ثلاث عاهات فكرية – سياسية وراء مشكلة انتخابات الرئاسة.. وبناء وطن(علي يوسف)
كتب علي يوسف – الحوار نيوز)
يمكن القول ان هناك ٣ عاهات فكرية-سياسية تعتري موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، كما تعتري مواضيع النظام اللبناني ومواقع السلطة فيه ..
– اولى هذه العاهات هي في توصيف موقع رئاسة الجمهورية حيث يُقال ،كما هو متعارف عليه ومعتمد ،إنه موقع ماروني وهذا حتما يُزيل عنه صفة الموقع الوطني. والحقيقة ان الموقع هو رئيس جمهورية لبنان، يُنتخب له شخص من الطائفة المارونية ، وهذا لايعني انه موقع ماروني ،وإلا تحوّل رئيس الجمهورية الى ممثل لمصالح الموارنة وليس رئيسا لكل اللبنانيين كما يقسم عند انتخابه . وهذا الأمر ينطبق على المواقع التي يُعين فيها او يُنتخب إليها اشخاص من طوائف معينة . وهذه العاهة هي وراء كل التجاذبات التي تحصل عند استحقاق انتخاب الرئيس.
– ثانية هذه العاهات هي التقاسم الحصصي الطائفي الذي بدل ان يكتفي بتحديد هويات طائفية للمراكز الرئاسية كتعبير عن نوعية النظام المتعدد، تحوّل الى تقاسم حصصي لكل المواقع والمؤسسات ، ما جعل ما يُسمى ب “التوافق” ، قاعدة لاتخاذ كل انواع القرارت من الانتخابات وتكوين السلطة الى مشروع تمديد قساطل مياه او مجاري صحية مثلا، او اضاءة شوارع ؟؟!…. وكل الامور ما بين هذين السقفين تخضع لنفس شروط “التوافق” ،من التعيينات الى الادارة الى الموازنة الى الشؤون المالية الى التنمية الى القضاء الخ.. حتى وصل الامر الى ان محاكمة سارق من طائفة معينة تستوجب الحصول على سارقين من الطوائف الأخرى لكي تتم المحاكمة ،ما يُكمل الصورة الكاريكاتورية لهذا النظام ، وهي الصورة المضحكة والمبكية في الوقت نفسه.
– وثالثة هذه العاهات هي حين يُقال فلنجلس ونتحاور لنختار الأصلح بين المرشحين. و السؤال البديهي هنا : ماهي مواصفات الافضلية هنا ؟
وتهبط الكارثة كالقدر المحتوم حين نكتشف ما هو ليس بحاجة للإكتشاف إلا عند الذين لا يرون.. وهو ان المشكة هي اساسا في مواصفات الافضلية ولو كانت المواصفات واحدة لما كنا في ما نحن فيه،بل حتى لو ان الفوارق بين الافضليات هي شكلية او على الاقل في نفس الاتجاه والتوجهات لكانت هانت الأمور، ولكن الفوارق في الأفضليات تتعلق للأسف في مفهوم وقضايا الأمن القومي وفي التركيبة البنيوية والهوية للبنان، موقعا وانتماء ودورا ً.
فعن اي اتفاق حول من هو افضل نتحدث ؟ وهل يمكن الوصول الى اتفاق على من هو الافضل في ظل غياب الاتفاق على محددات الأفضلية ؟
منذ نشأة لبنان وكل ما يحصل فيه من التكوين الى النظام وتوازناته ،الى السياسات التي تعتمد ،الى الانتخابات وقوانينها وحتى الى التعيينات، تخضع كلها لموازين القوى الاقليمية اولا ،ثم انعكاساتها الداخلية ثانيا ..
واذا كانت قاعدة موازين القوى في تحديد السياسات هي قاعدة عادية في المجتمعات ،الا انها تعبّر عن موازين قوى مجتمعية اقتصادية مصلحية فكرية وطنية وليست موازين طائفية زبائنية وتبعية تكوينيا للخارج و”متراسية ونكائية ونكدانية”على مستوى الداخل .
هل تستمرالتسويات على اساس موازين القوى الاقليمية الدولية التي تُفرض علينا قسرا، ام انه حان الوقت لصياغة وقيامة لبنان الجديد القائم على مفهوم واحد للأمن القومي، يُشكل مرجعا للإفادة من الافضليات والقدرات الوطنية وبناء وطن..ونكررها للضرورة اسمه وطن.. وطن!