رعى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ممثلًا بوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى وبمناسبة احتفالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية حفل إطلاق الرابطة الثقافية في طرابلس معرض الكتاب السنوي الخمسون في مقرها وسط مدينة
طرابلس وذلك بحضور حشد من نواب مدينة طرابلس والجوار والفاعليات السياسية والثقافية والاجتماعية والنقابية
والقى وزير الثقافة القاضي كلمة بالمناسبة جاء فيها:”
كلّفني فشرّفني دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي فشرّفني بأن أمثّله في هذه الفعالية وفي المستهلّ، باسمه واسمي واسمكم، نرسل من ههنا، من الرابطة الثقافية نبض طرابلس البهيّة، نرسل سلام حب واحترام الى غزّة الصابرة الصامدة الأبيّة.
ايها الأحبة
من حقِّ طرابلس أن يؤرَّخَ لها بأعراس الكتاب التي تقيمُها بلا انقطاع، معارضَ وندواتٍ وملتقياتٍ أدبيةً، وحَراكًا ثقافيًّا يزدحمُ في فضائِها ويفوحُ بأشهى من رحيق ليمونِها المهجَّر.”
وقال :”مدينةُ العلم والعلماء التي سمعنا عنها كثيرًا وقرأناها في المراجع والدوريات، ها نحن نختبرُ منذ أن اتخذنا لنا فيها مقرًّا، أن لها صورًا ثلاثًا: الأولى نمطيةٌ رُوِّجَ لها بنيّاتٍ خبيثة، ترسم طرابلس بالأسودِ والأبيضِ المتناقضين، مدينةَ افتراقٍ وخصام، وهي صورةٌ لا تُشبِهُ الحقيقةَ أبدًا. وأما الصورة الثانيةُ فتاريخيةٌ تتوطَّنُ الكتبَ والأحاديث، وترسمُ المدينةَ بوجدانيةٍ، فيها الكثيرُ من الحنينِ إلى سالفِ أيامِ نعمائها. وأما الصورة الثالثةُ فواقعيةٌ موضوعية ترى الراهن كما هو، فترصدُ النشاط الذي تغلي به الفيحاء كلَّ يوم، كما تلاحظُ العثراتِ التي تعيق نموَّها، وتعملُ على إزالتِها. لكنَّ الجامع بين هذه الصور أن الفيحاء مدينةٌ حيةٌ جديرةٌ بكلِّ أسباب التألق والازدهار، من حيثُ موقعُها وناسُها وانتماؤها الوطني، وثباتُها على الإلتزام بالقضايا القومية والأصالة في العيش الواحد والتشبثِ بالقيم”.
وأضاف المرتضى:”ولعلّي في ذات يوم، أكتبُ تجربتي كوزير انتقل من مقرِّه في العاصمة الأولى إلى طرابلس، ففُتحت أمامه بيوتٌ ومكاتبُ وقلوب، وإذا به يخوض تجربة ولا أروع، مع أهل المدينة المتحمسين بشكلٍ لا نظير له على إعادة رونقها كما يليق بها أن تكون. لكنني أغتنمُ هذه الفرصة لأشهدَ على أن الحراك الثقافي المتنوع الذي تشهدُه طرابلس، على أيدي هيئاتِها ومؤسساتِها كافةً، لا بدَّ له أن يثمرَ ويضيءَ لا عليها فحسب بل على لبنانَ كلِّه. ذلك أن الهمَّ الأول الذي تعانيه الثقافةُ في أي موضعٍ من الأرض، هو أن تصبحَ نهجَ حياةٍ وطبيعة عيش، لا أن تظلَّ أسيرةَ النُّخَب. ساعتذاك فقط يكون الخلاصُ من الأزمات السياسية والاجتماعية والوجودية مهما كانت عميقةً وقاسية. وهذا يلزمُه مبدآن متلازمان: الحرية والوعي معًا. وطرابلس تختزنُهما منذ أعالي تاريخِها”.
وتابع وزير الثقافة:”دائمًا ما يقودُني القلمُ في الأعراس الثقافية التي أشاركُ فيها، إلى تلمُّسِ نعمةِ الجمال في لوحةِ التنوع. فاللون الواحد مقيت، يُقصي الإنسان عن أخيه ويحبسُه في سجنِ نفسِه المظلمة. أما تعدُّد الألوان فيأخذ الروحَ إلى فضاءات اللقاء والمودة، وإلى اكتناه الذات في الآخر، والإدراك أن أحدًا منا لا يكتمل إلا بسواه، تمامًا كهذا المعرض الذي لا يمكن أن يكون كتابًا واحدًا منفردًا على رفوفٍ حولَه فارغة. ”
مردفاً:”وميزةُ طرابلس كما ردَّدْتُ في أكثرَ من مناسبة أنها ما زالت إلى اليوم تحافظُ على ألوانِها المتعددة، المجتمعةِ في بوتقةٍ من فقرٍ أو رخاء. وها أنا الآن أجدد ثقتي بجامعيّةِ هذه المدينة، إن صحَّ التعبير، أي بكونِها حِضْنًا للوطنِ كلِّه، ومثالًا للوحدةِ التي ينبغي لها أن تسود لبنانَ واللبنانيين أجمعين. فكأن الفيحاء يسري في عروق ترابِها ذلك الدورُ الأولُ الذي من أجله أُنشئت: أن تكون موضعَ لقاء ومطرحَ حوار تجتمع فيه من أصقاعِها البعيدة والقريبة، المدنُ الكبرى على شاطئ المتوسط، والناسُ على اختلافهم.”
وختم وزير الثقافة كلامه قائلا :”وهنا أسأل: ماذا نفعلُ بطرابلس إذا نجحت لا سمح الله دعواتُ التباعد والانفصال التي يروَّجُ لها في هذه الأيام تحت مسميات عديدة ذات طابع إداريٍّ ظاهرًا وتفتيتٍ كيانيٍّ في العمق؟ بل ماذ تفعلُ هذه المدينةُ بنا، إن نحنُ أقفلنا عليها هواءَ البحرِ وثلجَ الجبل، وماءَ النهر، وأنفاسَ الأرزِ والزيتون والصنوبر والسنديان؟
معرضُ الكتاب في الرابطة الثقافية موسم سنويٌّ يؤرَّخُ به لحقيقة طرابلس، أنها فعلًا صورةُ الوطن البهيةُ، وأمُّ الثقافة ومرضِعتُها، وربيبةُ المكتباتِ وحاضنتُها، ومدينة العلم ودارُ العلماء.
عشتم وعاشت طرابلس وعاش لبنان.
وفي كلمته اشار رئيس الرابطة الثقافية في طرابلس رامز الفري الى انه وبارادة صلبة وايمان عميق ورغم العواصف والانواء التي اجتاحت الوطن ومازالت , استمر معرض الكتاب في الرابطة الثقافية لخمسين عاما وانها أيام مميزة من أيام السنة
واننا اليوم وضمن احتفالية طرابلس عاصمة الثقافة العربية لعام 2024 نفتتح معرضنا .. في جهد مميز وشاق , نحن فيه رفيق درب المكتبات والجامعات والهيئات الثقافية والاجتماعية والعاملين بصمت وصبر طوال العام لاحياء الفكر والكلمة حكمة مطبوعة , ويهجس في نفوسنا , هاجس , فما قيمة المعرفة والكلمة في زمن زلززلت فيه الدول وتمزقت الايديولوجيات وغارت دماء الافكار , فاذا بالكثير منها, لانفع فيه ولا حياة
ما قيمة, أن نحتشد, حول الكتاب, وكأنه هو الضوء الساطع هو اللهب والقلق والشوق والامل.. كان يحدد لنا الأعداء والاصدقاء ويرسم لنا الطريق ويلهب عقولنا وقلوبنا , فاذا بنا نحمل روحنا على راحنا, نتحدى القدر, وفجاة لم يعد العدو عدوا وبدون سبب , ولم يعد الصديق صديقا وبدون سبب , ولم تعد القيم قيما وبدون سبب, بل بسبب, فقد تعهرت الكلمة , بين مخاطر التطبيع الداهمة بفعل المضمون الاغتصابي الصهيوني لما يسمى بتسوية الصراع العربي الصهيوني والذي سقط الى غير رجعة باذن الله بسبب سواعد ابطال وبواسل طوفان الأقصى والصمود الأسطوري لاهلنا في فلسطين ولبنان
اضاف قائلا : ما قيمة الكتاب والقراءة . والثقافة اليوم كأنها لغة غريبة نحاول مع المخلصين ان تخرج من غرفة العناية الفائقة لاننا نرفض ثقافة الموت الرحيم
كيف لها وهي تراثنا وإرثنا وفخرنا ،كيف لها البقاء في صدارة الاهتمام وكيف تصمد امام جائع كل همه رغيف او امام مريض وموجوع لم يجد سرير في مشفی وان وجد يعجز عن دفع البدل او امام من يقف امام صيدلية يتحسس جيبه لشراء دواء مرهق الثمن هذا إن لم يكن مفقودا . او امام خائف من زلزال طبيعي او طائفي او مذهبي او مناطقي. او امام خائف من رصاصة طائشة اطلقها عشوائيا بمناسبة ما
واردف لافتا الى انه رغم كل شيء ” نحاول استيلاد سنديانة لصمود مؤقت امام عاصفة هوجاء . نرابط بكل عزيمة حتی لانعتذر عن إستضافة كتاب . او بطاقة مرور لقصيدة . واذا أردنا ثقافة مرفوعة الجبين فهي الدعاء والدعوة
ان يأمن الخائف وان تلتئم جراحات ووجع البلد وان يشبع الجائع وبعدها خذوا ثقافة تذهل العالم.”
وختم قائلا : الرابطة الثقافية علی عهدها ووعدها باقية تحمل راية الكتاب والثقافة والحوار والعيش المشترك والانفتاح على الأخر ولو كره الكارهون.
ثم قص المرتضى بمشاركة ابرز الشخصيات المشاركة وفري الشريط التقليدي معلنا افتتاح المعرض و بعد ذلك جال والحضور في ارجائه