رأي

اسرائيل بين فرقة الموسيقى.. وفرق المقاومة في لبنان!(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوار نيوز

 

في الذكرى الثانية والاربعين للإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ، نستذكر شعار العدو انه يستطيع احتلال لبنان بفرقة “موسيقة” ،وبنى استراتيجيته العسكرية على اقامة خطوط دفاع باتجاه الجبهة المصرية (خط بارليف) والجبهة السورية، لكنه لم يبن خط دفاع بمواجهة لبنان، وبنى مستوطناته حتى الحدود حتى يكاد بعض بيوت هذه المستوطنات يستطيع سماع أصوات اللبنانيين في بيوتهم، واعتقد ان شمال فلسطين المحتلة منطقة آمنة لمشاريعه الاقتصادية والعسكرية والقواعد العسكرية الاستراتيجية !

لم يكن الاعتقاد الاسرائيلي مرتكزا إلى فراغ، ،،او عبثيا وخاطئاً في ذلك  الوقت ، فالدولة اللبنانية بعد الاستقلال لم تقم باي جهد لتسليح الجيش اللبناني وحماية الحدود، واعتبرت الجنوب جزءا غريبا عن الدولة ومنطقة لقيطة ليست مسؤولة عنها، وأطلقت شعار( قوة لبنان في ضعفه ) واعتمدت اسرائيل على ان لها في لبنان قوى حليفة على المستوى السياسي والطائفي وقوى محايدة ايضا لم تقم باي جهد مسلح ضدها، وكانت نتائج هذا الواقع  ثلاث اجتياحات إسرائيلية وصل فيها العدو عام 1982 واحتل العاصمة بيروت وبقي محتلا للجنوب اكثر من 20 عاما !!

لم يكن العدو قيادة وشعبا وجيشا ،يفكر في لحظة ما ان شمال فلسطين سيكون تحت النار او انه مهدد بالتهجير، او أن خطرا حقيقيا يأتي من جنوب لبنان، حتى كانت بعض اجزاء الحدود اللبنانية-الفلسطينية من دون فاصل حتى بشريط شائك، قبل ولادة المقاومة في لبنان وبعد نفي المقاومة الفلسطينية عام 1982 !

يستفيق العدو الاسرائيلي الآن على مفاجأة قوة المقاومة في لبنان وصمود اهلها وصبرهم واحتضانهم للمقاومة، وتبدو فرق الجيش الاسرائيلي عاجزة عن اجتياح لبنان وعاجزة عن حماية المستوطنات في شمال فلسطين وابعد من حدود فلسطين.

استطاعت المقاومة واهلها ان تغيّر شعار لبنان الرسمي من شعار (قوة لبنان في ضعفه )الى( قوة لبنان في قوته) ( وضعف اسرائيل في قوة المقاومة في لبنان ).لكن هذا لم يكن بلا اثمان دفعها الجنوب واهل المقاومة في كل لبنان، شهداء وجرحى ودمار قرى ونزوحا وخوفا وقلقا وعدم استقرار، وهم يعيشون منذ العام 1948 تحت القصف الاسرائيلي بلا ملاجئ وبلا حماية رسميه لبنانية، بالتلازم مع عيش اللبنانيين لحياتهم بعيدا عن القتل والقصف والخوف، بل ان بعض اللبنانيين يدينون اهل المقاومة لحملهم السلاح دفاعا عن أنفسهم ويصلون الى الوقاحة والجرأة ،بالمطالبة لعدم دفع التعويضات للمتضررين من العدوان الإسرائيلية!

استطاعت المقاومة واهلها ان تحوّل الجيش الاسرائيلي الى “فرقة موسيقية” تعزف نشيد الموت والخوف والخيبة ، او الى فرقة “إطفاء” لإطفاء الحرائق، وما زالت المقاومة واهلها يعزفون نشيدا العز والكرامة وهم يحمون لبنان بقوة السلاح والإرادة وليس بقوه القرارات الدولية التي لم تحرّر شبرا ولم تحم بيتا ولم تسترجع ارضا محتلة !

 لقد مضى زمن الاجتياحات السهلة ولن يستطيع العدو الاسرائيلي ان يصل الى بيروت من الناقورة المحتلة بعدة أيام، وفق سرعة دباباته كما جرى عام 82 ، ولم يوقفه اي مسلح او جيش لمنع احتلاله للعاصمة !

 جاء الزمن الذي لا يستطيع العدو ان يتقدم امتارا داخل الحدود، وإذا دخل سيعود قتيلا او جريحا او اسيرا!

لكن للتحرير اثمانه وللمقاومة أثمانها أيضا، وقد ارتضى اهل المقاومة ان يدفعوا هذه الاثمان صبرا واستشهادا ونزوحا وتهجيرا وتدميرا دون انتظار لأحد، وقدموا ابناءهم لتشكيل فرق المقاومة الحرة والشريفة..

لكن مرارة أهل المقاومة ان الطبقة السياسية الحاكمة طعنتهم من الخلف جوعا وسرقة ودائع لإضعافهم وانهاكهم وتهجيرهم للخارج ، لمنعهم من الصمود وزيادة معاناتهم، فصار اهل المقاومة بين القذيفة الإسرائيلية وسوء الإدارة والفساد في الداخل!

لكنهم لن يخذلوا المقاومة ولن يرفعوا الراية البيضاء ولن تتزعزع عقيدتهم وسيبقون اهل الشرف والكرامة…

الفاتحة والسلام للشهداء والمقاومين …

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى