رأي

رسالة مفتوحة الى محور الممانعة (علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

 

قد يستغرب الكثيرون وبقصر نظر ما سأكتبه ويعتبرون ذلك كلاما في غير وقته تحت شعار ان “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”،وان الوقت الآن لفضح مجازر العدو (وكأنها تحصل لأول مرة )  ولاستنهاض المواقف المؤيدة للمقاومة ….

ولكن آمل ان يُغيّر هؤلاء موقفهم بعد قراءة ما سأكتب  نتيجة الحاجه الى رفع  الوعي ليرقى الى قراءة حقيقية للمرحلة ولتداعياتها ..

 

باستثناء “طوفان القدس” التي سنعود اليها فإن وعي  محور المقاومة ورغم كل مقوماته واستعراضات القوة الفاعلة والانتصارات المتنوعة التي حققها،ما يزال عند حدود  الدفاع .. ولذلك ما زال يستعمل مفردات الصمود والتصدي والصبر وعرض المظلومية وصولا الى اعلان تحقيق انجازات قدرة الردع مع التهديد بقلب المعادلات وزلزلة الكيان الصهيوني ، من دون اعطاء  بعد حقيقي لهذه الزلزلة ونتائجها، كما حصل عند الانتصارعلى  مشروع الإرهاب الذي امتد على طول العالم العربي  وصولا الى ايران بوصفها قيادة محور المقاومة ..

لقد    خسر محور المقاومة فرصة الاستفادة من اللحظة السياسية والتاريخية للانتصارعلى مشروع الإرهاب، نتيجة التعامل مع هذا الانتصار بأنه دفاع  وصمود ناجحان اديا الى إفشال مشروع الارهاب الذي كان يستهدف اعادة تفتيت المنطقة الى مادون التفتيت الذي رسمته اتفاقية سايكس- بيكو الى تفتيت يرتكز الى العرق والطائفة والمذهب وحتى العشيرة  خدمة لمشروع الكيان اليهودي الصهيوني …

ولم يرتفع مستوى وعي هذا الانتصار من مستوى  الدفاع والردع الى مستوى الافادة من الفرصة التي اتاحها مشروع الارهاب القائم على زلزلة  مفاعيل اتفاقية سايكس بيكو والغاء الحدود في اتجاه اعادة رسم خارطة جديدة تناقض المصالح التي كانت وراء  اتفاقية التفتيت المشؤومة في اتجاه توحيد محورالمقاومة، ليس فقط  في الاهداف والشعارات والتنسيق والعمل المشترك والدعم المتبادل ،بل بالمسارعة الى دراسة ووضع  وفرض اتفاقيات الغاء الحدود بينها ..على الاقل على المستويات الاقتصادية في البداية، تمهيدا لإلغائها لاحقا على المستويات السياسية وفق مشروع يراعي التنوعات والخصوصيات والاوضاع المحلية ،وهي امور ممكنة وفيها من التجارب مايشكل انموذجا او نماذج يمكن الركون اليها …

 

كان يُفترض أن ينعكس تجاوز القوى العسكرية  لقوى المقاومة  كل الحدود بين دول المحور وان  يتحول ذلك الى مشروع الغاء الحدود بعد الانتصار،بما ينقل المنطقة من انتصار دفاعي الى انتصار استراتيجي …..

 لا شك ان ذلك كان سيؤدي الى فرض واقع جديد بمعادلات جديدة ومعارك مختلفة ..  ولو كان عدم الذهاب في هذا الاتجاه ناتجا عن حسابات محددة  في هذا الشأن، لكان يمكن التبرير ..الا ان  الأمر لا يعدو كونه  قصوراً في  دراسة الاستراتيجيات ،بحيث ان كل  هذه الوحدة في المعركة لم تنتج حتى حرية التنقل بين دول المحور كأدنى إجراء .. وهكذا تم الحفاظ على كل البروتوكولات في تقديم  المساعدات او الدعم لمن يحتاجها في دول  او كيانات المحور ..!!!!!  

 وللاسف جاءت النتيجة السياسية لهذا الانتصار اعادة تثبيت اتفاقية سايكس بيكو مع ما يعني ذلك ..  ولهذا استعادت القوى الموالية للغرب  في المنطقة وهجها وكأن الانتصار على مشروع الارهاب  وهزيمة هذا المشروع لا تعني هزيمتها، فتعززت السيطرة الاميركية وزادت وتيرة التطبيع مع العدو الخ..

