حرب غزةسياسة

العودة إلى باريس تفتح الباب أمام الاتفاق على صفقة التبادل (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

من المقرر أن يعقد في العاصمة الفرنسية اجتماع لإحياء الاتصالات بشأن إبرام صفقة لتبادل الأسرى وفق مقترح باريس الأصلي، على أن تتبعها مفاوضات لتثبيت وقف النار وإتمام المرحلتين الأخيرتين من المقترح.

وكان كابينت الحرب الإسرائيلي قد قرر قبول إرسال الوفد الإسرائيلي إلى اجتماع باريس، والذي يضم رئيس الموساد ديفيد بارنيع ورئيس الشاباك رونان بار ورئيس طاقم ملف الأسرى في الجيش الجنرال نيتسان ألون. وسيجتمع هذا الوفد إلى كل من رؤساء المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات العامة المصرية والحكومة القطرية بعد أن تم الإبلاغ عن حلحلة في مواقف كل من حماس وإسرائيل.

وكان إرسال الوفد الإسرائيلي إلى كل من القاهرة وباريس للمشاركة في إحياء الاتصالات موضع خلاف كبير داخل الحكومة الإسرائيلية، وكاد يفجر خلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية. وكان نتنياهو قد أرسل الوفد إلى القاهرة من دون أي تفويض وفقط “للاستماع” وبقصد إرضاء شركائه المتطرفين في الحكومة مثل سموتريتش وبن جفير و”الضغط” على حماس والوسطاء لجلب اقتراحات جديدة.

 وأفاد كثيرون أن مواقف نتنياهو تؤكد ميله إلى صف المتطرفين داخل حكومته الذين رفضوا من حيث المبدأ مقترح باريس ولا يريدون أي صفقة تبادل. ومعروف أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش فجّر جدالا في إسرائيل مؤخرا عندما أعلن أن إعادة الأسرى ليس الهدف الأول لحكومته، وأنه لا يقبل الإفراج عنهم بأي ثمن.

وقد ضغطت الإدارة الأمريكية على نتنياهو وحكومته لإرسال الوفد إلى باريس، وكان آخر هذه الضغوط عبر مبعوث بايدن وكبير مستشاريه، بريت ماكغورك، الذي زار القاهرة وتل أبيب وحث الأخيرة على إرسال الوفد بتفويض جدي لإتمام المفاوضات. وأعلنت إدارة بايدن أنها تؤمن بوجود حالة ملحة للتوصل إلى اتفاق يحرر الأسرى الإسرائيليين من جهة، ويساعد في إيصال المساعدات للقطاع وخصوصا لشماله من جهة أخرى. كما أن إدارة بايدن تعتقد أن استمرار الحرب في رمضان قد يزعزع استقرار أنظمة عربية ويضرب الاستقرار في المنطقة.

وبحسب موقع “والا” قال ماكغورك، خلال محادثاته في إسرائيل أمس (الخميس)، إنه تم إحراز تقدم في المفاوضات بين الوسطاء القطريين والمصريين وحركة حماس بشأن صفقة تبادل محتملة، وبالتالي من المهم أن ترسل إسرائيل وفداً إلى محادثات باريس وتجري مفاوضات جادة – بحسب ثلاثة مصادر.

وكانت إدارة بايدن قد شعرت بالقلق من موقف نتنياهو المتشدد الذي اتخذه في الأسابيع الأخيرة، عندما لم يسمح لفريق التفاوض الإسرائيلي بتقديم مواقف جديدة، وأمرهم “بالاستماع فقط”، بل ورفض إرسال وفد لإجراء محادثات متابعة في القاهرة. وأكد ماكغورك أن إدارة بايدن ترى أن هناك ضرورة ملحة للتوصل إلى اتفاق للإفراج عن المختطفين في أسرع وقت ممكن، سواء بسبب الوضع الصعب للمختطفين في الأسر أو بسبب اقتراب شهر رمضان.

وحسب “والا” أيضا قال وزير الحرب يوآف غالانت لمكغورك في اجتماعهما إن مجلس الحرب سيوسع ولاية فريق التفاوض الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه سيزيد الجيش الإسرائيلي من ضغطه العسكري على حماس، حتى تلين الشروط المحتملة لعودة الأسرى، وفقا لما ذكره مكتب وزير الحرب. وأضاف مساعدو غالانت أنه تحادث مع ماكغورك حول الشروط التي تسمح بنشاط الجيش الإسرائيلي لتفكيك كتائب حماس في رفح والمعسكرات الوسطى. وقالوا إن “وزير الدفاع أعرب عن استعداد إسرائيل لمنع المساس بالمدنيين والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية لمنع المجاعة والأمراض”.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية توقعت أن تنتهي المحادثات بين المصريين ووفد حماس أمس، حيث أن إسرائيل تنتظر أنباء جديدة. وواضح أن قرار إرسال وفد إسرائيل إلى باريس يعود إلى واحد من سببين: إما أن حماس لينت موقفها وخففت اشتراطاتها وإما أن الضغط الأمريكي كان قويا، إذ ظلت إسرائيل تردد أنها لن ترسل الوفد إلا إذا كان هناك تقدم فعلي نحو تحقيق مقترح باريس.

وقد نقلت شبكة سي إن إن الأمريكية عن دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى قوله: إذا هاجمت إسرائيل في رفح، فإن ذلك سيضر بفرصة عقد صفقة التبادل . وينضم التحذير الأمريكي إلى آخر منشور في بلومبرج، والذي بموجبه تدرس الحكومة البريطانية الحد من بعض صادراتها من الأسلحة إلى إسرائيل إذا شنت الأخيرة هجومًا على رفح أو منعت وصول شاحنات المساعدات إلى غزة. وقال مسؤولون بريطانيون للوكالة، دون الكشف عن هويتهم، إن المزيد من التصعيد الإسرائيلي في غزة دون بذل جهود لحماية المدنيين يمكن أن يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.

وأضافت الوكالة أن الاستشارة القانونية التي يتلقاها الوزراء البريطانيون في ما يتعلق بمنح تراخيص التصدير قد تتغير في مثل هذا الوضع، ما يؤثر على بيع بعض الأسلحة والتكنولوجيا البريطانية لإسرائيل، مشيرة إلى أن الخارجية البريطانية رفضت التعليق على ذلك. وأشارت الوكالة إلى أن بريطانيا ليست مصدرا رئيسيا للأسلحة إلى إسرائيل، لكن الخطوة المحتملة التي تناقشها بريطانيا مع حلفائها، بحسب الوكالة ، تشير إلى أن الدول الغربية تزيد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإبداء اهتمام أكبر بالمدنيين في الحرب ضد حركة حماس.

وكتب كبير المعلقين السياسيين في “يديعوت”، ناحوم بارنيع، يوم أمس أن “صفقة تبادل ليست في اليد بعد – محافل مسؤولة تتحدث عن فرصة حتى 50 في المئة – لكن استئناف المفاوضات يبدو قريبا. وكما نشر لأول مرة في “واي نت” أول أمس، تحقق توافق يفترض أن يسمح باستئناف المحادثات في السبت، هذه المرة في باريس. الانتقال من القاهرة الى باريس هو اكثر من تغيير للمكان. فالفكرة العامة هي العودة الى الوراء، الى مقترح الاطار الذي اتفق عليه في باريس في بداية شباط، والتقدم من هناك.

كما يذكر، ردت حماس على مقترح الاطار الذي تمت بلورته في باريس بمخطط اطار خاص بها، اصعب من ناحية إسرائيل.

في الجانب الإسرائيلي دار جدال: طاقم المفاوضات قدر بانه رغم الموقف الاولي الصعب لحماس يمكن التقدم؛ هكذا أيضا اعتقد بعض من وزراء الكابينت الضيق. اما نتنياهو فاستخدم الفيتو. في البداية رفض ارسال الطاقم الإسرائيلي الى القاهرة؛ بعد ذلك وافق على ارسال الطاقم، لكنه سحب منه التفويض للتفاوض وضم اليه بيبي ستر من موظفي مكتبه، كما صلّب المواقف في مواضيع جوهرية.

 ان البشرى عن استئناف محتمل للمحادثات في باريس تتيح لكل طرف الادعاء بانه كان محقا. نتنياهو سيدعي بان نهجه الرافض مسؤول عن احداث مرونة في موقف حماس. وهو مصر على انه انتصر. آخرون سيدعون بان هذا لم يحصل ابدا: السنوار وصل في الأسبوعين الأخيرين الى اعتراف بان فضائل الصفقة تفوق من ناحيته نواقصها. مسيرة مشابهة وقعت أيضا بين مقرر السياسة في إسرائيل. التغيير تكتيكي. وهو هش ومن شأنه ان يتغير.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى