الشرق الأوسط من الغيب الى الغيبوبة..كتاب جديد للدكتور مناف منصور
صدر للدكتور مناف منصور كتاب "الشرق الأوسط من الغيب إلى الغيبوبة" عن مكتبة صادر- ناشرون، بيروت، ٢٠١٩ (٢٢٤ صفحة).
يأتي الكتاب عشية مئوية إعلان دولة لبنان الكبير وفي مطلع عصر يصوغ مستقبل منطقة تسبح على بحر من النفط والغاز والثروات الطبيعية والمالية، وعلى مفترق الوصل بين بين ثلاث قارّات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا.
يشتمل الكتاب على "مدخل" وتسعة فصول وملحق.
في "مدخل" يبني الدكتور منصور التوازي بين أواخر العقد الثاني من القرن العشرين وأواخر العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، أي بين وعد بلفور (١٩١٧) وصفقة القرن (٢٠١٩).
وتتلاحق الفصول التسعة لتدور بين "العرب والغيب" و"الشرق الأوسط ولعبة الخروج من المستقبل" و "من دولة الكيان إلى دولة المكوّنات"، و "هل النعروية أيديولوجيا القرن الحادي والعشرين" و "عصر التعثر والتبعثر" ،و"النعروية" تفترس نفيها" و "تكنولوجيا وأيديولوجيا" و "مغامرة التكامل والتكافل" و "لبنان دولة تكامل."
أما "ملحق" فيتضمن وثيقه الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك التي وقعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب في شباط ٢٠١٩، ووثيقة مكة المكرّمة التي أطلقت بمشاركة ١٣٧ دولة في أيار ٢٠١٩.
يكشف الكتاب أن الشرق الأوسط يدخل القرن الحادي والعشرين وهو يعاني "نزف الدم" و "نزف الفساد" مكبّلا بـ "الاختناق الاقتصادي" ، وقد سعى المؤلف الى الربط بين التطورات السياسية والأمنية التي جرت والتقلبات الثقافية في الأيديولوجيا والأدب والفن على خط مواز.
ويعتبر الكتاب أن الشرق الأوسط يتجه إلى تشكل جديد تغيب فيه السياسة السياسية ليحل محلها الانشغال بالسياسة التنموية. ولئلا يغرق الشرق الأوسط في "كهف النزف" يقترح الدكتور منصور أيديولوجيا التكامل والتكافل لإطلاق لبنان ليؤدي دوره المنشود في الشرق الأوسط كعاصمة مصرفية وإخبارية ومخابراتية بعد سقوط الترانزيت بسبب توسع التطبيع العربي الإسرائيلي في أكثر من مجال اقتصادي وسياسي و… سياحي.
من منظور آخر، بيّن الكتاب أن كل شيء في الشرق الأوسط يجري انطلاقا من سعي إسرائيل إلى إرساء قاعدة استراتيجية تعتبر أن أمنها من لا أمن المنطقة، مشددا على أن العقود اللاحقة تنقل بنية دول سايكس بيكو "من السلطة المركزية إلى اللامركزية" (الطائف في لبنان، الخلاصة التنفيذية في العراق، التطورات في ليبيا واليمن و …) وفي الوقت نفسه إلى فتح الشرق الأوسط بعضه على بعض لتذويب العروبة في البيئة الممتدة من أفغانستان إلى إيران والعراق وسوريا وبلدان الخليج العربي.
يبيّن الكتاب أيضا أن الشرق الأوسط يتجه ليرتسم في شرقين: واحد بحري لحراسة البحر الأبيض المتوسط ،وآخر برّي تتنقل على أرضه التفجيرات الأمنية والعسكرية والاجتماعية والإتنية.
وإذا كان المؤلف قد كشف في كتابه "عقلية الحداثة العربية" (بيروت ١٩٨٦) أي قبل أكثر من٣٦ عاما عن أن الشرق الأوسط في المراحل الاستراتيجية المقبلة عرضة إلى "الانفجار الشامل" ،فذلك تحت عنوان "الشرق الأوسط في العصر الطالع قارة الله أم قارة الدم."
فقد توقف عند لبنان مؤكدا أن لبنان هو كيان وفكرة ودور (ص ١٦٠) وليس "كوريدورا" للعواصف الإقليمية والدولية، وليس ساحة لترتيب المخارج المتعلقة بمصالح الآخرين (ص ١٦١).
وإذ شدد على أن الحاجة باتت ملحّة إلى ما هو أكثر من ديمقراطية التشاور وديمقراطية التمثيل إلى "ديمقراطية التكامل" أي "ديمقراطية الأولويات" التي تقوم على ركائز ثلاث: الحرية والتنمية والأمن (ص ١٦٣). إنها تكاملية إرساء عقد اجتماعي حديث يرسخ كيانية الدولة المدنية على أساس "نحن نتكامل، إذن نحن نتقدّم (ص ١٦٤).
أشار المؤلف إلى أن "أداء دولة الطائف كشف أن مفهوم الدولة عند من أداروا مقاليدها هو "خيمة" يلتقي في كنفها أصحاب النفوذ ليقتسموا ثروة البلد ومؤسساته (ص ١٧٦). لكنه نبّه في الوقت نفسه إلى أن بناء دولة لبنان القرن الواحد والعشرين تنطلق من خوض "مغامرة التكامل والتكافل"،أي الشروع بتطوير البنية الاقتصادية الاجتماعية السياسية. وهذا النهد لا يعتمد فقط الارتباط بالأرض، ولا يَعتدّ بالعدد ولا يستند إلى الحمايات الخارجية (ص ١٧٦). دولة التكامل في لبنان تقوم على ركائز ثلاث في الداخل هي الحرية والعلم والتنمية، وعلى وظائف ثلاث على صعيد الدور اللبناني في المحيط والعالم، هي اقتصاد المعرفة والحيوية المصرفية والتوعية الثقافية والتربوية والإعلامية…
التكامل عند الدكتور منصور هو بناء الغد كل يوم (ص ١٨٩).