رأيسياسةمحليات لبنانية
القطّة المتأوهّة تعرّض أولادها للموت جوعا:هل هناك من يصفع ؟ (هدى سويد)
هدى سويد ـ إيطاليا
في الثامن من حزيران / يونيو ،بينما كان مانويل ماكرون يقوم بزيارة الى مدينة “دروم” الفرنسيّة ، فيما البلاد في توتر مع اقتراب الانتخابات ، يصافح المصطفين مُعتقدا أن جميعهم مؤيدون له ، وإذ به يتلقّى صفعة من أحدهم ( داميان تاريل ) كان من نتيجتها إدانة الأخير بالسجن 18 شهرا.
علّق إثر الحادثة رئيس الحكومة جان كاسيتكس ، مُساندا ماكرون رغم اختلافهما السياسي بقوله : ” الديموقراطيّة في خطر ! ” .
لست هنا بصدد تحليل ما حصل في فرنسا ،فلست من المختصين بالشؤون الفرنسيّة ، لكن الحادثة ذكّرتني عن بعد بما يحصل في لبنان ، لبلد بيع بأسواق النخاسة ، يراقب سواء من باعه واشتراه كل منهما أحواله المُزريّة بدم أزرق . وقاحة ما بعدها وقاحة لم تحصل في التاريخ الحضاري ولا في العهود المنصرمة ، وإن كانت تلك العهود ليست بالأفضل ، لكنها تركت بشكل أو بآخر هامشا وخيطا رفيعا في استعادة الكرامة والأمل .
طاقم سياسي بكل أحزابه وتنظيماته المُتسترّة وراء شعاراتها ، وطوائف لا تخشى من أديانها ورسائلها ، يتنازعون جميعا على بلد نهبوه أخلاقيّا قبل نهبه اقتصاديّا ومعيشيّا ، ثقافيّا وسياسيّا ،ثم يستمرون في وجودهم ولا يستقيل أحد منهم .
لا يرغبون في حل المشاكل على خلافها ولا يجدون ضرورة مُلحة للتغيير المطلوب بدءا من الدستور ولغاية المؤسسات المتطورة والمشاريع الزراعية والصناعية . يجترّون عباراتهم التقليديّة حول صيغ الطوائف والعيش المُشترك وما يؤديه الفراغ الدستوري ، متناسين أنهم في سدة الحكم وتترتب مسؤولية وطنيّة على كاهلهم ، لا هجر المواطن وتركه في بحر دون معرفته العوم .
طاقم سياسي فريد لم يشهد لنظامه مثيلا في الأنظمة السياسيّة العالميّة !
ديموقراطي تتحكم الطائفة في مسؤوليته الوطنية!
كيف ذلك ؟
وكيف يختفي الدواء والعلاج في بلد كان يؤمّن الدواء للداخل والخارج ؟
ثم يتمّ الإفراج عنه عبر التجّار ؟
كيف وهناك مرضى مُهدّدة حياتهم بتوقف العلاج ؟
لا تُسامحيهم يا أمّاه.
و مستشفيات تُعلن عن أزمتها في إجراء الفحوصات المخبريّة والعمليّات الجراحيّة وعدم تمكنها من استمرارها في تغطية مرضى الحالات المُستعصيّة .
ألا يرون كيف يحتال الإنسان على راتبه أو كسبه اليومي ـ إن توفر ـ لسد لقمة عيشه وتخفيف أنين أطفاله ؟
غريب ألا يرون كيف يزيد انقطاع التيار الكهربائي عتمة مواطنيهم عتمة منذ سنين ، ويجعل حياتهم حامضة بانقطاع المياه عنهم ؟
وحدّث بلا حرج عن المصارف والبنزين و…
ألا تستحون ؟
اخجلوا واطفأوا على الأقل أنوار قصوركم وفللكم !
استحوا ولتعلن أفواهكم الصيام !
كفّوا عن الطعام احتراما للجائعين والمتروكين .
كفاكم رياء والتأوه على حالكم ،
من الأمثال الرائجة هنا في هذا المعنى : “القطة المُتأوهة على حالها دوما تُعرض قططها للموت جوعا” (1)
أي عناد هذا في شلّ الحياة على خلافها، وأي طاقم سياسي ينتظر حلول الخارج بينما شعبه يغرق مع انهيار البلاد ؟
ما معنى استمراركم ؟ منعا من الفراغ الدستوري ؟
هل هناك فراغ أكبر من الفراغ الحاصل ؟
هل سبق وبيعت البلاد كما بيعت سعيّا للحصول على مرتع عنزة .
الشعب ليس بحاجة للرموز كلها هذه .
زهقنا من أسمائها وبدلاتها ، سخافتها وسخافة وعودها ، كما زهقنا من مؤسساتها التقسيمية وألوان أعلامها وما تجترّه من كلام .
كانت الصفعة في “دروم” كفيلة للقول أن الديموقراطية في خطر ،
صفعة في بلد لا يحترق ولا يحرقه سياسيوه كما في لبنان .
صفعة في بلد ليس مُهانا المواطن فيه كما في لبنان .
صفعة قيل من تيار سياسي مُضاد لتيار ماكرون .
هل هناك من يصفع ؟
-
La gatta pietosa fa morire di fame i suoi gatti.