اعتراف ترامب بسيادة اسرائيل على الجولان جريمة دولية..في كتاب للدكتور علي دربج
الحوار نيوز – خاص
على الدوام كان للسيطرة على الجولان أهمية حاسمة بالنسبة إلى أمن إسرائيل. وحالياً بعد سنوات الحرب الأهلية في سوريا، ونجاح حلفاء سوريا خصوصا ايران وحزب الله في منع تفكيكها وإعادة تحرير معظم اراضيها من الجماعات الارهابية، تضاعفت أهمية هضبة الجولان بالنسبة للكيان الصهيوني أضعاف مضاعفة، لاسيما بعد ما تصفه "اسرائيل بالتدخل العميق لكل من إيران و"حزب الله" في سوريا".
جاء اعتراف الولايات المتحدة الرسمي، بالسيطرة الإسرائيلية على الجولان في آذار 2019، ليشكل تحوّلا جذريا في هذا المسار وسابقة أولى للاعتراف بملكية الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بالقوة العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية.
وانطلاقا من خطورة هذا القرار وتداعياته المستقبيلة الكارثية على كافة الاراضي العربية المحتملة ، كان الكتاب الجديد للكاتب الاكاديمي والباحث والصحافي الدكتور علي دربج تحت عنوان "اعتراف ترامب بسيادة اسرائيل على الجولان جريمة دولية تهدد السلم والامن الدوليين" ، والذي صدر عن " مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية" في اب 2020 .
يستهل دربج كتابه بالحديث عن جغرافية الجولان وموقعه فضلا عن الحدود والمساحة التضاريس، ثم يفرد بعد ذلك حيزا خاصا لاهمية الهضبة الاستراتيجية، في التاريخ وصولا الى عصرنا الحالي، حيث تحتوي على العديد من المواقع السياحية والأثرية التاريخية التي تؤكد على هذه الاهمية.
ويشرح دربج موقع الجولان في الاستراتيجية الاسرائيلية، لافتا الى ان الأهمية الاستراتيجية للهضبة يعبر عنها إسرائيلياً من خلال ثلاثة مجالات أساسية :
اولا: المجال الدفاعي. ثانيا: المجال الرادع. ثالثا: اعتبار الهضبة من الوجهة الإسرائيلية ثروة مائية وزراعية وسياحية فارغة السكان تقريبا بعد عملية الترحيل العرقي الصهيوني لسكانها عام 1967.
يضيء دربج في كتابه على نقطة بالغة الاهمية وهي اهمية الجولان في المشروع الصهيوني التاريخي، حيث يقوم الخطاب الصهيوني والتوراتي على دعم مقولة "الأرض الكبرى والكاملة" التي تستند على مقولة "كل أرض وطأتها أقدامهم".
ويكشف دربج ان المدرسة الصهيونية التوراتية استغلت هذه المزاعم وعملت على تزوير كل الحقائق التاريخية وتزييفها، وبما فيها الآثار العربية دون الاطلاع على الحقيقة وبالأحرى تجاهلها.
كما يوثق الكاتب المذكرات الاسرائيلية المتعلقة بالجولان خصوصا المذكرة التي قدمتها "المنظمة الصهيونيّة العالميّة بزعامة "حاييم وايزمان، إلى المجلس الأعلى لمؤتمر الصلح في باريس بتاريخ 3 شباط عام 1919. وحديث مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هيرتسل في مذكراته ليوم/25/4/1896، عن حدود الكيان بما فيه الجولان.
ويستعرض الكاتب المطامع الاسرائيلية التاريخية بالجولان ومشاريع الاستيطان فيه، والتي بدأت رحلات استكشافه منذ عهود قديمة، ونشطت في العهد العثماني، حيث وصل في العام 1805، إلى جبل الشيخ شخص منتحلا صفة طبيب باسم موسى الحكيم، تلاه رحالة سويسري موّلته مؤسسة رابطة فلسطين، وزيارة زعيم الجماعة اليهودية في إنجلترا موسى منتيفوري عام 1838، لحاكم سوريا محمد علي باشا آنذاك، وعرض عليه استئجار مساحات كبيرة من أراضي حوران والجولان . "صندوق استكشاف فلسطين". كذلك إرسال فريق لمسح منطقة باشان (الجولان)، حيث كلف مهندسا بإعداد أول خريطة للجولان وحوران، وادعى أن 12 موقعاً يضم رموزاً يهودية. وبعد خمس سنوات اي في العام 1885، كلف الصندوق ذاته أيضاً، البرلماني البريطاني لورانس أوليفانت بدراسة الجولان.
ويسرد دربج أولى عمليات الاستطيان ، مشيرا الى انه في تموز العام 1885 تمت عملية شراء أراض في منطقة الجولان في الجنوب السوري من قبل الوكالة الصهيونية، وبعد سنتين في العام 1887، قدمت أولى العائلات اليهودية من صفد للاستيطان في الجولان عن طريق جمعية أطلق عليها اسم " بني يهودا" واستملكت حوالي15 ألف دونم في قرية الرمثانية التي سكنتها عائلات شركسية.
كما يتطرق دربج الى مشاريع ضم وأسرلة الجولان، خصوصا بعد نبكة العام 1967، والاجراءات التمهيدية القمعية لضم الجولان، مستعرضا مشاريع المجالس المحلية في الهضبة، والخطوات التي قام بها الاحتلال كإلغاء المناهج التعليمية العربية واستبدالها بالعبريّة، ومشاريع طمس الهوية العربية "الخدمة المجتمعية انموذجا"، ومحاولات فرض الجنسية على اهالي الجولان، حيث يوضح الكاتب ايضا واقع اعداد المجنسين في الجولان والتضخيم الذي يمارسه البعض.
ويفند دربج بالوقائع والمعلومات والتقارير الصحافية والوثائق الاستخباراتية الاسرائيلية والغربية، الدور الاسرائيلي في دعم الجماعات الارهابية والمعارضة السورية والمخططات الاسرائيلية التي وضعتها اسرائيل بعد اندلاع الحرب السورية، موضحا كيفية استغلال اسرائيل للحرب وشروعها بعملية "الجوار الطيب" لاسقاط الدولة السورية وضم الجولان.ويتناول الكتاب ايضا المحاولات الاسرائيلية التقسيمية، لا سيما مشروع الدولة الدرزية في الجولان واحباط القيادات الوطنية الدرزية لهذا المخطط.
يتوقف الكاتب مطولا عند مسألة المطامع الاسرائيلية بالثروات المائية والنفطية في الجولان، متحدثا بالتفصيل عن مصادر المياه في الجولان، وعمليات سرقة مياه الهضبة منذ احتلالها حتى يومنا هذا، مستعرضا ابرز المخططات الإسرائيلية للسيطرة على مياه الجولان وسرقتها. ويعرّج دربج كذلك، على محاولات السطو على نفط الجولان، والعمليات الاستكشافية التي قامت بها اسرائيل في هذا الاطار.
ويتناول دربج الوضع القانوني الدولي للجولان، والتداعيات القانونية لقرار ترامب بالاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان، متطرقا الى ابرز القرارات الاممية التي انتهكها ترامب في قراره هذا، خصوصا قرار مجلس الامم رقم 497، الصادر في17 كانون الثاني 1981، والذي اعتبر فيه أن "قرار إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل، قرار لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي. إضافة الى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لاسيما القرار رقم 35-122، الصادر بتاريخ 11/12/1980، الذي يدين إسرائيل لفرضها تشريعا ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان.
والقرار رقم 35-207 الصادر بتاريخ 16/12/1980، الذي يجدد الرفض الشديد لقرار إسرائيل ضم الجولان والقدس.
والقرار رقم 36-147، الصادر بتاريخ 16/12/1980، الذي أدان إسرائيل لمحاولاتها فرض الجنسية الإسرائيلية بصورة قسرية على المواطنين السوريين في الجولان. والقرار 73/255، الصادر في 20 كانون الثاني 2018.
كما يكشف دربج ان هذه الخطوة لترامب تخالف قرارت لجنة ومجلس حقوق الإنسان، اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات.
ويخلص دربج في كتابه الى ان ترامب اعطى_ باعترافه بالسيادة الاسرائيلية على الجولان من خلال هذا القرار _لاسرائيل دفعا للمضي قدما في تهويد الجولان، فدعت الأخيرة ابناءها ومستوطنيها لاستغلال الشرعية التي منحها الرئيس ترامب كي تضاعف سكان الجولان، وتبني فيه مدينة جديدة، والملفت انها وضعت هذا القرار، في مصاف الهدف الوطني الذي يجب ان يقف امام ناظري كل حكومة تقوم بعد الانتخابات.
كما ان لهذا القرار معان بالغة الأثر لاسرائيل التي يرى كبار قادتها الامنيون والسياسيون وخبراؤها العسكريون انها "تصب أطناناً من الأسمنت المسلح على "حق اسرائيل" في الوجود في هضبة الجولان وعلى قانون ضم الجولان الذي أجازه رئيس وزراء العدو الاسبق مناحيم بيغن في الكنيست العام 1981".
ويختم دربج كتابه بالقول :" يدرك الرئيس الأمريكي وجميع مستشاريه أنه "لا يستطيع أحد أن ينقل ملكية ما لا يملكه"، وهي قاعدة معروفة في كافة تشريعات الدول الداخلية ومنها الإدارة الأمريكية. ويدركون أيضا أن كافة التشريعات والأحكام القضائية والتدابير التنفيذية الداخلية للدول ومنها بطبيعة الحال الولايات المتحدة الأمريكية –الطرف الثالث في المعادلة السورية الإسرائيلية– وان صدرت بالمخالفة لقواعد القانون الدولي وتعهدات الدولة، فهي تُعد مجرد وقائع مادية لا قانونية في القانوني الدولي، ولا تغير من المراكز القانونية المستقرة. ومن هنا، فالجولان أراض سورية محتلة بعد التوقع وقبله، وعليه، يمكن لكل من الدولة او الحكومة السورية او اي شخص سوري له صفة، أن يرفع دعوى قضائية في الدوائر الأمريكية المختلفة ضد الإعلان الرئاسي المتقدم وذلك تأسيسا على القانون الدولي والدستور الأمريكي ذاته".