العالم العربيسياسةصحف

ترتيبات لتوقيع «إعلان الرياض»: التفاؤل الحذر يلفّ اليمن

 

الحوار نيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب رشيد الحداد في صحيفة الأخبار:

 

صنعاء | يترقّب الشارع اليمني «إعلان الرياض» لوقف الحرب وإنهاء الحصار في غضون أيام، وسط مخاوف من تكرار سيناريو الهدنة الإنسانية التي انتهت من دون فوائد تُذكر. وفي السياق، أكّدت مصادر دبلوماسية، في حديث إلى «الأخبار»، أن السعودية بدأت بإجراء ترتيباتها، منذ أيام، لحفل توقيع إنهاء حالة الحرب في اليمن بشكل رسمي، والذي ستجري مراسمه في الرياض بحضور ممثلين عن «المجلس الرئاسي» الموالي لـ«التحالف»، ووفد صنعاء المفاوض الذي وصل برفقة وفد الوساطة العمانية مساء أول من أمس، إلى العاصمة السعودية، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا و«مجلس التعاون الخليجي» والأمين العام لـ«الجامعة العربية». ويشمل الإعلان «اتفاقاً لوقف إطلاق النار، والتوقيع على التفاهمات التي كان جرى التوصل إليها بخصوص صرف المرتّبات وفتح الطرقات وتوسيع وجهات الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى خمسة مطارات أخرى، بالإضافة إلى حلّ ملف الأسرى والمعتقلين المتعثّر وفق قاعدة الكل بالكل». لكنّ المصادر الدبلوماسية المطّلعة على المباحثات تحدّثت عن «توجّه سعودي – أميركي – أممي، لترحيل عدد من الخلافات حول آليات التنفيذ إلى جولات قادمة»، سيتولّى ترتيبها مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ.

وكان رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، أوضح أن زيارة الوفد للرياض تأتي في إطار «النقاشات التي قام بها الوفد الوطني مع الوفد السعودي في لقاءات عديدة في مسقط ولقاءات متكرّرة في صنعاء»، ما يعني أن الزيارة هدفها فقط التوقيع على ما تمّ الاتفاق عليه في النقاشات السابقة. وإذ حدّد عبد السلام أولويات جولة الرياض بإحداث اختراق في «الملف الإنساني» كمَهمّة أساسية، لفت إلى أن الوفد «يعمل على الحصول على حقوق الشعب اليمني العادلة»، علماً أنه يضمّ، إلى جانب عبد السلام، نائب رئيس حكومة الإنقاذ لشؤون الدفاع والأمن، اللواء جلال الرويشان، ورئيس اللجنة العسكرية، اللواء يحيى الرزامي، ونائبه حسن الكحلاني، وكبير المفاوضين، عبد الملك العجري.

 

من جهته، وصف عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، حزام الأسد، هذه الجولة، بأنها « تمثل فرصة للنظام السعودي قد لا تتكرر»، متسائلاً: «هل ينتهزها (ولي العهد محمد) بن سلمان وينفك من القيود الأميركية ويجنح إلى السلام؟». وإذ لفت الأسد، عبر منصة «إكس»، إلى أن «الوسيط العماني بذل جهوداً كبيرة في سبيل تحقيق السلام وتحمّل كثيراً من البجاحة والتقلّبات ورعونة الوفد السعودي المفاوض طوال الجولات السابقة للمفاوضات»، فقد أكّد أن «موقف صنعاء المفاوض ثابت ومبدئي وينطلق من حق شعبنا اليمني في أمنه واستقراره ووقف العدوان عليه وفك الحصار عنه واستعادة ثرواته السيادية المنهوبة والمودعة لدى البنك الأهلي السعودي والتي هي مرتبات لموظفي الجمهورية اليمنية، وخروج القوات الأجنبية الغازية وإعادة الإعمار وجبر وتعويض الضرر».

 

 

المشاورات التي جرت حول ملف المرتّبات تجاوزت الكثير من التفاصيل، فيما لا يزال النقاش جارياً حول تفاصيل آلية الصرف والجهة المخوّلة إياه

ويُشار إلى أن الوفد العماني الذي عاد، الخميس، إلى صنعاء بعد أقل من شهر من زيارته لها، كان التقى رئيس مجلسها السياسي، مهدي المشاط، بحسب وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، التابعة لحكومة صنعاء، والتي أشارت إلى أن المشاط جدّد شكره وتقديره لجهود سلطنة عمان المستمرة لإحلال السلام في اليمن، وأوضح أن «السلام كان ولا يزال خيار صنعاء الأول والذي يجب العمل عليه من قبل الجميع»، مشيراً إلى أن توجّه وفد صنعاء إلى الرياض هو «استجابة لوساطة سلطنة عمان لاستكمال المشاورات مع الجانب السعودي، والتي تمّت في صنعاء ومسقط وكان آخرها في شهر رمضان الماضي».
على أن السعودية لا تزال متمسّكةً بتقديم نفسها كطرف وسيط في بلد قادت العدوان عليه لنحو تسع سنوات، وهو ما جلّاه بيان لخارجيتها حاول أن يرجع وصول وفدها المفاوض إلى الرياض إلى «جهود المملكة لإحلال السلام في اليمن»، وهو ما علّق عليه عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، محمد علي الحوثي، بقوله: «تستمر الحوارات مع السعودية كقائد لتحالف العدوان، بوساطة عمانية، للتوصل إلى حل في المواضيع التي تتم مناقشتها بالملف الإنساني»، معيداً التذكير بأنه وفق «رؤية الحل الشامل لا يمكن أن يكون الحوار إلا مع تحالف العدوان باعتبار قرار العدوان والحصار وإيقافه بيده». وليست هذه المرة الأولى التي تطرح فيها المملكة نفسها «وسيطاً»؛ فخلال المفاوضات المباشرة الأولى، أواخر نيسان الماضي، حاول السفير السعودي، محمد آل جابر، الذي قاد وفد بلاده إلى صنعاء، تصوير زيارته في إطار «الوساطة» التي تقودها المملكة في اليمن، بناءً على مبادرة السعودية المعلنة مطلع عام 2021، والتي من أبرز بنودها وقف إطلاق النار وتنفيذ خطوات اقتصادية وفق «اتفاق ستوكهولم».

 

 

وعلى أيّ حال، فإن بيان الخارجية السعودية الأخير أكّد أن المفاوضات الجارية حالياً هي «استكمالٌ» لمفاوضات نيسان، التي توصّل خلالها الطرفان إلى تفاهمات تجاوزت مطلب توسيع الهدنة أو تجديدها، إلى وقف إطلاق النار بشكل كلي ورفع الحصار، من خلال البدء بتوسعة رحلات الطيران إلى أكثر من وجهة، وفتح ميناء الحديدة لدخول السفن التي تحمل المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وصرف مرتّبات موظفي الدولة، من دون أن يتم حينها الاتفاق حول مصادر الصرف، بعد اعتراض الجانب الأميركي على مطالبة «أنصار الله» بصرفها من عائدات مبيعات النفط الخام في المحافظات الجنوبية والشرقية وقطاعات النفط في محافظة مأرب. وعلى الرغم من الاعتراض الأميركي، إلا أن ما يجري اليوم هو عودة إلى تفاهمات نيسان التي وافقت السعودية في خلالها أيضاً على معالجة آثار الحرب والحصار، وأهملت مطلب التعويضات التي تتمسّك بها صنعاء، بل وحاولت الرياض تمييع هذا المطلب عبر استبداله بدعوة إلى مؤتمر مانحين دولي لإعادة إعمار اليمن، تشارك فيه السعودية كـ«مساهم أكبر». ووفقاً لمصادر اقتصادية في صنعاء، فإن المشاورات التي جرت حول ملف المرتبات تجاوزت الكثير من التفاصيل، فيما لا يزال النقاش جارياً حول تفاصيل آلية الصرف والجهة المخوّلة إياه. وإذ رُفض مقترح سعودي بشأن الترتيب لحوار يمني ـ يمني، فقد اعتبرت صنعاء الحوار اليمني شأناً داخلياً، مؤكّدة أن تنفيذ بنود الملف الإنساني أولوية قصوى لا يمكن تجاوزها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى