حرب غزةسياسة

الضغط الأميركي لا يعدّل موقف نتنياهو حيال رفح (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

في الوقت الذي تتصارع فيه إسرائيل مع نفسها حول جدوى التبادل وإنهاء الحرب، تتحدث أمريكا بقوة أكثر من أي وقت مضى عن ضرورة وأهمية صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.

وبدا ذلك واضحا من خلال عرض أمريكا مشروع قرار لوقف النار على مجلس الأمن وإصرار وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، على زيارة إسرائيل والاجتماع إلى كابينت الحرب قبل مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة. وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن جدال عاصف بين بلينكن ونتنياهو تضمن تحذيرات قوية ساهمت في منح تفويض أوسع للوفد الذاهب إلى الدوحة. ولذلك أوحت أمريكا بأن “حماس تسير في الاتجاه الصحيح للصفقة وأنها متفائلة.

وقد وصل الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد بارنيع، مساء أمس، إلى الدوحة، بهدف استئناف المحادثات في إطار المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن. وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوع واحد التي يزور فيها رئيس الموساد قطر، رغم عدم حدوث اختراق، حتى الآن، وفقط تم إحراز تقدم مدروس وهام في المحادثات.

وكان من المقرر ليلة أمس أن يجتمع الوفد، الذي يضم أيضًا رئيس الشاباك رونين بار والجنرال نيتسان ألون، مع رئيس وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير المخابرات المصري عباس كمال.

وسبق ذهاب الوفد الإسرائيلي مداولات عاصفة في كابينت الحرب والمجلس الوزاري المصغر حول تفويض الوفد وحدوده. ونشرت صحف إسرائيلية ما يمكن اعتباره تهديدا وجهه رئيس الشاباك بأنه لن يذهب إلى الدوحة من دون تفويض واسع يسمح بمرونة تسهل التوصل اتفاق. وذكرت “معاريف” أن الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة سيبقى هناك طوال يوم السبت وأنه بحسب مصادر مطلعة على المحادثات، تم الابلاغ عن وجود تقدم في المفاوضات بشأن صفقة التبادل. غير أن لقاء بايدن بكابينت الحرب كان العنصر الحاسم في توجيه دفة الأمور نحو توسيع تفويض الوفد الإسرائيلي المفاوض. وكان اجتماع كابينت الحرب مع بلينكن متوتراً للغاية، حيث مارس ضغوطا في موضوع عملية رفح وحول صفقة التبادل، في محاولة لإقناع إسرائيل بالسماح بعودة سكان غزة إلى شمال القطاع.

 وبحسب ما نشرت “يديعوت” فإن بلينكن قال لكابينت الحرب: “أنتم لا تفهمون ذلك بعد. وعندما تفهمونه، فقد يكون الأوان قد فات”. وشدد أمام نتنياهو على أن الاتجاه الحالي الذي تسلكه إسرائيل، دون خطة واضحة لليوم التالي للحرب، قد يترك إسرائيل في غزة “تتعامل مع الإرهابيين” في حرب استنزاف سيكون من الصعب استمرارها لفترة طويلة”.  وبحسب التقرير قال : “أنتم بحاجة إلى خطة واضحة وإلا ستبقون ببساطة عالقين في غزة”.وأضافت أن بلينكن وجه ، خلال اجتماعه أمس (الجمعة)، تحذيرا شديد اللهجة لنتنياهو وأعضاء كابينت الحرب، قائلا إن استمرار الحرب دون خطة لليوم التالي يعرض أمن إسرائيل ومكانتها الدولية للخطر.

وقال أيضًا إنه في المسار الحالي، ستبقى حماس في السلطة في غزة، أو ستكون هناك فوضى لن تؤدي إلا إلى خلق الظروف لمزيد من الإرهاب. وأشارت إلى أنه لوحظ أن نتنياهو استمع إلى ما قيل، وأجاب معترفا: “إذا حدث ذلك فسننشغل هناك لعقود”.

ولكن بعد ذلك، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بيانا قال فيه: “التقيت اليوم مع وزير الخارجية بلينكن. وقلت له إنني أقدر كثيرا حقيقة أننا نقف معا منذ أكثر من خمسة أشهر في الحرب ضد حماس. وأخبرته أيضًا أننا ندرك الحاجة إلى إجلاء السكان المدنيين من مناطق الحرب وبالطبع نعتني أيضًا باحتياجات العاملين في المجال الإنساني ونحن نعمل من أجل ذلك. لكنني قلت أيضًا إنه ليس لدينا طريقة لهزيمة حماس دون الدخول في حرب رفح والقضاء على بقية الكتائب هناك. وقلت له أتمنى أن نفعل ذلك بدعم أمريكي، لكن إذا اضطررنا لذلك فسنفعل ذلك بمفردنا”.

وكما سلف حذر بلينكن كابينت الحرب من أنه من دون خطة لليوم التالي ستفقد إسرائيل دعم العالم وشرعيته، وستجد نفسها عالقة في غزة ، طالما لم يتم الترويج لبديل حكومي. وكرر بلينكن رسالة فقدان الشرعية العالمية عند مغادرته مطار بن غوريون: “إن العملية العسكرية في رفح تجلب معها خطر زيادة عزلة إسرائيل حول العالم، وتعريض أمنها للخطر على المدى الطويل”. وأشار بلينكن إلى أنه حتى في إسرائيل يعرفون أن القضاء على حماس يعتمد على عمل سياسي – وليس مجرد عمل عسكري – وبالتالي فإن إسرائيل قد تستمر في فقدان الشرعية إذا لم تتحرك بشأن هذه القضية في اليوم التالي.

وبعد لقاء بلينكن مع نتنياهو وكابينت الحرب، والذي ركزا فيه على مسألة المفاوضات من أجل إطلاق سراح المحتجزين، قال بلينكن إنه “في الأسبوعين الأخيرين حدث تقدم في المفاوضات وتم إغلاق الفجوات، لكن الأجزاء الأخيرة هي الأصعب. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، إنه عمل شاق، لكننا مصممون على القيام بذلك”. وقال مصدر سياسي إسرائيلي إن الغرض من زيارة بلينكن هو إقناع نتنياهو بالسماح بمرور آمن لسكان غزة إلى شمال قطاع غزة، وهذا هو المطلب الرئيسي لحماس في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق.

وفي المطار قرب الطائرة التي أقلعت إلى قطر قال وزير الخارجية الأميركي بلينكن بعد زيارته لإسرائيل: “أجرينا محادثات صادقة في إسرائيل، كأصدقاء. لقد أحرزنا تقدما في محادثات التفاوض بشأن إطلاق سراح المختطفين، وقمنا بسد بعض الفجوات في الأسابيع الأخيرة، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل. وتحدثنا أيضًا عن الحاجة الملحة لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة. والولايات المتحدة منخرطة بشكل كبير في محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة. كما أن عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح ستعرّض سلامة المواطنين هناك وأمن إسرائيل للخطر وتعزلها عن العالم. سنناقش الأمر الأسبوع المقبل مع الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن”.

ومن المقرر أن يتوجه في الأسبوع المقبل، وزير الحرب يوآف غالانت إلى واشنطن، حيث سيلتقي بنظيره الأميركي لويد أوستن. وتحدث الاثنان ليل الأربعاء والخميس، وطلب أوستن من غالانت “التفكير في بدائل لعملية برية كبيرة في رفح”، على حد تعبير البنتاغون.

 

 

   

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى