الإنهيار الاسرائيلي المحتمل والهجرة المعاكسة(عماد عكوش)
لمحة وافية عن الاقتصاد الاسرائيلي وآفاقه في ظل الحرب
كتب د.عماد عكوش
يكثر الحديث في هذه الأيام عن الخسائر التي يتكبدها الأقتصاد الأسرائيلي نتيجة لحربه على الفلسطينيين وعلى امتداد مساحة فلسطين . وللإطلاع على حقيقة هذه الخسائر سنلقي الضوء على حجم الأقتصاد الأسرائيلي ، أهم القطاعات الأقتصادية ، معدلات النمو السابقة ، المجهود العسكري الذي يتم صرفه على هذه الحرب ، تأثير هذه الحرب على المستثمر الداخلي والخارجي ، والقطاعات التي تضررت وما زالت تتضرر من هذه الحرب .
بلغ الناتج القومي الأسرائيلي عام 2019 حوالي 394.65 مليار دولار ويبلغ عدد السكان حوالي 9.000.000 نسمة يمثل العرب منهم حوالي 21 بالمئة تقريبا” ، وبلغ معدل دخل الفرد السنوي حوالي 66.000 دولار أميركي وهو الأعلى في المنطقة بعد دولة قطر ، الكويت ، والأمارات ، لكن ما يميز هذا الأقتصاد تنوعه وليس أعتماده على تصدير الموارد الطبيعية كحال معظم الدول العربية باستثناء سوريا قبل الأزمة .
بلغت الصادرات الصناعية الأسرائيلية عام 2019 حوالي 114 مليار دولار وأهم هذه الصادرات هي صادرات التكنولوجيا المتطورة ،كما صدرت أسلحة خلال نفس العام بمقدار 7 مليار دولار ، كما زادت تصدير الخدمات من 21.5 مليار دولار عام 2009 ألى 56 مليار دولار عام 2019 ، كل ذلك حصل بفعل الأصلاحات التي قامت بها الحكومات بعد العام 2009 والتي رفعت معدلات النمو السنوي من 2 بالمئة ألى متوسط سنوي يبلغ حوالي 17 بالمئة سنويا” ، وكانت أهم هذه الأصلاحات :
– خفض الأجور بالأتفاق مع الهستدروت
– خفض الأنفاق الحكومي
– تخفيض أرباح الشركات
كما ساهمت موجة الهجرة الروسية في تحقيق فائض تراكمي مادي ومالي أستطاع القطاع المصرفي توظيفها بفائدة مخفضة .
أعتمدت أسرائيل سياسة دعم الصادرات الصناعية وتوسيع الأتفاقات التجارية مع العديد من الدول ما عزز الصادرات الصناعية .
في الواقع اسرائيل لا تحتمل أنكماشا في الأقتصاد أو حتى ركودا، لأن ذلك سيؤدي ألى خفض دخل الفرد وبالتالي ألى عدم جاذبية هذا الكيان للبقاء فيه أو للهجرة إليه ، وهذا ما حصل قبل العام 2000 حيث بدأت معدلات الهجرة بالأنخفاض الى أكثر من النصف مع الأزمة الأقتصادية ومع الخسائر التي تكبدتها في لبنان والحروب المتعددة التي شنتها على لبنان. وقد طالت بعض هذه الحروب مستوطناتها بالخسائر والدمار ما أنعكس بشكل كبير على حجم أقتصادها ومعدلات النمو في الناتج القومي والذي أنخفض الى ما دون 2 بالمئة سنويا” . وبعد أن بلغت أعداد المهاجرين حوالي 200 ألف مهاجر سنويا” قبل العام 1990 وصلت الى حوالي 50 الفا في نهاية العام 1998 ،وهذا يؤكد حجم التأثير الأقتصادي على حجم الهجرة .
بعد الأنسحاب الأسرائيلي من لبنان عام 2000 والقيام ببعض الأصلاحات الأقتصادية عادت أرقام الهجرة الى الإزدياد بشكل مؤقت، ومن ثم الأنخفاض وبشكل كبير مع الأزمة الجديدة مع الفلسطينيين والتي وصلت أرقام المهاجرين خلال الأعوام 2017 – 2018 – 2019 الى ما دون 30 الف مهاجر سنويا” .
يعيش الأسرائيلي أزمة عدم الثقة بالكيان والدولة ،لذلك نرى العديد منهم يحمل الجنسية الأخرى ولا سيما الجنسية الأميركية حيث أظهرت دراسة تم أعدادها سنة 2012 عن أن 500 الف أسرائيلي يحملون الجنسية الأميركية ، كما أظهرت دراسة أخرى أن حوالي 740 الف أسرائيلي يعيشون في الخارج ، كما أظهرت دراسات أخرى وجود هجرة معاكسة وخاصة الى أميركا ، كندا ، وأوروبا .
في النهاية، الواضح هناك عاملان أساسيان يؤثران وبشكل كبير على حجم الهجرة اليهودية الى أسرائيل وهما :
– العامل الأمني
– العامل الأقتصادي
وكلما كان هذان العاملان سلبيين كلما انخفضت أرقام الهجرة ، وكلما كانا أيجابيين كلما أرتفعت أرقام الهجرة ، فهل سيتم الأستفادة من هذه العوامل والعمل عليها للضغط على هذا الكيان وأجباره على التراجع والأندحار ؟
من ناحية أخرى بدأت الأضرار الأقتصادية تظهر وبشكل واضح ليراكم عدم الثقة بالكيان وأهم القطاعات التي تضررت اليوم بفعل الحرب الحالية ومن هذه القطاعات :
– القطاع السياحي
– القطاع الصناعي
– القطاع الزراعي
من ناحية أخرى بلغ الأنفاق العسكري حوالي 200 مليون دولار كل ثلاثة أيام، كما بلغت الخسائر الأقتصادية وفقا” لهأرتس حوالي 903 مليون دولار كل ثلاثة أيام ، اضافة الى ذلك أنخفضت قيمة الشيكل الأسرائيلي مقابل الدولار الأميريكي بنسبة 1.4 بالمئة،فضلا عن الأضرار التي لحقت بحوالي 2500 شقة ومبنى وسيارة .
حركة السياحة توقفت بشكل شبه كامل وتم تحويل الرحلات الجوية الى مطار أخر غير مطار بن غوريون كما تم تأجيل العديد من الرحلات ومنها :
– لوفتهانزا
– الخطوط النمساوية
وكما أوقفت العديد من شركات الطيران رحلاتها ومنها :
– يونايتد أيرلاينز
– دلتا أيرلاينز
– أميركان أير لاينز
كما تم وقف العمل بحقل “تمار” الغازي بعد ضرب المقاومة لعدد من المنصات مقابل غزة ، المراكز التجارية تراجعت مبيعاتها بما يزيد عن 20 بالمئة ، أضافة الى أقفال أكثر من عشرين بالمئة من المؤسسات الصناعية والتجارية والسياحية التي تقع ضمن غلاف غزة .
نرى أن الأستمرار في أعمال المقاومة هو في مصلحة الشعب الفلسطيني، لكن أعمال المقاومة تحتاج الى دعم ليس بالأفراد وأنما بما يلي :
– تأمين وصول المزيد من الدعم التسليحي .
– تأمين وصول المزيد من المواد الغذائية .
– تأمين التعويض على من تضرر أو تهدم منزله .
– تأمين تعويض لأهل الشهداء حتى لا تتأثر معيشتهم بشكل سلبي .
فهل تلبي الدول المساندة هذه الشروط للأستمرار في الصمود ومنع الأسرائيلي من تحقيق أهدافه والوصول ألى مرحلة وقف الهجرة ،لا بل الى الهجرة المعاكسة وذلك لعدم توفر العاملين الأساسيين للبقاء في فلسطين المحتلة وهما الأمن والأقتصاد القوي ؟؟؟؟؟