روح وجيه فانوس ومناديل محمود درويش(حاتم علامي)

د. حاتم علامي* – الحوارنيوز- خاص

درجت العادة أن تتراءى إلى مسمعي عند كل صباح نوتة خفيفة الصوت عميقة المعنى، لأجول مع وجيه فانوس في رحلة متعدّدة الإتجاهات لكنها مسكونة بهم واحد في البحث عن ومضة أمل في ظلام واقع كالح السواد. لكن الممثل هذه المرة كان هو الموعد وموضوع الرحلة.

تقدمنا بإسم لجنة كرسي محمود درويش في جامعة MUBS من عائلة الفقيد ومحبّيه وأهل الثقافة بالتعازي، لكن ما يفصلنا عن ذكرى رحيل محمود درويش الذي تكفّل راحلنا الكبير وجيه فانوس بإطلاق كرسيه في ذكرى رحيله العاشرة في آب ٢٠١٨ دفعنا إلى مشاركته كلمات من قصائد نثر ورودها المثقف المسكون بهم الأمة وقلق المثقف العربي في الأونيسكو في ١٨ آب ٢٠١٨، ووفاءً منا ومن اللجنة ومن الطلاب الذين تولّى أحد كبار الكتّاب اللبنانيين المرموقين وجيه فانوس تزويدهم بمادة دراسية خلال العام ٢٠١٨-٢٠١٩ حول محمود درويش.

ظل وجيه فانوس حتى لحظاته الأخيرة يتشارك مع محمود درويش كلمات في بقية حياته:

إذا قيل لي: ستموت هنا في المساء فماذا ستفعل في ما تبقى من الوقت؟

– أنظر في ساعة اليد

أشرب كأس عصير

وأطيل التأمّل في نملة وجدت رزقها

نغني ترحال مسافر يبحث عن نهر أعياه الظمأ:

كان نهر هنا،

وله ضفتان

وأم سماوية أرضعته السماء المقطّر

نهر صغير يسير على مهله نازلاً من أعالي الجبال ويضحك للساهرين على ضفتيه:

إشربوا لبن الغنم

واسقوا الخيول

وطيروا إلى القدس والشام

كان يغنّي فروسية مرّة

وهوى مرّة

كان نهراً له ضفّتان

وأم سماوية أرضعته السحاب المقطّر

لكنّهم خطفوا أمّه،

فأصيب بسكتة ماء

ومات على مهله، عطشاً!

وإلى ممثّل ملأ مسرحه على مر كل قضايا الإنسان والمجتمع،

إلى ممثل لم ييأس من أداء التغيير:

حيث القاعة خالية تماماً، ومئات المقاعد الخشبية تحمّلت فيه بصمة مقبرة جماعية، وتدعوه إلى المغادرة أو الإنضمام إليها.

آثر الخيار الثاني، واختار مقعداً في الوسط… ونام.

إليك في رحلتك إلى عالم الخلود ما كان لعالمنا من أثر الفراشة:

أثر الفراشة لا يرى

أثر الفراشة لا يزول

هو جاذبية غامض

يستدرج المعنى ويرحل

حين يتضح السبيل

هو مثل أغنية تحاول

أن تقول، وتكتفي

بالإقتباس من الظلال

ولا تقول…

مع رحيلك أثر لا يزول نعود معه إلى عطر الكلام في ما قلت وإلى عمق المعنى في ما قصدت، وأنت أحد أشرف من فتشوا في بيت القصيد عن سبيل ومدخل إلى تشبّث بموقف بحوار ممسك بالرأي دون تعصّب وبإرادة المطالبة دون يأس.

*رئيس مجلس أمناء جامعة MUBS