رأي

المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى: صوت الإعتدال في زمن التطرف(حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز

حافظ المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، كمؤسسة رسمية ترعى الشؤون الروحية والدينية للطائفة الشيعية في لبنان، على خطابه الكياني، بمعنى التزامه المطلق بنهائية لبنان ككيان قائم بذاته ونهائي لأبنائه، منذ التأسيس على يد السيد الامام موسى الصدر وصولا الى الشيخ على الخطيب، مرورا بصاحبي السماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ عبد الأمير قبلان.

 

ولأنه خطاب مؤمن بكيانية لبنان، كوطن عربي ذا سيادة، حافظ في أدبياته على مفردات الوحدة الوطنية والتعايش ودولة العدالة الاجتماعية ورفض كل ما يمس اجتماع اللبنانيين ووحدتهم وتغليب عناصر الجمع على القسمة والتآخي والتسامح والتصالح على الفرقة وبث أسباب الفتنة والحقد.

هذا ما أرساه الرئيس المؤسس للمجلس السيد موسى الصدر عندما رفض الحرب الأهلية (1975 – 1989)، ودعا الى وقف الإقتتال واعتصم في مسجد الصفا (الكلية العاملية) رفضاً للدماء المهدورة ،مطالباً بإصلاحات تنهي الحرب الداخلية وتعيد السلطة الى دورها في إدارة البلاد محصّنة بالوحدة والإجماع الوطنيين.

لم يشأ الإمام الصدر، أن يدخل الشيعة، كطائفة، في الحرب الداخلية كباب للإصلاح السياسي، بل آمن بأن الاصلاح في بلد مثل لبنان بتكوينه الداخلي وموقعه الجغرافي، لا يمكن للتغيير أن يأتي بفعل الاحتراب، بل بفعل الممارسات الديمقراطية الهادئة والعاقلة. وهذا ما أثبتته التطورات السياسية قبل إقرار “وثيقة الوفاق الوطني” المعروفة بإتفاق الطائف بتاريخ 22/10/1989 في مدينة الطائف السعودية ،وصدقها مجلس النواب في جلسته المنعقدة في القليعات بتاريخ 5/11/1989 ، وبعده.

حاول السيد الصدر ألا تستبيح أي جهة خارجية سيادة لبنان، مع الإقرار بأهمية تنظيم حركة الاعتراض الوطني على الغبن اللاحق بفئات كبيرة مهمشة في إطار وطني وسلمي.

وعلى هذا المنوال سار المجلس كمؤسسة، وحاول على امتداد ولاياته أن يحافظ على لغة الحوار، وترك السياسة الضيقة المغلقة لهواتها ولأحزابها…

واليوم يكرّس الشيخ على الخطيب هذه المنهجية، وعلى الرغم من تعرض الطائفة للكثير من السهام والتجريح، تراه حريصا على الحوار والتركيز أمام زواره على بوصلة الوحدة والحوار والرحمة والتراحم.

هذه اللغة، ربما تزعج البعض، من داخل الطائفة ومن خارجها، من داخل البلاد وخارجها، لكن العلامة الخطيب يصر عليها تحت عنوان أن الرسالة الدينية التوحيدية هي رسالة أخوة، و”لبنان الرسالة” يفقد مبرر وجوده خارج هذه الروحية. 

لقد حرص الشيخ الخطيب على ترك أبواب المجلس مشرعة لمختلف الشخصيات والأطياف اللبنانية، بمعزل عن الاختلاف السياسي أو الفكري معها، أو مع بعضها، لقناعة بأن الحوار والتواصل هما السبيل لتوضيح الرؤية وازالة كل معوق أمام الحلول المرتجاة لمشاكلنا وعقدنا المتعددة.

ويتعالى الشيخ الخطيب عما يمكن اعتباره تجاوزا للأصول والبروتوكول لدى بعض البعثات الديبلوماسية والوفود العربية الأجنبية التي تزور لبنان، ومنها الوفد الرسمي القطري الذي زار لبنان مؤخرا وتعمّد القيام بزيارات منتقاة شملت بعض المراجع الروحية واستثنت بعضها، ولا يعلق على مثل هذه الأمور، فمثل هذه الأمور لا تزيد قيمة ولا تضعف قيمة،”فالمهم بالنسبة لنا أن يكون الأخوة والأصدقاء على بينة من حقيقة الأمور ومن المخارج التي يجب أن تتضافر الجهود في سبيل تحقيقها”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى