محمد صادق الحسيني – البناء
الروس سموها قمة تغيير النظام القديم واسقاط الاحادية الاميركية والاتراك سموها قمة التحول الجذري والايرانيون سموها قمة الانتصار لسورية
اياً تكن التسمية ، لم يكن مؤتمر طهران الاستراتيجي الذي جمع رؤساء ايران الجمهورية الاسلامية الحرة وروسيا الاتحادية المتحررة من النظام العالمي الاحادي وحامي مرمى الناتو الجنوبي و التابع للنيوليبرالية العالمية نعم، لكنه المصاب مثله مثل سيده، بجراح عميقة في كل الميادين، امراً عادياً ، وانما حدثاً استثنائيا بكل معنى الكلمة في سياق مجمل الاحداث العالمية المتسارعة التي تتجه لقلب النظام العالمي القديم الاميركي الغلبة، وفتح الباب واسعاً لنظام عالمي جديد متعدد الاقطاب اكثر استقلالاً وتحرراً من ذي قبل .
لا يشبه هذا الحدث الكبير في تاريخ الوقائع الاستثنائية العالمية، الا قمة طهران التاريخية في اوج الحرب العالمية الثانية في الاول من ديسمبر ١٩٤٣ والذي جمع بين رؤساء الاتحاد السوفياتي ستالين ورئيس وزراء بريطانيا تشرشل ورئيس الولايات المتحدة الاميركية روزفلت والذي سمي وقتها بقمة النصر والذي افرز نتائج استثنائية مهمة شكل تحرير ستالينينغراد من الاحتلال النازي الحدث الاخطر وبداية النهاية لدحر النازية، والذي على اساسه اطلق على طريق ايران الذي فتح باتجاه الاراضي السوفياتية يومها بطريق النصر.
طبعا مع الفارق الكبير وهو ان اجتماع طهران القديم كان في السفارة السوفياتية في طهران التي كانت يومها مع جبهة المحور النازية بزعامة رضا شاه ، بينما هي اليوم دولة مستقلة وبزعامة امام هو امام المقاومة والتحرر والاستقلال انعقدت القمة في حضرته .
لكن موقع طهران الجيوسياسي والجيوستراتيحي هو هو لم يتغير و الذي هو محل حديثنا وبحثنا.
في اطار هذه المقارنة الجيوستراتيجة من جهة ، ومن ثم المقارنة الميدانية الاستراتيجية الحاصلة على الارض الاوكرانية نفسها، قد تكون طهران مجدداً هي رأس الحربة في احداث النقلة النوعية المرتقبة.
فلنقرأ سوية المقارنة التالية:
١) القيادة العامة للقوات المسلحة السوڤييتية تصدر أمر العمليات رقم / ٣٠١٦٠ /، بتاريخ ٦/٧/١٩٤٣ ، لقادة القوات في : الجبهه الجنوبيه ( شمال بحر آزوف ) ، التي تضم خمسة جيوش .
والجبهة الجنوبية الغربية ، التي تضم ستة جيوش ، وتمتد من خاركوف شمالاً حتى مدينة ستالينو Stalino جنوباً ، بالبدء بحشد قواتهما لبدء هجوم شامل لتحرير منطقة الدونباس من القوات الالمانية المحتلة .
٢) بدأت مجموعة جيوش الجبهة الجنوبية هجومها الشامل ، ضد جيوش الاحتلال الالماني ، بتاريخ ١٧/ ٧/١٩٤٣ ، ونجحت في اختراق الخطوط الالمانية بعمق ثلاثين كيلومتراً على طول الجبهة .
٣) وفي نفس التاريخ ، ١٧/٧/١٩٤٣ بدأت الجبهة الجنوبية الغربية هجومها الشامل ضد خطوط جيوش الاحتلال الالمانية وحققت خرقاً يتراوح عمقه بين عشرين الى ثلاثين كيلومتر وعلى طول الجبهة .
٤) كان الهدف التكتيكي ، لهذا الهجوم الواسع في منطقة الدونباس ، هو ارغام القيادة العسكرية الالمانية على سحب قوات ، من جبهة قوس كورسك ( من ٥-١٦/٧/١٩٤٣ ) حيث كانت الجيوش الالمانية تشن هجوماً لتطويق وابادة ١٨ جيشاً سوفيتياً كان قد تم حشدها على تلك الجبهة ، تمهيداً لشن هجوم استراتيجي سوڤييتي هناك .
٥) اما الهدف الاستراتيجي ، للتحرك الهجومي للجيوش السوفييتية في جبهات الدونباس فقد تمثل في التأسيس لاقامة رؤوس جسور للهجوم الاستراتيجي الشامل في الدونباس ، الذي كان مخططاً له ان يبدأ بعد هزيمة الجيوش الالمانيه في جبهة قوس كورسك ، وهو ما حصل . حيث هزمت القوات الالمانية هناك ، الامر الذي شكل قاعدة انطلاق للهجوم الاستراتيجي السوڤييتي الشامل لتحرير اوكرانيا من الاحتلال النازي .
٦) في مثل هذه الايام من شهر تموز ٢٠٢٢ ، تمكنت القوات الروسية والقوات الحليفة ، في منطقة الدونباس ، من تحرير معظم اراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغاتسك .
فهل ستشهد نهايات هذا الشهر وبدايات شهر آب هجوماً روسياً واسعاً لتحرير بقية اراضي جمهورية لوغانسك ؟
وهل سنشهد انطلاق هجوم تكتيكي جديد ، للقوات الروسية وحليفاتها ، ربما على جبهة خيرسون / اوديسا / ، لارغام القوات النازية الجديدة ، في اوكرانيا ، على سحب جزء من قواتها ، لتعزيز جبهة خيرسون / اوديسا في القادم من الايام ؟ ليتزامن هدف تحقيق الانتصار مجدداً على النازية في نفس الجبهات ونفس التاريخ تقريباً ؟
وبالتالي تشكل هذه التحولات الجديدة في مسرح العمليات الاوكرانية جسر العبور الى النظام العالمي الجديد..؟
اذا ما حصل هذا وهو متوقع جدا تكون طهران مرة اخرى عاصمة النصر الاستراتيجي ، وطريق النصر على النازية الجديدة، والنيوليبرالية الاميركية الاطلسية المتهافتة على اعتاب تحالف الشرق الجديد المتمثل بالصين وروسيا وايران.