 

طوفان الأقصى

 

ما حصل في “طوفان الاقصى ” وما يمكن ان يحمل من تداعيات يجعلنا في مرحلة تماثل الى حد كبير مرحلة الانتصار على  مشروع الارهاب  .. الا انها اكثر اهمية كون الانتصار على مشروع الارهاب كان دفاعيا ،بينما  عملية طوفان الاقصى جاءت هجومية  ..

في حالة الدفاع انتصرنا  على مشروع يدفعنا الى اسوأ من حالة مفاعيل سايكس بيكو، الا اننا بنتيجة الانتصار تحولنا الى مدافعين عن هذه الاتفاقية التي مزقت المنطقة وانشأت الكيان الاسرائيلي الغاصب كشرطي لضمان استمرار السيطرة الغربية على المنطقة ،فعدنا الى التزام  القواعد التي فرضتها هذه الاتفاقية  …

اما في حالة “طوفان الاقصى ” الهجومية  فالمقاومة اقدمت ولأول مرة وبهجوم من قبلها بإحداث حالة انهيار نوعية في الكيان الصهيوني ،تشكل تمهيدا لتهديد وجودي يطال وجود الكيان الغاصب  في حال تحول الطوفان الى فتح جبهات المقاومة مجتمعة  …

وهذا أمر لا يزلزل الكيان الاسرائيلي فقط ،وإنمايزلزل اتفاقية سايكس بيكو التي سمحت باستمرار الحكم الغربي للمنطقة حتى الآن  ….

انطلاقا من هذه النظرة يمكن فهم هرولة حاملات الطائرات والاساطيل الأميركية والغربية الى المنطقة .. وعدم الإكتفاء بتقديم الدعم العسكري والجسر الجوي للمساعدات  للكيان الصهيوني .. ومن هنا يمكن فهم التحذيرات من فتح جبهات جديدة والتهديدات من انخراط حزب الله  او قوى مقاومة اخرى في المعركة ….انها معركة الدفاع عن سايكس بيكو ونتائجها بالنسبة لهم،وهي اكبر من معركة .انها حرب ولو اخذت طابع العالمية او الاقليمية ونتائجها ستكون تحولا في نتائج الحرب العالمية الثانية وليس أقل من ذلك …!

 

الواقع الحالي لمحور المقاومة

 

لا شك أن المقاومة تقف الآن امام واقع له حسابات عدة  :

  • ثقة كاملة بإمكان تحقيق الانتصار الكبير في حال فتح جميع الجبهات ..

٢-عدم الخوف من وجود الاساطيل لأن الدول التي ارسلتها تخاف الهزيمة وتنسحب عند الاحساس بالفشل المؤكد، وقد حصل ذلك في اكثر من واقعة وفي اكثر من موقع ..

٣- احساس برهبة نتائج الانتصاراكبر من تخوف من عدم الانتصار!وانطلاقا من ذلك تتصارع الخيارات بين  :

-الضغط لوقف الحرب في الواقع وموازين القوى الراهنة التي تسمح بتسجيل انتصار على العدو والحصول على مكتسبات تمهيدا لجولة جديدة وانتصارات جديدة تحسن من افضليات المقاومة  .. اي انتصارات تدريجية في انتظار “نصر نهائي “.

– او فتح الجبهات على طريق انجاز المعركة الكبرى   ل “زلزلة “الكيان ،وبالتالي اتفاقية سايكس بيكو . ورسم خرائط جديدة في المنطقة …!!؟؟؟

 

خلاصة

 

اعتذر لأنني ولأول مرة لن أكون صريحا  حتى النهاية في تحديد رؤيتي  لأفضليات المقاوم…

إلا انني اود ان اشير الى ان استعمال كلمة زلزلة الكيان هي استبدال مؤقت لكلمة تحرير كامل فلسطين ، وهذا الاستعمال المؤقت ناجم عن الرهبة من نتائج الوصول الى التحرير، وهذه الرهبة ناتجة عن عدم اقدام دول وقوى محور الممانعة على البحث الجدي ،وقد حان وقته للإجابة على أسئلة كبيرة هي   :

“ماذا بعد انهيار  الكيان الغاصب وتحرير فلسطين ؟

اي خرائط بديلة ل سايكس بيكو وما هي قواعدها؟

اي أنظمة على انقاض سايكس بيكو ؟

قد يعتبر البعض ان  ما اقوله غير واقعي وليس في وقته .. ولكن ذلك ناجم عن قصور في الوعي بات مؤصلا في تاريخنا الحديث ….

قبل وضع هذه الاسئلة على سكة الاجابات والاحتمالات ستبقى الرهبة من الانتصار اخطر على الانتصار من قوة العدو …..

…اللهم أنّي قد بلّغت ……

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى