الحركة الدولية في لبنان تحضير لما بعد غزة..ولكن أي غزة بعد الحرب؟(واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز
صار من نافلة القول إن لبنان لن يشهد أي تطور جدّي على مستوى أزمته الراهنة سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا، قبل نهاية الحرب على غزة.ومن هنا يمكن إعتبار التحرك الدولي على الساحة اللبنانية ،أميركيا وفرنسيا وبريطانيا وأمميا وغيره، إنما يرمي إلى استباق الأحداث والتحضير لمرحلة ما بعد غزة، وهو أمر منطقي إلى حد ما وغير مرذول من جانب الطاقم السياسي اللبناني، الرسمي وغير الرسمي.
وعليه فإن من البديهي القول إن ثمة وقتا ضائعا في ظل الحرب على غزة، يجري خلاله تحريك المياه الراكدة في لبنان،ولكن من دون الأمل بنتائج عملية فورية ،سواء في مجالي رئاسة الجمهورية وانتظام المؤسسات الدستورية ،أم على مستوى الوضع في جنوب لبنان وامتداداته على الساحة اللبنانية بشكل عام. ويمكن في المجال الأول قراءة تحرك اللجنة الخماسية الذي ما يزال حتى الآن “حركة من دون بركة”.
إلا أن مجمل الأوراق والأفكار التي يجري تداولها في إطار الحركة الدولية السالفة الذكر ،وعلى الرغم من إيجابيتها ،سوف تظل قاصرة عن رؤية الواقع الحقيقي للبنان بعد حرب غزة،إذ من المنطقي السؤال عن طبيعة الواقع الحقيقي لما بعد حرب غزة ،فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا. فلبنان لم يكن ولن يكون جزيرة معزولة يمكن إنتاج حلول خاصة لأزمته بمعزل عن الواقع الإقليمي والدولي.
كيف ستنتهي الحرب في غزة؟
هذا هو السؤال الذي ينبغي التوقف عنده،وكل ما عدا ذلك هو تحليل وتبصير وتنجيم.
ثمة سيناريوهات عديدة وأسئلة حائرة ينبغي التوقف عندها لرؤية الصورة الحقيقية والتي ما تزال ضبابية حتى الآن:
أولا: إذا توقفت الحرب عند الحدود الحالية ،وخرجت المقاومة الفلسطينية في غزة غير مهزومة (لا نريد أن نقول منتصرة ) لأن ما حصل في غزة حتى الآن يشكل كارثة إنسانية غير مسبوقة . فالإسرائيلي أراد من الأساس تحويل غزة إلى أرض غير قابلة للعيش ، ونكون أغبياء إذا قلنا إن شيئا من هذا لم يتحقق،على الرغم من الصمود الأسطوري لأهالي غزة والمقاومة. وفي كل الأحوال ،فإن عودة غزة إلى الحياة يتكل على “الهمة العربية” التي يُفترض أن تعيد بناءها وانتشال أهلها من الهاوية.
ثانيا: ماذا لو واصلت إسرائيل حربها ،وقررت الهجوم على رفح ، وهي آخر معقل من معاقل الحياة للغزاويين؟ وما هي النتائج المترتبة على ذلك، سواء تمكنت الآلة العسكرية الإسرائيلية من تحقيق أهدافها ، أو فشلت في ذلك؟ وما هو الدور الذي سيلعبه محور المقاومة، خاصة من لبنان، في حال مهاجمة رفح؟ وما هي طبيعة المعركة على الجبهة اللبنانية وآفاقها العسكرية؟
ثالثا: ما هو الموقف الحقيقي للراعي الأساسي لهذه الحرب ،الولايات المتحدة الأميركية،وهي التي تزعم أنها تلجم التهور الإسرائيلي بيد ،ثم تزوده بالمال والسلاح والذخيرة وتغطي عثراته باليد الأخرى؟ ..فماذا تريد أميركا من هذه الحرب؟.. يمكن التحليل كثيرا في هذا المجال ،لكن ما تريده أميركا حقيقة تعرفه أميركا وحدها،والعبرة في النتائج.
رابعا: ما هو مستقبل القضية الفلسطينية بعد حرب غزة؟ وهل ثمة إمكانية لدولة فلسطينية مستقلة،قد تستدعي إذا تحققت ،تطبيعا عربيا إسرائيليا بحسب ما تفصح عنه السياسة السعودية ؟ وماذا لو كان العكس وأخفقت الآمال بهذه الدولة؟ وكيف سيتعاطى لبنان الرسمي مع هذا الواقع المستجد في ظل الإنقسامات الحادة التي يعيشها على هذا المستوى؟
في الخلاصة لا بد من إنتظار نهاية الحرب في غزة ،للوقوف على مستقبل لبنان. ففي ظل حرب غزة وبعدها ،إسرائيل لم تعد إسرائيل ولن تكون،وحماس لم تعد حماس ،وأميركا لم تعد أميركا،واوروبا لم تعد أوروبا ،والمنطقة لم تعد هي المنطقة..ومن الطبيعي ألا يكون لبنان هو لبنان الذي نعرفه. فلننتظر ونر !!