سياسةصحفمحليات لبنانية

صفقة التبادل:إسرائيل ذهبت مرغمة إلى القاهرة بهدف “الإستماع فقط”(حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

أرسلت حكومة نتنياهو يوم أمس وفدا للمشاركة في لقاء القاهرة الاستخباري لحث التوصل إلى اتفاقية تبادل أسرى تفسح المجال لهدنة قد تقود إلى وقف تام لإطلاق النار. وبدا من تصرفات حكومة نتنياهو إزاء الوفد أنها ذهبت إلى القاهرة ليس برغبتها وإنما مجاملة للرئيس الأمريكي جون بايدن الذي عمل كثيرا من أجل إتمام صفقات تبادل أسرى.

غير أن تشكيلة وفد إسرائيل بعث على التشاؤم في ظل استبعاد رئيس ملف الأسرى والمفقودين الجنرال ألون نيتسان واستبداله لأول مرة بالمستشار السياسي لنتنياهو أوفير فولك. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن نتنياهو رفض اقتراحات طاقم المفاوضات وأعطى تعليمات بالوصول إلى القاهرة كمستمعين من دون أي تفويض باتخاذ مواقف.

ويشعر كثيرون في إسرائيل أن نتنياهو يدير معركة عبر قضية الأسرى ينطلق فيها من مصالح شخصية وحزبية وبرغبة بإطالة أمد الحرب. وهذا ما دفع “هآرتس” أمس في افتتاحيتها للقول بأن “حكومة إسرائيل ملزمة بان تدفع قدر الإمكان نحو تحقيق صفقة لتحرير المخطوفين، وذلك لان الزمن يعمل في غير صالحهم. فالمفاوضات على الصفقة يفترض أن تستأنف في القاهرة ، بمشاركة مندوبين من الولايات المتحدة، مصر وقطر، فيما يتصدر الوفد الأمريكي رئيس السي وليم بيرينز. غير أنه منذ رفعت حماس ردها للوسطاء على المقترح الذي تبلور في قمة باريس لتحرير مخطوفين وإعادة جثث في ثلاث مراحل (مقابل تحرير سجناء فلسطينيين كثيرين ووقف نار طويل)، قرر بنيامين نتنياهو، باسناد من كابينت الحرب الا يبعث بوفد إسرائيلي للمحادثات في القاهرة.

 ورأت الصحيفة أنه “محظور أن تستخدم حكومة إسرائيل العملية الناجحة في رفح كي تبرر رفض ارسال مندوبين عنها للمحادثات في القاهرة، او الأخطر من ذلك – كي تعزز أولئك الذين يؤيدون استمرار القتال على حساب تقدم المفاوضات لتحرير المخطوفين.

اليمين المتطرف يريد مواصلة الحرب بكل ثمن، بما في ذلك التضحية بالمخطوفين، لان الحرب بالنسبة له هي فرصة لتحقيق رؤيا احتلال غزة، استيطانها باليهود وتنفيذ ترحيل للفلسطينيين. نتنياهو يؤيد استمرار الحرب لاعتبارات سياسية داخلية، وذلك لان استمرار حكمه متعلق بتأييد اليمين المتطرف، واستمرار حكمه يقف على رأس اهتمامه. هذا التداخل في المصالح هو انباء سيئة للمخطوفين ولعائلاتهم، ولعموم الجمهور الذي يريد أن يراهم يعودون الى الديار”.

أما المراسل العسكري لهآرتس عاموس هارئيل فقد كتب أن تسجيل إسرائيل نجاحا معنويا بتحرير أسيرين لا يخفي واقع أن الأسرى الإسرائيليين موزعين في أرجاء القطاع وتحت حراسة مشددة من آسريهم، لذلك “سيكون من الصعب تحرير المخطوفين الآخرين، 134 مخطوفا بينهم 30 لم يعودوا أحياء، بطرق مشابهة”. وأشار إلى أنه “في نهاية المطاف ستكون حاجة الى التوصل الى صفقة تضمن تحرير جميع المخطوفين. المفاوضات غير المباشرة مع حماس سيتم استئنافها الآن مع وصول رئيس الـ سي.آي.ايه الى القاهرة اليوم لاجراء محادثات مع رجال المخابرات المصرية والقطرية. الادارة الامريكية تبدو مصممة على استغلال هذه الفرصة الضيقة كي تدفع قدما مع ذلك ببلورة الصفقة، رغم الفجوة الكبيرة بين مواقف اسرائيل ومواقف حماس”.

ومعروف أن الغرض الأساس من اتصال بايدن بنتنياهو يوم الأحد الفائت كان حث صفقة التبادل، وهو ما دفع نتنياهو لتكذيب التقارير الإسرائيلية بأنه لا يريد التوصل إلى اتفاق. وحينها ذكر لبايدن أن إسرائيل مستعدة للإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الإسرائيليين ولكن وفق معيار واحد إلى ثلاثة. غير أن بايدن أوضح لنتنياهو أنه قد يضطر في المفاوضات للإفراج عن عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإسرائيليين. وحاول نتنياهو التنصل من أي التزام أمام بايدن وأكد أنه يسعى لإبرام اتفاق يمكن تمريره في مجلس الوزراء الموسع وليس فقط في كابينت الحرب.

وكان مسؤولون كبار في إدارة بايدن قد تساءلوا في الأسبوعين الماضيين عما إذا كان نتنياهو جادًا بالفعل بشأن المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل، أو ما إذا كانت العملية المستمرة للجيش الإسرائيلي ضد حماس في قطاع غزة هي في الواقع أعلى في قائمة أولوياته. وشدد هؤلاء على أن أحد أهداف مكالمة بايدن ونتنياهو كان من وجهة نظر البيت الأبيض التوضيح لنتنياهو أن الرئيس يريد أن يرى إسرائيل تجري مفاوضات جادة لمحاولة التوصل إلى اتفاق.

وحسب هؤلاء أدى ضغط بايدن على نتنياهو إلى قيامه بإرسال وفد برئاسة رئيس الموساد لإجراء محادثات في القاهرة مع رئيس وكالة المخابرات المركزية ورئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية في محاولة للتوصل إلى اتفاق، حول تحقيق انفراجة في المفاوضات.

وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون كبار إن نتنياهو أبلغ بايدن بأن موقف حماس بعيد جدا عن “الشروط السخية” التي زعم أنها صيغت في باريس. وأشار إلى أن إسرائيل في الاتفاق السابق وافقت على إعطاء يوم هدنة لكل 10 أسرى يفرج عنهم، والآن توافق على إعطاء يوم هدنة لكل مختطف يفرج عنه. وأكد نتنياهو للرئيس أنه مستعد للمضي في صفقة الرهائن، حتى لو كانت ستؤدي إلى وقف النشاط العملياتي للجيش الإسرائيلي، وخاصة في ما يتعلق بدخول رفح. “لكن الأمر مهم بالنسبة لنا إذا كان ذلك ممكنا”.  

من جهة أخرى نقل موقع “والا” عن ثلاثة مصادر إسرائيلية قولها إن اللواء احتياط ألون نيتسان المسؤول عن ملف الأسرى عرض على نتنياهو تقديم اقتراحات جديدة في القاهرة، لكن نتنياهو رفض هذه المقترحات ولم يمنح الوفد أي تفويض سوى ب”الاستماع”. وهذا ما دفع نيتسان إلى عدم الذهاب إلى القاهرة على قاعدة أن الاستماع لا يتطلب إلا أذنين وليس 12 أذنا. ولذلك قرر نتنياهو ارسال مستشاره السياسي أوفير فولك ليضمن إشرافا مباشرا على مجريات الموقف الإسرائيلي في القاهرة.

 

 

وقال مصدر مطلع على التفاصيل إنه خلال المناقشات التحضيرية للرحلة إلى القاهرة، اقترح اللواء نيتسان ألون على نتنياهو مسار عمل معين لجولة المحادثات في القاهرة، لكن نتنياهو لم يوافق على إعطاء تفويض لـ الفريق المفاوض أن يتحرك في هذا الاتجاه وأصدر تعليماته بأن يكون “الاستماع” فقط.

ويؤكد كثيرون أن تشكيلة الوفد الإسرائيلي وعدم منحه تفويضا يثيران مزيدا من الخلافات ،ليس فقط داخل الحكومة، وإنما أيضا بين المستوى السياسي والجيش الإسرائيلي. ويشير تقييم إلى أن نتنياهو يريد التأكد من خلال مساعده المقرب من أن إسرائيل لن تتخذ خطوة عملية في هذه المحادثات.  وبرر رجال نتنياهو مشاركة مستشاره بأنها تعود إلى واقع أن ما سيناقش في الاجتماع قضايا بينها رفح ومحور فيلادلفي. وقال مسؤول سياسي إن إرسال مستشار في هذه الظروف ليس أمرا غير عادي ومفهوم إلى حد ما.

في الوقت نفسه، ينتظر رئيس الموساد ديدي برنيع أن يسمع من الوسطاء ما إذا كانت المحادثات التي جرت خلف الكواليس في الأيام الأخيرة قد أدت إلى تغيير في موقف حماس، ما سيؤدي إلى تقدم في المفاوضات. .

في هذه الأثناء، تجري في الكواليس جهود لتضييق الفجوات ومطالب حماس من أجل التوافق على الخطوط العريضة المحتملة. وأوضح مسؤولون كبار في إسرائيل، أن الفجوات في الصفقة لا تزال كبيرة، وهناك إجماع كامل في الجانب الإسرائيلي على أن الشروط التي طرحتها حماس ليست قابلة للنقاش.

 منذ أن تم تقديم رد حماس، الذي يتضمن عددا غير قليل من البنود الإشكالية، عمل رئيس الموساد مع مصر ومع رئيس وزراء قطر على تضييق الفجوات وحتى يكون من الممكن عقد نقاش جدي حول هذا الموضوع. لكن في إسرائيل أكدوا أن الوفد وصل إلى القاهرة “للاستماع بشكل أساسي”.

في الوقت نفسه، وبحسب مصادر مصرية، دعا الوسطاء ممثلي حماس للحضور إلى القاهرة بعد اللقاء الذي عقد أمس. وذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية أن مصر طلبت من وفد حماس العودة لأنه “ستكون هناك أخبار”. وقالت مصادر مطلعة للصحيفة إن حماس ردت بالإيجاب ووافقت على إرسال وفد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى