الحزب الشيوعي يشرّح مشروع الموازنة: مزيد من التقشف والاعباء على الطبقة العاملة
الحوارنيوز – خاص
رأى الحزب الشيوعي اللبناني أن مشروع موازنة عام 2023 يمعن في تجاهله المقصود لتحديات المرحلة الاقتصادية الصعبة في لبنان، وهو لا يتضمن اي إجراءات فعلية تمهّد للخروج من الأزمة الاقتصادية المتفجّرة منذ عام 2019. كما أنه لا يرفع الظلم، الذي وقع على الطبقة العاملة من جرّاء التداعيات الاجتماعية المتأتية من تلك الأزمة، لا بل أنه يساهم في زيادة الأعباء المعيشية عليها.
وجاء في بيان صادر عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي: إن مشروع الموازنة يؤثر سلبياً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من خلال أربع قنوات:
أولاً، خلو الموازنة من أية رؤية اقتصادية أو مالية أو ضرائبية واضحة، وهو الأمر الذي يتمثّل في غياب فذلكة الموازنة التي عادة تسبق بنودها وتضعها في إطارها الاقتصادي العام والكلّي. إن خلو الموازنة من هكذا فذلكة يعكس استمرار افتقاد الحكومة إلى خطة إنقاذ اقتصادي، كما يعكس عدم مقاربة ما خلفته الأزمة من نتائج وأعباء على المستوى الاجتماعي والمعيشي.
ثانياً، إن إجمالي الإنفاق العام في مشروع الموازنة لا يتجاوز سقف الملياري دولار، حسب سعر السوق الموازية، بالمقارنة مع إنفاق عام كان يقارب الـ 16 مليار دولار سنوياً قبل 2019، ما يعني، أن الموازنة تقشفية بامتياز، وسوف تطاول تبعات هذا التقشف مجمل نظم وشبكات الخدمات العامة والإنفاق الاجتماعي بخاصة في قطاعات الصحة والتعليم والنقل ومرافق البنية التحتية الأساسية. وكان من الأولى أن تنفق الموازنة على هذه القطاعات بشكل يوسع الإنفاق الاجتماعي والإعماري، بدلاً من التقشف الذي تتضمنه الموازنة.
ثالثاً، يؤكّد مشروع الموازنة ضعف وهشاشة وعدم شفافية المقاربات المعتمدة حول مسألة الرواتب والأجور في القطاع العام. فالتصحيحات المتعاقبة لهذه الأجور لا تعتبر تصحيحات مبنية على أسس علمية ونظامية، وهي لا تدخل في أساس الراتب الذي يعتمد في تحديد المعاش التقاعدي، وتقتطع منها ضريبة الدخل بشطور همايونية جرى تضخيمها في مشروع الموازنة بشكل عشوائي. وحتى لو تمّت مضاعفة الأجور إسميا خمس مرّات أو سبع مرّات في صيغة “مساعدات اجتماعية”، فإنها لا تستعيد، في أفضل الأحوال، أكثر من 10% من قوتها الشرائية عشية حقبة الانهيار المالي والاقتصادي عام 2019. وهذا الأمر له تأثيرات سلبية على نحو 340 ألف موظف في القطاع العام، من ضمنهم 120 ألف متقاعد و120 ألف في الأسلاك العسكرية و50 ألف معلّم وأستاذ و25 ألف في الإدارات العامة و25 ألف في المؤسسات العامة. وسوف يتعرّض معظم هؤلاء إلى المزيد من الفقر والإفقار والضغوط الآيلة إلى تسربهم التدريجي من القطاع العام، الأمر الذي سينعكس بدوره مزيداً من التردي في حجم الخدمات التعليمية والصحية ونوعيتها، والخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغيرها.
رابعاً، يقترن مشروع الموازنة بزيادة كبيرة في العبء الضريبي على الطبقات العاملة والوسطى، التي تدهورت مداخيلها ومدخراتها وشروط تقاعدها وتعويضاتها. فالموازنة تتضمن زيادات ضريبية غير مباشرة كبيرة، تقع أعباؤها بشكل أساسي على هذه الفئات الاجتماعية. ويبرز في هذا الإطار أن الإيرادات المتوقعة من الضريبة على الرواتب تتجاوز تلك المتوقّعة على الأرباح. ومن الملفت، أن ضريبة الدخل على الأرباح تضاعفت أربعة مرّات – من حيث قيمها المطلقة – ما بين عام 2018 وعام 2023، بينما تضاعفت ضريبة الدخل على الرواتب والأجور ثمانية مرّات في وقت تتدهور الأجور الحقيقية وتزيد الأرباح. وكل هذا يعكس انحيازاً كبيراً للموازنة لمصلحة الرأسمال على حساب القوى العاملة، التي تشكل أغلبية الشعب اللبناني، والذي أصبح أكثر من ثمانين بالمئة منه يعاني من الفقر.
إن الحزب الشيوعي اللبناني، يعتبر أن مشروع الموازنة ما هو إلّا حلقة جديدة في مسلسل انحياز السلطة الكامل لمصلحة الرأسمال وطبقة الـ 1%، وستزيد من الأعباء المعيشية والاقتصادية والاجتماعية لغالبية الشعب اللبناني، كما أنها لن تساهم بأي شكل من الأشكال في حلّ الأزمة الاقتصادية. وفي هذا الإطار، يدعو الحزب القوى المعارضة الديمقراطية إلى أوسع تحركات سياسية وشعبية ضد البنود الجائرة في هذه الموازنة، ويدعو بالأخص “النواب الديمقراطيين” إلى مواجهة هذه الموازنة في البرلمان عندما تصل إليه، وأيضاً إلى البدء الجدي بإنشاء جبهة وطنية ديمقراطية معارضة من داخل البرلمان وخارجه في أسرع وقت ممكن، لمواجهة هذا الاستحقاق والبدء بمسيرة التغيير نحو الدولة العلمانية الديمقراطية ونحو التقدم الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.