كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
فقدت الساحة اللبنانية بوجه خاص،والساحة الإسلامية بوجه عام ،عالما علما من أئمتها ومجتهديها وفقهائها،هو المرجع العلامة الشيخ عفيف النابلسي الذي انتقل إلى جوار ربه راضيا مرضيا عن 82 عاما أمضاها في خدمة دينه ومجتمعه.
عرفت العلامة النابلسي لصيقا وجليسا للإمام المغيب السيد موسى الصدر منذ أواخر الستينات ،وكنت يافعا أتلقى علومي الأولية في مدينة صور ،حيث التحق بمركز الدراسات الإسلامية، دارساً الفقه والأصول والتفسير والعقائد الإسلامية. وقد لمست فيه باكرا الود والدماثة والأخلاق الرفيعة ،وتعززت علاقتي به أكثر فأكثر منذ ولجت مهنة الصحافة ،وتعمقت صداقتي بأبنائه الذين انتهجوا خطه وفكره وروحه الطيبة ،ومنهم الحاج محمد مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله والشيخ صادق وبهاء.
كان الشيخ عفيف أنيسا ومؤنسا في مجالسه ،ولطالما أسعدنا بلقياه في مجمع السيدة الزهراء الذي أنشأه في مدينة صيدا ،والذي طالته الهمجية الصهيونية بالتدمير ،فاعاد بناءه وجعل منه موئلا لكل صاحب حاجة وسؤال.
وكان خطيبا مفوها وفقيها ضجت المكتبة الإسلامية بمؤلفاته ورسالته ،فغدا واحدا من المراجع الإسلامية الذين تعود إليهم العامة في المسائل الشرعية.وقد أحب الشيخ عفيف الشعر فنظم فيه أكثر من ديوان.
وكان الشيخ عفيف مقاوما تشهد الساحات على مواقفه التي غذت المجاهدين بفكر المقاومة التي أنجزت أعظم مهمة في تاريخ لبنان وحررت الجنوب ولبنان من الاحتلال الإسرائيلي.وكان بينه وبين سيد المقاومة السيد حسن نصر الله ود متبادل ،وهو قال فيه: “إنّ معتقدي أنّ الشخص الأكثر اقتداراً على النهوض بأعباء هذه الأمانة الثقيلة وتحمّل هذه المهمة القيادية الجسيمة، هو السيد حسن نصر الله. فمن أولى منه وأهدى منه وأجدر منه على إصلاح أحوال العرب وتوسيع دائرة هذه الراية التي هي من أهدى الرايات على الإطلاق في مسيرة الرفض للباطل والظلم والإفساد.”
تمتع شيخنا بشخصيته الحوارية المعروفة بانفتاحها وتواصلها مع مختلف المكونات الدينية والسياسية.
وفي حياته محطات رئيسية نذكر منها:
– عينه المرجع السيد محمد باقر الصدر وكيلاً عاماً له.
– عمل لسنوات مع الامام الراحل الشيخ محمد شمس الدين وكان من أبرز الشخصيات العلمائية تمثيلاً على الساحة اللبنانية.
– قاد إلى جانب الشيخ راغب حرب الانتفاضات والاعتصامات الشعبية أثناء الاحتلال الاسرائيلي.
– شارك في تأسيس حزب الله وكان له حضور فاعل على المستوى الجهادي بين المقاومين وعلى المستوى السياسي في المحافل العامة.
– سافر إلى بلدان غربية وآسيوية وعربية في إطار جولاته العلمية والتبليغية.
– شارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل وخارج لبنان .
– أصدر أكثر من فتوى كانت مثار جدل واسع في الأوساط الإعلامية والسياسية في لبنان وخارجها.
– له مواقف مهمة في ما يتعلق بالحوار مع الغرب وقضايا حقوق الإنسان والمرأة والعدل والسلام في العالم.
رحم الله العلامة النابلسي وقدس سره ،وسيبقى ذكره مخلدا بما خلّفه من إنتاج ديني وفقهي وفكري، ومن ذرية صالحة .
السيرة الذاتية
في موسوعة “ويكيبيديا” الشهيرة سيرة ذاتية للعلامة النابلسي ،هذا أبرز ما جاء فيها:
ولد الشيخ عفيف النابلسي في بلدة البيسارية إحدى قرى قضاء الزهراني العام 1941،وأمضى طفولته في القرية ودرس على الطريقة التقليدية حافظاً للقرآن الكريم. كان شغوفاً بالمطالعة وقضى اوقاتاً طويلة في صغره في قراءة الكتب التي كان يستعيرها من بعض المتعلمين في القرية والجوار. ظهرت لديه موهبة الشعر باكراً، فنظم القصائد في العامية والفصحى، واعتلى المنابر الجنوبية في المناسبات العامة شاعراً وعريفاً وخطيباً.
مع وصول الإمام السيد موسى الصدر إلى صور، سارع إلى التعرف عليه والتحق بمركز الدراسات الإسلامية الذي أسسه وبقي جليسه ومريده. ودرس على أعلام جبل عامل آنذاك الشيخ موسى عز الدين، والسيد هاشم معروف الحسني. وقد بدت عليه علائم الجد والنباهة فبز أقرانه ومجايليه. ونتيجة لحاجة الإمام الصدر إلى مساعدين اكفاء على درجة عالية من العلم والفقاهة لاعادة تراث علماء جبل عامل إلى سابق عهده، وإلى جعل هذه المنطقة مركزاً للإشعاع الفقهي والفكري والحضاري.كانت رغبة الإمام الصدر تلتقي ورغبة الشيخ عفيف لإكمال الدروس العليا في النجف حاضرة الشيعة ومنارتهم العلمية، فأرسله بوصية خاصة إلى المرجع الكبير والفيلسوف السيد محمد باقر الصدر. فاهتم به أيما اهتمام وبقي مـلازماً له في كل دروسه ومجالسه العامة والخاصة، فأخـــذ عنه الفقه والأصول والتفــسير مدة عشر سنوات متواصلة حتى أصبح أحد ابرز طلابه في دفعته ومن اقرب مساعديه واخلــصهم له.
حصل من الإمام محمد باقر الصدر على ثنائه ومديحه على المرتبة العلــمية المرموقة التي وصـل إليها بين يديه. وقد كان واحداً من مجموعة من الطلاب تميزت بجديتها في اكتناه وسبر اغوار المدرسة الصدرية بكل أبعادها الاصولية والفلسفية والسياسية وبقي مخلصاً لها في كل الأوقات.
وفي النجف حيث قضى أهم مراحل عمره الدراسية، حضر أيضاً على اساتذة من أمثال: السيد محمد حسين الحكيم والمرجع السيد أبو القاسم الخوئي. ويُنقل عن الشيخ عفيف انه عندما قدّم للامام محمد باقر الصدر مشروعاً أولياً لكتابه الجزء الثاني من الرسالة العلمية «الفتاوى الواضحة» قابل الإمام محمد باقر الصدر ذلك بالإعجاب والإكبار وقال له «أنت أولى بذلك، أكتب لنفسك» وشجعه لمواصلة طريق العلم والتحصيل.
تميزت مرحلة النجف بحضور الشيخ النابلسي في الساحات الأدبية والمجالس الفقهية ،وقد كانت له صولات وجولات مع الفقيه الكبير محمد جواد مغنية. مارس التدريس وكتب تقريرات محمد باقر الصدر في البحث الخارج، ودوّن العديد من المؤلفات ولكنها صودرت جمعيها في بغداد عندما كان سماحته وكيلاً للصدر.
في بغداد، روّج لمرجعية محمد باقر الصدر بقوة كبيرة، منفتحاً على الأطر العلمية والثقافية وعلى طلاب الجامعات التي كانت تتزود من سماحته بأفكار ومعارف الصدر. ونتيجة لنشاطه وحيويته لوحق من قبل النظام البعثي واعتقل ثم نفاه وعائلته إلى خارج العراق. وصل إلى لبنان في لحظة تفجر سياسي وشعبي في إيران، فانخرط نتيجة لتوصية الصدر بدعم حركة الشعب الإيراني ومساندة الإمام الخميني فقدم خدمات جليلة على هذا الصعيد.
العمل السياسي
عمل في الفترة الأولى لعودته إلى لبنان ضمن مؤسسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وكان الأبرز تمثيلاً بعد العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ونشط في الحقل التبليغي على مساحة لبنان بأسره.
عند اجتياح الجيش الإسرائيلي لجنوب لبنان وقف بقوة في وجه هذا الاجتياح.وجال الجنوب معتصماً وداعياً إلى مقاومة الاحتلال. وقد كان رفيقه في هذه المواجهة الشيخ راغب حرب، وعملا معاً على تأسيس هيئة علماء جبل عامل التي كانت واحدة من مهماتها الأساسية مقاومة المشروع الصهيوني في لبنان.
انضم إلى جانب السيد عباس الموسوي ونخبة من كوادر حزب الله إلى قيادة العمل الجهادي والتبليغي في الجنوب وكان لفترة عضواً أساسياً في قيادة حزب الله في الجنوب. إلا انه فضّل بعد مدة البقاء في ميدان الحركة العلمائية والمجال التدريسي وممارسة العمل السياسي من موقع التوجيه العام.
مؤلفاته
ألف العلامة النابلسي عشرات الكتب ومنها:
- فقه الأئمة عليهم السلام (6 مجلدات)
- فقه أهل البيت عليهم السلام (مجلدان)
- القضاء في الإسلام
- فقه الصوم
- فقه الصلاة
- المواريث على فقه الإمامية
- الجهاد في الإسلام
- الاجتهاد والتقليد
- أحكام الزواج الدائم والمنقطع
- أخلاق النبي محمد (ص)
- النبي محمد (ص) حاضن أهل الكتاب وحاميهم
- الإمامموسى الكاظم
- الإمامعلي بن موسى الرضا
- الكلمة الزاهرة في العترة الطاهرة
- شذرات من حياة المعصومين (ع)
- بحوث في شخصيةالامام الخميني
- علاقة المسيحيين بأهل بيت النبي (ص)
- صلاة الجمعة في عصر الغيبة
- مشاهدات وتجارب ـ لقطات من سيرة الإمامموسى الصدر
- ظرائف وطرائف
- المسك الفواح لتطيب القلوب والأرواح
- الأربعون حديثاً
- طريق العروج إلى الملكوت. شرححديث عنوان البصري
- نظرات ورؤى في قضايا المرأة
- اشراقات كربلائية
- حاجة المبلغين
- زيد بن حارثة ربيب النبوة
- خفايا واسرار من سيرة الشهيدمحمد باقر الصدر
- ومضات مشرقة من تاريخعلماء جبل عامل
- القواعد الفقهية
- الاصول العامة لـ (علم ا لحديث) و (علم الرجال)
- حوارات عقائدية هادئة.
- مهام ملحة (مجموعة مقالات نشرت في جريدة البناء)
- أوراق متناثرة مقالات في الدين والسياسة والاجتماع
- تحديات الوحدة وثقافة الحوار
- على طريق الحياة كلمات في السياسة والدين
- موسوعة سيرة المعصومين (14 مجلد)
- شعر الخلود والهاشميات
- هديل في ازاهر أمير المؤمنين
- قصائد للمقاومةوالشهادة
- خمينيّات
- ملحمة الزهراء
- إخوانيات
- ملحمة الإمام الصدر
- نفحات عاملية.
* جرت مراسم تشييع العلامة النابلسي ووري في الثرى في مجمّع السيدة الزهراء في صيدا بعد ظهرأمس الجمعة ،وتُقبل التعازي للرجال والنساء قبل الدفن وبعده، وفي الأيام التالية: السبت والأحد في مجمع السيدة الزهراء من الساعة العاشرة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهرًا، ومن الساعة الرابعة حتى السابعة والنصف بعد الظهر.