رأي

القضاء ليس العدالة..جورج عبد الله نموذجا (أحمد عياش)

 

د. أحمد عياش – الحوارنيوز


لطالما سمعنا ببدع دينية وببدع فنية وببدع علمية، اما ان تمتد ظاهرة البدَع لتطال القضاء فإن في الأمر فلسفة حديثة للعدالة.
وللمرة الالف نكتب:
القضاء يمثّل مواد قانونية وليس بالضرورة ان يمثّل العدالة .
لا يمثل القضاء العدالة في كل العالم ،لأن الفقير الحال إن شعر بالظلم او بالقهر لا يفكر في اللجوء إلى القضاء، لأن في اللجوء إلى القضاء مصاريف مالية وتوكيل محام يرضى بالقليل وصبرا طويلا قبل صدور الحكم .والمحامي الذي يرضى بالقليل عادة ما يكون محاميا ماهرا، إنما لا يملك مفاتيح قصر القضاء ولم ينجح في نسج علاقات متينة مع عائلة القضاء لتجاوز المادة القانونية المؤلمة بمادة قانونية أخرى مسهلّة للامر ومفرحة، لذلك يخسر في أغلب الاحيان لعدم اتقانه لعبة الاحتيال على القانون بالقانون.
تنتصر دائما مادة ” ماده رجلها من الشباك”.
قصر قضاء لا قصر عدل.
غير صحيح القول ان القويّ لا يلجأ إلى القانون، بل الفقير الضعيف الحال والأحوال يرضى بهزيمته ولا يطرق باب القضاء.
القضاء ليس العدالة وتسمية قصر العدل غير دقيقة إنما القول الصحيح:
قصر القضاء او قصر المواد القانونية.

لا فالقضاء ليس بالضرورة العدالة وليس حتى القضاء كلمة رديفة للعدالة.

وزارة قضاء وقوانين لا وزارة عدل.

البدعة القانونية ان يخاصم متهم بادارة مجزرة مالية-مصرفية-اقتصادية عامة هيئات محاكم او قضاة للتوصل وللتهرّب من المحاكمة، والانكى ان هناك قضاة يتنحون وان هناك مراجع تقبل بالطعن وبالمخاصمات لينجو المتّهم.
المتّهم أقوى من القضاء، الا أنه لا يستطيع أن يكون أقوى من العدالة.

في القضاء تنشط اتصالات هاتفية وتنشط علاقات اجتماعية، اما في العدالة فلا ينشط غير الضمير الإنساني.

فقير +محام قليل العلاقات القضائية=خسارة الدعوى.

ميسور الحال+محام يتقن الاحتيال القانوني بالمواد والغنيّ في العلاقات القضائية=الفوز بالدعوى.

اذن المسألة ليست بمهارة المحامي بعلومه القانونية.
والانكى ان يتفق محامي الغني او محامي القوي مع محامي الضعيف او محامي الفقير لبيع موكله بتسوية.

أنهى المناضل جورج عبد الله حكم الثلاثين سنة سجنا وابقوه في المعتقل.
الازمة عالمية.

نجد أطباء يسمسرون مع مختبرات او مع مستشفيات للربح المادي، لكن يستحيل ان نجد طبيبا يتفق مع طبيب آخر على موت مريضه.

القضاء ليس العدالة ،كما الحراس ليسوا جيشا، كما الناس ليست شعبا، كما الديمقراطية ليست شورى بين أصدق واعلم الناس، كما الاديان ليست بالضرورة الأخلاق او الإنسانية ، كما الدولة لم تكن يوما ما الوطن.
قصر قضاء وقوانين لا قصر عدل.
الدولة المالية العميقة المحلية قويّة ولن تترك ممثلا سابقا في عالم المال ان يسقط.
لا يسقط الحاكم بأمر المال.
لا يطعن حاكم بأمر المال حاكما بأمر مال آخر كي لا تنفضح اسماء بائعي الناس في أسواق النخاسة.

الراسمال الحرام أقوى من القضاء، إنما ليس أقوى من العدالة.
حتى في بيروتشيما اتهم المتهم القاضي وبدا كأنّه أقوى منه.
العدو الأصيل يحاكم أبناء البلد في فلسطين لرفعه علم بلادهم!

نفهم مخاصمة قاض ونفهم مخاصمة هيئة، اما مخاصمة كل قاض وكل هيئة فإن الأمر يبدو مضحكا.
ليس للعدالة من قصر، ففي اليوم الذي تسكن فيه العدالة قصراً لا تبقى عدالة.
حرروا العدالة من تهمة القضاء!
حرروا من تهمة سكن القصور!
حتى تسمية كوخ العدل خاطئة.
ليس للعدالة سكن أو عنوان، لأن حدودها تمتدّ حتى السماء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى