شمال إفريقيا بين نهجين..وصراع نفوذ على تونس(محمد صادق الحسيني)
محمد صادق الحسيني
يوم تحالف ماوتسي تونغ مع الزعيم الوطني تشان كاي تشيك الموالي للولايات المتحدة، لاخراج جيوش الغزو الياباني للصين في نهاية ثلاثينية القرن الماضي، لم يكن مضموناً لدى ماوتسي انه سينجح في تحقيق كل ما يريد ، سوى طرد المحتل الاجنبي.
قيس سعيد الرئيس التونسي الفلسطيني حتى العظم والمعروف بتوجهاته العروبية الصلبة ، استشعر على ما يبدو ، بان ثمة مشروعا كان يزحف بقوة لتحريك تونس باتجاهين:
١-التطبيع مع العدو الصهيوني.
٢- تحويل تونس الى رأس حربة ضد الجزائر القومية الاخرى المحاصرة من الغرب الاستعماري.
ولما رأى ان الظروف الداخلية نضجت للقيام لما اعتبره خطرا اميركيا- بريطانيا داهما على بلاده يستهدف تحقيق الهدفين اعلاه، قرر الاقدام سريعاً على ما اقدم عليه ، وهو الذي كان يعمل من اجله منذ فترة.
لمن تابع الرئيس سعيد على الاشهر الماضية يسجل له الخطوات المهمة التالية:
زيارة مهمة للجزائر قبل اشهر.
زيارة اخرى لفرنسا اواسظ نيسان.
زيارة مصر وعقد قمة مع السيسي بتاريخ ٢٢ حزيران.
ليس قيس سعيد الرئيس العربي الذي يصادق ويخاصم على اساس الايديولوجيا، لكنه كما اشرنا اعلاه العروبي والفلسطيني حتى العظم.
نعم هو قد يكون قام بانقلاب واضح وصريح على توافقات هشة مع احزاب تونسية( رغم ان دفاعياته تؤكد دستورية ما قان به حسب المادة ٨٠ من الدستور) .
وهو قد يكون قضى على الربيع العربي( وهذه يعتبرها البعض هدية ربانية)، بخطوته التي يصفها الكثيرون على انها انقلابية….!
وهو قد لا يستطيع استكمال حلقات ما يريد لبلاده ، سواء كان ليس اهلاً لذلك او ان الظروف الاقليمية والدولية لن تسمح له.
في كلتا الحالتين ، قيس سعيد اصبح الان جزءاً من تقاطع مصالح جزائرية فرنسية ، مصرية، ومصر ادخلت الامارات لتكون الممولة لهذا التحالف غير المتجانس ، لكنه بالضرورة يشترك بكل عناصره بهدف:
اخراج من يسمونه مشروع الاخوان المسلمين من الامساك بسلطة تونس ،وتالياً اخراج النفوذين القطري والتركي، وكذلك اضعاف النفوذ الاميركي البريطاني.
يبدو ان الرجل استشعر ربما ان بامكانه اعادة استحضار “التجربة الماوية”( بتصرف، والتاريخ لا يتكرر بصيغ ثابتة وجامدة) لتجنيب ما يعتبره خطرا داهم على بلاده.
ثمة من يسارع القول بان فرنسا والسيسي ايضا يريدان لتونس ان تذهب الى التطبيع ، طبعا ومن باب اولى الامارات الغارقة حتى اذنيها في التطبيع.
لكن الثابتة التي ينطلق منها سعيد في حركته الاخيرة هي عقيدة سياسية خاصة به فيها شقان :
-حماية تونس من فوضى المنظومة “الماسونية” التي يقال انها لم تغادر بورقيبية تونس رغم كل “ديمقراطية” الربيع العربي الرنانة التي روج لها الغرب يوم ركب موجة نهضة الشعوب العربية..!
– منع انزلاق تونس الى التطبيع وبيع فلسطين التي يعشقها ، وتحول بلده التي يعشق ايضاً، الى راس حربة ضد الشقيقة الجزائر، التي يريد الغرب ان يضعها بين فكي كماشة شرقا من تونس وغرباً من مراكش الذي بات نظامها يتفاخر باستتباعه للكيان الصهيوني.
السؤال الان :
هل سينجح سعيد في التحول الى شرارة تطيح بالنفوذ الاميركي الصهيوني في شمال افريقيا ، ويعيد بناء الدولة التونسية على قواعد جديدة، غير قواعد الربيع العربي المفخخ اصلاً بكل ما هو اسرائيلي..!؟
ام ستتحول تونس الى ساحة صراع اقليمية دولية تتقاذها الرياح العاتية والمضطربة..!؟
الامر يعتمد على صلابة الرجل ومدى قدرته على ادارة الصراع ، وتوظيف الظروف الخارجية لصالح المصلحة التونسية العروبية الفلسطينية العليا التي يؤمن بها بقوة..!