سياسةمحليات لبنانية

خطة الكهرباء :بين الشعوربالخيبة والابتهاج بالفوز على القانون


البارحة، وفي خطوة مفاجئة ومخيبة للآمال خذلت كثيرين، أقر مجلس النواب مشروع قانون يشمل مادتين تتعلقان بموضوعين مختلفين:
الأولى أدت إلى تمديد العمل بالقانون 288 المؤدي إلى تجيير صلاحيات الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 462/2002، بصورة مؤقتة إلى مجلس الوزراء، بحيث يتولى هذا المجلس  منح أذونات وتراخيص الإنتاج بموجب قرار يصدر عنه بناءً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية."
أما الثانية فحددت طريقة وأصول تلزيم معامل إنتاج الكهرباء، بطريقة "التمويل والتصميم والإنشاء والتشغيل والتسليم إلى الدولة بانتهاء فترة زمنية محددة B.O.T))، الواردة في خطة الكهرباء بعد أن نالت موافقة مجلس الوزراء.
وقد بدا واضحاً للمتابعين أن المواجهة كانت بين فريقين:
الأول منسجم مع قناعاته وضرورات المرحلة، ومؤمن حقاً بأن تطبيق القوانين هو الطريق الأقصر والأسلم والأصلح إلى تحقيق المصلحة العامة وحفظها، ومكافحة الفساد في آن، والثاني، بعضه مؤمن بأن "التوافق" يعفيه من تهمة العرقلة ويضبط توزيع المغانم والمنافع على البعض الآخر.  
بين هذين الموقفين المتمايزين، لا بل المتعارضين بحدة، لا بد من وضع النقاط على حروف حقيقة ما جرى خلال الفترة الماضية، وخلفية الخطط المفتوحة على التطوير والتعديل والتيويم، اعتباراً من "خطة 2010" وبعدها الخطة الإنقاذية لصيف 2017، التي نالت موافقة مجلس الوزراء وبوشر بتنفيذها اعتباراً من تاريخ إقرارها واستمر إلى ما بعد دخول الحكومة في تصريف الأعمال اعتباراً من 21/5/2018. وكذلك على ما يتوقع أن يجري خلال المرحلة التنفيذية المقبلة لخطة 2019، لا سيما وأنها انطلقت من ركيزة "خفض الهدر الفني وغير الفني وتحسين الجباية"، التي من دون نجاح تنفيذها لن يجدي السير في الحل المؤقت، الذي سوف يؤدي إلى مزيد من الهدر والعجز والحاجة إلى دعم ومساعدة تتغذى من سلفات الخزينة على حساب المالية العامة، التي وضع قانون موازنة العام 2017 سقفاً لها وأوجب قانون موازنة 2018 وضع آلية لتسديدها.    
وبعد الإشارة إلى أن الحل المؤقت المرجح هو "البواخر" وما ادراك ما البواخر، وأن هذا الحل كانت تعوقه ملاحظات إدارة المناقصات. وقد تم ربطه بالحل الدائم الذي أقر مجلس النواب السير به من خلال مناقصات تم تقييد وتقليص دور إدارة المناقصات فيها، بالرغم من التوصية التي أضيفت لإحالة "الالتباس" إلى مجلس الوزراء، حيث يتبارى الوزراء كل في الدفاع عن وجهة نظر، أو مصالح فريقه.
تحت ضغط هذا الضجيج يجب التركيز على أن الموافقة على الخطة هو بمثابة "إبراء ذمة ضمني حول كل ما حصل وارتكب من مخالفات" و"عورات" خلال المراحل السابقة في سياق تنفيذ الخطط المذكورة"،
العبرة في نجاح خطوة وقف الهدر
بالرغم من كل التسهيلات التي توفرت لإقرار الخطة الموشحة بـ"أعلى معايير الشفافية والتنافسية، في مجلسي الوزراء والنواب، والتجاوزات التي شابت هذا المسار، وقياساً على التجارب الماضية،
وفي ظل فشل مقدمي الخدمات في تحقيقه طوال السنوات السبع الماضية في خفض الهدر بنوعيه،  أعتقد أن تنفيذ الخطة سوف تكون دونه عقبات وعوائق مالية، لاسيما وأنها ترتكز في مرحلتها الأولى إلى معالجة هذا الهدر ووقف تعديات النازحين والمخيمات وأخواننا اللبنانيين الأوادم وتحصيل المتأخرات، الذي لم يتبين أي جديد موضوعي مقنع فيه، سوى إطلاق الخطة من "الروح القدس" عله يباركها، وتعليق الوزيرة آمالها على المواطنين علهم يسعفونها، وعلى جهود وزارة الخارجية علها تخرج زير هدر المخيمات والنازحين من بئر المنظمات والدول الراعية،
إن إطلاق  الخطة لإنقاذ قطاع الكهرباء والدعوة إلى حلها اليوم "بأسرع وقت وبأقل ثمن"، في ظل صعوبة أوضاع المالية العامة المدعوة للتقشف ووقف دعم قطاع الكهرباء وخفض رواتب الموظفين، هو موضع شك في الأساس. ويدعو إلى التساؤل عن مصدر وتكلفة تمويل المرحلة المؤقتة المرتقب أن تكون بالبواخر وتؤدي إلى طلب سلف خزينة إضافية، لا سيما وأن وقف الهدر ومن ثم زيادة الانتاج بدءاً من الحل المؤقت، وبعدها رفع التعرفة، هي خطوات تجمعها النتائج المالية والحاجة إلى تمويل، فهل تنجح، وقد تهرب وزير الطاقة السابق من الإجابة على هذا التساؤل خلال إطلالتة البارحة من على شاشة المنار في برنامج "من حقك تعرف"؟
أليس غريباً أنهم حاولوا بالأمس القريب إسقاط سلفات الخزينة بآلاف المليارات المتوجبة بذمة كهرباء لبنان بذريعة مرور الزمن الخماسي، واليوم يحاولون إسقاط حق الموظف براتب استحقه بعد تجميد استمر عشرين سنة!
وما سر إطلاق شرارة الدعوة إلى خفض رواتب موظفي القطاع العام ومتقاعديه عبر تصريحات لوزير الخارجية عراب الطاقة وشفيع خططها، من صربيا، وهل يعقل أن تجري تغطية هدر قطاع الكهرباء على حساب هؤلاء، دون تركهم يختارون بين حقين لهما:
الحق بالراتب والحق بمزيد من ساعات التغذية؟
ومن قال أنهم يفضلون تغذية إضافية بالكهرباء على حساب لقمة عيشهم؟
على أمل أن لا يلدغ المؤمنون بدولة القانون من ذات الجحر مرة جديدة،
استغفر الله إن أنا صدّقت ولم تتحقق الوعود الجذابة وفشل التنفيذ بسبب استمرار ذات النهج المستأثر بالسلطة والصلاحيات والمستهتر بالقوانين!
وإلى لقاء قريب مع طلب سلفة خزينة جديدة لدفع ثمن المحروقات وتغطية غرامات التأخر بتفريغها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى