كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
رحل كميل منسى أمس عن 88 عاما.هو أحد فرسان الجيل الأول في تلفزيون لبنان الرسمي، منذ تأسيس شركة “تلفزيون لبنان والمشرق” عام 1960 .وسيحتفل بالصلاة لراحة نفسه في تمام الساعة الواحدة من ظهر يوم الجمعة في مطرانية بيروت للروم الكاثوليك – طريق الشام، ثم ينقل جثمانه الى مسقط رأسه في صور، ليوارى في الثرى بمدافن العائلة.
ولد كميل عام 1936 ،وتعود جذور عائلته إلى مدينة صور. لم تُتح لي مزاملته في التلفزيون.هو ترك المؤسسة عام 1971،وأنا دخلتها عام 1983،لكنني عرفت الراحل خارج التلفزيون ،فتزاملنا وتصادقنا وترافقنا في أكثر من رحلة إلى الخارج ،فسبرت أغواره وسبرني ،وعرفت فيه الرجل الهادئ المثقف اللبق الذي تفخر بصداقته. وتعززت صداقتنا أكثر بالزمالة في نقابة المحررين ،وكان كميل أيضا من أوائل المنتسبين إليها.
كان كميل فارس الأخبار الأول في “تلفزيون لبنان والمشرق” حيث تولى إدارة الأخبار والبرامج من العام 1960 حتى العام 1971 ،وكانت طلته على الشاشة مميزة خلال الستينات ،يوم كانت المنافسة الإخبارية والبرامجية على أشدها بين تلفزيون لبنان والمشرق (القناة 5 و11 في الحازمية ) وشركة التلفزيون اللبنانية (القناة 7 في تلة الخياط)،قبل دمج الشركتين في مؤسسة واحدة في عهد الرئيس الياس سركيس في أواخر السبعينات تحت إسم “تلفزيون لبنان” الذي امتلكت الدولة خمسين بالمائة من أسهمه قبل أن تمتلكه بالكامل في التسعينات.
كان كميل منسى عضوا في لجنة الحوار الإسلامي المسيحي إلى جانب الأساتذة محمد السماك وحارس شهاب وعباس الحلبي(وزير التربية الحالي) وسعود المولى،وقد ترافقنا في أكثر من مناسبة ورحلة خارجية مع الإمام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الإسلامي الشيعي اللأعلى،كما تشاركنا في أكثر من ندوة ومناسبة محلية.
تعددت خبرات كميل منسى بعد مغادرته التلفزيون في السنوات اللاحقة، فراسل إذاعة مونتي كارلو، وتولى إدارة شركة «ميديا برس» التي كانت مسؤولة عن إعلانات «النهار» والـ«لوريان لوجور» في سنوات 1971 – 1973.وترأس المنظمة الدولية للإعلان، فرع بيروت ما بين 1980 – 1983، ودرّس لسنوات في كليتي الإعلام وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية . وكان رئيس مجلس إدارة ومدير عام دار “لوريان لوجور للنشر” على مدى 22 عاماً منذ عام 1981، كما كان المدير الإداري لجريدة الـ«لوريان لوجور» ما بين 1973 و2003.
سنة 1969، جلس كميل منسى أمام كاميرا «تلفزيون لبنان» ليبث لهم خبر أول هبوط للبشر على سطح القمر ضمن مهمة مركبة «أبوللو 11»، التي تحققت في 19 يوليو (تموز) 1969، وخطفت أنظار الناس حول العالم، بخاصة المولعين بالعلوم واستكشاف الفضاء الخارجي.
رحم الله كميل منسى ،وليرقد بسلام ،وخالص العزاء لعائلته الكريمة وللأسرة الصحافية جمعاء.
نقابة المحررين
وقدنعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية الزميل منسى وأصدرت البيان الآتي:
غيب الموت كميل منسى القامة الصحافية والاعلامية اللبنانية التي طبعت مرحلة التحول العميق في المهنة بطابعها الى جانب كوكبة من فرسان الكلمة والحضور المتألق. وهو بالإضافة إلى عمله في تلفزيون لبنان زمن البدايات، محققا السباقات الاعلامية ،عرف بسرعة البديهة وحسن التدبر.
من الرعيل الأول في التلفزيون ، ومراسل لمحطات واذاعات دولية، تولى المديرية الادارية في صحيفة ” الاوريان لوجور”، وله العديد من المؤلفات. يجيد الفرنسية إجادة كبار ادبائها، إلى جانب لغته الام ولغات عالمية أخرى.انتسب إلى نقابة المحررين وكان مستشارا لها،كما كان لفترة عضوا في نقابة الصحافة..
وقال النقيب جوزف القصيفي في نعيه: علم صحافي انطوى، وطوى معه حقبة كانت سداحا لقامات ما تسنمت إلا القمم في سعيها إلى الكمال المهني. انه كميل منسى ابن صور الذي قاده طموحه لأن يكون نجم المجتمع البيروتي وصالوناته الثقافية والادبية بسعة ثقافته، وعلاقاته الممتدة، من خلال تألقه في مهنة الصحافة والاعلام كاتبا تميز برشاقة اسلوبه ، ونافذ بصيرته، وعمق تحليله، ومذيعا ساطع الحضور بسرعة خاطره، وقدرته على المبادرة في اللحظات الأكثر حرجا.وفي عالم الاعلان كان ولاد افكار اشتهرت بفرادتها. وفوق ذلك كان محدثا لبقا، آسرا، جاذبا، انيقا، يأنس اليه الناس من كل الطبقات، وهو ذو نزعة انسانية جعلته ساعيا إلى الخير، وداعية من دعاة ثقافة السلام.
بغياب كميل منسى فقدت نقابة محرري الصحافة اللبنانية واحدا من ابر ابنائها واشدهم إخلاصا لها، وخسر لبنان احد اعمدته الفكرية والاعلامية. كما خسر اصدقاؤه الوجه الحبيب والخل الوفي، وثكلت عائلته برحيله وهو كان مفخرة لها وسندا، وانا الذي ربطتني به اواصر المحبة والصداقة والاحترام ابكيه رفيقا، وناصحا، وقلبا ينبض إخلاصا وودا.
حبر الصحافة الأسود ينزف دما قاني الحمرة على رحيله، والشاشة كئيبة على غياب كميلها سيد البدايات والمبادرات،والاعلان يعتصره الالم في غياب من كان ماهدا في تثبيت ركائزه.
فإلى ديار الخلد يا صديقي مشيعا بدمع الزميلات والزملاء وادعيتهم لك بالرحمة التي تستحق. وأنك لمستحق واكثر، وليكن ذكرك مؤبدا.