إقتصاد

العلاقات الاقتصادية اللبنانية – السعودية ومقومات الفرصة المتجددة(دانييلا سعد)

 

دانييلا سعد – الحوارنيوز

لطالما كانت العلاقات التجارية والاقتصادية بين لبنان والمملكة العربية السعودية مميزة ومبنية على أسس تاريخية متينة.

 تعتبر المملكة العربية السعودية شريكا اقتصاديا رئيسيا للبنان على مدى عقود، حيث كانت وجهة رئيسية للصادرات اللبنانية، لا سيما المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية. في المقابل، كانت “المملكة” مصدرا هاما للمنتجات البترولية والبتروكيماويات، إضافة إلى استثماراتها الكبيرة في القطاعين العقاري والسياحي في لبنان.

تميزت العلاقات التجارية بين البلدين بالازدهار منذ منتصف القرن العشرين، حيث كانت السعودية تحتضن جالية لبنانية كبيرة ساهمت في نمو الاقتصاد السعودي في مجالات التجارة والخدمات والبناء والتكنولوجيا المعلوماتية بالإضافة الى الاعلان والتسويق. هذه الجالية أسهمت أيضا في تعزيز التحويلات المالية إلى لبنان، مما ساعد في دعم الاقتصاد اللبناني خلال أزماته المتكررة.

في الجانب الآخر، ساهمت الاستثمارات السعودية في لبنان في تطوير العديد من القطاعات الحيوية، مثل السياحة والبنوك والعقارات. كما شهدت العلاقات الاقتصادية اتفاقيات تجارية وثنائية تعكس الرغبة المشتركة في تعزيز التعاون، أبرزها اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري الموقعة في السبعينيات.

على الرغم من هذا التاريخ العريق بين البلدين، شهدت العلاقات التجارية توترات في السنوات الأخيرة، أبرزها القرار السعودي بحظر دخول المنتجات الزراعية اللبنانية في عام 2021  بعد اكتشاف شحنات مخدرات مخبأة داخل المنتجات. هذا القرار شكل تحديا كبيرا للصادرات اللبنانية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها لبنان.

قبل الحظر، كانت المملكة العربية السعودية من أكبر الأسواق للصادرات اللبنانية. ففي عام 2020، بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى السعودية حوالي 220 مليون دولار أمريكي، وشملت هذه الصادرات منتجات مثل الفواكه والخضروات، خاصة الرمان، إضافة إلى الصناعات الغذائية. كان لهذه التجارة دور كبير في دعم الاقتصاد اللبناني وتوفير فرص عمل للعديد من العاملين في قطاع الزراعة والصناعة.

كما تأثرت العلاقات الاقتصادية بالتوترات السياسية الداخلية والإقليمية، ما أدى إلى تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين وتباطؤ الاستثمارات السعودية في لبنان.

مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، ظهرت توقعات إيجابية بشأن إمكانية عودة الدفء إلى العلاقات التجارية بين لبنان والمملكة. وقد أشارت تصريحات مسؤولين من الجانبين إلى رغبة في تحسين العلاقات الاقتصادية وتجاوز العقبات التي أثرت على الشراكة التاريخية.

يعتبر الانفتاح السعودي المتوقع على لبنان فرصة لتعزيز الاستثمارات في البنى التحتية والمشاريع التنموية، خاصة إذا تم اتخاذ خطوات عملية لتحسين بيئة الأعمال في لبنان وضمان الشفافية ومحاربة الفساد. كما يمكن أن تستأنف السعودية استيراد المنتجات اللبنانية تدريجيا، خاصة إذا تم تعزيز الرقابة على الصادرات وضمان جودتها وسلامتها.

في ظل التطورات السياسية الإيجابية، يمكن أن تشهد العلاقات التجارية بين لبنان والمملكة العربية السعودية مرحلة جديدة من التعاون. ويتطلب ذلك خطوات من الجانبين لتعزيز الثقة وتحقيق المصالح المشتركة، حيث يمكن للبنان الاستفادة من الخبرات والاستثمارات السعودية لدعم اقتصاده المتعثر، بينما يمكن للمملكة استغلال موقع لبنان الاستراتيجي كمدخل للأسواق الإقليمية.

يبقى الأمل في أن تعود العلاقات التجارية بين البلدين إلى سابق عهدها، وأن تشكل الشراكة الاقتصادية ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى