العالم العربيسياسةصحف

السودان | تهديدات متبادلة بحكومة منفردة: شبح التقسيم أكثر قرباً

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب بشير النور في صحيفة الأخبار :

 

يخشى السودانيون تكرار «تجارب عربية» في تشكيل حكومتَين متوازيتَين: واحدة في الخرطوم والأخرى في بورتسودان، وذلك عقب تحذير قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، من أنه سيعمد إلى تشكيل سلطة حاكمة في مناطق سيطرته، إذا شكّل الجيش حكومة بشكل منفرد في مدينة بورتسودان شرق البلاد. وهدّد «حميدتي»، في تسجيل صوتي، بتشكيل حكومة موازية بعد التشاور مع القوى السياسية، يكون مقرّها العاصمة الخرطوم، حال تكوين البرهان حكومته الخاصة. وكانت أنباء متداولة قد تحدّثت عن نية البرهان تشكيل حكومة جديدة بعد مغادرته مقرّ قيادة الجيش في 24 آب الماضي، واستقراره في مدينة بورتسودان التى تحوّلت إلى عاصمة إدارية عقب اندلاع القتال في الخرطوم.

من جهتها، ضغطت قوى سياسية في اتّجاه تكوين حكومة تصريف أعمال، وعقدت، لأجل ذلك، «الكتلة الديموقراطية» المؤلَّفة من أحزاب سياسية مساندة للجيش، اجتماعات في العاصمة الإريترية أسمرا، خرجت بضرورة تشكيل حكومة انتقالية لعامين، ومجلس سيادي مكوَّن من 5 مدنيين و4 عسكريين يمثّلون أقاليم البلاد، على أن يترأس المجلسَ القائدُ العام للجيش. ونصّ الإعلان، أيضاً، على قيام مجلس تشريعي يتكوّن من 300 عضو، وإنشاء 8 مفوضيات مستقلّة. لكن مكوّنات أخرى، على رأسها «ائتلاف الحرية والتغيير» تعترض على هذا التوجّه، وترى فيه تعليقاً للأزمة وتهديداً لوحدة السودان.

إزاء ذلك، يرى المتحدّث الأسبق باسم القوات المسلحة، الصوارمي خالد سعد، في حديث إلى «الأخبار»، استحالة قيام «حميدتي» بتشكيل حكومة في ظلّ المعارك المستعرة في ولاية الخرطوم، معتبراً أن «العِبرة ليست في إعلان تشكيل حكومة من مدينة بورتسودان شرق السودان، إنّما في الاعتراف الدولي بها والتعامل معها». ويعتقد أنه «في حال إعلان قائد الجيش تشكيل حكومة جديدة، فستحظى بالاعتراف الدولي»، واصفاً تهديد «حميدتي» بإعلان حكومته بـ«غير الواقعي والمنطقي». إلّا أن عضو الأمانة العامة في «حزب المؤتمر الشعبي»، بارود صندل، يرى أن «حميدتي» قادرٌ على تشكيل حكومة مستقلّة، عازياً الأمر إلى أن «قواته تسيطر على نصف مساحة السودان بما يشمل خمس ولايات في إقليم دارفور، وثلاثاً في إقليم كردفان، إلى جانب ولاية الخرطوم التي تحتلّ فيها قوات الدعم السريع 6 مناطق من بين 7». ويضيف صندل، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «الجيش ليس موجوداً سوى في محلّية واحدة وهي كرري وبعض مواقعه العسكرية»، محذراً من أنه «في حال تشكيل حميدتي حكومته، فسيكون واقع السودان مماثلاً للنموذجَين الليبي واليمني».

أيّ حكومة تحتاج إلى أدوات تنفيذية، وموارد مالية، وكوادر بشرية، واعتراف سياسي وديبلوماسي

بدوره، يرى المتحدث الرسمي باسم «قوى الحرية والتغيير»، شهاب إبراهيم، أن «التسجيل الصوتي لحميدتي فيه رساله محدّدة بإمكانية تقسيم البلاد»، داعياً «الجميع إلى التعامل معها بجدية». وينبّه إبراهيم، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنه «بالنظر إلى تأزّم الأوضاع في البلاد واتجاه الحرب إلى نواحٍ سيئة للغاية، فإن الإعلان عن عزم طرفَي القتال على تشكيل حكومتين يعني انقسام البلاد إلى جزءين، ما سيزيد من خطر انزلاقها إلى حرب أهلية». لكن القيادي في حزب «الأمة»، عروة الصادق، يشكّك في قدرة «حميدتي» على تشكيل سلطة في الخرطوم؛ إذ إن «أيّ حكومة تحتاج إلى أدوات تنفيذية، وموارد مالية، وكوادر بشرية، واعتراف سياسي وديبلوماسي، فضلاً عن الاستقرار لأداء المهام وخدمة المواطنين». ويشير الصادق، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «كلّ هذه المقوّمات لا يمكن توفيرها بمجرّد الحديث أو إعلان الأمر بمراسيم لادستورية، سواء كانت في بورتسودان أو الخرطوم، وإلّا سنشهد حكومة اسمية كالمعلنة في بعض المدن الليبية واليمنية، فالإعلان سهل ويمكن لأيّ مجموعة سياسية أخرى إعلان حكومة منفى». إلا أنه، في الوقت نفسه، يرى أن هذه التهديدات من شأنها أن «تقود البلاد إلى الانقسام السياسي والجغرافي، وتفاقم حدّة الاستقطاب، وتعميق الاصطفافات القبلية والإثنية والجغرافية، فيما سيكون المتضرّر الوحيد هو السودان شعباً وأرضاً».

أمّا القيادي في «التجمع الاتحادي»، محمد عبد الحكم، فيلفت إلى أن تهديد «حميدتي» «مشروط بتشكيل البرهان حكومة طوارئ في عاصمة البحر الأحمر، بورتسودان»، مستدركاً بأنه يستبطن «مؤشّراً خطيراً للغاية يمثّل تهديداً جديداً لوحدة البلاد، وخصوصاً أن الطرفين المتقاتلين يمتلكان حواضن اجتماعية وسيطرة ميدانية على الأرض في مناطق مختلفة، ما قد يعني إمكانية تشكيل حكومتين، وهو الأمر الذي سيقود مباشرة إلى تقسيم للبلاد». ويشدد عبد الحكم، في تصريح إلى «الأخبار»، على أن «الأولوية القصوى في الوقت الراهن تتمثّل في مواصلة المفاوضات في منبر جدة، وإكمال المباحثات حيال المبادرة السعودية – الأميركية لوقف دائم لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضرّرين من نيران الحرب، وإزاحة المعاناة عن كاهل ملايين السودانيين الذين نزحوا إلى الولايات الآمنة، ولجأ آلاف منهم إلى دول الجوار».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى