصار  ومنع الانتخابات الرئاسية في لبنان وتوتير الاجواء خليجيا بين  السعودية والامارات ، للضغط على المسار السعودي في التوجه شرقا،ناهيك بالضغوطات على مصر ووضع شروط عليها يصعب تحقيقها الخ….

 

 وانطلاقا من هذا الواقع يُصبح من الصعب توقع حلول واتفاقات غير مؤقتة لما يجري في مخيم عين الحلوة   … وستتحول هذه الاشتباكات على الارجح الى نزيف  تفجير يتصاعد تارة ويخف تارة اخرى ، تحت يافطة “الهدوء  الحذر “في انتظارتغيّرٍ ما ،في التوازن او الخطط  يضعنا امام واقع جديد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى