رأي

أي دور لإيران في ترسيم الحدود بين لبنان والكيان الاسرائيلي المُحتلْ؟ (جواد الهنداوي)

 

د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز- خاص

عندما يكون لأيران نفوذ سياسي وعسكري و اقتصادي في المنطقة ،لا بُد ان يكون لها دور بل ادوار في احداث وملفات المنطقة. فالعلاقة بين النفوذ والدور كالعلاقة بين السبب والنتيجة . ولطالما حاول المحور الغربي ( امريكا ،اسرائيل ،و حلفاؤهما ) تقليص نفوذ ايران ، او ارغام ايران على ادراج نفوذها و دورها في المفاوضات الجارية بينهم وبينها ،لكن دون جدوى .
و لم تترّددْ امريكا من استخدام وتوظيف نفوذ ايران كوسيلة ابتزاز لبعض دول المنطقة ،من اجل نهب ثرواتها بشكل علني و مباشر ، و بحجّة حماية مصالح تلك الدول ، او عن طريق بيع الاسلحة .
المحور الغربي يتعامل مع ايران من معيار سياسي ، ويسعى ،بكافة وسائلهِ الفكرية و الاعلامية ،لكي يتعامل العرب مع ايران من منطلق مذهبي او طائفي او ديني ، و منطلق قومي وتاريخي ، والهدف واضح و معروف وهو بّث الفتنة والتفرقة والاقتتال بين دول و شعوب المنطقة .
يبدو أنّ اسرائيل حذت حذو امريكا بتوظيف دور ايران ، واستخدامه ” شّماعة ” لتبرير انصياعها لمطالب لبنان في حقوقه المشروعة في الحدود البحرية ، وتحت التهديدات والتحذيرات المتكررة لحزب الله ، حيث صرّحَ كبار المسؤولين الاسرائيليين ، وفي مقدمتهم رئيس وزراء الكيان بأنّ الاتفاق المزمع توقيعه مع لبنان يضمن مصالح اسرائيل ، ويساهم في امن واستقرار المنطقة ، ويقلّل من اعتماد لبنان على ايران في الطاقة .
حجّة اسرائيل لتبرير قبول الاتفاق لا تبدّدُ ولا تخفي الانتصار الكبير الذي تحقّق للبنان ولحزب الله ولايران ، ولهذا الانتصار تبعات سياسية داخلية ( داخل لبنان ) و دوليّة ، ولم يتردّد السيد سمير جعجع ، وهو من اشّد خصوم حزب الله ، من الاعتراف بالانجاز الذي حقّقَه حزب الله . كما ان اسرائيل سياسياً و اجتماعياً انقسمت الى صفيّن؛ صفٌ يصف الاتفاق بأنه خضوع اسرائيل لتهديدات حزب الله ، وصفٌ يرى فيه مصلحة اسرائيل ويجّنبها حربا مع حزب الله.
مفاوضات الاتفاق مكّنت لبنان من التعاطي وبسهولة مع ايران في ملف الوقود و الطاقة ، وهذا يعود ، الى جملة عوامل ، ومنها تفهّم الادارة الامريكية لما يواجهه لبنان ، والذي تبلّور ( واقصد التفهّم ) بعد المقاربة الفعلية والميدانية التي اجراها وكرّرها المفاوض الامريكي .
الاتفاق المُنتظر ، والذي يصّبُ بكل تأكيد في مصلحة لبنان ، وفي مصلحة اسرائيل ( حسب تصريحات حكومة اسرائيل ) يُحسبْ ايضاً لصالح ايران لسببيّن : بفضل دعمها بالمال وبالسلاح لحزب الله ، والذي استطاع بناء قوة ردعٍ ضّدَ اسرائيل ، والسبب الثاني ( وهذا يدركه الامريكان جيدا ) هو عدم تدخلها في المفاوضات غير المباشرة والتي جَرَتْ والمستمرّة بين اسرائيل ولبنان ، وعبر الوسيط الامريكي . وقد يلاحظ المتابع غياب نبرة التصعيد و التهديد ضّدَ اسرائيل في خطابات سماحة السيد حسن نصر الله ، وكذلك عزوفهِ عن التعليق والتباهي بدور الحزب ازاء ما تحققّه المفاوضات.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى