رأي

طوفان الاقصى : من العمق العربي السياسي الفاشل.. الى العمق الاسلامي المقاوم (جواد الهنداوي)

 

    بقلم الدكتور جواد الهنداوي* – الحوار نيوز

 

 

عديدةٌ هي الدروس التي نستلهمها من الطوفان .بعضٌ منها معروفٌ ، ولكنها تعزّزتْ وترسّختْ بفضل طوفان الاقصى ، و كشفَ الطوفان البعض الآخر .

     أبدأُ بما هو معروف ..

    المبادرة و المباغتة والسّرية في الهجوم على العدو ، ونقل المعركة على ارضهِ ،  افضل من انتظاره ، وصّدهِ.

  استفادت المقاومة الفلسطينية الاسلامية من عِبرْ تجارب الماضي القريب جداً .استخلصت بأنَّ ما يصّحُ على امريكا ،يصّحُ على اسرائيل ،لانهما من نسلٍ واحد وجينات واحدة ؛ احتلال و ظلم و نفاق وعدوانية و جرائم . و استرداد الحقوق من كليهما ،ليس بالسياسة و الوعود ، وانما بالصبر و القوة والنضال وبسلاح القوة و الصبر .انهزمت امريكا في فيتنام وركعت امام طالبان و تخاذلت امام ايران . كذلك اسرائيل ، ضربت عرض الحائط كل القرارات الدولية وكل الوعود والاتفاقات ،وادمنت على تقهقر العرب ، واكتشفت سّرهم ! وهو ” أنَّ تجاهل الوعود والعهود  معهم ،والتمدّد يوماً بعد يوم ، على حساب جغرافيتهم ، وخيانتهم بعضهم لبعض ” خير سلاح للسيادة عليهم .

ولم يتعظ العرب ،كدول ، مما حّلَ بهم  جرّاء سياساتهم ومواقفهم ازاء قضية فلسطين ، و ازاء عدائهم بعضهم لبعض ، و ازاء انبطاحهم لاعدائهم ،امريكا واسرائيل .تباكي وقلقْ بعض العرب ،اليوم ،على الرهائن الاسرائيليين ، وعلى مقتل المستوطنين الاسرائيليين ،و جميعهم مسلحون ومحتلون ،هما شاهدان على الانبطاح تحت سياط المُحتل والغاصب ، والخوف من الاشهار لمساندة سيف الحق .

 طوفان الاقصى برهن أنّ الشعب الفلسطيني في غزّة لم يكْ محاصرا، فمَنْ يتزود بعقيدة الايمان بالله واليوم الآخر يعيش في حريّة ،ويمتلك ارادة الاقدام والصبر والابداع والنصر .

طلع ابطال حماس والمقاومة على اعدائهم طلوع المنون ،من البّرْ والبحر والجو ،” فصاروا هباء وصاروا سُدى ” .

 طوفان الاقصى أكّدَ ماهو مؤكّد ومعروف عن نفاق الدول الديمقراطية الغربية ،و التي اصدعت الرؤوس و شّنت الحروب في دول اخرى تحت ذريعة حقوق الانسان وحرية الرأي والديمقراطية ، وهي الآن ( و اقصد الدول الغربية وامريكا ) تستنكر وتدين مقاومة شعبٍ مُحتلْ منذ اكثر سبعة عقود ، وتدعم احتلالا ارهابيا ،يرتكب مجازر وجرائم ضد الانسانية ، و يتجاوز كل القوانين و الشرائع الدولية .

علّمنا طوفان الاقصى أنّ النصر تحقّق بعد الانتقال بالفكر وبالممارسة من الحضن العربي السياسي الفاشل والمتخاذل، الى العمق الاسلامي المقاوم ، و المدرك لتجاوز الظالمين المدى و المؤمن ” بحق الجهاد وحق الفدى ” .

لتدرك الشعوب العربية الآن حقائق تُبدّد تضليل العملاء وتآمر الامبريالية و الصهيونية والرجعية على حقوقها ومستقبلها وثرواتها ، وسعيها الى شيطنة وتسقيط حركات المقاومة في الوطن العربي ،في فلسطين وفي لبنان وسوريّة واليمن والعراق ، والدعم المادي والسياسي والعسكري لهذه الحركات من ايران و روسيا وكل دول العالم المؤمنة بحرية الشعوب والمناهضة للاحتلال والاستعمار والاستكبار .

 *رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز

      القدرات / بروكسل ٢٠٢٣/١٠/١٠

       

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى