رياضة و شبابمنوعات

بعد تغريدة النائب خواجة:هذه هي قصة النقل المباشر لمونديال 2018

القضاء يضع يده على الملف من جديد بعد طيه في السابق

 

الحوار نيوز – خاص

مع كل عرس للمونديال الرياضي، يكون للبنان فيه قرص يأخذ الكثير من الأخذ والرد ،منذ تولت شركة “بي أن” (  “bein ) احتكار النقل الخاص للمنطقة العربية والشرق الأوسط .

قبل ذلك كان تلفزيون لبنان يتولى النقل المباشر لمباريات كأس العالم من دون منة من أحد.بعد ذلك صار التلفزيون الرسمي مجبرا على عقد اتفاقات مع الشركة الناقلة بتكلفة عالية.وهذا ماحصل في الأعوام 2018 و2014 و 2000 .وعندما كان تلفزيون لبنان يخرق هذه الاتفاقات كان يتعرض للمساءلة والتقاضي ،وهو ما حصل مع رئيس مجلس الإدارة السابق طلال المقدسي عندما خرق حقوق البث الحصرية.

هذا العام تولى وزير الإعلام زياد مكاري باكرا التفاوض مع شركة “بي أن” وزار العاصمة القطرية الدوحة في محاولة لإقناع المسؤولين فيها بمنح لبنان حقوق البث مجانا، نظرا للأوضاع الصعبة التي يمر بها البلد.لم تفلح مفاوضاته في التوصل الى اتفاق واشترطت الشركة الناقلة بدلا لمنح تلفزيون لبنان حقوق البث المباشر يعادل خمسة ملايين دولار أميركي.تدخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع القطريين ولكن من دون جدوى.

ولأن الحكومة في لبنان في طور تصريف الأعمال ،ولأن صرف مبلغ بهذا القدر يتطلب جلسة لمجلس الوزراء الذي لا يجتمع في العادة أثناء حكومات تصريف الأعمال،ضاعت الفرصة على اللبنانيين لمشاهدة مباريات كأس العالم، إلا من خلال الاشتراك المكلف مع شركة “سما” التي تلتزم البث في لبنان من شركة “بي أن”.

تغريدة خواجة

بالأمس أثار النائب محمد خواجة عضو كتلة التنمية والتحرير، قضية النقل الخارجي للمونديال، ملمحا إلى فضيحة مالية حصلت في العام 2018 حين حصلت الحكومة اللبنانية على حقوق البث لقاء مبلغ مالي كبير.

وجاء في تغريدة خواجة:   

 قال وزير الإعلام إنّ شركة “bein” طلبت السّعر ذاته الّذي تقاضته العام ٢٠١٨ لنقل مباريّات المونديال، وهو خمسة ملايين دولار. علمًا أنّ لبنان دفع أحد عشر مليون دولار في المونديال السّابق. نطالب القضاء اعتبار كلام وزير الإعلام بمثابة إخبار لمعرفة إلى جيوب من ذهبت الملايين السّتّة؟!!

تغريدة خواجة سرت في الأوساط السياسية والرياضية كالنار في الهشيم ،وفتحت جرحا ظن المسؤولون أنه أغلق منذ سنوات،ودفعت  القضاء الى فتح هذه القضية من جديد ،لكشف الحقائق عن تلك المرحلة.

أين ذهبت الستة ملايين دولار الإضافية التي تحدث عنها النائب خواجة؟

“الحوار نيوز” استطلعت تلك المرحلة من مصادر متعددة وخلصت الى المعلومات الآتية:

عشية مونديال 2018 الذي استضافته روسيا في حزيران من ذلك العام، أجرى وزير الاعلام ملحم رياشي في ذلك الحين اتصالات بشركة “سما” التي يرأس مجلس إدارتها محمد منصور،فطلبت الشركة المعنية مبلغا كبيرا من المال قيل أنه يفوق العشرة ملايين دولار، لقاء منح تلفزيون لبنان حقوق البث.

ولأن حكومة الرئيس سعد الحريري في ذلك الحين كانت في طور تصريف الأعمال،بعد الانتخابات النيابية التي جرت في أيار،عقدت ثلاثة اجتماعات متتالية في السراي الحكومي بإشراف الرئيس الحريري لمناقشة هذا الموضوع ، وشارك فيها وزير الاعلام ملحم رياشي ووزير الاتصالات جمال الجراح ووزير الشباب والرياضة محمد فنيش،وانتهت هذه الاجتماعات إلى اتفاق مع شركة “سما” على مبلغ قيل يومها أنه ثمانية ملايين دولار لقاء منح تلفزيون لبنان حقوق البث ،على أن تتلقى الشركة المذكورة بدل الإعلانات التي ترد خلال المباريات ،وقد قدرت يومها ب900 ألف دولار أميركي ،على أن يتم دفع المبلغ المذكور من شركتي “تاتش” و”ألفا” للهاتف الخلوي بقرار من وزير الاتصالات جمال الجراح،بحيث تكون حصة “تاتش” 4.3 مليون دولار،وحصة “ألفا” 3.7 مليون دولار.

.الا أن مصدرا إعلاميا معنيا أوضح للحوار نيوز أن شركتي ألفا وتاتش دفعتا مبلغ 9.3 مليون دولار إضافة الى مبلغ 700 ألف دولار من تلفزيون لبنان بدل إعلانات.

