المواطنة هي خشبة الخلاص
طلال الامام – استوكهولم
تعني المواطنة في مدلولها السياسي منح جميع الأفراد الذين يحملون جنسية بلد ما حقوقا وواجبات متساوية بغض النظر عن اللون، الجنس الانتماء الديني ، الطائفي، السياسي او الاثني. كما تقونن الحقوق التي تكفلها الدولة لمواطنيها، والالتزامات التي تفرضها عليهم فحقوق المواطنين هي واجبات على الدولة، وحقوق الدولة هي واجبات على المواطنين. وفي محاولة توضيح هذه الحقوق نرى أنها تتشكل من الحقوق المدنية، التي تضم حرية التعبير والمساواة أمام القانون، والحقوق السياسية، التي تشمل:
الحق في التصويت ،الحق في الانضمام إلى أي تنظيمات سياسية مشروعة.، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، التي تعني فيما تعني مساواة المرأة بالرجل ، الحق في السكن، العمل، التعليم والصحة.
يرتبط مفهوم المواطنة بالديموقراطية والعلمانية، كون الديموقراطية هي الحاضنة الأولى لمبدأ المواطنة. الديموقراطية التي تعني أن الشعب هو مصدر السلطات. وحتى تكون المواطنة فعالة، فمن الضروري أن يتوافر لها قدر من الوعي المستند إلى إمكانية الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، بحيث تُصبح هذه المعرفة قاعدة القدرة على تحمل المسؤولية، كما تشكل أساس القدرة على المشاركة والمساءلة.
يعتبر إشباع الحاجات الأساسية للأفراد ، في أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، أحد المقومات الرئيسية للمواطنة. وفي هذا الإطار تواجه المواطنة أزمة إذا تخلت الدولة عن القيام بالتزاماتها المتعلقة بتهيئة البيئة الملائمة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لمواطنيها. ومن الطبيعي أن يؤدي عدم إشباع تلك الحاجات الأساسية إلى ظواهر عديدة،
تُشير في مجملها إلى تآكل الإحساس بالمواطنة. وتبدأ هذه الظواهر بالانسحاب من القيام بالواجبات، مادامت الحقوق قد تآكلت مروراً بعدم الإسهام أو المشاركة الفعالة على كافة الأصعدة، وحتى الهروب من المجتمع، والبحث عن مواطنة جديدة، أو التمرد على الدولة والخروج عليها، والاحتماء بجماعات وسيطة، أو أقل من الدولة جماعات: دينية ،قبلية او عشائرية او إثنية وهذا بدوره يؤدي الى هزات، صراعات، وحروب داخلية وخارجية.
نعتقد واستنادا الى ما تشهده مجتمعاتنا وبلداننا من صراعات دموية تسمح بالتدخلات الخارجية للسيطرة على مواردنا، ان احد الأسباب الرئيسية لذلك هو وبشكل أساسي التوزيع غير العادل للثروة الوطنية، الفساد، التناحرات الدينية ومحاولات القوى الرجعية التي تحاول السيطرة، تحت شعارات دينية او طائفية، على العقل ومحاربة اية توجهات ديموقراطية، علمانية او مدنية بحجة عدم ملائمتها لمجتمعاتنا الشرقية، مع كيل مختلف الاتهامات لاية نزعات علمانية او مدنية دون معرفة مفهومها الحقيقي .
اكاد اجزم ان السير نحو مجتمعات المواطنة والعلمانية بخطى مدروسة ثابتة، تضع مجتمعاتنا على سكة خلاصها من الكثير من معاناتها ومعاناة شعوبها .