رأيسياسةمحليات لبنانية

ماذا عن “اليوم التالي” في لبنان؟ (واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

ليس سرا أن بعض الأوساط والمجالس الخاصة بدأت تتداول سؤالا منطقيا ومُلحّا ويحتاج إلى إجابة ،بل خريطة طريق واضحة،لما بعد الحرب في غزة ،على مستوى الواقع اللبناني ،أيا كانت نتائج هذه الحرب.

فالعالم بأسره إنشغل بعد السابع من أكتوبر وما يزال، في نقاش مستفيض حول “اليوم التالي” في فلسطين بعد الحرب على غزة. ولأن لبنان جزء من هذه الحرب الضروس ،أوليس الأولى باللبنانيين أن يفكروا سلفا ب “اليوم التالي” في لبنان بعد هذه الحرب ،بغنى عن نتائجها واحتمالاتها؟

والواقع أن هذه المهمة لا يجب أن تقتصر على الطبقة السياسية المنشغلة في هموم كثيرة ،منها ما هو منطقي وملح ،ومنها ما هو جانبي لا يخلو من النكد السياسي،على الرغم من مسؤولية هذه الطبقة في هذا المجال. وعليه فإن النُخب الثقافية والإجتماعية والإقتصادية ومراكز الأبحاث والمعاهد الأكاديمية ليست أقل مسؤولية في هذا المجال عن مسؤولية الطبقة السياسية.

صحيح أن نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة والشعب الفلسطيني ،هي التي سترسم خريطة “اليوم التالي” في لبنان،وعلى ضوء هذه النتائج يمكن إنجاز رؤية استراتيجية واضحة لمستقبل البلد،لكن الأولى بالطبقة السياسية والنُخب السالفة الذكر أن ترسم مسبقا خريطة طريق مبنية على مختلف الإحتمالات التي ستفضي إليها الحرب في غزة ،وهذه مهمة وطنية كبرى تستحق التوقف أمامها سلفا،بدل التلهي بالجدل الدائر عبر الشاشات ووسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي حول تحليل أسباب الحرب وآفاقها،وإن كان هذا الجدل خلال الأشهر الخمسة الماضية يشكل مادة مفيدة في رسم خريطة الطريق لليوم التالي .

وصحيح أيضا أن الخلافات السياسية المستحكمة في النسيج اللبناني ، قد تشكل عائقا أمام رسم خريطة وطنية واضحة وجامعة في هذا المجال.فليس مطلوبا في هذه المرحلة إيجاد جوامع مشتركة على أهمية ذلك ،بل أن ينبري كل فريق إلى إعداد أفكار قد تشكل في المستقبل(بعد الحرب) مثل هذه الجوامع المشتركة ،فيكون البلد جاهزا للدخول في مرحلة خلاص ،من دون ضياع الوقت.

ولعل المسؤولية الأولى في هذا المجال تقع على أكتاف فريق محور المقاومة ونخبه ،باعتباره الحاملة الكبرى لهموم الحرب الدائرة ونتائجها الثقيلة على مختلف المستويات ،لا سيما في القطاعات الإجتماعية والإقتصادية والبشرية الظاهرة حتى الآن ، والمتوقعة في ظل استمرار الحرب،خصوصا في جنوب لبنان.

ومن باب أولى أن يكون “الثنائي الشيعي”  ونخبه أول من ينبري إلى الإنخراط في هذه المهمة،من رأس الهرم حتى أسفل السلّم السياسي والثقافي،باعتبار أن الطائفة الشيعية هي التي تدفع الثمن الغالي في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الوطن.وعلى هذه الشريحة أن تسارع إلى إعداد ورقة عمل عقلانية تراعي المشتركات اللبنانية،باعتبار أن الوطن لن ينهض بأفكار إنفرادية.

خلاصة القول ،إن الحاجة ملحة لرسم هذه الخريطة المبنية على كل الإحتمالات ،قبل أن يسبقتا الوقت ،وعدم الإعتماد على قاعدة “من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه”..ولات ساعة مندم !!     

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى