علاج مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب عند المرضى المتقدمين بالسن
د.طلال حمود
نتكلم اليوم عن علاج مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب عند المرضى المتقدمين في السن ،اي البالغين "٧٠ سنة وما فوق،حيث هناك عدّة إحتمالات او طُرق علاجية واردة في هذا المجال من ضمنها :
أ- العلاج الجراحي ( اي جراحة القلب المفتوح) عن طريق إجراء جسور أبهرية- تاجية. وهنا يُفترض بأن يكون المريض في حالة جسدية ونفسية وذهنية-عقلية جيّدة. بحيث يقتضي بأن يكون قادر على تحمُّل هكذا عمليات: أي أن يبقى في المستشفى لمدّة ٥ إلى ٧ أيام وتحمُّل الآلام التي قد تُصاحب تلك الجراحة والتي قد تستمر احياناً لفترة ٣ اسابيع او شهر . وأن لا يكون يعاني من أمراض مزمنة مثل ألأمراض الرئوية المُزمنة او القصور الكلوي أو الكبدي أو آثار الجلطات الدماغية، او مشاكل وإعاقات في العمود الفقري او العظام او المفاصل تُعيق حركته كثيراً وتُقلل من نسب شفائه بعد الجراحة . وهذا الحل مُمكن في مُعظم الحالات إلا إذا وجد جرّاح القلب أن هناك عدم إمكانية لإجراء هكذا عملية بسبب عدم تحمّل المريض، او بسبب المخاطر الكثرة للعملية التي تزداد كثيراً في حال كان المريض قد خضع لجراحة قلبية كما في حالة مريضتنا اليوم التي كانت قد خضعت لعملية قلب مفتوح لتركيب جسور ابهرية- تاجية لكن اثنين من ثلاثة من هذه الجسور تعرّض للإنسداد . وفي كل الحالات يخضع المريض لفحص دقيق لتبيان إمكانية تحمّله لهكذا جراحة و يتمّ مقابلة عائلة المريض من أجل دراسة مخاطر هكذا عمل جراحي و إمكانية تحمّل الجراحة التّي قد تكون غير ممكنة بحسب حالة المريض الذهنية والجسدية.
ب- العلاج التدخّلي اي بواسطة البالون والروسور: وهو علاج أصبح ممكناً في معظم الحالات بعد التقدم الهائل الذي حصل في التقنيات مع تطوير روسورات جديدة من الجيل الثالث أصبحت قادرة على المرور عبر كل أنواع الإنسدادات خاصة المتكلّسة والتي تحتوي على إعوجاجات كبيرة. وهذه التكلّسات تزداد مع التقدّم في العمر او بسبب مرض السكري او القصور الكلوي وهذا ما وجدناه عند مريضتنا . ولكن مع تقدُّم التقنيات أصبح أطباء القلب ُيعالجون وبسهولة حالياً عدد كبير من هؤلاء المرضى بهذه الطرق التدخّلية. وهذا ما حصل في الحالة التي سنتكلم عنها عند الكلام عن مريضتنا التي عالجناها اليوم.
ج- العلاج الدوائي وهو يشمل تناول عدد كبير من الأدوية المُوسِّعة للشرايين والمُخفضة للضغط الشرياني والمُراقبة لمستوى الدهنيات والسكر في الدم مع دور كبير لمضادات التخثّر لمنع الإنسداد المفاجئ للشريان . وقد أظهرت دراسات عديدة أن العلاج الدوائي فعّال في معالجة المرضى العاديين او المتقدمين في السن إلى درجة أن بعض الدراسات العلمية أثبتت أن هناك مساواة تقريباً بين العلاج التدخّلي بواسطة البالون والروسور والعلاج بواسطة الأدوية. إلّا أن بعض المرضى الذين قد يكونون يعانون من أعراض مُتكررة كما هي الحالة في حالة مريضتنا التي عالجناها اليوم والبالغ عمرها ٨٧ سنة فإننا نلجأ للعلاج بواسطة البالون الروسور لمكافحة الأعراض ولمنع الإنسداد المفاجئ للشرايين الذي قد يؤدي للذبحات القلبية او الموت المفاجئ لأن العلاجات الدوائية لا تمنع حدوث قطعاً هكذا أحداث وذبحات قلبية وغيرها من الأعراض المُتكررة التي قد تستدعي الدخول الُمتكرر إلى المستشفى بسبب حالات الإحتقان الرئوي أو التعرُّض لآلام صدرية مُطوّلة. وهذا ما جرى مع مريضتنا التي عالجناها اليوم والتي أشرح لكم حالتها في الفيديوهات والصور التالية قبل وبعد العملية.
و ما حصل مع مريضتنا اننا فضلّنا العلاج بواسطة البالون والروسور رغم انها كانت عملية مُعقّدة جداً لأن الإنسدادات خطيرة ومتكلّسة وفي اماكن حساسة جداً في الشرايين وهي كانت قد خضعت لعملية قلب مفتوح منذ ثلاث سنوات تقريباً ولن يقبل الجراح ان يُجري لها عملية اخرى في هذا العمر المتقدم . وكذلك فإن العلاج الدوائي لم يكن كافياً لأنها استمرت بالتعرّض لأعراض وتعب شديد رغم تناولها الأدوية بشكل دائم، ولذلك اتجهنا للعلاج التدخلي رغم صعوبته ومخاطره وتكللت العملية بنجاح باهر ودون اية إشتراكات .