تربية وتعليمثقافة
التعليم عن بعد.. شر لا بد منه (نبيلة هاشم عواضة)
بقلم نبيلة هاشم عواضة*- خاص الحوار نيوز
بعد انتشار جائحة كورونا،واقفال المؤسسات التربوية، اضطرت ادارات المدارس للتفكير بحل تنقذ فيه العام الدراسي، للتعويض على التلامذة ما فاتهم، بأقل خسائر ممكنة،ولم يكن لديها من خيار الا التعليم عن بعد كخطة بديلة عن عودة التلامذة الى مدراسهم.
ولكن هل أدت هذه الاستراتيجية الجديدة على مجتمعنا، وعلى أولادنا، الى النتائج المرجوة؟ وهل كان التحضير لها كافيا، من حيث اعداد البيئة التربوية الجاهزة لاستخدام الوسائل التكنولوجية الأساسية وهل كان مهيئا؟ وهل كان تدريب الكادر البشري على التعامل مع هذه الآلات الحديثة والجديدة مثاليا؟ ناهيك عن تأمين الكهرباء والأنترنت والأجهزة الالكترونية ( اللاب توب او التاب او الهواتف الذكية) متوفرة لدى التلاميذ مع الأثمان الباهظة الثمن التي سيتكبد الأهل أعباءها؟
لقد بدأت التجربة الجديدة عشوائية نوعا ما كبداية. صحيح أنها تطورت فيما بعد، ولكن عراقيل كثيرة وقفت في وجه نجاحها على الرغم من أن المعلمين بذلوا قصارى جهدهم، واكتسبوا العديد من الطرائق والأساليب لتسهيل العملية التعليمية وتوصيلها الى الطلاب، الا أن العديد من التلاميذ لم يكونوا على قدر المسؤولية لاكتساب المهارات الأساسية التي تساعدهم على تحقيق الأهداف المرجوة.
ولكي نكون منصفين، لا ننفي أن المعلمين اكتسبوا الكثير من المهارات في استخدام الأجهزة الالكترونية ، والمرونة في تطوير أساليبهم وتطويعها لمتابعة المتعلمين، وهذا ما سيتيح أستخدامها لاحقا في التعليم الحضوري،ما ينوع للتلاميذ الأساليب فيكسر الجمود ضمن البيئة التعليمية ويحسن أداءهم واستيعابهم للمفاهيم ويحبب اليهم التعلم .
وهذا ما انعكس على بعض التلاميذ المجدّين الذين تعلموا مهارات البحث عبر الأنترنت، وإتقان برامج ذات طابع تكنولوجي،فطوروا أداءهم وأحرزوا تفوقا، وأظهروا مواهبهم في مجالات شتى.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن معوقات هذه العملية، وعلى رأسها عدم توفر الكهرباء وانعدام أوضعف الأنترنت، الذي أصبح نقمة يتحمل أعباءها القطاع التربوي بشكل عام، أدى إلى تفاقم الخلل الأساسي الذي كان في هذه الإستراتيجية، التي أبعدت التلميذ عن بيئتة التعليمية في المدرسة، والتي أفقدته المهارات الشخصية والتفاعل الإجتماعي، والتواصل بين المعلم والتلميذ، والعمل الفريقي مع رفاقه، والذي يكسبه المزيد من التعامل مع الآخر والتعاون في توسيع آفاقه التعلمية،بعد أن أمضى أكثر وقته أمام آلة بكماء، فأصبح فضاؤه محدودا، لا كتاب ولا دفتر ولا قلم (علّم بالقلم )، بدل أن يكون مع رفاقه وبيئة إجتماعية منوعة.
وإذا ما أحصينا السلبيات التي نتجت عن عملية التعلم عن بعد، فهي كثيرة برأي المعلمين والمعلمات الذين عاشوا التجربة وعانوا من نتائجها السلبية وهي:
-
عدم قدرة التلميذ بشكل عام على استيعاب المفاهيم والتدرب على المهارات، على الرغم من الشرح والتمرّن المستفيض والمتكرروبطرق مختلفة.
-
تأخر وبطء عند الكثير من التلامذة ، قراءة وكتابة، إلا المتميزين والجديين المتمتعين بمسؤولية عالية، واستقلالية في الدرس.
-
تدخل الأهل المباشر والسلبي الذي غالبا ما كان يحصل في القيام بكتابة الفروض، أو نقل المعلومات بدلا من أولادهم، ما يكسب هؤلاء التلاميذ سلوكا خاطئا، ويعودهم على الإتكالية.
-
تدني المستوى الأكاديمي، ولا سيما في المراحل الإبتدائية، التي فيها يتم التركيز على المهارات الأساسية للتعلم عند التلميذ، وخاصة مهارة الكتابة الصحيحة، التي حرم فيها التلميذ من الكتابة، ما أثّر على حركة أصابع اليدين، فولّدت عنده الضعف والبطء في الكتابة.
-
إنعدام الذاكرة وتشتت الذهن أفقداه المخزون اللغوي والمعجمي، على الرغم من أنّ المعلمين يعيدون في بداية السنة كل ما ورد في العام السابق.