جائحة كورونا في ساحل العاج: ماذا يقول المعنيون ومن يتحمل المسؤولية؟
هدى جباعي قصير –أبيدجان خاص
رغم عدم توفر أرقام دقيقة من الجهات اللبنانية الرسمية في شاطىء العاج لعدد وفيات اللبنانيين من جراء فيروس كورونا، إلا أنه من المؤكد أن هناك حصيلة وفيات جديدة من أبناء الجالية حصدها وباء كورونا في الأيام القليلة الماضية، كما ازداد عدد الإصابات..
الأسباب كثيرة ولكن الإهمال والاستهتار بين أبناء الجالية اللبنانية والتقليل من مخاطر هذا الوباء هما السببان الأساسيان في ارتفاع حصيلة الوفيات يوماً بعد يوم..
السفير اللبناني: الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية
السفير اللبناني جو رجّي اعتبر في حديث ل"لحوارنيوز" ان عدم احترام التدابير الوقائية من قبل اللبنانيين هو السبب الرئيس في تفشي الوباء. رجّي طالب بالابتعاد عن أماكن السهر واحترام قواعد التباعد الاجتماعي الجديدة بالإضافة الى ارتداء الكمامات والقفازات بانتظام".
وشدد السفير رجّي على "الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية.. وضرورة احترام التدابير العاجية" مشيراً الى أن "بعض المناطق والجماعات تراخت ولم تحترم الاجراءات اللازمة".
السفير اللبناني الذي يقوم بالتنسيق والعمل مع كافة الإدارات المعنية بموضوع جائحة كورونا، أكد أنه لا يستطيع القيام بدور الشرطي لملاحقة كل فرد على حدة، مؤكداً أن على كل شخص أن يقوم بكل الإجراءات الوقائية".
خوري: على الدولة اللبنانية تحمل مسؤولياتها..
لدى التدقيق في حالات الوفيات التي أصابت أبناء الجالية اللبنانية يتبين أن غالبيتهم كانوا مصابين بأمراض مزمنة ما سبّب بوفاتهم، أما الشباب فغالبية الضحايا كانوا يعملون في البر، حيث أصابتهم الملاريا ولم تتم معالجتهم بشكل دقيق .
وهنا يؤكد رئيس غرفة التجارة والصناعة الطبيب جوزيف خوري الى ان أكثر من حالة سجلت وقد بلغ عدد الوفيات حتى اليوم أكثر من عشرين حالة، وتعدت الإصابات ألفي حالة، ولو أن أغلب العائلات اللبنانية طالها المرض، موضحاً أن البعض يقوم بالتعافي وباحترام قواعد الحجر الصحي من داخل منزله خصوصاً أولئك الذين لا أعراض جدية عليهم.
تكلفة العلاج واحدة من الأسباب التي تزيد من صعوبة المشكلة لمكافحة الوباء، ويشير الدكتور خوري الى ان العلاج باهظ الثمن، والأشخاص ذوو المداخيل المحدودة سيواجهون حتماً مشكلة جدية خصوصاً في حال احتياجهم للعناية عبر مستشفيات خاصة.
وحذر خوري من مشكلة التعاطي مع الفيروس من قبل أطباء غير مختصين مؤكداً على ضرورة احترام بروتكول العلاج.
رغم ان غرفة التجارة والصناعة تتابع ملف جائحة كورونا يوماً بيوم من خلال التنسيق مع السفارة اللبنانية وجهود السفير في ساحل العاج وعبر توزيع إجراءات الوقاية على أعضاء الغرفة ،الا ان خوري ذكر الدولة اللبنانية بمسؤولياتها تجاه المواطنين اللبنانيين في الاغتراب وواجبها اجلاء المرضى منهم للذهاب الى لبنان والاستشفاء. وأكد خوري أن الجائحة أثرت اقتصادياً على أبناء الجالية اللبنانية ووصلت الخسائر في الأرباح الى سبعة وعشرين بالمئة، أما البطالة فزادت نحو خمسة بالمئة.
خوري الذي أكد "ان اللبناني لا يزال مستمراً بالعمل" تساءل: "الى متى يستمر اللبناني في نضاله في ظل وباء كورونا في الغربة مع خطر سرقة أموالهم وجنى عمرهم داخل الوطن"؟
رئيس المجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم القنصل حسن يحفوفي أكد ل " الحوارنيوز" متابعة المجلس لأوضاع اللبنانيين في دول الأفريقية، مشدداً على "أن المجلس نجح في تحفيز شركة طيران الشرق الأوسط بتسيير رحلاتها إلى عدد كبير من الدول الأفريقية لإعادة من يرغب بالعودة ،وإن جرى ذلك دون المستوى الذي كنا نطمح له من حيث عدد الرحلات ومن حيث اسعار تذاكر السفر الباهظة، وهذا ما نعمل على معالجته مع اعادة الملاحة الجوية الى طبيعتها في الأول من شهر تموز".
وأضاف يحفوفي: نتألم لعدد الإصابات في المجتمعات الأفريقية " الشقيقة" وفي صفوف ابناء الجاليات اللبنانية، وبعيدا عن الأسباب فإننا بدأنا في المجلس نقاشا مع فروع الجامعة وسائر الفاعليات يتناول سبل المساعدة المباشرة وغير المباشرة، ومما لا شك فيه بأن الأمر له بعدان: الأول يتصل بنا كلبنانيين والبعد الآخر مرتبط بأنظمة الدول المضيفة وقوانينها".
وكشف يحفوفي عن إجراءات قريبة "ستبادر اليها وزارة الصحة العامة في لبنان وتتناول المغتربين في مختلف دول العالم ،وهذا أمر بدأنا البحث فيه مع وزير الصحة حمد حسن وسنطوره بالسرعة القصوى للوصول الى النتائج المرجوة".
منظمة الصحة العالمية: الجائحة لن تنتهي من دون اللقاح
في مقابل كل هذه الأسباب وزيادة عليها موسم الامطار الموسمية التي ينشط معها داء الملاريا وحمى الدنق والانفلونزا، ما يسبب ضعفا في مناعة الضحايا، يبدو تصريح ممثل منظمة الصحة العالمية في ساحل العاج الدكتور جان ماري فياني ياموغو واضحاً في أن البعض لا يزال يتعاطى مع المرض باستهتار، وانه لن يكون هناك حالات صفر من دون لقاح.
وأشار الى ان الوضع في ساحل العاج لا يزال مضبوطاً نظراً إلى أن أكثرية العاجيين هم ما دون سن الخمسة والثلاثين ،ومعدل العمر الوسطي في البلاد هو ثمانية عشرة سنة. لكنه في المقابل حذر من الاستهتار بين المواطنين، واعتبارهم عملية رفع العزل وكأنه الغاء للقيود المفروضة.
وأشار ياموغو الى "ان تراخي المعنيين بإتخاذ التدابير الوقائية أدى الى زيادة في عدد الوفيات محذراً من التقارب الاجتماعي وعدم احترام التدابير الجديدة.
ياموغو أكد أن منظمة الصحة العالمية طالبت بمنحة مالية تقدر ب425 مليون دولار لمواجهة فيروس كورونا القاتل في أفريقيا، علماً ان ولدى سؤاله عما اذا كان علينا التعود على هذا الوباء والعيش معه قال ياموغو: "انا شخصيا اوافق على هذا الطرح. يجب ان يوضع كورونا على لائحة الاوبئة الموجودة كالحصبة مثلا …كما اننا نعيش مع مرض الملاريا سنتعايش مع كورونا وسنراقبه حتى ايجاد اللقاح المناسب، علماً أن ساحل العاج في مرحلة تطور وانتشار الفيروس وليس في مراحله القصوى".. وأكد ياموغو أن هناك بين ٨٣٠٠٠ و١٩٠٠٠٠ حالة وفاة بسبب كورونا وبين ٢٩مليون و ٤٤ مليون اصابات في افريقيا في السنوات الاولى من الجائحة اذا لم يحصل العزل او لم تكن التدابير كافية من قبل الدول.
يربط ياموغو أسباب ارتفاع الإصابات مؤخراً بعاملين: الاول زيادة عدد الفحوصات بعد بدء العمل بمراكز اخذ العينات الموزعة على مختلف مناطق العاصمة أبيدجان، والعامل الثاني هو ان الناس بدأت تفهم ماهية المرض، ما دفع ببعض الذين يحتكون أو يتواصلون مع أشخاص مصابة بالكورونا باجراء الفحوصات فوراً، علماً ان كل مصاب يمكنه أن ينقل العدوى الى عشرة أشخاص آخرين.
ياموغو أكد الى انه إذا تم فتح مطار ابيدجان، لن تزداد خطورة الاصابة طالما انه سيتم مراعاة الفحوصات المخبرية التي سيخضع لها المسافرون بشكل جدي.
في ظل هذه الجائحة وهذا الوضع تجمع فعاليات الجالية وأطباؤها على ان وعي أبنائها هو الدرع الوحيد الذي نملكه لمواجهة ڤيروس كورونا والخلاص بأقل قدر من الخسائر، كما وان احترام التدابير الوقائية التي وضعتها الدولة العاجية هي ضرورة حتمية، إضافة الى الإجراءات الأخرى من وضع الكمامة وغسل الايدي والتباعد الاجتماعي والمسافة الآمنة وعدم التجمع وعدم ارتياد المطاعم والمقاهي والتوقف عن طلب النرجيلة عبر خدمة التوصيل المجاني، او تقاسمها مع اشخاص اخرين هي أهم الوسائل للوقاية.. علماً انه يجب التعامل مع كل شخص على انه مصاب..
ويشدد المعنيون الانتباه في فصل الشتاء حاليا الى ضرورة القضاء على البعوض الذي ينشر مرض الملاريا وأخذ الڤيتامينات لتقوية المناعة وتجنب الذهاب الى المستشفيات الا للضرورة والاتصال بالأطباء المختصين فور ظهور عوارض كورونا من دون تأخير …
والأهم ان يلتزم من أصابهم الوباء بفترة العزل الصحي حتى يشفوا تماما ،ولا يكونوا سببا بتعريض حياة غيرهم للخطر وخصوصا كبار السن والمرضى. علماً أن ازدياد االأعداد يعني ازدياد الحالات الحرجة وبالتالي لن تستطيع المستشفيات إستيعاب كل هذه الحالات ما سيؤدي الى زيادة عدد الوفيات. فكل مواطن مسؤول عن حياته وصحته وصحة وحياة الآخرين.