تصنيفات متبادلة لأسرى العدو والمعتقلين ضمن «الصفقة الشاملة»: أميركا تطلب (لإسرائيل) ثمناً سياسياً لوقف الحرب
الحوار نيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب إبراهيم الأمين في صحيفة الأخبار:
وفق قاعدة «نريد مخرجاً يقنع إسرائيل بوقف الحرب»، أطلق الأميركيون المرحلة الجديدة من المحادثات الجارية تحت عنوان إطلاق الأسرى لدى المقاومة مقابل المعتقلين لدى العدو. ورغم الجهود لتمديد الهدنة يومين بعد يومين، وفق الشروط المعمول بها حتى الآن، فإن المحادثات التي شارك فيها رؤساء أجهزة المخابرات الأميركية والمصرية والإسرائيلية مع القيادة القطرية، لم تفض إلى تفاهم تام، في انتظار جانب آخر من الاتصالات كان يجري في الساعات الأخيرة على هامش الاجتماعات المنعقدة في مقر الأمم المتحدة.وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن البحث على خطَّي الدوحة ونيويورك ينقسم الى جزءَين، أحدهما يتعلق بتبادل الأسرى، وآخر متصل بفكرة وقف الحرب نهائياً. وفيما تظهر إمكانات عملانية لإنجاز خطوات تسمح بتمديد الهدنة، إلا أن النقاش الآخر يبدو معقّداً بصورة كبيرة، نتيجة الشروط الإسرائيلية والسقوف العالية التي يتبنّاها الأميركيون.
مفاوضات سياسية تحت النار
في ملف المفاوضات لوقف الحرب، يعتقد الأميركيون بأن إسرائيل لا تعتبر أنها حقّقت هدفها من الحرب، وأن تأمين إطلاق جميع الإسرائيليين لا يكفي لتوقفها، وأنها تبحث عن نتائج تتعلق بمستقبل الوضع في القطاع، وتريد توفير مناخات عملانية تفضي إلى «نزع السلاح» من القطاع من خلال آلية فلسطينية – إسرائيلية – دولية، يكون لإسرائيل دورها الكبير فيها، كما تريد إبعاد قيادة حركة حماس في القطاع إلى خارج الأراضي الفلسطينية.
ومع أن الوسيطيْن القطري والمصري أجابا مباشرة بأن الأمر صعب التحقق، فإن النقاش الذي جرى لاحقاً مع قيادة حماس كان حاسماً لجهة أن المقاومة غير معنية بكل هذا النقاش، وأنها مستعدّة للسير في برنامج تبادل جميع الأسرى، على أن يكون من ضمن حل شامل يوقف الحرب، ويشمل أيضاً انسحاب قوات الاحتلال من القطاع ورفع الحصار عنه.
وكشفت المصادر أن الأميركيين لا يريدون توسّع الحرب، ويظهرون اهتماماً جدياً باستمرار وقف إطلاق النار. لكنهم ينظرون إلى الأمر على شكل وقف للعمليات العسكرية وليس وقفاً تاماً لإطلاق النار ولا رفعاً للحصار عن القطاع. وهي رؤية تزامنت مع تصريحات لقادة العدو عن مصادقة قيادة الجيش على خطط لعمليات عسكرية جديدة تشمل شمال القطاع وجنوبه بمجرد انتهاء أيام الهدنة. كما سُرّب تصريح لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو قال فيه: «إننا سنعود للقتال بعد استنفاد مرحلة إعادة الرهائن، والمسألة محسومة». فيما قال شريكه الرئيسي في مجلس الحرب بني غانتس إن «الحرب ستتوسع إلى كل مناطق قطاع غزة. ولن نتوقف حتى نحقّق الأمن ونزيل التهديد الذي يواجهه مواطنونا في الجنوب والشمال».
المقاومة ترفض صفقة كاملة لا تشمل إطلاق كل المعتقلين ووقف الحرب ورفع الحصار عن غزة
ويبدو أن الجميع ينتظر ما سيحمله معه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يصل إلى المنطقة اليوم في جولة يبدأها من إسرائيل. وهو صرّح أمس، في بروكسل، أنه سيعمل مع الإسرائيليين لتحديد ما إذا كان من الممكن تمديد وقف إطلاق النار المؤقت. وفي المقابل، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي تأكيده أن «بلينكن سيسمع غداً رسالة واضحة: الحرب لن تتوقف، النار ستتجدّد وبكثافة».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن جهة عربية وسيطة أعربت عن اعتقادها بأن واشنطن «قد لا تمانع أن تعود إسرائيل لخوض أيام قتالية إضافية لتحسين شروطها في المفاوضات، سواء بما خصّ الصفقة الشاملة للأسرى أو بالنسبة إلى الحل السياسي». علماً أن المتصلين بالجانب الأميركي نقلوا عن مسؤولين أن واشنطن أبلغت إسرائيل بأنه لا يمكن أن تكرر في الجنوب ما قامت به في الشمال. وهو ما فسّره البعض بأن واشنطن لا تمانع قيام إسرائيل بعمليات «قصف مختارة» مع نصيحة بـ«عدم التوغل في جنوب القطاع»، مع الإشارة إلى أن العدو يمهّد في تسريباته لعملية عسكرية كبيرة تستهدف منطقة خان يونس تحديداً.
ملف التبادل: تصنيفات وأثمان
وفي ما يتعلق بملف التبادل، فقد تبلّغ الوسيطان المصري والقطري من حركة «حماس» استعدادها للمضي في العملية الجارية منذ إطلاق الهدنة، وتمديدها ليومين إضافيين. وهو ما كان مرجّحاً ليل أمس. لكنّ النقاش لا يزال محصوراً في المحتجزين من الإسرائيليين أو الأجانب الموجودين لدى قوى المقاومة الذين تنطبق عليهم مواصفات الهدنة.
وعلمت «الأخبار» أن النقاش بدأ حول الصفقة الشاملة، لكن وفق معادلات مختلفة عما يحصل في المرحلة الراهنة. وظهر أمس أول تباين حول أرقام الإسرائيليين المفقودين داخل غزة. ففيما تتحدث إسرائيل عن 161 شخصاً تم نقلهم «أحياء» في 7 تشرين الأول الماضي إلى داخل القطاع، تشير المعلومات المتبادلة إلى أن الرقم قد لا يكون مطابقاً لما هو موجود فعلاً لدى المقاومة، خصوصاً أن المقاومة نجحت حتى الآن في جمع البعض من خلال اتفاقات وتفاهمات بين فصائل المقاومة في القطاع. لكنّ العملية الشاملة تحتاج إلى ما هو أكثر.
وأبدت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» خشيتها من عدم حصول تطابق كلي. وأشارت إلى أن عدد المفقودين قد يكون أكبر مما يعلنه العدو، لأن مجموعات كثيرة نقلت معتقلين إلى القطاع يوم عملية «طوفان الأقصى»، ولم يتح اندلاع الحرب عملية جمع شاملة، كما أن عدداً من الأسرى قُتل في الغارات الإسرائيلية وليست معروفةً على وجه الدقة هويتهم أو مكان وجودهم.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الجانبين الأميركي والإسرائيلي أجريا تصنيفاً خاصاً للمفقودين داخل القطاع، وأن العدد يشمل 15 أجنبياً يحملون جنسيات أخرى، وأن الإسرائيليين صنّفوا الأسرى وفق الآتي:
1 – الأفراد (ذكور وإناث) الذين تفوق أعمارهم الـ 75 سنة.
2 – الأفراد (ذكور وإناث) الذين تراوح أعمارهم بين 19 و21 سنة.
3 – الأفراد (ذكور وإناث) الذين أنهوا خدمتهم في جيش الاحتلال وليسوا ضمن قوات الاحتياط.
4 – الأفراد (ذكور وإناث) الذين اعتُقلوا وهم خارج الخدمة، ولو أنهم من عديد الاحتياط.
5 – الأفراد (ذكور وإناث) الذين يُعتبرون في الخدمة الفعلية.
6- الأفراد (الأحياء والأموات) بمن فيهم أربعة كانوا معتقلين لدى المقاومة منذ سنوات عدة.
وتفيد المعلومات بأن خلفية هذا التصنيف ليست تسهيل عملية الإفراج، بل تحديد أسقف مسبقة للأثمان المقابلة لكل فئة منهم، إذ يعرف الجانبان الأميركي والإسرائيلي أن المقاومة لن تقبل بالمعادلة القائمة حالياً، والتي تفيد بإطلاق ثلاثة فلسطينيين مقابل كل إسرائيلي.
وفي جانب المقاومة، فإن المعتقلين الفلسطينيين لدى قوات الاحتلال تمّ تصنيفهم وفق الآتي:
1 – المعتقلون الذين تمّ توقيفهم بعد 7 تشرين الأول.
2- المحكومون إدارياً وليست في حقهم أي أحكام.
3 – المرضى من جميع الفئات العمرية، من دون التمييز بين الأمراض. وعدد هؤلاء يلامس الـ 300.
4 – اعتماد الأقدمية لجهة ضمان إطلاق جميع المحكومين بالسجن المؤبّد، دون أي تمييز بين أبناء الضفة أو غزة أو فلسطينيي الـ48.
5 – بقية المعتقلين المحكومين بفترات متفاوتة.
وكانت فصائل المقاومة أحصت نحو 5000 أسير حتى مطلع الشهر الماضي، إضافة إلى نحو 2800 آخرين تمّ اعتقالهم بعد أحداث 7 تشرين الأول.
وقالت المصادر إن الجانب الإسرائيلي يبعث منذ الآن برسائل تفيد بأنه غير مستعدّ لإطلاق جميع المعتقلين أو «تبييض السجون» على ما تطلب المقاومة، ويعتقد الجانب الأميركي بأنه «من غير المنطقي» مطالبة إسرائيل بهذا السقف لأن في ذلك هزيمة لها. لكنّ المصادر الفلسطينية تقول إن المقاومة سبق أن جرّبت العدو وأسقفه المرتفعة، وهي غير مستعدّة لأي تنازل في هذا السياق.