إتهامات أميركية متأخرة لحكومة الكاظمي بممارسات تعذيب واذلال وابتزاز.. وتساؤلات مشروعة على الهامش (جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز- خاص
نشرت صحيفة “واشنطن بوست ” الأميركية بتاريخ ٢٠٢٢/١٢/٢٢، تقريراً عن انتهاكات وعمليات اساءة واذلال وتعذيب جسدي وانتزاع اعترافات مكتوبة مسبقاً للمعتقلين ، مارستها اللجنة الحكومية المعروفة ” بلجنة ابو رغيف ” ، والتي شكّلها رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، واكدت الصحيفة أنَّ الانتهاكات جرت في سجون سرّية وكانت بدوافع سياسيّة.
ما نشرته الصحيفة لم يكْ كشفاً لظاهرة مستورة على العراقيين وغير معروفة لديهم . سبق وان شكلَّ مجلس النواب العراقي لجنة خاصة للتحقيق في الانتهاكات المنسوبة للجنة ابو رغيف المتهمة بممارسة التعذيب والقتل ، وسَبقَ ان رفعَ محامون دعوى امام محاكم قضائية ، و امام المحكمة الاتحادية العليا للطعن في قانونية الامر الديواني رقم ٢٩ لعام ٢٠٢٠ ،والذي بموجبه تم تشكيل لجنة ” ابو رغيف ” . وسبقَ وان رفع ذوو الضحايا ،الذين قضوا تحت التعذيب ، دعاوى امام المحاكم ، ومنهم ،على سبيل المثال ، المرحوم قاسم محمود منصور ، مدير عام التجارة ، والذي توفى تحت التعذيب القسري . وحسبَ التقارير التي افصح عنها محاميه في لقائه مراسلي الصحيفة المذكورة .
في ذات السياق ،عبّر ،في اكثر من مرّة ، الكاتب العراقي ،اياد السماوي ، عن ممارسات التعذيب و السجون السّرية التي تدار من قبل لجنة ابو رغيف ،و بعلم وبتوجيه رئيس الوزراء السابق الكاظمي ، وقد ظهر الاخير ،في لقاء تلفزيوني ،يدافع عن مهنيّة اللجنة بمحاربة الفساد ،ويدحض اتهامها بممارسة التعذيب .
ما ذُكِرْ هو للتأكيد بأنَّ حقائق او شبهات ممارسة القتل والتعذيب والابتزاز ،من قبل لجنة ابو رغيف ،كانت متداولة في مجلس النواب وفي اروقة القضاء العراقي وفي اقلام الكتّاب ،وحتماً دخلت مسامع السياسيين ومسؤولي الدولة و موظفي الحكومة المعنيين ، وبالتأكيد لم تغبْ عن منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الانسان ومكافحة التعذيب والقتل ، ولم تغبْ ايضاً عن مسامع وعيون السفارة الاميركية والعاملين معها ، خاصة ،أنَّ كل ممارسات التعذيب والقتل التي درجت على ارتكابها اللجنة مورست في المنطقة الخضراء او في المطار ،كما يذكرُ تقرير الصحيفة الاميركية .
السؤال الذي يطرحه المواطن هو لماذا لم تتخذْ السلطات الدستورية الاخرى كمجلس النواب و القضاء والمدعي العام الاجراءات الكفيلة لالزام السلطة التنفيذية ( رئاسة الوزراء ) بايقاف عمل اللجنة ومحاسبتها ؟
لماذا غابَ دور الاحزاب السياسية عن ممارسة ما بوسعها سياسياً واعلامياً لمنع استمرار عمل اللجنة ، ومطالبة رئيس الوزراء بكشف الحقائق و محاسبة المسؤولين؟
ما الذي يبررُ ويفسّرُ سُبات الجميع ، وامتناعهم عن اتخاذ اجراء لمنع ممارسات مُخّلة بشرف الانسان ومعيبة لنظام سياسي ، تجرّع الاحتلال والدمار من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الرشيد ؟
ولماذا انتظرت صحيفة الواشنطن بوست انتقال السلطة ، ومغادرة السيد الكاظمي وحكومته و اللجنة المتهمة ، حتى نشرت تقريرها ؟ أليس كان اجدى بالصحيفة ، و انصافاً لحقوق المعذّبين ، نشر التقرير او معلومات عنه ،او خبر عن ممارسات التعذيب والقتل ، حالَ معرفتها بها ، منذ ما يقارب عام ؟
هل تعرضّت الصحيفة حينها لضغوط اميركية او عراقية ، كي تمتنع عن نشر خبر او معلومات عن الممارسات ، باعتبار ان الحكومة ” مُقرّبة من الاميركيين ” حسبَ ما وردَ مِنْ وصفٍ ، في تقرير الصحيفة ؟
هل أنَّ ” صفقة القرن او سرقة القرن ” لها دور في التغاضي عن محاسبة او مساءلة اللجنة والحكومة السابقة عن ما نُسِبَ اليهما من اتهامات ؟
حسبَ بيان المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء والصادر يوم ٢٠٢٢/١٢/٢٤ ،بلغَ عدد الطلبات المُقدمّة من قبل ضحايا ممارسات التعذيب و الاضطهاد من قبل اللجنة التابعة للحكومة السابقة ب ٣٠٠٠ طلب.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل