صورة لبنان في جلسة الموازنة :إنه الإفلاس السياسي ..والآتي أعظم(واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
بدت صورة لبنان جلية واضحة في جلسة الموازنة النيابية التي قدمت مشهدا معيبا للإنهيار بكامل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية..والأخلاقية.
مجلس نيابي منقسم على نفسه يلفظ الموازنة منبريا ،ثم يندفع بعضه لإقرارها ،وبعضه الآخر يعطل الجلسة من باب النكد السياسي الذي يحكم البلد ..والآتي أعظم.
رئيس مجلس نيابي يدير جلسة “بالتي هي أحسن” ،وهو يعرف سلفا أنها لن تسمن ولن تغني عن جوع الناس وصبرهم ويأسهم.
رئيس حكومة هو أغنى رجل في لبنان ،لكنه مفلس سياسيا ،ليس في جعبته غير تكرار خطابه السياسي الداعي إلى التعاضد والتعاون “مع بعضنا البعض” على طريقة “لله يا محسنين”.
وزير مالية مغلوب على أمره أنزلوه عن المنبر بعدما تلعثم في الكلام ،عاجزا عن تحديد سعر معين للدولار،فقرر رئيسه الحلول محله قبل أن يتمادى في الخطأ أمام طغمة من بعض الحيتان تتحفز ل”نتف ريشه”.
فريق نيابي محسوب على السلطة صبّ جام غضبه على مشروع الموازنة،ثم راح ينظّر لتمريرها على قاعدة “القرقشة ولا الجوع” و”ليس بالآمكان أفضل مما كان”.
فريق نيابي آخر يحمل لواء المعارضة ولا يملك بدائل مقنعة ،فيعمد إلى تعطيل الجلسة نكداً،ما يدفع رئيس المجلس مكرها إلى تأجيل الجلسة عشرة أيام ،فقط لأن رئيس الحكومة سيغيب عن البلد في رحلة تشبه الاستجمام بين لندن ونيويورك ،وفي عز الأزمة،كأن الوقت يلعب لصالح لبنان وشعبه المقهور.
خارج قبة البرلمان كان الناس يعبرون على طريقتهم عن غلّهم الذي لم يعد يحتمل:تسعة مصارف تتعرض لاقتحام من قبل مودعين أخذهم القهر مأخذا خارج القانون،وبينهم ضابط في الجيش،لنيل حقوقهم المسلوبة من مصارف أثرت على حساب الناس.
إنه الإفلاس ؟؟
نعم!..لكنه إفلاس سياسي بأوضح تجلياته.فلبنان ليس مفلسا ماليا.ولو جمعت ثرواته الداخلية والخارجية لفاقت كل تصور،ولكان صندوق النقد الدولي أحجم عن التمنن علينا بثلاثة مليارات دولار، قرضا على مدى خمس سنوات.
لو جمعت ثروات لبنان لفاقت الألفي مليار دولار على حد قول الدكتورة وجيهة عثمان في تغريدة عصماء لها اليوم.
لبنان ليس مفلسا ماليا،لكنه مفلس سياسيا.لقد قدم وزير الأشغال علي حمية نموذجا فاضحا عن الأموال والأملاك المنهوبة للدولة.وقد باتت التفاصيل معروفة .
لبنان بحاجة إلى منظومة سياسية نظيفة ،مؤمنة بوطن حقيقي،متحررة من التبعيات ،مستعدة لتحمل العقبات والعقوبات..وكفى الله المؤمنين شر القتال!!