رأي

شروط التحرير بين التمني والواقع (حسن عماشا)

 

كتب حسن عماشا – الحوار نيوز

 

حين تتقدم الاماني على المعطيات السياسية يكون لها الوقع نفسه حين تتخلف.يفترض بعض الأحبة ان القضية الفلسطينية هي قضية الأمة الجامعة وهي أولوية تتقدم الأولويات المحلية في كل كيان عربي واسلامي.

وهذا الافتراض  وان كان صحيحا نسبيا، الا انه يحمل الكثير من الأمنيات ويتجاهل تحديات الواقع الصارخ والمعطيات الفعلية التي تربك المحور في اي تجاوز له.

 

بداية، صحيح ان القضية الفلسطينية تمثل القضية المركزية في الوجدان العربي والإسلامي ،ولكن ذلك لا ينعكس في الحركة السياسية للانظمة الرسمية العربية والغربية.  فالتهاب الأحداث الفلسطينية بما يجعلها الابرز في الاهتمامات العربية ، لا يخفي الخيارات المتناقضة في ما بين القوى السياسية الفاعلة على كل الساحات، وحتى بين الكيانات العربية والإسلامية ،خاصة ان بعضها لا يخجل من التماهي بالموقف مع الكيان الصهيوني علنا وضمنا ،وهنا لا نستثني طرفا من هذا الانقسام بما فيه الطرف الفلسطيني.

 

ففي ذروة الاجرام الاميركي الصهيوني، هناك قوى من جلدنا ولحمنا حاضرة دوما للمشاركة في تصفية القضية الفلسطينية، فيما يبدى الجناح السياسي للقوى المقاومة العسكرية استعدادا للمساومة في التفاوض ويضع سقفا نصف كياني للقضية، وذلك تحت مظلة :”الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ضمن دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف”، وهي مظلة تتماهى مع سلطة اوسلو بالجوهر، وان اختلفت معها بالأسلوب، حيث تشكل المنافسة في ما بينها مجرد  منافسة على دور سلطوي في إطار التقسيم الاستعماري.

 

واذا اتينا الى الموقف المصري الرسمي والمزاج الشعبي العام نجد أن الموقف الرسمي، موقف الرئيس السيسي الرافض لتهجير اهل غزة، لم  ينبع من تمسك مصر بحق الشعب الفلسطيني بأرضه، انما هو رفض استقبال الفلسطينيين في سيناء خوفا من ان يكون حل أزمة الكيان الصهيوني على حساب مصر. هذا مرفوض طبعا رسميا وشعبيا، ولكن لم يكن مانع لدى المصري ان تكون وجهة التهجير من غزة نحو النقب،وكذلك قس على الموقف الأردني.

وبتوسيع النظرة على الصعيدين العربي والإسلامي نجد خطابات فارغة من اي مضمون تتحدث عن التضامن والتعاطف مع الشعب الفلسطيني من دون أن ترقى الى حد المطالبة بوقف إطلاق النار، وقد تجاوزتها تحركات شعبية أكثر جرأة في دول الغرب تطالب بالعقوبات وتدعو حكوماتها إلى منع تصدير السلاح للكيان الصهيوني.

واذا ما نظرنا بدقة أكثر نجد أن البلدان التي تتمتع فيها قوى المقاومة النفوذ الأعظم، من لبنان إلى العراق، لا تستطيع هذه القوى ان تتحرك بحرية ،تحيطها حقول الغام من قوى سياسية محلية تتراوح خياراتها بين التماهي السافر مع العدو والمستتر بخبث، تحت مسميات المجتمع الدولي و”المبادرة العربية للسلام”  التي تسوّق المطالب الأميركية الصهيونية تحت عناوين الحرص على الناس والتخويف من العدوانية الصهيونية.

هذه كلها ليست الغام وهمية، بل هي جاهزة للانقضاض على خيار المقاومة اذا ما شعرت بأن هذه المقاومة ضعفت او وهنت، وتحملها مسؤولية التورط بالحرب ونتائجها.

في ظل هذه المعطيات لا يمكن أن تكون الدعوة إلى تصعيد المواجهة مع الكيان الصهيوني واشراك كل قوى المحور فيها، وكأنها الحرب الأخيرة معه الا دعوة واهمة لا تحمد عقباها. ولو ان المسار العام هو باتجاه القضاء على الكيان الصهيوني، ولكن هذا مسار ليس بقصير المدى ولا يمكن تحقيقه بالضربة القاضية.

لدينا الكثير من المعضلات التي علينا مواجهتها في نسيجنا الوطني – القومي لتكتمل شروط التحرير الكامل لفلسطين والأمة من الهيمنة الاميركية الغربية ،لكن خطى هذا المسار تتعاظم بشكل متنام ومتناسق مع شروط المرحلة التاريخية المساعدة على الصعيد الدولي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى