الراعي ينعى الحوار ..في مؤتمر الحوار (حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز خاص
من الطرافة أن ينعي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الحوار اللبناني- اللبناني من البحرين خلال مشاركته في “ملتقى البحرين للحوار”.
ومن الخطورة أن ينعي البطريرك الراعي الحوار في دولة قائمة على الحوار، بتكوينها ودستورها، وفي أعرافها وفي تاريخها المتنقل بين محطة دموية وأخرى.
ماذا يبقى من الدولة اللبنانية إذا غاب الحوار؟
ونعني بالدولة القائمة الآن على نظام هجين مركب بين ديمقراطي وتوافقي وطائفي ووطني…
أما إذا تغير النظام وصارت البلاد محكومة بدستور لا يقيم وزناً لغير المواطنة الخالصة من كل “تحشيش مذهبي” وأحاديث عن مناصفات وأعراف وعن نصوص لها أرواح تجهض المضمون، إذاك فقط يصح الحديث عن مؤسسات ديمقراطية وعن حوار بالإنتخاب.
في حالنا الميؤوس منه فإن التحدي يوصلنا الى تحد آخر واصطدام التحديان يولد إنفجاراً.
وفي حالنا أيضاً، فإن خطاب الفتنة والطيش السياسي يراكم حقداً، ونهاية كل حقد إنفجار، وهذا ما حدث أمس في استديوهات محطة MTV اللبنانية عندما تمادى نائب من النواب الذين يعتمدون خطاب الفتنة للعراضة وتسجيل مواقف للبيع في أسواق السفارات!
للبطريرك الراعي باع طويل في فلسفة الحوار التي لطالما كان يشجع عليها، فلماذا ينعيه اليوم ولبنان على أبواب تحديات كبرى داخلية وخارجية ومهدد بإستقراره وسلمه، لا بل بوحدته ووحدة مؤسساته الدستورية.
هل أن سبب ذلك فشله في جمع قادة الأحزاب المسيحية على طاولة حوار، أو عشاء بطريركي، لمقاربة استحقاق رئاسة الجمهورية من دون مضاعفات في الشارع المسيحي تودي الى المزيد من الإحتقانات؟
أم أنه مقتنع فعلا أن الحوار يجب أن يكون داخل قبة البرلمان؟ وعن أي برلمان يتكلم؟
لا يمكن أن تكون ذاكرة البطريرك “متعبة” إلى هذه الحدود، فنسي تاريخ الحوارات اللبنانية في الداخل وفي الخارج.
هل علينا أن ننتظر إشارة الخارج لإتمام حواراتنا في الداخل؟
هل علينا أن نحزم حقائبنا الفارغة إلا من الأحقاد المذهبية ومن الإستقواءات الخارجية التي اعتدنا عليها منذ زمن القناصل وحكم الامبراطورية العثمانية والانتداب الفرنسي؟
ولتنشيط الذاكرة فإن الحوارات اللبنانية كانت سمة نشأة الكيان اللبناني ومن بعده النظام المعتل.
وابرز المحطات وأحدثها والتي كان لها أثر في استقرار لبنان النسبي:
- حوار العام 1982 بمبادرة من الرئيس الياس سركيس والذي أقيم تحت مظلة “هيئة الانقاذ الوطني”، بعد إجتياح العدو الاسرائيلي للبنان بتغطية من أحزاب يمينية مسيحية.
- مؤتمرات جنيف في العام 1983 على عدة مراحل وكانت هذه المؤتمرات برعاية سورية وسعودية.
- مؤتمر الطائف في العام 1989.
- مؤتمرات عين التينة التي نسقها الرئيس نبيه بري في لحظة انقسامات قاتلة في نيسان 2015 وفي تشرين الثاني 2007.
- مؤتمر الحوار الوطني بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العم 2006
- مؤتمر لاسيل سان كلو برعاية فرنسية في 14/7/2007
- مؤتمر الدوحة في العام 2008.
- طاولة الحوار في بعبدا بدعوة من الرئيس ميشال سليمان 2008.
إن تطبيق كافة مندرجات الدستور مدخل لإنتظام عمل المؤسسات الدستورية، فهل نأمل من البطريرك أن يدعو الى ذلك، لاسيما بنود الغاء الطائفية السياسية واقرار قانون خارج القيد الطائفي وقانون اللامركزية الإدارية والسلطة القضائية المستقلة واستراتجية وطنية للدفاع تحدد من هو العدو ومن هو الشقيق ومن هو الصديق؟