السوداني يصفّي تِركة الكاظمي: «زومبي» الفساد لا يستسلم
الحوارنيوز – الأخبار
تحت هذا العنوان كتب سري جياد في الأخبار يقول:
أثارت قرارات حكومة محمد شياع السوداني إعفاء عدد من الموظّفين الذين تمّ تعيينهم من قِبَل سابقتها، خلال فترة تصريف الأعمال، ارتياحاً في الشارع العراقي، إلّا أنها قوبلت بالقدْر نفسه من التشكيك في قدرة «الكابينة» الجديدة على اجتثاث الفساد الذي رفعتْه شعاراً لها، والذي يمثّل المطلب الأوّل للشارع العراقي. ويعود ذلك إلى أن حكومة السوداني مشكَّلة بطريقة المحاصصة نفسها التي قامت على أساسها «الكابينات» السالفة، كما أنها تضمّ قوى متورّطة بشكل كبير في الفساد، وهو ما يصعّب التفاؤل بإمكانية نجاحها في محاربته، وفق ما يراه معارِضوها
بغداد | اتّفق معارضو الحكومة العراقية الجديدة ومؤيّدوها على صوابيّة انطلاقتها بتصفية تِركة حكومة مصطفى الكاظمي من التعيينات التي قامت بها الأخيرة في فترة تصريف الأعمال الطويلة، والتي اعتُبرت غير دستورية وغير قانونية. إلّا أن مقرّبين من «التيّار الصدري» حذّروا من أن تسييس الإعفاءات، واستهداف أتباع التيّار في الإدارات، سيؤدّيان إلى ردّ فعل قوي من قِبَله، وسيُنهيان صمت «الصدريين» الذي رافق تلك الانطلاقة. أكثر من ذلك، ذهب هؤلاء إلى التشكيك في إمكانية نجاح الحكومة الجديدة في ملفّ محاربة الفساد، باعتبار أن «جميع قواها، ومن كلّ المكوّنات، متورّطة في الفساد، وكلّ جهة لديها ملفّات تدين الأخرى، وبالتالي سيقوم بعضُها بالتغطية على بعض»، وفق حديث مقرّبين من «الصدري» إلى «الأخبار»، توقّعوا أيضاً فشل الكابينة في الملفّ الاقتصادي، لأن التِّركة ثقيلة وتراكمت عبر سنين طويلة. وعلى رغم ما تَقدّم، خلّفت القرارات الأولى للسوداني ارتياحاً في الشارع، على أمل أن تكون خطوة في الاتّجاه الصحيح.
وفي شأن الإعفاءات التي أعلنت عنها الحكومة قبل أيام، يقول المحلّل السياسي، رافد العطواني، القريب من «الصدري»، إن «القرار في شأنها متَّخذ مسبقاً من قِبَل تحالف إدارة الدولة، باعتبار أنها جاءت بمخالفة دستورية لأنها صدرت عن حكومة تصريف أعمال». ويعرب العطواني عن اعتقاده بأن «المرحلة المقبلة ستشهد إعفاءات ومحاكمات، إلّا أنها لن تكون بالمستوى المطلوب، لأن جميع القوى السياسية في كلّ المكوّنات، من شيعية وكردية وسنية، متورّطة في الفساد، وكذلك جرائم القتل الحاصلة منذ عام 2003»، مستنتِجاً أن «هذه المحاكمات ستتوقّف شيئاً فشيئاً، لأن حكومة الفساد، كما عبّر عنها وزير المالية السابق علي علاوي، هي حكومة زومبي أو عصابات زومبي». ويلفت إلى أن «هناك بعض الدرجات الخاصة التي يشغلها موظّفون من أتباع التيار الصدري»، محذّراً من أنه «إذا ما عمد السوداني إلى إقصائهم، فستكون هناك ردّات فعل على المستوى الأمني، كما سيتوقّف صمت السيد مقتدى الصدر». من جهته، يشير الباحث غالب الدعمي، القريب أيضاً من التيّار، إلى أن «المشمولين بالإعفاءات سيخضعون للتقييم مرّة ثانية، وسيتمّ تثبيت الكفُؤ منهم وإبعاد غير الكفُؤ»، واصفاً ذلك بأنه «شيء إيجابي، وسيكون محطّ ارتياح إذا ظلّ بعيداً عن الجانب السياسي». إلّا أن الدعمي يرى، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الحكومة تُواجه غولاً كبيراً وحيتان فساد تسيطر على الدولة العميقة، ستقاومها وتعرقل عملها، لأنها شبكة مرتبطٌ بعضُها بالبعض الآخر على مستوى الدولة، وإذا تمّ الإبقاء عليها وتركها، فسيستمرّ الفساد ويستمرّ الفشل»، معتبراً أن «المعيار الحقيقي لنجاح الحكومة، هو ما إذا استطاعت مكافحة الفساد برؤوسه الكبيرة ومافياته التي تقف خلف الموظفين العاملين في الدولة».
مقرّبون من «الصدري» حذّروا من تسييس الإعفاءات واستهداف أتباع التيّار في الإدارات
في المقابل، يبدي المؤيّدون للحكومة حماستهم لانطلاقتها، وينفون نيّة السوداني اتّباع سياسة إقصائية، بل يدافعون بأنه «يريد احتواء الجميع». وفي هذا السياق، يصف الباحث السياسي، علي فضل الله، القريب من «الإطار التنسيقي»، ما اتُّخذ من قرارات من قِبَل رئيس الوزراء بأنه «عبارة عن تصحيح الاعوجاج الذي تَخلّل عمل الحكومة السابقة جرّاء القرارات غير المدروسة وغير الدستورية» التي أقدمت عليها، مبيّناً أن «هذه الإعفاءات ليست شخصية، بمعنى أنه لا يتمّ التعامل مع أشخاص بقدْر ما يتمّ التعامل مع قرارات لم تكن من صلاحيات تلك الحكومة، التي كانت أقرب إلى حكومة تصريف أموال على حساب مصالح البلد». ويخلص فضل الله، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «كلّ الذي حصل هو عمل قانوني دستوري، وليس – كما تذهب إليه بعض الآراء – بداية سياسة إقصائية تجاه بعض الفرقاء السياسيين»، مضيفاً أنه «على العكس من ذلك، السوداني هو رجل يتعامل بسياسة احتوائية، ويريد قدْر الإمكان نزْع فتيل الأزمات، بل تصفيرها في المرحلة المقبلة». ويوضح أن «ما يحصل اليوم أن هناك حوالى 400 قرار أو أمر ديواني صدرت عن حكومة الكاظمي لم تكن دستورية ولا قانونية. هذه القرارات سوف تُلغى ويتمّ استبدالها بقرارات أو أوامر ديوانية متطابقة مع المبدأ الدستوري والقانوني للمرحلة القادمة».
كذلك، يتوقّع الكاتب والأكاديمي، علي الجبوري، أن «تُستكمل هذه الإعفاءات»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «فترة تصريف الأعمال دامت أكثر من تسعة أشهر، وهي فترة طويلة جداً، وبالتالي اتُّخذت فيها قرارات كبيرة على مستويات مهمّة في الدولة والمؤسّسات»، مضيفاً أن «هذه الإعفاءات ربّما تمثّل بالون اختبار أتى بنتائج إيجابية، إذ أدّى إلى حالة ارتياح لدى شريحة كبيرة من المواطنين، ولدى أوساط مهمّة في هذا المجال تستشعر ضرورة اتّخاذ مِثل هذه الخطوات». ويَعتقد الجبوري أنه «ستكون هناك خطوات تدريجية، علماً أن قسماً من المعنيّين بالقرارات الصادرة لن يتمّ استبعادهم بالضرورة، لأنه كما قال رئيس الوزراء، بالإمكان إعادتهم بقرارات تكليف جديدة، على أن تكون عملية التكليف دستورية من حكومة كاملة الصلاحيات».