بلبلة عربية حول عودة سوريا للجامعة:دول تطرح شروطا ترفضها دمشق
الحوارنيوز – خاص
في إطار الخطوات التمهيدية لتراجع الدول العربية عن قرارها بتعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية، ذكرت وكالة “رويترز” أن بياناً أصدرته وزارة الخارجية السعودية في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت أفاد “بأن وزراء خارجية مجلس التعاون دول الخليجي ناقشوا خلال اجتماع عقد في مدينة جدة السعودية أمس الجمعة مع نظرائهم من مصر والعراق والأردن الأزمة السورية وعودة دمشق المحتملة إلى جامعة الدول العربية، لكن لم يتم اتخاذ قرار بعد”.
آراء وتقديرات من 5 دول .. من يؤيد ويقاوم عودة الأسد للجامعة العربية؟
وكان الاجتماع الوزاري العربي قد سبقته “استدارات” أبرزها الخاصة بالموقف السعودي، إذ استضافت الرياض قبل أيام وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد في تحوّل مفاجئ، تبعه بيان مشترك تضمن عدة نقاط على صعيد “التسوية السياسية وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين”.
ورغم أن عدة دول سارت على خطى المملكة العربية السعودية وسبقتها بأشواط طويلة، مثل مصر والأردن ودولة الإمارات وسلطنة عمان، إلا أن أخرى بقيت على مسافة مطالبة النظام السوري بتقديم تنازلات تحت مسمى “نوايا جدية في سبيل الوصول لتسوية سياسية يشارك فيها جميع السوريين، وليس العودة إلى ما قبل 2011.
وتتصدر قائمة هذه الدول قطر وتليها المغرب، فيما قالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الأربعاء الماضي، إن خمس دول على الأقل تقاوم المساعي السعودية لإعادة دمشق للجامعة، وبينما ذكرت اسم الدوحة والرباط والكويت أشارت إلى موقف مصري لافت، مع أن القاهرة كانت قد خطت اتجاه النظام السوري لثلاث مرات، بعد كارثة الزلزال المدمّر.
وفي حين ترفض سورية العودة الى جامعة الدول العربية إذا كان ذلك سيعني تسليما بشروط بعض الدول التي دعمت المجموعات الانفصالية والارهابية التي ارتكبت مجازر واستباحت الامن الوطني السوري وتسببت بحروب وإقتتال لم ينته بعد، تبرز المواقف العربية الرافضة لعودة سورية،من دون إغفال الموقف السعودي الإيجابي الذي عبر عنه الإستقبال السعودي للوزير المقداد.
في المقابل اعتبر رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مقابلة تلفزيونية أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية “مجرد تكهنات”، مشددا على أن “أسباب تعليق عضوية دمشق لا تزال قائمة” بالنسبة للدوحة.
وقال المسؤول القطري لتلفزيون قطر الحكومي: “لا يوجد شيء مطروح وكلها تكهنات حول (عودة) سوريا” إلى الجامعة العربية، مضيفا: “كانت هناك أسباب لتعليق عضوية سوريا ومقاطعة النظام السوري، وهذه الأسباب لا تزال قائمة بالنسبة لدولة قطر”.
ولم يتغير موقف قطر من النظام خلال السنوات الماضية، بحسب حديث المسؤولين القطريين، على رأسهم وزير الخارجية، الذي سبق وأن تحدث عن “الجرائم التي ارتكبها النظام بحق السوريين”.
“شروط مصرية معلّقة“
وتعتبر مصر إحدى الدول الأساسية التي فتحت أبوابها للنظام السوري خلال الأيام الماضية، لكن حديث مسؤولين لصحيفة “وول ستريت جورنال” خيّم ضبابية على مسارها الذي بدأت بزيارة ومن ثم اتصال هاتفي وانتهى بزيارة عودة.
وقال المسؤولون إن “مصر التي أحيت العلاقات مع سوريا في الأشهر الأخيرة وتعتبر حليفا قويا للسعودية، تقاوم أيضا الجهود” المتعلقة بإعادتها إلى الجامعة العربية.
وأضافوا أن القاهرة وعواصم أخرى تريد من رئيس النظام السوري، بشار الأسد التعامل أولا مع المعارضة السياسية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتا لتقرير مستقبلهم.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية القول إن الوزير سامح شكري أبلغ الأمم المتحدة يوم الاثنين أنه يؤيد تنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي يطلب وضع خارطة طريق لإجراء انتخابات حرة في سوريا.
لكن مدير تحرير جريدة “الأهرام” المصرية، أشرف العشري يرى أن موقف بلاده الخاص بسوريا مخالف لما أوردته “وول ستريت”.
ويوضح لموقع “الحرة” أن “هناك رغبة خليجية – مصرية لإعادة دمشق لمقعدها”، وأن زيارة رئيس دولة الإمارات الأخيرة تصب في هذا الاتجاه.
ويقول العشري: “القاهرة راغبة في فتح الأفق لعودة سوريا على أن يتم بعد ذلك تسوية سياسية بالتعاون مع المعارضة، وتولي مصر والخليج أن يكون هناك مشاركة للمعارضة وفق 2254، وأن يكون هناك رغبة في حضور دمشق لقمة 19 مايو المقبلة”.
“من يعارض عودة سوريا هي قطر. مصر شروطها معلقة وكل ما يهمها عودة دمشق للجامعة العربية في المرحلة القادمة”.
ولا يعتقد العشري “وجود أي معارضة مصرية”، مشددا على أن القاهرة “لا تتخلف عن التغيرات في الإقليم، وموقفها متناغم مع الموقف السعودي والإماراتي”.
“اعتباران مغربيان“
في غضون ذلك لدى بعض الدول الرافضة لعودة سوريا مطالب أخرى، على سبيل المثال المغرب، إذ يريد من حكومة النظام السوري إنهاء دعمها لجبهة “البوليساريو”.
ولم يتضح حتى الآن القرار الرسمي للمغرب من التحوّلات في المواقف العربية حيال العلاقات مع سوريا، وهي الدولة التي قطعت علاقاتها مع النظام السوري في 2012، بعد قرار طرد السفير السوري حينها، كونه “شخص غير مرغوب فيه”.
ويبدو أن هناك اعتبارين أساسيين لموقف المغرب، حسب المحلل السياسي بلال التليدي، الأول مرتبط بالقضايا الإنسانية والثاني “سياسي وإقليمي”.
ماذا عن الكويت؟
ورغم اتضاح الصورة خليجيا ما يزال موقف دولة الكويت تثار الكثير من التكهنات بشأنه.
وبينما أوردت “وول ستريت جورنال” الأميركية أن الكويت من بين الدول التي تقاوم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ذكر تقرير صحفي قبل أسبوع معلومات تخالف ذلك.
وقالت الصحيفة الأميركية إن “الكويت إحدى الدول التي ترفض حاليا قبول عودة سوريا إلى الجامعة”، لكن صحيفة “الجريدة” الكويتية أوضحت في 11 من شهر أبريل الحالي أن “الكويت ستكون مع القرار الذي ستتخذه الجامعة العربية، حول عودة النظام لمقعده في الجامعة”.
وتحدثت نقلا عن مصادر لم تسمها أن “عودة النظام تتطلب إجماعا عربيا كما حصل سابقا حين تجميد عضويته.
وتلتزم الكويت علنا بقرار 2012 (إغلاق السفارات) ونفت، في نوفمبر 2018، صحة أنباء ترددت عن إعادة فتح سفارتها في دمشق.
من جانبه كان نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، قد أكد في أواخر عام 2018 أن العلاقات بين بلاده ونظام الأسد “مجمَّدة وليست مقطوعة، وفقاً لقرارات الجامعة العربية”.
ويقول الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، عائد المناع: “قد يكون هناك تباينات في وجهات النظر بين دول مجلس التعاون فيما يتعلق بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية لمقعده”.
ويضيف أن “البعض يرى ضرورة أن يكون هناك على الأقل تقديم ضمانات لوضع سياسي أفضل، وأيضا الطلب من كل القوى الأجنبية، بما فيها إيران وحزب الله وحتى روسيا بأن تغادر سوريا”.