رئيس “سما” محمد منصور يوقع العقد مع رئيس “ألفا” مروان حايك

وقد وقع الوزير الجراح العقد مع شركة “سما” ،وكذلك رئيسا ألفا وتاتش،ولم يكن لتلفزيون لبنان أي دور في الصفقة ،سوى الموافقة الخطية عليها ،من دون أن تتضمن هذه الموافقة المبلغ المتفق عليه.

 احتفال شركة “سما”

من احتفال شركة سما عام 2018

في 8 حزيران 2018 احتفلت شركة “سما”،  باقتراب موعد انطلاق المونديال، مُطلقةً حملتها للحد من قرصنة القنوات التلفزيونية، خلال حفل عشاء من تنظيم شركة ICE Events في فندق فينيسيا.

وخلال الحفل ألقى ممثّل رئيس الجمهورية اللبنانية وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي كلمة قال فيها: “القرصنة أكبر ضرر لحقوق التأليف والنشر والأدب والفكر والفن وبالطبع المونديال. باسم رئيس الجمهورية أقول إن القرصنة ممنوعة منعاً باتاً وأدعو الجميع لاحترام حقوق الغير من أي نوع كانت. مبروك نقل المونديال إلى جميع اللبنانيين”.

ثمّ أشار ممثل رئيس مجلس الوزراء ، وزير الاتصالات جمال الجراح إلى أنه “بعد جولات من المفاوضات تمكّنا من التوصل إلى بث المونديال إلى كل اللبنانيين من المباريات الأولى وحتى المباراة النهائية”.

وفي كلمته هنأ ممثّل  وزير الشباب والرياضة ، علي فواز اللبنانيين بحلّ مشكلة متابعة مونديال روسيا 2018 “وهو الحدث الكروي الأبرز الذي ينتظره محبّو الرياضة في العالم كله، وذلك بفضل تضافر جهود اللجنة الوزارية الثلاثية التي رافقتها المتابعة الحثيثة لدولة رئيس الحكومة، المكلفة التفاوض مع شركة سما الوكيل الحصري لشركة bein، ما أدى إلى بلورة الاتفاق الذي سيترك أثراً طيباً لدى جميع المنظمين اللبنانيين، والذي أكّد بأن المونديال ليس حكراً على أحد دون آخر بل هو حق للبنانيين بالتساوي”.

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة سما محمد منصور: “نطلق اليوم حملتنا لمكافحة  قرصنة القنوات  التلفزيونية، لا سيما قنوات bein . صحيح أن لبنان سيدخل نادي الدول النفطية قريباً ولكن يبقى الإبداع الفني والثقافي والفكري مصدر الثروة الأساسي في لبنان، لذلك لا بد أن يكون في طليعة الدول الحامية لحقوق الملكية الفكرية وبشكل خاص الانتاج التلفزيوني”. ودعا إلى مكافحة القرصنة بكل الوسائل التقنية  .

أما عضو مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشوؤن المالية  في قنوات bein  طارق زينل، فقال: على الرغم من حجم الاستثمار الكبير الذي قامت به مجموعة bein في السنوات الأخيرة، تواجه عقبات من بينها موضوع قرصنة المحتوى التلفزيوني بمعناه الواسع. فالتعامل مع قضية القرصنة يتطلب وضع فكر واستراتيجية جديدة مبنية على أساس تضافر جهود مختلف القطاعات والمؤسسات العاملة في هذا المجال  حتى نتمكن من القضاء على هذه الآفة والتصدّي لتلك الجريمة المنظّمة”.

وفي الختام وزّعت شركة سما الدروع التكريمية إلى رئيس الحكومة ممثلاً بالوزير الجرّاح، و إلى ممثّل رئيس الجمهورية الوزير ملحم الرياشي، ممثلّ وزير الشباب والرياضة علي فواز والمدير التنفيذي لقنوات bein طارق زينل.

الوزير جمال الجراح

تحقيق قضائي

بعد المونديال دار لغط حول كلفة النقل المباشر،وأحيلت القضية الى القضاء الذي فتح تحقيقا واسعا في هذا السياق ،واستدعي جميع المعنيين وتم الاستماع على أقوالهم في هذا المجال ،وبينهم مسؤولون في تلفزيون لبنان .لكن القضية أقفلت بعد ذلك ولم يسمع أحد بها منذ ذلك الحين.

لكن تغريدة النائب خواجة واللغط الدائر في هذا الإطار فتح ملف القضية من جديد.وافادت مصادر قضائية بان “النيابة العامة المالية حولت ملفا يتعلق بشبهة حول فرق في بدل نقل حقوق بث مباريات كأس العام بين العام 2018 و 2022 والذي قدر بنحو 5 مليون دولار الى ديوان المحاسبة للتدقيق في قانونية عقد بث المونديال عام 2018 بانتظار رد الديوان”.

وفي رأي مصادر متابعة فإن هذه القضية لا تحتاج إلى كثير من البحث والتدقيق ،إذ بمجرد الإطلاع على العقود ومحاضر اجتماعات السراي الحكومي السالفة الذكر،وطلب مستندات شركة “سما” ،يمكن بسهولة تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود ،ومعرفة المبالغ التي دفعت ،سواء كانت ثمانية أم أحد عشر مليون دولار،إلا إذا كان المطلوب طي هذا الملف كما حصل في السابق.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى